شهد المتحف السعودي للفن المعاصر بحي جاكس في الدرعية انطلاق معرض "مدن تحت الحجر: مشروع صندوق البريد" الذي تنظمه هيئة المتاحف، ويُشرف عليه الفنان والقيّم الفني عبدالقادري، حيث استقبل زوّاره ابتداءً من "28 أغسطس" يستمر حتى "28 سبتمبر". وعرض المعرض سلسلة كتب فنية لفنانين عرب، وثّقت تجاربهم خلال جائحة "كوفيد-19"، بما حملته من عزلة عالمية غيّرت ملامح الحياة في ربيع عام 2020. وقدّم الزوّار شهادات بصرية وحسية من خلال الأعمال، التي جمعت بين الفن والكتابة والخواطر الشخصية، كمرآة لتلك اللحظة الاستثنائية التي هزّت العالم وأعادت صياغة العلاقات الإنسانية. ويعود أصل المشروع إلى مبادرة أطلقها القادري، المؤسس المشارك لدار النشردونجولا"، حين أرسل "57" كتاباً مصنوعاً يدوياً إلى فنانين عرب في مدن مختلفة حول العالم، داعياً إياهم للتفاعل الإبداعي مع واقع الحجر. فجاءت الاستجابات على هيئة أعمال حميمية، عكست رؤى فردية ومقاربات ذاتية، وأعادت تخيّل الأمكنة والرغبات في مواجهة الصمت والعزلة. وكان المشروع قد حطّ رحاله أولاً في "فيلا رومانا" بمدينة فلورنسا الإيطالية، ثم في "المتحف العربي للفن الحديث" بالدوحة، قبل أن يصل إلى المملكة في ثالث محطاته، ليقدَّم في الرياض كأرشيف فني يحفظ لحظة إنسانية عابرة لكنها مفصلية في التاريخ المعاصر. تناول المعرض توقف الحياة في ظل الجائحة، وما فرضته ظروف الطوارئ من مفهوم جديد للمسافة والعلاقات الإنسانية، حيث بدت المدن كأنها معلّقة في نَفَس محبوس بانتظار الانفراج. وأبرزت الأعمال هشاشة الوجود الإنساني، وكيف تحوّل الحجر إلى مساحة للتأمل وإعادة اكتشاف الذات. كما سوف يقيم المعرض في ثاني أيامه جلستان حوارية بعنوان "الآثار البصرية للذات بين العين واليد"، يُديرها الفنان عبدالقادري مستضيفاً الفنانة ليلي مريود، والفنانة هدى توكل، وتلحقُها الجلسة الأخرى عنفن الطباعة وكتاب الفنان" التي يُديرها الفنان عبدالقادري، ويناقش فيها الفنانيّن زياد دلول، ومحمد خليل. وفي 6سبتمبر يُعرض للزوّار في ردهة الاستقبال تجربة عرض أدائي حي بعنوان اليوم أريد أن أكون"، يشارك فيها الجمهور بتجربة رسم كتاب من صنع الفنان، ليقدّم تعبيراً إبداعياً متنامياً، وتتبعها فعالية إسدال الستار عن الأعمال الفنية. وأتت استضافة المعرض ضمن دور المتحف السعودي للفن المعاصر في تعزيز الحوار الثقافي وتوسيع أفق التعبير الفني، عبر تقديم تجارب عالمية مرتبطة بذاكرة إنسانية مشتركة، بما ينسجم مع مستهدفات هيئة المتاحف في دعم الحركة الفنية المحلية والانفتاح على التجارب الإبداعية الدولية. يُذكر أن هيئة المتاحف كانت قد افتتحت المتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس عام 2023، ليكون منصة دائمة للفنون المعاصرة، وفضاءً مفتوحاً للأصوات الإبداعية الجديدة من خلال المعارض المؤقتة والبرامج التعليمية والثقافية، وذلك ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى جعل الثقافة رافداً أساسياً في التنمية الوطنية.