كان حج هذا العام -ولله الحمد والمنة- مع اليسر والطمأنينة روحانية كبرى فرضها التنظيم المثالي للحج، وبما تم من منع المخالفين وكل من أراد من هذا الحج تسويق أو تجارة دنيوية.. هنا ومع تلك الأفضليات كان من غير الإنصاف أن يمر حج هذا العام، من دون ذكر كل الإيجابيات الصغيرة والكبيرة التي كان عليها، ما أوجد بيئة مثالية رائعة أكدها الحجاج وتسابقت وسائل الإعلام على عرضها.. فالتنظيم كان بمنتهى الدقة، فلا تزاحم في الجمرات، ولا تقاطع في عرفة؛ كذلك الطواف والسعي في الحرم كان على درجة كبيرة من الإتقان والسعة. ولا تزال بلادنا تواصل خطاها لتجعل من الحج فريضة سهلة التنفيذ، ميسرة لجميع المسلمين، بفئاتهم العمرية كافة، للشيخ والطفل، للمرأة والرجل، ومع هذا فقد نجحنا في التصدي لأي محاولة تسعى لمخالفة التعليمات الرسمية، أو محاولة توظيف الحج لأغراض لا تمتّ إلى مقاصده بشيء. أو تحاول أن تعكر صفو وروحانية الركن وتشوّه صورته، ما يفرض على الجميع احترام النُظم التي وُضعت لخدمة الحجيج أنفسهم ولأن الحج ينجح بكل تفاصيله فلأنه تحت إشراف وإدارة سعودية، ومن أراد الحج فعليه أن يلتزم بقوانين السعودية، وما أرادته هذه البلاد من يسر واحترام للمنسك، أما من أراد غير ذلك فليبق في بلاده غير مأسوف عليه، ولا علينا إن تقافزت الاحتجاجات أو تعالت المطالبات، فما يعني بلادنا هو سلامة الحج والحجيج، أما من يحاولون العبث من العابثين فسيتم التعامل معهم وفق النظام وما يضمن سلامة الحجاج وتيسير نسكهم. ولن يكون هناك أي تسامح مع من يريدون القفز على الأنظمة، بل إنها باتت غير مقبولة لأن الأمر يخص حق يملكه كل حاج قدم إلى الديار المقدسة بأن يجد الراحة والهدوء وكل ما يعينه على أداء مناسكه، مستندا على إجراءات أمنية جعلته أكثر اطمئنانا وانطلاقا نحو عباداته، وخدمات صحية مجانية ميسرة لكل قاصد البيت العتيق، فهل قرأ أولئك التاريخ جيداً ليعرفوا كيف كان الحج مكلفاً في العهود الماضية حتى قيام الدولة السعودية، بل ماذا يريدون أكثر مما تقدمه السعودية الآن؟.. فلم تصل دولة خلال التاريخ الحديث، إلى درجة من إتقان التنظيم وتقديم الخدمات للتجمعات المليونية، كما وصلت إليه السعودية. المهم في القول إن النجاح السعودي الباهر ينطلق من التزام ديني وأخلاقي لكل سعودي تجاه قاصدي الأراضي المقدسة، وفق التوجيه الرباني أن الحج شعيرة روحانية تحتاج إلى السكينة واليسر لتنفيذ مناسكها، وحين يكون هناك عابثون؛ فمن دون شك أن المتضررين هم الحجاج، ولا شك أن التسامح تجاه العبث سيزيد من مداه وأفقه، والوقوف أمامه بصرامة وقوة يقتلعه من جذوره.