أصدرت ألفاريز آند مارسال، الشركة العالمية المتخصصة في تقديم الخدمات الاستشارية، وثيقة توصية جديدة تحثّ الشركات على اعتماد التميز في إدارة التكاليف عنصراً جوهرياً في نماذجها التشغيلية، وتأتي هذه الخطوة في ضوء النمو المتسارع لقطاع التعدين في المملكة العربية السعودية، والذي يتجه نحو ترسيخ مكانته ركيزةً ثالثةً في هيكل التنوع الاقتصادي الوطني. ويتهيأ قطاع التعدين في المملكة لتحقيق نمو مستدام على المدى الطويل، مستنداً إلى استثمارات مخصصة تتجاوز 246 مليار ريال سعودي، وموارد طبيعية غير مستغَلة تُقدَّر قيمتها بنحو 2.5 تريليون دولار أميركي، وذلك وفقاً للبيانات التي أصدرتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية خلال فعاليات منتدى معادن المستقبل. ومن المتوقع أن يسهم هذا القطاع بدور محوري في دعم مستهدفات رؤية السعودية 2030. ومع ذلك، تعتقد الشركة بضرورة اقتران هذا النمو السريع بالتخطيط المالي المنضبط، والشفافية المالية والتشغيلية العالية، والتحمّل الحقيقي لمسؤولية التكاليف على جميع مستويات المؤسسة، كما تشير الشركة إلى أهمية اعتماد أطر مالية منظّمة باعتبارها عاملاً مساعداً يمكّن الشركات من اغتنام الفرص الناشئة وضمان التميز التشغيلي في ظل النمو المطرد للقطاع. ونجحت المملكة في إرساء أسس متينة للقطاع، حيث لعبت الإصلاحات النوعية دوراً محورياً في تبسيط إجراءات الترخيص، والذي أدّى إلى إنشاء مؤسسات مثل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية إلى خلق بيئة ديناميكية جذابة للمستثمرين، ومع تسارع وتيرة التنقيب عن الذهب والفوسفات والبوكسيت والمعادن النادرة، تحوّل التعدين إلى محفّز قوي للنمو الصناعي الأشمل في المملكة. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال ألكسندر شفيتس، المدير الإداري لأعمال البنية التحتية والمشروعات الرأسمالية في قسم المعادن والتعدين لدى ألفاريز آند مارسال الشرق الأوسط: " يُعدّ قطاع التعدين في المملكة من ركائز التحول الاقتصادي الوطني في الوقت الراهن. ويسهم هذا الزخم الذي يشهده القطاع، مع اعتماد سياسة شفافة في رصد التكاليف وتتبع الأداء، في تمكين المشغّلين من المنافسة على الساحة العالمية وتوفير قيمة مستدامة على المدى الطويل". ضبط التكاليف ومن جانبه، قال رينات أكيمبيتوف، المدير الإداري لأعمال البنية التحتية والمشروعات الرأسمالية في قسم المعادن والتعدين لدى ألفاريز آند مارسال الشرق الأوسط: "لا يقتصر ضبط التكاليف على الجانب المالي فحسب، بل يُعد نظاماً تشغيليلاً قائماً بذاته. ففي القطاعات التي تهيمن عليها العمليات المعقدة والاستثمارات الضخمة مثل التعدين، تلعب القدرة على رصد التكاليف بشكلٍ مباشر وفوري ومراقبة كفاءة الأداء لدى الفريق دوراً جوهرياً في تحويل الاستراتيجيات إلى نتائج قابلة للقياس". أفضل الممارسات العالمية وحددت شركة ألفاريز آند مارسال في أحدث تقاريرها عن الشرق الأوسط، الذي صدر بعنوان "آليات تحسين ضبط التكاليف في القطاع الصناعي"، استراتيجية استباقية من أربعة بنود تضمن لشركات التعدين والمؤسسات الصناعية تعزيز قدرتها على التكيف مالياً، وتشمل: * إعداد الميزانية بناءً على الأنشطة التشغيلية: تعتمد على ربط الميزانيات مباشرةً بالأعمال التشغيلية، مما يعزز دقة هذه الميزانيات ومرونتها. * إنشاء منصات مخصصة لإظهار التكاليف في الوقت الحقيقي: تتيح لوحات التحكم الرقمية للقادة فرصة إدارة التكاليف وفق منهجية ديناميكية. * عقد اجتماعات دورية لمراجعة التكاليف: تضمن هذه الاجتماعات إجراء مساءلة مستمرة حول الالتزام المالي من خلال مراقبة الأداء. * بناء القدرات على مستوى إدارة التكاليف: يمكن تحقيق ذلك من خلال تزويد الفرق بالتدريب والأدوات العملية الكفيلة بتعزيز ثقافتهم حول ضبط التكاليف. ويشير التقرير الذي أصدرته ألفاريز آند مارسال الى أن الشركات في المنطقة ممكن أن تحقق تحسينات ملفتة عند اتباعها بنود الاستراتيجية، بما في ذلك تخفيض تكاليف التشغيل بصورة كبيرة واعتماد نتائج تحليل التكاليف بشكلٍ رئيس في عمليات صنع القرار. تتجاوز رؤية السعودية الخاصة بقطاع التعدين الحدود التقليدية لعمليات استخراج المعادن، فالاستثمارات في البنية التحتية للصناعات التحويلية المكمّلة للتعدين، مثل الصهر والتكرير والمعالجة، تحدّ من الاعتماد على الواردات وتعزّز الاكتفاء الذاتي على مستوى القطاع الصناعي، كما تسهم المشروعات العملاقة مثل مدينة نيوم ومشروع البحر الأحمر في خلق مستوى طلب غير مسبوق على المواد الخام المحلية. ويشهد قطاع التعدين تحوّلاً نوعياً. ورغم ذلك، تتزايد توقعات الجهات المعنية العالمية بقدرة عمليات التعدين على التحول نحو نموذج ضبط التكاليف والاعتماد على الموارد المحلية والابتكار القائم على البيانات.