نهار جديد يمر على قطاع غزة وسط تصاعد العدوان واستمرار المجاعة التي تفتك بالفلسطينيين، في ظل صمت دولي مطبق وعجز المؤسسات الدولية عن التدخل لوقف الكارثة الإنسانية المستمرة. في مدينة غزة، نفذ جيش الاحتلال عمليات نسف ضخمة استهدفت منازل الفلسطينيين في المنطقة الشرقية لحي التفاح، بالتوازي مع قصف مدفعي استهدف مناطق متفرقة من الحي ذاته، وسط غارات شنتها طائرات الاحتلال على محيط ساحة الشوا وحي الدرج، والمناطق الغربية للمدينة، ما أدى إلى ارتقاء شهداء وجرحى، بينهم 4 شهداء وعدد من الجرحى جراء استهداف شقة سكنية في عمارة "المزيني" غربي المدينة. وفي شمال القطاع، شنت طائرات الاحتلال غارتين جويتين على المناطق الجنوبيةالشرقية لبلدة جباليا، كما قصف الطيران محيط موقف جباليا. واستهدفت قوات الاحتلال مجموعة من الفلسطينيين خلال انتظارهم المساعدات قرب منطقة زيكيم شمالاً، ما أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين مجهولي الهوية، تم نقلهم إلى مجمع الشفاء الطبي. وفي جنوب القطاع، نفذت طائرات الاحتلال غارة على منزل في حي الأمل غربي مدينة خانيونس، أعقبها قصف مدفعي كثيف في منطقة السطر الغربي، كما أطلقت آليات الاحتلال نيرانها بشكل مكثف تجاه شارع 5 غربي المدينة واستهدفت طائرات الاحتلال منزلاً غرب مدينة خانيونس، وطالت الغارات مناطق متفرقة من المدينة، بالتزامن مع نسف عدد من المباني السكنية وسط المدينة. وفي السياق ذاته، قصفت زوارق الاحتلال الحربية بحر خان يونس، فيما تواصلت الغارات الجوية على مناطق مختلفة من المدينة. وفي وسط قطاع غزة، شنت طائرات الاحتلال غارة جوية على مخيم النصيرات، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف من دبابات الاحتلال شرقي مخيم البريج، كما استهدفت المدفعية المناطق الشرقية لمدينة غزة بشكل متكرر. وتسبب العدوان باستشهاد 52 فلسطينياً وفق ما أفادت به المصادر الطبية، وسط انهيار كامل في المنظومة الصحية، ومجاعة متفاقمة تضرب مختلف مناطق القطاع. جيش الاحتلال يُتلف عشرات آلاف الأطنان من المساعدات المخصصة لغزة وسط تفاقم المجاعة في القطاع أفادت هيئة البث العبرية، الليلة الماضية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أتلف عشرات الآلاف من مواد الإغاثة الإنسانية، تشمل كميات كبيرة من الغذاء والدواء، كانت مخصصة لسكان قطاع غزة، في وقت تشهد فيه المناطق المنكوبة داخل القطاع أزمة مجاعة غير مسبوقة. ووفقًا للهيئة، فإن المساعدات التي جرى إتلافها تعادل حمولة ألف شاحنة، بينها طرود غذائية وطبية، كانت مكدسة تحت أشعة الشمس دون توزيع أو إدخال، مشيرة إلى أن مصادر عسكرية إسرائيلية أرجعت السبب إلى "خلل في آلية التوزيع داخل غزة"، على حد زعمها. وحذرت تلك المصادر من أن آلاف الطرود ما زالت مكدسة، وقالت: "إذا لم تُنقل إلى غزة، فسوف نضطر إلى إتلافها"، ما أثار موجة غضب واسعة في الأوساط الإنسانية والدولية، في ظل كارثة إنسانية متفاقمة يعيشها سكان القطاع الذين يتجاوز عددهم 2.3 مليون نسمة. ويأتي هذا التطور بينما تتواصل النداءات الدولية والمظاهرات الشعبية في مختلف أنحاء العالم للمطالبة بإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ قرابة عامين، وضمان تدفق آمن ودائم للمساعدات الإنسانية. وخلال الأيام الماضية، شهدت عواصم أوروبية وعربية مظاهرات حاشدة ضد سياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحق سكان القطاع، وسط دعوات متكررة لوقف