ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية يوم الأربعاء بعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهلة نهائية جديدة مدتها 10 أيام لروسيا، مما زاد الضغط على موسكو، ارتفع عقد الغاز القياسي الأوروبي بنسبة 0.7 % ليصل إلى 34.97 يورو لكل ميغاواط/ساعة في التعاملات المبكرة، وقد ارتفعت الأسعار بأكثر من 5 % هذا الأسبوع. وحذر ترمب من أن عدم التوصل إلى هدنة مع أوكرانيا قد يؤدي إلى فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط الروسية، وستؤثر هذه الإجراءات على كبار مشتري الخام الروسي، بما في ذلك الهند. وقال محللون في بنك إيه ان زد: "إن قلة المعروض العالمي من شأنه أن يزيد من حدة المنافسة على شحنات الغاز الطبيعي المسال في السوق الدولية". ويتزايد التوتر في السوق مع تزايد الطلب الآسيوي على الغاز الطبيعي المسال. وتزيد هذه المنافسة المتزايدة من خطر نقص الإمدادات في الوقت الذي تعمل فيه أوروبا على تسريع جهودها لتخزين الغاز قبل حلول الشتاء. على صعيد منفصل، تواجه شركة الغاز الطبيعي المسال الكندية، بقيادة شركة شل، مشكلات فنية في سعيها لزيادة إنتاجها في محطتها للغاز الطبيعي المسال في كيتيمات، وتُعد هذه المحطة أول منشأة رئيسة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في كندا، والأولى على الساحل الغربي لأميركا الشمالية، مما يوفر وصولاً مباشرًا إلى آسيا، أكبر سوق للغاز الطبيعي المسال في العالم. ومن المتوقع أن تقوم المنشأة بتحويل نحو 2 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا إلى غاز طبيعي مسال عند تشغيلها بكامل طاقتها، وهو ما يأمل المشاركون في السوق أن يعزز أسعار الغاز الطبيعي الكندي. مع ذلك، لا تزال أسعار الغاز الطبيعي في غرب كندا منخفضة، وذلك بسبب فائض العرض المستمر الذي لم يُخفّض بعد بفضل الطلب الجديد من شركة الغاز الطبيعي المسال الكندية التي بدأت عملياتها في الأول من يوليو. وأغلق سعر الغاز الفوري اليومي في مركز تخزين شركة ألبرتا للطاقة عند 0.22 دولار أميركي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية يوم الثلاثاء، مقارنةً بسعر هنري هب الأميركي القياسي البالغ 3.12 دولار أميركي. وأفادت مصادر أن شركة الغاز الطبيعي المسال الكندية، التي استغرق بناؤها ما يقرب من سبع سنوات، تعمل بأقل من نصف طاقة محطتها الأولى. واجه القطار رقم 1 في المنشأة مشكلات فنية في أحد توربينات الغاز ووحدة إنتاج المبردات. وقال متحدث باسم شركة الغاز الطبيعي المسال الكندية إن منشأة جديدة بحجم ونطاق المشروع المشترك قد تواجه انتكاسات تشغيلية مع زيادة الإنتاج واستقراره. وأظهرت بيانات تتبع السفن أن شركة شل قامت بتحويل مسار ناقلة غاز طبيعي مسال فارغة إلى بيرو مرة واحدة على الأقل، بينما لا تزال ناقلات أخرى قريبة من المنشأة. وأفادت البيانات أن ناقلة الغاز الطبيعي المسال "فيرول كنوتسن"، التي تبلغ سعتها 170,520 مترًا مكعبًا، كانت تشير إلى أنها متجهة إلى ميناء كيتيمات، لكنها غيرت اتجاهها بعد ذلك، وهي الآن قبالة سواحل كاليفورنيا في طريقها إلى بيرو. وشركة الغاز الطبيعي المسال الكندية، هي مشروع مشترك بين شركة شل، وبتروناس الماليزية، وبتروتشاينا، وميتسوبيشي اليابانية، وكوغاز الكورية الجنوبية. وعند تشغيلها بكامل طاقتها، ستبلغ طاقة شركة الغاز الطبيعي المسال الكندية التصديرية 14 مليون طن متري سنويًا، وفقًا لبيانات الشركة. حتى الآن، صدّرت المنشأة أربع شحنات، بما في ذلك شحنتها الأولى في الأول من يوليو. ومن المتوقع وصول شحنة أخرى في الأيام المقبلة، وفقًا للمتحدث باسم شركة الغاز الطبيعي المسال الكندية. وأضاف المتحدث أن وتيرة الصادرات من المصنع ستزداد مع انتقاله إلى العمليات المبكرة ووصوله إلى وتيرة شحن ثابتة. وأضاف "في العمليات العادية في المرحلة الأولى، نتوقع تحميل شحنة تصدير واحدة من منشأتنا كل يومين". وحول أوضاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال، أعلنت شركة خدمات حقول النفط بيكر هيوز عن استحواذها على شركة تشارت إندستريز، في صفقة نقدية بقيمة 13.6 مليار دولار، شاملةً الديون، متجاوزةً بذلك عرض اندماجٍ مُتفق عليه سابقًا أبرمته تشارت مع منافستها فلوسيرف، والذي أُعلن عنه الشهر الماضي. ستمنح هذه الصفقة شركة بيكر هيوز فرصةً أكبر للاستفادة من التكنولوجيا الصناعية التي تخدم الغاز الطبيعي المسال ومراكز البيانات، في وقتٍ تجذب فيه صادرات الطاقة الأميركية ونمو البنية التحتية الرقمية اهتمامًا كبيرًا من الشركات والمستثمرين. يُشكل هذا جزءًا من جهود بيكر هيوز للاستفادة من محفظة تقنياتها الصناعية وتقنيات الطاقة، والتي ساهمت في تعزيز أرباح الربع الثاني، وتواصل إعادة توازن أعمالها بعيدًا عن تركيزها التقليدي على خدمات حقول النفط. وقال كيث ماكي، المحلل في آر بي سي كابيتال ماركتس: "قد تحقق هذه الصفقة بعض الأهداف الاستراتيجية البارزة لشركة بيكر، بما في ذلك زيادة تنويع القطاع، وزيادة إيرادات خدمات ما بعد البيع، ونمو هامش الربح". وحول حاجة الاتحاد الأوروبي المتزايدة للغاز المسال الأميركي، تنص اتفاقية التجارة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على قيام الاتحاد الأوروبي بشراء طاقة أميركية بقيمة 250 مليار دولار سنويًا على مدار السنوات الثلاث المقبلة. وبينما من شأن إمدادات الطاقة الأميركية الإضافية أن تُساعد الاتحاد الأوروبي على المضي قدمًا في مساره نحو التخلي عن واردات الطاقة الروسية في غضون عامين، فإن الكميات اللازمة لتحقيق هذا الهدف في اتفاقية التجارة مرتفعة للغاية لدرجة أنها غير واقعية، وفقًا للمحللين. يستفيد مطورو ومصدرو الغاز الطبيعي المسال الأميركيون من هذا الزخم مع انتهاء فترة الوقف الاختياري التي فرضها بايدن على الموافقات على المشروعات الجديدة، واستعداد إدارة ترمب لدعم صفقات شراء الغاز الطبيعي المسال في مشروعات ضخمة في ألاسكا. تُعدّ الطاقة الأميركية من الرابحين في اتفاقية التجارة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تفرض رسومًا جمركية على معظم سلع الاتحاد الأوروبي بنسبة 15%، أي نصف النسبة المقترحة في البداية والبالغة 30 %. ومع ذلك، ستحتاج صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية إلى زيادة كبيرة - من مستوياتها المرتفعة أصلًا - إذا أرادت أوروبا شراء ما مجموعه 750 مليار دولار من الطاقة الأميركية في غضون ثلاث سنوات. وحول إمكانية مضاعفة مشتريات الاتحاد الأوروبي من الطاقة الأميركية لثلاث مرات، سيزيد تسارع الصادرات الأميركية من النفوذ الجيوسياسي لأميركا في وقت تسعى فيه أوروبا إلى التخلي عن الغاز الروسي بحلول عام 2027. ومع ذلك، يشكك المحللون في جدوى طفرة صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية، إذ سيحتاج الاتحاد الأوروبي إلى مضاعفة وارداته من النفط والغاز والفحم الأميركي ثلاث مرات على الأقل عن عام 2024 للوفاء بشروط اتفاقية التجارة. تُظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن إجمالي صادرات الولاياتالمتحدة من المنتجات البترولية والنفط الخام والغاز الطبيعي بلغ مستويات قياسية في عام 