تميل توقعاتنا بخصوص قطاع المعادن والتعدين على مستوى العالم لأن تكون سلبية إلى حد ما. وتواجه شركات المعادن والتعدين ضغوطًا مستمرة في التكلفة بسبب تراجع أصناف الخام ومتطلبات إعادة الاستثمار المرتفعة. ورغم بقاء أسعار المنتجين وتكاليف المدخلات مرتفعة، فقد تعرضت الأرباح الإجمالية والتدفقات النقدية لضغوط منذ الارتفاع في التضخم خلال الفترة 2021 - 2022. مع ذلك، يبقى الطلب على المعادن قويًا. ونتوقع أن تصبح الأصول الملموسة - بما في ذلك المناجم والمصانع والمطاحن ومصاهر المعادن - والميزانيات العمومية القوية أكثر أهمية للتخفيف من المخاطر، مثل الاضطرابات التنظيمية وقيود التدفق النقدي. ووفقاً لوكالة "ستاندرد آند بورز للخدمات المالية المحدودة، وافتراضاتها الرئيسية، تتوقع أن تظل أسعار المعادن مستقرة في ظل الرياح الاقتصادية المعاكسة وأن تعطي الشركات الأولوية للانضباط المالي. وهذا، إلى جانب انخفاض مستويات الديون على مدار عقد وعمليات الاندماج والاستحواذ المحدودة، سيساعد في الحفاظ على جودة الائتمان، على الرغم من التقلبات. المملكة تخالف الاتجاه العالمي قد تساعد الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والموارد الضخمة التي تمتلكها في تعويض ضغوط التكلفة المستمرة ودعم مرونة الأوضاع الائتمانية لشركات المعادن والتعدين المحلية الرائدة، وعلى عكس بعض نظيراتها العالمية، تستفيد بعض أكبر شركات المعادن والتعدين السعودية من الدعم الحكومي القوي، والأطر التنظيمية الجديدة - مثل نظام الاستثمار التعديني - والاستثمارات الرأسمالية الكبيرة التي تقودها الحكومة في المشاريع الضخمة والبنية التحتية المحلية. ونتوقع أن تؤدي هذه المبادرات إلى تحفيز الطلب المحلي على المعادن، وتقليص الاعتماد على الواردات، وتحسين الكفاءة التشغيلية للقطاع بمرور الوقت. وستعمل هذه الاستثمارات أيضًا على دعم قدرة قطاع المعادن والتعدين المحلي على تلبية الطلب العالمي المتزايد، خاصة على الفلزات الأساسية والمعادن. وتتمتع المملكة باحتياطيات كبيرة من الفلزات والمعادن التي يحتاجها العالم بكميات كبيرة في المستقبل. وتعتبر المعادن الأساسية - بما في ذلك النحاس والنيكل والليثيوم - ضرورية للتحول في مجال الطاقة، في حين تعتبر المعادن، مثل الأسمدة الفوسفاتية، ضرورية لسلامة الغذاء. وبحسب التقرير السنوي الأخير لرؤية المملكة 2030 لعام 2023، بلغ حجم مساهمة قطاع التعدين نحو 400 مليون دولار أمريكي من الإيرادات في اقتصاد المملكة العربية السعودية. وبحسب التقرير، تخطط الحكومة السعودية لزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 75 مليار دولار أمريكي في عام 2030 من حوالي 17 مليار دولار أمريكي في عام 2024. ويعد النمو الصناعي على المستوى المحلي في المملكة العربية السعودية عنصرًا أساسيًا في هذا التحول. ونتوقع أن يؤدي الزخم المستمر في استثمارات رؤية المملكة 2030 والنشاط المرتبط بها في قطاعات البناء والخدمات اللوجستية والتصنيع المحلي والتعدين إلى تحقيق نمو رئيسي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4 % في المتوسط خلال الفترة 2025 - 2028. وتسعى الحكومة السعودية إلى استثمار 40 مليار دولار أمريكي سنويًا في مشاريع محلية عملاقة عبر صندوق الاستثمارات العامة، ومع ارتفاع الاستثمارات في البنية التحتية والتصنيع، نتوقع أن يشهد الطلب المحلي على المعادن ارتفاعًا ملحوظًا. وتهدف المبادرات الحكومية، مثل استثمار ما يقرب من 29 مليار ريال سعودي (7.7 مليارات دولار أمريكي) في مشروع وعد الشمال، مع التركيز على