فوري لإطلاق النار والسماح الفوري بمرور المساعدات دون قيود. في السياق ذاته، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إن ما تقوم به "إسرائيل" من عرقلة ممنهجة لدخول المساعدات إلى غزة "يُشاهد على مرأى من العالم كله"، داعيًا إلى فرض عقوبات دولية صارمة على "إسرائيل". إتلاف مساعدات.. تعادل حمولة ألف شاحنة وأضاف فخري في تصريحات رسمية أن بيانات الإدانة لم تعد كافية، مشددًا على ضرورة استمرار الزخم العربي والدولي للضغط من أجل إدخال المساعدات دون تأخير، وإنهاء ما وصفه ب"الانهيار الأخلاقي العالمي أمام مشهد تجويع جماعي مكشوف". ويأتي إتلاف هذه الكميات الضخمة من المساعدات رغم تصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة في غزة، حيث تشير تقارير أممية إلى أن نحو نصف السكان يواجهون الجوع الحاد، مع تراجع مستويات التغذية وندرة المياه الصالحة للشرب، وانهيار الخدمات الصحية واللوجستية. الصليب الأحمر دعت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش، المجتمع الدولي إلى التحرّك الجماعي والعاجل لوضع حد للمعاناة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. وقالت سبولياريتش، في بيان صحفي أمس،إنه "لا توجد أي مبررات لما يجري في غزة، فقد تجاوز حجم المعاناة الإنسانية ومستوى المساس بالكرامة البشرية كل الحدود المقبولة قانونياً وأخلاقياً". وأكدت أن استمرار غياب وقف إطلاق النار يعني المزيد من الخسائر في الأرواح بين المدنيين، مشيرة إلى أن المدنيين يرزحون تحت معاناة شديدة جراء حرب تُشنّ بلا تمييز وما تسببه من حرمان من أبسط مقومات الحياة. وأضافت أن "الأعمال العدائية المستمرة تحصد أرواح الناس بلا رحمة، فيما يلقى الأطفال حتفهم نتيجة نقص الغذاء، وتجبر العائلات على النزوح المتكرر بحثاً عن أمان غير موجود"، لافتة إلى أن 350 موظفاً من طواقم اللجنة الدولية في غزة يواجهون الظروف القاسية ذاتها للحصول على الغذاء والمياه النظيفة. وشددت سبولياريتش على ضرورة إنهاء هذه المأساة بشكل فوري وحاسم، مؤكدة أن أي تردد سياسي أو تبرير للانتهاكات الجارية سيُسجَّل في التاريخ كفشل جماعي في الحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية في زمن الحرب. وطالبت الدول بالوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الامتناع عن نقل الأسلحة التي قد تُستخدم في ارتكاب انتهاكات جسيمة، والعمل على إلزام أطراف النزاع بالتقيد الكامل بالقانون الدولي الإنساني. كما دعت إلى استئناف وصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء قطاع غزة بشكل عاجل ودون عوائق أو تمييز، والإفراج عن جميع الرهائن المتبقين، والسماح للجنة الدولية باستئناف زياراتها إلى المعتقلين الفلسطينيين في أماكن الاحتجاز الإسرائيلية. وأكدت أن إنقاذ الأرواح في غزة أمر ممكن إذا توفرت الشجاعة السياسية لاحترام قواعد الحرب وضمان الحماية التي يكفلها القانون الدولي الإنساني للمدنيين. الإغاثة الطِّبيَّة أكد مدير الإغاثة الطبية في غزة محمد أبو عفش، نفاد كل الموارد من الأدوية والمسكنات في مستشفيات قطاع غزة، جرَّاء منع الاحتلال إدخال الأدوية والمعدات الطبية اللازمة في ظل تواصل الحصار والإبادة الجماعية. وقال أبو عفش في تصريح صحفي أمس، "متخوفون من تردي سوء التغذية إلى الدرجة الخامسة بين الأطفال ما يعني وفاتهم". وأشار إلى أنَّ نحو 84 طفلا و32 مواطنا في المستشفيات يعانون من سوء التغذية، مشيرًا إلى أنَّ الأمهات في المستشفيات عاجزات عن الرضاعة بسبب معاناتهن من سوء التغذية. وأوضح، وجود تفاقم ملحوظ في الالتهابات الجلدية بين الأطفال بسبب عدم وجود المياه ووسائل النظافة، مؤكدًا أنّ أعدادًا كبيرة من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد في مستشفى الرنتيسي. وأضاف أبو عفش، "لا بد من إدخال حليب الأطفال بشكل فوري لإنقاذ حياة الأطفال والمواليد الجدد". وكان أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، ارتفاع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 122 شهيداً، من بينهم 83 طفلاً، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 145 يوماً، محذراً من أن القطاع يشهد جريمة تجويع ممنهجة ترتكب على مرأى ومسمع العالم. وعبّر المكتب الحكومي، عن بالغ الحزن والصدمة من استمرار هذا الوضع الكارثي، ووجّه نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي لوقف المجاعة وفتح جميع المعابر فوراً، مع التأكيد على الحاجة الفورية لإدخال حليب الأطفال والمساعدات الغذائية والطبية، بمعدل لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يومياً، لإنقاذ ما تبقى من حياة تحت الأنقاض والجوع. وأكد البيان ضرورة تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جريمة التجويع الممنهج، كما دعا إلى ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، من قادة وضباط وجنود، واعتقالهم في أي مكان في العالم، وتقديمهم للمحاكمات الدولية العادلة باعتبارهم مسؤولين مباشرين عن جريمة إنسانية كبرى. وحمَّل المكتب الإعلامي الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية، إضافة إلى دول أوروبية وصفها بأنها منخرطة في الإبادة الجماعية، كامل المسؤولية عن هذه الكارثة التي وصفها بأنها جريمة تاريخية تُرتكب على الهواء مباشرة وبالصوت والصورة. شهيدان في بيت لحم والخليل وعدوان مستمر على طولكرم. استشهد شابان فلسطينيان برصاص قوات الاحتلال، فيما اقتحمت قوات الاحتلال ومجموعات من المستوطنين عدة مناطق في الضفة الغربية، وسط تصعيد واسع في استهداف الفلسطينيين وممتلكاتهم. ففي محافظة الخليل جنوب الضفة، أبلغت الهيئة العامة للشؤون المدنية وزارة الصحة الفلسطينية باستشهاد شاب (19 عاماً) برصاص الاحتلال قرب بلدة الظاهرية، واحتجاز جثمانه. وأكدت مصادر محلية أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص على الشاب قرب مستوطنة "شمعة" المقامة على أراضي بلدتي الظاهرية والسموع، ما أدى إلى استشهاده. وفي وقت لاحق، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم العروب شمال الخليل، حيث اندلعت مواجهات عنيفة مع الشبان الفلسطينيين الذين تصدوا للاقتحام بالحجارة، في حين أغلق جيش الاحتلال مداخل المخيم. وفي ساعات الفجر، اقتحمت قوات الاحتلال قرية التوانة في مسافر يطا جنوب الخليل، بعد ساعات من اعتداء المستوطنين على أهالي القرية. وأفادت مصادر محلية أن عشرات المستوطنين هاجموا القرية تحت حماية جنود الاحتلال، واعتدوا على الفلسطينيين، ما أسفر عن إصابة رئيس مجلس قروي التوانة محمد ربعي برضوض وكدمات. كما سرق المستوطنون عدداً من رؤوس المواشي وفي محافظة بيت لحم، استشهد شاب فلسطيني الليلة الماضية متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال قرب بلدة بيت فجار جنوبالمدينة. وأكدت وزارة الصحة استشهاد الشاب، الذي لم تُعرف هويته بعد، واحتجاز جثمانه. وكانت قوات الاحتلال قد