2024. بشكل عام، بلغت القيمة الإجمالية لصادرات الطاقة الأميركية إلى جميع دول العالم حوالي 318 مليار دولار. واشترى الاتحاد الأوروبي نفطًا وغازًا طبيعيًا مسالًا وفحمًا بقيمة 76 مليار دولار العام الماضي، وفقًا لبيانات يوروستات. هذا يعني أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مضاعفة هذه الواردات ثلاث مرات، وهو أمرٌ مستبعد، وفقًا للمحللين. حتى مع تسجيل صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية أرقامًا قياسية في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا يمكن أن تزيد بشكل ملموس على المديين القريب والمتوسط. تشهد الطاقة التصديرية الأميركية للغاز الطبيعي المسال ارتفاعًا ملحوظًا مع بدء تشغيل محطات جديدة تمت الموافقة عليها منذ سنوات. وعلى الرغم من موجة قرارات الاستثمار النهائية للمشروعات الجديدة في ظل إدارة ترمب، فإن بناء هذه المرافق وبدء تشغيلها سيستغرق سنوات. والولاياتالمتحدة لديها حدود لقدرتها الحالية، في نهاية المطاف. ومع تعهد الاتحاد الأوروبي بشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال وغيره من مصادر الطاقة على المديين القصير والمتوسط، لا يمكن للمطورين الأميركيين تلبية هذا الطلب، والذي من المرجح أن يكون مُصطنعًا وليس بالضرورة مدفوعًا بمتطلبات السوق. وصرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي، تعليقًا على اتفاقية التجارة: "إن شراء منتجات الطاقة الأميركية سيُنوّع مصادر إمدادنا ويساهم في أمن الطاقة في أوروبا". وقالت سنستبدل الغاز والنفط الروسيين بمشتريات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال والنفط والوقود النووي الأميركي. لكن هذه المشتريات الكبيرة ستتطلب زيادة كبيرة في الطاقة التصديرية الأميركية. وحتى عام 2028، سيكون نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي نتيجةً للمنشآت القائمة والقيد الإنشاء المُعلن عنها اعتبارًا من يونيو 2024، وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تقريرها السنوي لتوقعات الطاقة 2025 الصادر في وقت سابق من هذا الشهر. شهدت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية زيادةً سنويةً منذ عام 2016، حيث ارتفعت من 0.5 مليار قدم مكعب يوميًا في عام 2016 إلى 11.9 مليار قدم مكعب يوميًا في عام 2024، مما يجعل الولاياتالمتحدة أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم في عامي 2023 و2024. تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية استمرار نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية، مدفوعةً ببدء تشغيل مشروعي "بلاكوماينز" للغاز الطبيعي المسال، و"كوربوس كريستي" للغاز الطبيعي المسال - المرحلة 3، و"غولدن باس" للغاز الطبيعي المسال. وتبلغ الطاقة التصديرية الاسمية المُجمّعة لهذه المنشآت 5.3 مليار قدم مكعب يوميًا (تصل إلى 6.3 مليار قدم مكعب يوميًا عند الذروة)، وستُوسّع الطاقة التصديرية الحالية للغاز الطبيعي المسال الأميركي بنسبة تقارب 50 % بمجرد تشغيل هذه المشروعات بكامل طاقتها. علاوةً على ذلك، يُمكن بناء طاقة تصديرية أميركية جديدة للغاز الطبيعي المسال بحد أقصى سنوي قدره 0.8 تريليون قدم مكعب بين عامي 2030 و2050، شريطة أن يكون ذلك مجديًا اقتصاديًا، وفقًا للإدارة. حتى لو تمت الموافقة على جميع المشروعات الأخرى المخطط لها أو المعلن عنها اليوم، فإنها لن تُحقق في الوقت المناسب زيادةً كبيرةً في صادرات الغاز الطبيعي المسال، مما سيعزز واردات الاتحاد الأوروبي بشكل كبير خلال ثلاث سنوات.