أخطر القرارات، هي تلك التي تكون ردة فعل، وأسهلها هي تلك التي تأخذ جانب النفي والرفض، أي تلك التي تقول (لا) بدلاً من (نعم) حيث أن هذه النعم تحتاج الكثير من الدراية والمعرفة، أو هي العلم من سعة بخلاف التشدد الذي يحسنه كل أحد، كما قال سفيان الثوري رضي الله عنه. ولأننا نمر بأزمة اقتصادية عالمية، وحيث أننا جزء من ذلك الاقتصاد، مما يعني تأثرنا، ولو بدرجات مختلفة ومتفاوتة، بما يجري، فان ضرورة التفكير الجاد والعميق بما يدور حولنا، وانعكاساته على مستقبلنا الاقتصادي، أمر يجب أن يكون على رأس أولوياتنا في هذه الفترة، كي نستطيع أن نرسم صورة واضحة، قائمة على الاستقراء والتنبؤ، بما يجري، وبما سيحدث لمستقبل الاقتصاد العالمي وعلاقاته وتركيباته. وحيث أن التاريخ يعيد نفسه، ولان الاقتصاد يمر بدورات متعاقبة مابين ركود وازدهار، ولأننا مررنا بتجارب سابقة عانى منها اقتصادنا بعض الركود، نتيجة انخفاض أسعار النفط، الذي هو المحرك الأساس لاقتصادنا، وما تلا ذلك الأمر من إيقاف الكثير من المشاريع الحكومية، مما ترتب عليه من إبطاء لعجلة التنمية لدينا، وهو الأمر الذي أصبحت انعكاساته واضحة لدينا خلال خمس السنوات الماضية، حيث الازدهار الاقتصادي الذي مرت به بلادنا ولله الحمد، كل هذه العوامل تحتم الدراسة المتأنية، والتفكير العميق، لما نمر به، وبالذات ما يتعلق منه بمشاريع الدولة وخططها التنموية. من السهولة، كما قلت في بداية المقال، أن نوقف بعض مشاريع الحكومة، أو نعيق سرعتها بصورة أو بأخرى، ولكن الخطورة تكمن في انعكاسات مثل ذلك القرار على المسار التنموي العام، وعلى المشروع الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين، المتضمن الإنفاق على مشاريع التعليم، والصحة، والطرق، وإيجاد تنمية متوازنة في كافة أنحاء البلاد، وانعكاسات ذلك على التوظيف وتنمية العنصر البشري، بل ونمو القطاع الخاص وتطوره، وغير ذلك من جوانب لا تخفى على احد. وللتدليل على ذلك، علينا جميعاً أن ندرك ما عانيناه، ومازلنا نعانيه، من غياب للشركات السعودية الكبيرة والقادرة على تنفيذ مشاريع الدولة، والتي غابت في السنوات الماضية، حينما أوقف الكثير من المشاريع. كانت النتيجة أن عانت الدولة، من وجود مقاولين لتنفيذ مشاريعها، مما حدا بخادم الحرمين الشريفين إلى التوجيه بالاستعانة بشركات أجنبية وتقديم التسهيلات لها. إن هذا يعني أن تعطيل المشروعات الحكومية يعني تعطيلاً للتنمية، وإعاقة لنمو القطاع الخاص، وهو القطاع المؤمل منه أن يلعب دورا كبيرا في تلك التنمية، وكل هذا يؤدي إلى دخولنا مرحلة لها الكثير من الانعكاسات السلبية التي علينا جميعا أن نكافح كي لا نصل اليها. وكل هذا يتطلب التعامل مع المرحلة بحكمة وحنكة، واستغلال ما توفر لنا من فوائض مالية في السنوات الماضية، بل وإدارته، بطريقة نضمن معها استمرار مشاريعنا الحكومية بطريقة خاصة، وتنميتنا على وجه العموم.