أطلقت النار عليه عند المدخل الغربي للبلدة بزعم حيازته سكيناً، قبل أن تعتقله، ومنعت الطواقم الطبية من الوصول إلى المكان. أما في محافظة طولكرم شمال الضفة الغربية، واصل جيش الاحتلال عدوانه على المحافظة لليوم ال 182 على التوالي، وعلى مخيم نور شمس لليوم ال168، وسط تصعيد عسكري واسع. وبحسب مصادر محلية، فإن العدوان المستمر على طولكرم أدى إلى تهجير قسري لأكثر من خمسة آلاف عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، أي ما يزيد على 25 ألف فلسطيني، إضافة إلى تدمير أكثر من 600 منزل بشكل كلي، وتضرر 2573 منزلاً بشكل جزئي، في ظل إغلاق مداخل المخيمين وتحويلهما إلى مناطق شبه خالية من الحياة. وأسفر العدوان حتى اللحظة عن استشهاد 14 فلسطينياً، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما في الشهر الثامن من الحمل، إلى جانب عشرات الإصابات، واعتقالات، وتدمير واسع للبنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات. مستعمرون يضرمون النار جدد مستعمرون هجومهم على المواطنين في قرية كيسان شرق بيت لحم. وأفاد رئيس مجلس قروي كيسان موسى عبيات بأن مجموعة من المستعمرين هاجمت المواطنين في منطقة "دير علا" في برية كيسان، وهددتهم بمغادرة منازلهم وإلا سيتعرضون إلى عواقب وخيمة. يشار إلى أن المستعمرين هاجموا صباح امس،منازل المواطنين في منطقة "دير علا" في برية كيسان، وعاثوا خرابا بمحتوياتها ودمروا خلايا شمسية وشبكة المياه واستولوا على ممتلكات وهجّروا عشر عائلات. يذكر أن منطقة "دير علا" يتواجد فيها 18 منزلا. وأضرم المستعمرون النار في منازل مواطنين في المنطقة بعد إجبارهم على الخروج منها،وأكد رئيس مجلس قروي كيسان موسى عبيات أن المستعمرين اقتلعوا في منطقة دير علا، 300 شتلة زيتون عمرها سنتين. كما اقتحم مستعمرون، قرية شلال العوجا شمال أريحا، وقاموا برعي مواشيهم داخل المناطق السكنية، ووسط الحقول. وأوضح المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات أن مستعمرين من البؤر الاستعمارية قرب قرية شلال العوجا، اقتحموا التجمع، وأطلقوا مواشيهم في أراضي المزارعين، ما ألحق أضرار في المراعي الخاصة بالسكان. وأشار إلى أن المستعمرين شددوا خلال العام الجاري من عمليات التضييق على المواطنين في التجمعات البدوية في العوجا، من أجل استغلال المياه، وأجبار السكان على النزوح قسرا. عائلات الأسرى الإسرائيليين دعت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة لمظاهرة في تل أبيب، للمطالبة بإبرام صفقة وإعادة الأسرى. ووجهت هيئة عائلات الأسرى الاسرائيليين دعوة للمشاركة في المظاهرة المركزية في تل أبيب للمطالبة بالتوصل لصفقة تعيد الأسرى. وتأتي دعوة العائلات الإسرائيلية بعد الإعلان الإسرائيلي والأميركي عن سحب وفدي المفاوضات في قطر حيث أبدت العائلات قلقلها بشأن تراجع فرص التوصل لإتفاق بشأن الأسرى. وقالت عائلات الأسرى بغزة إن كل يوم يمر يعرض مصيرهم للخطر فيما يتعلق بإعادة تأهيلهم والقدرة على تحديد أماكن القتلى والحصول على معلومات استخبارية عنهم". وتابعت: "تتواصل العائلات مع رئيس الوزراء ومسؤولين آخرين للحصول على تحديث فوري عن وضع المفاوضات والثغرات الرئيسية فيها". وحذرت العائلات من أن "إضاعة فرصة أخرى لإعادة جميع الأسرى أمر لا يغتفر.. وسيكون هذا بمثابة فشل أخلاقي وأمني وسياسي آخر (لنتنياهو) في سلسلة لا نهاية لها من الإخفاقات". إصابة طفل برصاص إسرائيلي تعثر وصول المساعدات