الفوسفات وخطة تمويل بقيمة 100 مليار دولار أمريكي تستهدف المعادن الحيوية بحلول عام 2035، إلى تقليل الاعتماد على الواردات وتحفيز الإنتاج المحلي. وتعتبر هذه الإجراءات التمويلية ضرورية لدعم النمو الداخلي للمملكة العربية السعودية، وبالتالي تنويع اقتصادها. النمو الصناعي يحفز الطلب المحلي يعد التوسع الصناعي المحلي أمرًا أساسيًا لزيادة الطلب المحلي على المعادن. ويمكن للمشاريع العملاقة - مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية وروشن والدرعية وغيرها - أن تعمل على إجراء تحول في المشهد الحضري في المملكة العربية السعودية وتعزيز الطلب على مواد البناء والمعادن عالية القيمة. على سبيل المثال، من المتوقع أن تؤدي التجمعات الصناعية المتكاملة في نيوم، وتركيز مشروع القدية على قطاعات مثل الترفيه والسفر والسياحة والمرافق والضيافة والنقل، إلى زيادة الاستهلاك المحلي على الصلب والألمنيوم والنحاس. وتهدف هذه المشاريع، التي تستفيد من التمويل والاستثمارات في البنية التحتية، إلى خفض تكاليف استيراد البلاد للمعادن (بما في ذلك الحديد والصلب والأحجار الكريمة وشبه الكريمة)، من خلال إنشاء سوق محلية قوية للفلزات والمعادن. وبلغت تكاليف الاستيراد ما بين 20 - 24 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بحسب الهيئة العامة للإحصاء. ويستفيد قطاع المعادن والتعدين في المملكة أيضًا من الموقع الجغرافي للبلاد، حيث يمثل قربها من أسواق مهمة في أوروبا وآسيا وأفريقيا ميزة تنافسية. مع ذلك، فإن التطور واسع النطاق للقطاع يعتمد على تنفيذ لوائح واضحة وقابلة للتنبؤ، لا سيما فيما يتصل بالانفتاح في العقود الدولية، أو سهولة شراكة المستثمرين الأجانب مع الشركات المحلية والكيانات الحكومية للحصول على الموارد والخبرة والمعرفة بالسوق. وتمتلك المملكة العربية السعودية موارد معدنية وتعدينية هائلة، ولكنها غير مستغلة حتى الآن، وتشير التقديرات الحالية إلى أن قيمة هذه الاحتياطيات تبلغ نحو 9.375 تريليونات ريال سعودي (2.5 تريليون دولار أمريكي)، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 90 % مقارنةً بتقديرات عام 2016 التي بلغت 5 تريليونات ريال سعودي (1.3 تريليون دولار أمريكي). وهذه التقديرات الإضافية تشتمل على عناصر أرضية نادرة ومعادن انتقالية مكتشفة حديثًا، إلى جانب الزيادات الكبيرة في احتياطيات خام الفوسفات والنحاس والزنك والذهب. وتحتضن المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية - التي يهيمن عليها الدرع العربي والسهل الساحلي للبحر الأحمر والحقول البركانية - معظم مناجم البلاد، في حين أن المنطقة الشمالية غنية برواسب الفوسفات، وتوفر هذه المزايا الجيولوجية أساسًا متينًا لأنشطة الاستكشاف والإنتاج المستقبلية. تُظهر البيانات الأخيرة الصادرة عن شركة «إس آند بي جلوبال ماركت إنتيليجنس» زيادة ملحوظة في ميزانية الاستكشاف في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات الخمس الماضية، مما يسلط الضوء على تركيز المملكة على الاستفادة من إمكاناتها المعدنية، ويتماشى هذا الاتجاه التصاعدي مع خطط رؤية المملكة 2030 الأوسع نطاقًا ويؤكد على الدعم القوي للسياسة. ومع استمرار الزيادة في الميزانيات، فإن احتمال اكتشاف موارد إضافية وتوسيع العمليات الحالية يدعم وجهة نظرنا بشأن النمو المستدام وطويل الأمد لقطاع المعادن والتعدين في المملكة العربية السعودية. وشهد عدد شركات الاستكشاف العاملة في المملكة ارتفاعًا ملحوظًا إلى 133 شركة في عام 2023، من ست شركات في عام 2020.