لم يألُ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- منذ توليه الحكم، جهدًا ولم يدخر وسعًا في المضي قدمًا بمسيرة الوطن نحو التقدم والتطور في ظل سياسة واعية حكيمة تظله بالأمن والسلام وتبسط على أرجائه نعم الرخاء والوئام. ومن أهم السمات ذات الملامح الواضحة في سياسة الملك سلمان تميزه بدور بارز في قيادة هذا البلد من حيث تعزيز مؤسسات الدولة وتوجيه الموارد لخدمة المواطن وترسيخ مكانة المملكة كقوة سياسية واقتصادية محورية فاعلة ذات دور بارز ومحرك فاعل في القضايا العربية والاسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية إلى جانب أدوار مهمة فاعلة في تعزيز الحوار الدولي وتحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي. وتتجلى مكانة ومنزلة الملك سلمان في قيادة الدولة في كونه رمز للوحدة الوطنية وعَلَمٌ للتماسك الوطني، فهو يقود المسيرة بثبات مبنيّ على قيم راسخة من العدل والتوحيد ويُجسّد في شخصه امتدادًا لإرث المؤسس جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه وأحسن مثواه-. فعلى المستوى العالمي تبرز إسهامات المملكة العالمية في هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في مجالات الخدمات والإغاثة الإنسانية ووقوفها الدائم مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة أثناء الأزمات والجوائح والكوارث الطبيعية والذي ينبع من قيمها الراسخة ونهجها القويم الذي دأبت عليه منذ عقود طويلة ويؤكد على الدوام بأنها الرائدة في مجال العمل الإغاثي والإنساني، كما يعكس ما تقدمه المملكة من عطاء كريم وجود سخي كداعمة متفانية مخلصة في تقديم المساعدات الإنسانية أينما وكيفما وحيثما دعت الحاجة لذلك، وبهذا فليس بمستغرب أن تتسنم المملكة ذروة العمل الإنساني لتُعرَف بمملكة الإنسانية لمبادراتها الخيرة وعطاءاتها السخية ولتصبح بحق واحة خضراء وارفة الظلال للعطاء والسخاء وموئلاً رحبًا للإنسانية والوفاء. وحيث نعيش في ذكرى تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم فإنَّ هذه الذكرى العطرة في سنتها الحادية عشرة تحل علينا بأريج الفخر والاعتزاز لنتأمل ونستلهم من عبقها وشذاها ما توحي به هذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوبنا ومهجنا جميعًا وبما تستدعيه من جملة المعاني التليدة الخالدة والقيم الوطنية المشرقة ولتعيد لذكرانا ما دأب عليه الشعب السعودي الوفي الكريم من تكاتف وتعاضد وتلاحم مع قادته الكرام منذ عهد المؤسس الفذ والطود الأشم الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- مرورًا بأبنائه البررة من بعده تغمدهم الله جميعًا بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه وأسكنهم فسيح جنانه ووصولا إلى العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين -يحفظهم الله-. ومنذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم قاد -أيده الله- في عهده الميمون مسيرة استثنائية من النهضة الشاملة في تنفيذ المشاريع التعليمية والصحية والتنموية والاجتماعية في مختلف أرجاء المملكة بوحي من مواهبه القيادية وقدراته الاستثنائية وسماته الشخصية وثقافته الواسعة التي استقاها وورثها من والده ذي الحنكة والكياسة والحصافة الملك عبدالعزيز والتي كانت وراء هذه المنجزات العظيمة التي يأتي في مقدمتها تحقيق التحولات النوعية والتحديثات التطويرية وفق رؤية استراتيجية شاملة مدروسة وموضوعة بعناية لتحقق بإذن الله لمواطني هذه المملكة السعيدة التي أفاء الله عليها نعمة الإسلام إلى جانب ما حباه به عليها من نعم كثيرة وخيرات وفيرة مما أوصل هذه البلاد الغالية والوطن الحبيب إلى مراتب التميز والريادة على مستوى العالم أجمع وفي مختلف المجالات والميادين. وحيث إن الاقتصاد قطاع مفصلي هام وحسَّاس فلا يمكنه أن ينمو ويترعرع ويتطور ويزدهر إلا في ظل مناخ سياسي مستقر وبيئة صحية آمنة، وهذا بالغعل ما نشاهده ونشهده بفضل الله من إطلاق وتنفيذ مشاريع استراتيجية عملاقة، لم تقتصر على البعد الاقتصادي فحسب، بل تجاوزته لتشكل ركيزة أساسية في بناء مستقبل مزدهر للأجيال الحاضرة والقادمة، متسقة مع رؤية المملكة 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- والتي نقلت المملكة إلى آفاق جديدة من التنوع الاقتصادي والتحول الرقمي والتمكين الاجتماعي وتعزيز الاستدامة البيئية، فلقد تم تطوير البنية التحتية في جميع المناطق، بما فيها مشاريع النقل والاتصالات والمواصلات وتعزيز مكانة المملكة في سوق الطاقة العالمي عبر الشركتين العملاقتين: أرامكو وسابك ومبادرات الطاقة المتجددة، وتحقيق قفزات في المؤشرات الاقتصادية العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية. أيضا يعد مشروع نيوم أحد أعظم المشاريع الحيَّة التي انطلقت في عهد الملك سلمان، وهو رمز لرؤية تتجاوز حدود الحاضر نحو مستقبل مبتكر، فمنذ إعلان المشروع، جرى العمل على تحويل شمال غرب المملكة إلى مركز عالمي للتقنية والابتكار ليشمل مشروعات فائقة النوعية مثل المدينة الذكية "ذا لاين" التي تمثل ثورة في أسلوب العيش الحضري، و"أوكساجون" وهي مدينة صناعية عائمة في منطقة نيوم تعكس مستقبل المدن الصناعية القائمة على الاستدامة والتقنيات الحديثة المتقدمة، وتتميز بموقعها الاستراتيجي على البحر الأحمر وربطها بالأسواق العالمية عبر ميناء متكامل ومركز لوجستي، وتهدف أوكساجون إلى أن تكون مركزًا للصناعات المتقدمة والنظيفة بالاعتماد على مفاهيم الاقتصاد الدائري، والتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ومع دخول المشروع مراحله التنفيذية المتقدمة في عام 2025 أصبح جاذبًا لشركات عالمية واستثمارات كبرى مما يجعل موقع المملكة محورًا رئيسًا في الاقتصاد العالمي. لقد عزز خادم الحرمين الملك سلمان يحفظه الله مكانة المملكة سياسيًا واقتصاديًا على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال نهج سياسة واعية رصينة حكيمة متوازنة تقوم على الإسهامات الفاعلة في تقديم المبادرات والمعونات وحل التوترات والأزمات وبناء الشراكات والعلاقات واستضافة القمم الاقتصادية العالمية والمناسبات الدولية في المجالات السياحية والرياضية والثقافية والترفيهية، مما جعل المملكة محورًا فاعلاً في الاقتصادات العالمية ومسهمًا رئيسًا في استقرار أسواق الطاقة مما يهيء للمملكة أن تمضي بخطى ثابتة وقفزات واسعة نحو مستقبل مشرق يليق بمكانتها العالية في إرثها الديني الكبير وتاريخها المشرق التليد محققة تطلعات وآمال شعبها الوفي الأمين ومن يقيم على أرضها الطاهرة المباركة. * جامعة الملك سعود