يا شاعراً أطعمته المطارات ضوضاءها قم نغني لعصفور نافذة لا ينام..! جيزان.. القصيدة..! لم يكن يدور في خلد الشعر أن الجنوب قبلة الضوء، حين نكون أكثر إيماناً من أن الشعر ذاته ذكراتنا التي تحضر حتى في أقاصي الغياب.. ولم يكن يدور في خلد إبراهيم أن يعود محملاً بما هو أكثر من الحب.. محملاً بالوطن (جازان) حيث اجتمع فيه الشعراء على دهشة سواء. حين ينزح المجتمع إلى الرواية بهذا التلقي المحموم، يكاد يتيتم الشعر فتكلفه جازان. منذ الرابع والعشرين من فبراير، حتى السابع والعشرين منه، وهي أيام الملتقى الشعري الذي أحسن القيام به نادي جازان الأدبي، كنا ننتشق الشعر من فل جازان، نقطفه من ابتسامة (ريفال) ونجمعه في جيوبنا المحاذية للقلب. كنا في نادي جازان نتمدد شعراً من أول (العلي) حتى آخر الواعدين بالشعر فيها، وكان الأحبة في النادي الأدبي الجازاني يسهرون شعراً، ويستيقظون نقداً ويجمعون الأصدقاء في كتاب النبلاء والقادمين من الشمس..! بدءاً بالشاعر الصديق، أو الصديق الشاعر إذ لا فرق بين الصدق والشعر في جازان، بدءاً بأحمد الحربي مروراً بمحمد النعمي ببشاشة روح الدكتور حمود أبو طالب الذي يلتقط الابتسامة من شفاه الأطفال وينثرها في وجوهنا، فخديجة ناجع التي تتثاءب للضوء، وتستيقظ به، فالصديق (الشعر) حسن الصلهبي المشرف على هذا الملتقى وبقية الأحبة المنظمين له، وانتهاءً بكل كف صفق للشعر منذ ليلته الأولى وأنا أحمل في نفسي وعداً قطعته للحلم ذات عودة من أحد المهرجانات العربية في الأردن حين كتبت في هذه الصحيفة قبل خمس سنوات مقالة بعنوان (متى سنلتقي)، حتى التقينا في جازان، فكان الحلم أشهى من نشأته وحقيقته أجمل منه.. كان حلماً أن نجتمع بالشعر، حين تتفرق عليه الأذواق، وأن نمزج بألوانه القزحية جغرافية الوطن، فتتداخل وتتعانق ثقافات الجنوب بالشمال والشرق بالغرب، والخليل بن أحمد بأدونيس، ومحمد العلي بمحمد إبراهيم عسكر. كثيرٌ أنت أيها الإنسان الجازاني، وعذب أنت أيها الشعر حينما نقرأك في صفحات القلوب المجبولة على البياض..!