رغم مرور نحو شهر على دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والجيش الإسرائيلي حيز التنفيذ، لا تزال الأوضاع الميدانية والإنسانية في قطاع غزة تعكس هشاشة هذا الهدوء المؤقت، في ظل استمرار الخرقات الإسرائيلية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها السكان. ففي الوقت الذي يفترض فيه أن تسهم الهدنة في تخفيف المعاناة، لا تزال شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع عبر المعابر تحمل مواد هامشية لا تفي بالحد الأدنى من احتياجات المدنيين، فيما تواصل إسرائيل تقييد إدخال الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، ما أدى إلى توقف معظم المستشفيات عن العمل أو عملها بقدرات محدودة للغاية. وذكرت وزارة الصحة في غزة أن نقص الأدوية في مخازنها وصل إلى 56 %، بينما حذر المكتب الإعلامي الحكومي من أن نحو 350 ألف مريض مزمن باتوا في خطر مباشر، وأن أكثر من 22 ألف مريض بحاجة ماسة للعلاج في الخارج، لكن الجيش الإسرائيلي يمنع سفرهم. وفي السياق ذاته، دعت منظمة الصحة العالمية إلى إعادة فتح معبر رفح وجميع المعابر المؤدية إلى غزة بصورة عاجلة ومستدامة، مؤكدة أن الإمدادات الطبية التابعة لها جاهزة على الحدود بانتظار الإذن بالدخول. ميدانيا، أعلنت حماس، عن انتشال جثامين ستة شهداء من مدينة رفح إلى جانب جثة الجندي الإسرائيلي هدار غولدين. وفي تصعيد ميداني جديد، أطلقت مروحيات إسرائيلية النار باتجاه شمال شرق مخيم البريج وسط القطاع، في حين قصفت الزوارق الحربية المناطق الشرقية من رفح، ونفذ الجيش الإسرائيلي عمليات نسف ضخمة شرق مدينة خان يونس جنوبي القطاع. تحذير أممي حذر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل استمرار الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية والمساكن بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع. وقال المكتب إن مئات آلاف العائلات في غزة تواجه خطر البرد والأمطار دون توفر أبسط وسائل الحماية، بما في ذلك المأوى والملابس الشتوية ووسائل التدفئة. وأوضح أن 4 % فقط من الأراضي الزراعية في القطاع غير متضررة ويمكن الوصول إليها، في وقت لا تزال فيه البنية التحتية والمساكن مدمَّرة على نطاق واسع. وفي سياق متصل، عبّر فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن أسف المنظمة الدولية إزاء بطء وصول المساعدات إلى القطاع، رغم مرور أسابيع على سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في العاشر من أكتوبر. وأوضح أن الأممالمتحدة وشركائها تمكنوا من إدخال أكثر من 37 ألف طن من المساعدات، معظمها مواد غذائية، لكنها لا تزال بعيدة عن 190 ألف طن من الإمدادات المخزّنة خارج غزة ضمن خطة إنسانية مدتها 60 يومًا. وأشار إلى أن إدخال المساعدات ما زال محصورًا في نقطتي عبور فقط، من دون أي اتصال مباشر بين "إسرائيل" وشمال القطاع أو بين مصر وجنوبه. ولفت إلى استمرار القيود على دخول بعض السلع الأممية ومنع بعض موظفي المنظمات غير الحكومية من الوصول. من جهتها حذّرت بلدية رفح جنوبي قطاع غزة من تفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة، مع اقتراب فصل الشتاء، مشيرةً إلى تهديد حياة عشرات الآلاف من النازحين بسبب نقص المأوى وانعدام وسائل الحماية من البرد والأمطار. وأوضح رئيس البلدية أحمد