لا نشك أبدا أن كل مسلم صادق يدرك عظمة تنظيم موسم الحج وما هو عليه الآن من حسن إدارة وسهولة في التنقل بين المشاعر بل وأداء مناسكها، يستأنس بحسن تنظيمها ويسعد أنها تسير جميلة متألقة دون منغصات ولا كيد مؤدلجين. في العهد السعودي الحديث أصبح الحج شعيرة يسيرة تتم دون إشكاليات من تزاحم وتداخل وفوضى بين الخارج والداخل والمستعجل والمسالم.. توسعات ضخمة ومسارات لا تجدها في غير مكةالمكرمة.. في إطار الالتزام بالتنظيم والنظام الذي عليه الحج ووفق الترتيب الإلهي للشعائر والتنقل لتأديتها يعيش قاصدو مكة من كل فج عميق أجواء روحانية، حتى لو اختلفت اللغات والأعراق، لكن الجميع منصهر في بوتقة إيمانية لا هم يشغلهم غير أداء مناسك الحج، غير مستسلمين لمن يريد إضافات أو خلل في الشعيرة، لأن معنى ذلك خلل في العبادة وابتعاد عن مسارها الذي أمر به رب العالمين. العمل السعودي الكبير مرتكز على جعل الروحانية حاضرة مستمرة لدى الجميع وفق إتلاف وتجمع لنحو 3 ملايين حاج لتحقيق رحلة العمر المرتقبة، لذا فكل شيء حاضر لتوفير ما يؤدي إلى الروحانية والسكينة، ليكون الالتزام بالتعليمات هو المطلوب، فلا تزاحم في الجمرات، ولا تقاطع في عرفة؛ كذلك الطواف والسعي في الحرم سيكون بإذن الله على درجة كبيرة من الإتقان والسعة.. وكله برحمة الله وتوفيقه.. لكن هذا ما هو عليه الحج في عقدنا الماضي وما نتوقعه من أفضليات كثيرة في حج هذا العام. من هذا المنطلق نقول إن أفضليات الحج تنظيما وإدارة حضرت لأنه على أراض سعودية وتحت إشراف وإدارة سعودية، ومن أراد الحج فعليه أن يلتزم بقوانين السعودية التي كلها تصب في سلامة الحج والحجيج، وما أرادته هذه البلاد من يسر واحترام للمنسك، أما من أراد غير ذلك فليبقَ في بلاده غير مأسوف عليه، ولا علينا إن تقافزت الاحتجاجات أو تعالت المطالبات، فما يعني بلادنا هو الأمن والأمان لقاصدي بيت الله، أما العابثون فالأجدى أن يتم التعامل معهم من دون هوادة. لا تسامح في سلامة الآخرين، لأن الشعارات في ذلك باتت غير مقبولة فالأمر يخص حق يملكه كل حاج قدم إلى الديار المقدسة، وما ذنب هؤلاء الحجاج ليلاقوا مثل أولئك العابثين المضرين، فهل قرأ أولئك التاريخ جيداً ليعرفوا كيف كان الحج مكلفاً في العهود الماضية؟ أمّا في زمننا الجاري فلم تصل دولة خلال التاريخ الحديث شرقا وغربا شمالا وجنوبا إلى درجة من إتقان التنظيم لأي مجال بشري وتقديم الخدمات للتجمعات بالآلاف، كما وصلت إليه السعودية خلال الحج، وهي تتفوق كذلك بأن من تعنى بهم عددهم بالملايين. الحج شعيرة روحانية تحتاج إلى السكينة واليسر، لتنفيذ مناسكها، وحين يكون هناك عابثون؛ فمن دون شك أن المتضررين هم الحجاج، والكل يدرك أن التسامح تجاه العبث سيزيد من مداه وأفقه، والوقوف أمامه بصرامة وقوة؛ سيقتلعه من جذوره، بل وسيمنح الحجيج الهدوء والسكينة لتنفيذ مناسكهم.. لذا نحمد الله أن القوة تجاه العابثين حاضرة، وهي أحد العناوين الأبرز لخطة أي حج، وسلامة الحجاج كما ردد مسؤولو الحج.. لا مجاملة ولا تنازلات، بل يد من حديد تعيد لهم رشدهم.