مع بداية الخريف، تستعد العواصم الثقافية الكبرى في أوروبا وأمريكا الشمالية لاستقبال موسم فني ومعماري استثنائي، يجمع بين الأصالة والحداثة، ويعكس ثراء المشهد العالمي وتنوع اتجاهاته. وسائل إعلام دولية رصدت أبرز ملامح هذا الموسم، مشيرة إلى أنه سيكون غنيًا بالمعارض التي تكرّس للذاكرة الفنية من جهة، وتفتح آفاقًا جديدة للتجريب والإبداع من جهة أخرى. "بيكاسو.. حضور متجدد" يعود اسم بابلو بيكاسو إلى الواجهة عبر معارض أوروبية مخصصة، تستعرض أعماله الخالدة في قراءة معاصرة تسعى إلى ربط إرثه الفني بالتحولات الراهنة. هذه العودة المتكررة لبيكاسو تؤكد أن الفن الكلاسيكي ما زال حاضرًا بقوة، قادرًا على إلهام أجيال متعاقبة، وإثارة النقاش حول العلاقة بين التاريخ والفن. "الفن كخطاب اجتماعي" كما يشهد الموسم حضورًا بارزًا للفنان الأمريكي كيري جيمس مارشال، الذي جعل من الهوية والتجربة الأمريكية الأفريقية محورًا لأعماله. معارضه لا تقتصر على الجانب الجمالي، بل تضع قضايا العدالة والمساواة في قلب النقاش الفني. وهنا يتجلى دور الفن كأداة للمساءلة والنقد الاجتماعي، وكجسر يصل بين الواقع والخيال البصري. "الفوتوغرافيا شاهد على التاريخ" وتبرز أيضًا أعمال المصورة الشهيرة لي ميلر، التي يعاد تقديم صورها من الحرب العالمية الثانية وسيرتها الفنية في سياق جديد. هذه المعارض لا تعرض الأرشيف فقط، بل تعيد قراءته باعتباره شهادة إنسانية وفنية تعكس دور المرأة في الثقافة العالمية خلال القرن العشرين. "الملاعب كرموز حضرية" العمارة بدورها تسجل حضورًا مميزًا في خريف هذا العام، حيث تحولت الملاعب والاستادات إلى محاور أساسية في النقاشات الثقافية. هذه المنشآت التي كانت تُعرف بوظيفتها الرياضية فقط، صارت اليوم رموزًا حضرية تعكس هوية المدن وثقافتها، وتُبرز كيف يمكن للعمارة أن تكون لغة للتعبير الاجتماعي والاقتصادي إلى جانب كونها فنًا بصريًا. "الفضاء.. أفق جديد للإبداع" الفضاء الخارجي سيكون حاضرًا أيضًا في أعمال الخريف، إذ استلهم فنانون ومهندسون معماريون تصاميمهم من الكون والعلوم الفضائية. هذا التوجه يعكس انفتاح الفنون على المستقبل، ويجمع بين الخيال العلمي والابتكار البصري، في إشارة إلى أن الإبداع لم يعد حبيس الأرض، بل أصبح يبحث عن معانٍ جديدة في السماء وما وراءها. "موسم ثري ومتنوع" من الرسم إلى النحت، ومن التصوير إلى التصميم المعماري، يقدم خريف 2025 موسمًا ثريًا يرضي مختلف الاهتمامات. فهو موسم يعيد التاريخ إلى الساحة عبر بيكاسو وميلر، ويستحضر النقد الاجتماعي مع أعمال مارشال، ويمنح العمارة حضورًا جديدًا في الفضاءات الحضرية، ويمتد إلى استلهام الفضاء كأفق للإبداع الفني. وبذلك، يطل خريف 2025 كأحد أبرز المواسم الثقافية العالمية، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، والهوية بالابتكار، في لوحة كبرى ترسم ملامح التحولات الفنية والاجتماعية على الساحة الدولية. إنه موسم يبرهن أن الثقافة لا تنفصل عن قضايا الإنسان وتطلعاته، بل تظل دائمًا مرآة لتحولاته وسعيه المستمر إلى التجدد