الصوفي في تصريحٍ صحفي، أن آلاف العائلات لا تزال نازحة منذ أكثر من ثمانية عشر شهرًا، وتعيش في مخيمات مكتظة في مناطق النزوح جنوب ووسط القطاع، في ظروف صعبة وافتقاره لأبسط مقومات الحياة. وأشار الصوفي إلى أن الخيام الحالية مهترئة وضعيفة الصمود أمام الظروف الجوية القاسية، محذّرًا من أن أي منخفض جوي قد يؤدي إلى مأساة إنسانية حقيقية، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن. ودعت البلدية المؤسسات الإنسانية والدولية إلى التدخل الفوري لتوفير ما لا يقل عن 50 ألف خيمة، و100 ألف شادر، بالإضافة إلى أغطية وملابس شتوية لتوزيعها على الأسر النازحة في رفح وبقية مناطق القطاع. وأكد الصوفي أن الوضع الإنساني في رفح يفوق قدرة الجهود المحلية على الاستجابة، وأن تأخر إدخال مستلزمات الشتاء قد يحوّل المعاناة إلى كارثة يصعب احتواؤها، مشددًا على ضرورة جعل هذا الملف أولوية عاجلة للمنظمات الدولية قبل فوات الأوان. مع اقتراب فصل الشتاء، تتصاعد المخاطر الإنسانية والبيئية في قطاع غزة، حيث يعيش مئات آلاف النازحين في مخيمات مكتظة ومتهالكة تفتقر لأبسط مقومات الحياة. وفي الوقت نفسه، تفرض الاحتلال الإسرائيلي قيودًا صارمة على دخول المساعدات الأساسية ومواد الإيواء إلى القطاع المحاصر، ما يزيد من معاناة السكان ويضعهم أمام تحديات كبيرة للتصدي للأحوال الجوية القاسية المقبلة. هجوم للمستوطنين أصيب سبعة مواطنين بجروح ورضوض، صباح أمس، جراء هجوم للمستوطنين على تجمع العراعرة شرق بلدة جبع شماليالقدسالمحتلة. وقالت منظمة البيدر الحقوقية إن مجموعة من المستوطنين، بحماية قوات الاحتلال، اقتحموا تجمع عرب العراعرة في منطقة معازي البدوية شرق جبع. وأوضح المشرف العام للمنظمة حسن مليحات أن الاقتحام تخلله اعتداءً مباشرًا على الأهالي داخل التجمع، ما أدى إلى اندلاع مواجهات بين المواطنين والمستوطنين، أسفرت عن إصابة سبعة مواطنين بجروح متفاوتة، نتيجة الهجوم بالحجارة والعصي. وأضاف أن المستوطنين حاولوا فرض تواجدهم في المنطقة ومضايقة السكان في محيط منازلهم. وتابع أن المستوطنين أحرقوا خلال الهجوم، عددًا من البركسات داخل التجمع، ما تسبب بخسائر مادية كبيرة للأهالي. وذكر أن قوات الاحتلال منعت وصول الدعم والمساعدة لإخماد النيران أو إسعاف المصابين في الوقت المناسب. وأكد أن هذا الاعتداء هو جزء من سلسلة اقتحامات وضغوط ممنهجة تمارسها مجموعات المستوطنين بحق التجمعات البدوية في الأغوار والقدس ومحيطها. وحذر مليحات من أن استمرار هذه الانتهاكات يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الأهالي ووجودهم في أراضيهم ويمهد لعمليات تهجير قسري. موسم قطف الزيتون قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ التصاعد الخطير في جرائم المستوطنين ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، والذي بلغ ذروته مع انطلاق موسم قطف الزيتون، يجري في ظلّ غياب تام لأيّ إجراءات للردع أو المساءلة. وأوضح المرصد أنّ هذه الجرائم تُنفَّذ في كثير من الأحيان تحت حماية مباشرة من جيش الاحتلال، بما يعكس نهجًا رسميًا ومنهجيًا يهدف إلى توظيف عنف المستوطنين كأداة لترسيخ سيطرة الاحتلال على الأرض، بالتوازي مع تسارع وتيرة التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي، في مسعى لفرض الضمّ الفعلي للضفة