تكتسب الرقابة المالية أهمية متزايدة في ظل توسع المشروعات الحكومية وارتفاع حجم الإنفاق العام، حيث تمثل خط الدفاع الأول لحماية المال العام وضمان استخدامه وفق الأطر النظامية. فالرقابة لم تعد مجرد إجراءات محاسبية تقليدية، بل منظومة تتابع حركة الأموال منذ تخصيصها وحتى صرفها، وتكشف مواطن الهدر، وتدعم الجهات الحكومية في رفع كفاءة الإنفاق وتعزيز الشفافية، وأرى أن قوة أي اقتصاد لا تُقاس بحجم الموارد فحسب، بل بمدى قدرة الدولة على حماية تلك الموارد وتنظيم إنفاقها. ومن هنا يأتي دور الرقابة المالية في تعزيز الانضباط المالي وتكريس مبادئ الحوكمة داخل الأجهزة الحكومية، بما يضمن الالتزام بالأنظمة ويحد من المخالفات ويعزز الثقة في إدارة المال العام. وفي خطوة تُعد من أبرز محطات تطوير المنظومة الرقابية، وافق مجلس الوزراء على نظام الرقابة المالية، وهو قرار يعكس توجه الدولة نحو تحديث أدوات الرقابة وتوسيع نطاقها وتعزيز استقلاليتها. ويأتي النظام الجديد ليضع إطارًا واضحًا لعمليات الرقابة قبل الصرف وبعده، ويوحّد الإجراءات، ويرفع قدرة الجهات الرقابية على اكتشاف التجاوزات في وقت مبكر ومعالجتها بكفاءة أعلى. ويمثّل اعتماد هذا النظام جزءًا من مسار أشمل يستهدف رفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتحسين جودة الأداء، بما يتواءم مع مستهدفات رؤية 2030 الرامية إلى تعزيز الحوكمة والشفافية في إدارة الموارد العامة. فوجود نظام رقابي محكم يعني بيئة مالية أكثر انضباطًا، وقرارات مالية أكثر دقة، ومشروعات حكومية تُدار بكفاءة أعلى. إن الرقابة المالية، بصورتها الحديثة، ليست مجرد أداة لحماية المال العام، بل عنصر أساسي في دعم التنمية واستدامتها. وقرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام الرقابة المالية يأتي ليعزز هذه المنظومة، ويؤكد التزام الدولة بممارسات مالية أكثر صرامة، تعكس حرصها على المحافظة على مقدراتها وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة في الإنفاق.