الغربية وتهجير سكانها الفلسطينيين. عنف ممنهج وأضاف المرصد في بيان صحفي أمس، أنّ هذا التصعيد يأتي ضمن مسعى أوسع لإحكام السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية عبر تفريغها من سكانها الفلسطينيين، وتوسيع النفوذ الاستيطاني جغرافيًا ووظيفيًا. وبيّن أنّ المستوطنين تحوّلوا إلى أذرع تنفيذية لجيش الاحتلال في عمليات الاعتداء والمصادرة، وفرض أنماط جديدة من السيطرة الميدانية تُكرّس واقع الفصل والعزل بين التجمعات الفلسطينية، وتُجهض أي إمكانية لقيام كيان فلسطيني متصل أو مستقل. وأشار المرصد إلى أنّ فريقه الميداني رصد خلال الأسابيع الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، ولا سيما المزارعين، حيث شملت الاعتداء الجسدي وسرقة ثمار الزيتون وحرق الأشجار وتخريب الممتلكات ومنع الوصول إلى الأراضي الزراعية. وأكد أنّ عشرات هذه الهجمات نُفّذت بحماية مباشرة من قوات الاحتلال، فيما شارك جنود في بعضها، في تجسيد واضح لوحدة المنظومة القائمة على اضطهاد الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم. وأفاد الأورومتوسطي أنّه وثّق في الثالث من نوفمبر الجاري استشهاد الفلسطيني "أحمد ربحي الأطرش" برصاص مستوطن على الطريق رقم (35) قرب مدخل "رأس الجورة" شمال الخليل. وبيّن أنّ سلطات الاحتلال حاولت تبرير الجريمة بالادعاء أنّ المستوطن أطلق النار بزعم محاولة الضحية سرقة سيارته، دون تقديم أي دليل، بينما منعت قوات الاحتلال طاقم الإسعاف من الوصول إليه، ما أدى إلى نزفه حتى الموت قبل أن تحتجز جثمانه وتسلمه لاحقًا. وأشار المرصد إلى أنّ استشهاد الأطرش يرفع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد المستوطنين إلى 13 منذ مطلع عام 2025، و37 منذ أكتوبر، وهي حصيلة غير مسبوقة تعكس انتقال العنف من استهداف الممتلكات إلى استهداف مباشر للأرواح. أرقام صادمة خلال 39 يوماً وأضاف الأورومتوسطي أنّه وثّق 324 اعتداءً نفّذها مستوطنون خلال 39 يومًا (منذ بداية أكتوبر حتى 8 نوفمبر بمعدل 8 اعتداءات يوميًا. وخلال موسم الزيتون الحالي، سجّل الفريق نحو 163 هجومًا أسفر عن إصابة 143 فلسطينيًا وإتلاف 4,200 شجرة في 77 قرية بالضفة الغربية، وهو المعدل الأعلى منذ سنوات. وأوضح أنّ هذه الهجمات تُنفَّذ على أيدي مستوطنين مسلحين يعملون على هيئة ميليشيات منظمة تنطلق من المستوطنات والبؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفة، وتنفّذ ممارسات منهجية للعنف المسلح ضدّ المدنيين الفلسطينيين. وأكد المرصد أنّ تلك المجموعات تعمل بتنسيق وثيق مع جيش الاحتلال وتحت حمايته، حيث تقتحم القرى والبلدات الفلسطينية وتهاجم المنازل والمركبات وتعتدي على السكان وتهدّدهم بالرحيل. وأوضح أنّ هذه الاعتداءات تهدف إلى بثّ الرعب ودفع الفلسطينيين قسرًا لإخلاء مناطقهم القريبة من المستوطنات، فضلًا عن نصب خيام في الأراضي الزراعية الفلسطينية لتأسيس بؤر جديدة تُستخدم منطلقًا لاعتداءات لاحقة وتوسيع السيطرة على الأرض. أمثلة ميدانية ذكر المرصد أنّ مجموعات من المستوطنين المسلحين هاجمت مساء السبت منازل الفلسطينيين في قرية رابا جنوب شرق جنين، واعتدت على سكانها بحماية من قوات الاحتلال. كما اقتحم مستوطنون منطقة "تلّ ماعين" شرق بلدة يطا جنوب الخليل، وهاجموا المواطنين واعتدوا عليهم بالضرب، وأطلقوا مواشيهم في أراضي عائلة مخامرة، ثم هاجموها مجددًا بمشاركة قوات الاحتلال التي احتجزت ثلاثة شبان بعد الاعتداء عليهم. وفي حادثة أخرى، قطع مستوطنون عشرين شجرة زيتون مثمرة في أرضٍ لمزارع من عائلة عجاج في قرية دير جرير شرق رام الله. وخلال اليوم نفسه، أصيب فلسطيني وأربعة متضامنين أجانب بجروح إثر اعتداء مستوطنين عليهم أثناء قطف الزيتون شرق قرية بورين جنوب نابلس. وفي اليوم السابق، شنّ مستوطنون هجومًا في الأغوار الشمالية، هدموا خلاله مساكن وحظائر واعتدوا على الأهالي في إطار سياسة تهدف إلى تدمير البنى التحتية الفلسطينية وتهجير سكان المناطق الزراعية لصالح التوسع الاستيطاني. تهجير قسري وأشار المرصد إلى أنّ هذه الاعتداءات المتكررة تسبّبت في تهجير نحو 5,200 فلسطيني من قراهم القريبة من البؤر الاستيطانية، في إطار خطة ممنهجة لإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي وفرض وقائع ميدانية تُكرّس التوسع الاستيطاني وتضعف الوجود الفلسطيني. وأوضح أنّ الفلسطينيين يتحوّلون إلى ضحايا مرتين: ضحايا لجرائم المستوطنين أولًا، ثم ضحايا لسياسات الاحتلال التي تعاقبهم عند دفاعهم عن أنفسهم. ففي الوقت الذي يُمنح فيه المستوطنون الحماية القانونية، تُلاحق سلطات الاحتلال الفلسطينيين وتعتقلهم بزعم "التحريض" أو "الاعتداء". تواطؤ ممنهج وشدّد المرصد على أنّ تسليح حكومة الاحتلال للمستوطنين وتوفير الحماية القانونية لهم يشكل انتهاكًا جسيمًا لالتزامات (إسرائيل) كقوة احتلال بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يفرض عليها حماية السكان المدنيين. وأوضح أنّ تواطؤ أجهزة إنفاذ القانون والجيش، وامتناع السلطات القضائية عن مساءلة الجناة، رسّخ مناخ الإفلات التام من العقاب، حيث تُغلق معظم الملفات دون محاسبة، ولا تتجاوز نسبة الإدانات في جرائم المستوطنين 3 % فقط. وذكّر الأور ومتوسطي برأي محكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو 2024، الذي أكّد أنّ أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون، وعجز (إسرائيل) عن منعها أو معاقبة مرتكبيها، تشكّل بيئة قسرية تجبر الفلسطينيين على العيش في ظروف تهديد دائم. وأكدت المحكمة أنّ إخفاق إسرائيل في حماية الفلسطينيين يتعارض مع التزاماتها القانونية، مشيرة إلى أنّ حق الحياة مكفول بموجب المادة (46) من لائحة لاهاي، والمادة (27) من اتفاقية جنيف الرابعة، فضلًا عن المادتين (6) و(7) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. توسع استيطاني ورصد المرصد استمرار التوسع في إنشاء البؤر الاستيطانية العشوائية التي تحظى بدعم رسمي وغطاء سياسي من حكومة الاحتلال. وأوضح أنّ عشرات البؤر الجديدة أُقيمت خلال العام الجاري بدعم مالي ولوجستي رسمي، خاصة في مناطق الأغوار وجنوب الخليل ونابلس، ضمن سياسة تهدف إلى فرض وقائع ميدانية جديدة تُكرّس الضمّ الفعلي للأراضي الفلسطينية. وشدّد الأور ومتوسطي على أنّ إنشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة يشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، إذ تحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة نقل سكان دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة. وبيّن أنّ الأنشطة الاستيطانية تمثّل جريمة حرب مكتملة الأركان وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما ترقى إلى جريمة عدوان تُكرّس الضمّ الفعلي للأراضي بالقوة. وأوضح أنّ نظام السيطرة الاحتلالية يتخذ خصائص جريمة الفصل العنصري، من خلال منظومة تشريعية وأمنية تُكرّس التمييز المؤسسي والعزل الجغرافي، بما يخالف اتفاقية مناهضة الفصل العنصري لعام 1973 والمادة (7/2/ح) من نظام روما. دعوة للمساءلة وطالب المرصد الأور ومتوسطي المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتنفيذ رأي محكمة العدل الدولية، والضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وإخلاء المستوطنين من الاراضي المحتلة وإنهاء وجودها غير القانوني. كما دعا إلى وقف تسليح المستوطنين وتجريد الميليشيات الاستيطانية من السلاح غير القانوني، وإنشاء آلية حماية دولية فعّالة للفلسطينيين في الضفة الغربية. وحثّ المحكمة الجنائية الدولية على تسريع تحقيقاتها في جرائم الاستيطان والعنف المنهجي والتهجير القسري والفصل العنصري، مؤكدًا أن استمرار الإفلات من العقاب يشجّع على مزيد من الانتهاكات ويقوّض الثقة في نظام العدالة الدولي. عقوبات ومضايقات كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، عن معاناة الأسرى في معسكر "جلعاد" داخل سجن عوفر، التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، في ظل استمرار الاقتحامات اليومية، والتضييق على الأسرى في كل تفاصيل حياتهم. وأوضحت محامية الهيئة في بيان صدر أمس، أن المعسكر يضم نحو 100 إلى 120 أسيرا موزعين على 12 غرفة، في كل غرفة قرابة 16 أسيرا. حيث يعاني الأسرى من نقص شديد في الملابس والنظافة، إذ يتم استبدال القمصان والملابس الداخلية مرة أسبوعيا، بينما لا تبدل السراويل إلا في حال تمزقها، ما يضطر العديد منهم لارتداء البنطال نفسه لأشهر. وأشار التقرير إلى أن الأسرى يستحمون يوميا بمياه باردة وخارج الغرف، مستخدمين سائل الجلي بدل الشامبو، خلال فترتي "الفورة" الصباحية والمسائية التي لا تتجاوز عشرين دقيقة. وفيما يخص الطعام، بيّن الأسرى أن الوجبات تقتصر غالبا على الخبز واللبن، مع تقديم التونة أو النقانق مرة أسبوعيا فقط. وأضافت المحامية أن ظروف النوم قاسية، إذ تُغطى الأسرة المعدنية (البرش) بفرشات رقيقة جدا، ما يدفع بعض الأسرى للنوم على الأرض بسبب ضيق المساحة داخل الغرف. كما يحصل كل أسير على غطاء واحد ومنشفة لا تبدل إلا بعد أسابيع، وغالبا تكون غير نظيفة. وأشار الأسرى إلى أن طقس المعسكر بارد جدا بسبب النوافذ الحديدية المفتوحة التي تسمح بدخول الهواء والمطر، فيما تتكرر عمليات الاقتحام والعقاب اليومي لأسباب تافهة أو بلا أسباب، كالوقوف قرب الشباك أو إقامة الصلاة جماعة. وأوضح التقرير أن إدارة السجن تعاقب الأسرى بالعزل أو الضرب والصعق الكهربائي، كما حدث مع الأسيرين محمد القاضي من مخيم الجلزون، وعلي أبو عطية من بيتونيا. كما تعرض الأسير الشيخ جمال الطويل للرش بالغاز لرفضه مخاطبة أحد الضباط بكلمة "تودا" -شكرا بالعبرية-. علاوة على ما ذكر، فالأسرى يجبرون على الركوع خلال فترات العدد التي تتم أربع مرات يوميا، كما يمنعون من النوم بعد الساعة السادسة صباحا أو السهر ليلا، إضافة إلى ذلك، يتم تكبيل الأسرى بالأيدي والأرجل وتعصيب أعينهم أثناء الزيارة، بحيث يجبرون على السير ورؤوسهم منحنية نحو الأرض. اعتداءات المستوطنين هدنة هشة في غزة