"متوسّطة الملك سعود" تحرز بطولة دوري المدارس على مستوى تعليم صبيا    نادي الاتفاق يتحصل على الرخصة المحلية والآسيوية    سجل الفائزين بالدوري السعودي    أمانة القصيم تطرح فرصة استثمارية لإنشاء وتشغيل وصيانة لوحات إعلانية على المركبات بمدينة بريدة    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    أمانة القصيم تقيم حملة صحية لفحص النظر لمنسوبيها    غداً.. انطلاق منتدى حائل للاستثمار 2025 والذي يجمع المستثمرين مع متخذي القرار وعرض الفرص الاستثمارية الكبيرة    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    ندوة عن الهوية الوطنية ودورها في الاستراتيجيات بمكتبة الملك عبدالعزيز    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    وزارة الداخلية تشارك في أعمال المؤتمر العربي ال (16) لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني بجمهورية تونس    46٪ لا يعلمون بإصابتهم.. ضغط الدم المرتفع يهدد حياة الملايين    باكستان والهند تتفقان على تمديد وقف إطلاق النار حتى 18 مايو    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي    أسعار النفط ترتفع وتتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الدولار ويخفض اليورو أمام الروبل    طلبة المملكة يحصدون 9 جوائز خاصة في "آيسف 2025"    استمرار تأثير الرياح المثيرة للغبار على معظم مناطق المملكة        بلدي+ .. أول تطبيق للخرائط المحلية وإعادة تعريف تجربة التنقل في مدن المملكة    "الصحة" تُصدر الحقيبة الصحية التوعوية ب 8 لغات لموسم حج 1446ه    "هيئة تقويم التعليم والتدريب" تطبق الاختبارات الوطنية "نافس"    ضبط مصري نقل 4 مقيمين لا يحملون تصريح حج ومحاولة إيصالهم إلى مكة    برشلونة بطلاً للدوري الإسباني للمرة 28 في تاريخه    الرياض تعيد تشكيل مستقبل العالم    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    الاتحاد السعودي يختتم برنامجه الرياضي في مخيم الزعتري بالأردن    لوران بلان يُعلن موقفه من الاستمرار مع الاتحاد    استقبال ولي العهد للأبطال.. تشريف وتحفيز من مُلهم لشباب الوطن    لجنة التراخيص : 13 نادياً في روشن يحصلون على الرخصة المحلية والآسيوية    محافظ صبيا يؤدي صلاة الميت على شيخ الباحر سابقًا    وحدة التَّوعية الفكريَّة تنظِّم ملتقى تعزيز الوعي الفكري والانتماء الوطني    السعادة تنطلق من السعودية إلى سوريا    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة التراث بالمحافظة    تجمع جازان الصحي يدشن عيادة البصريات في مراكز الرعاية الأولية    التحالف الإسلامي يختتم برنامجا تدريبيا في مجال محاربة تمويل الإرهاب    "الداخلية": تأشيرات الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت 15 ساعة ونصفًا    الإنسانية السعودية في الحج: مبادرة "طريق مكة" نموذج رائد    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ.. طرابلس تتنفس بعد مواجهات عنيفة    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    مبادرات وخطة عمل..اتحاد الغرف ومجلس الأعمال: زيادة التعاون (السعودي – الأمريكي) في التجارة والاستثمار    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    عظيم الشرق الذي لا ينام    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    لا حج إلا بتصريح    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة «الرياض».. العلاقات السعودية الأميركية.. تعميق الشراكة
نشر في الرياض يوم 12 - 05 - 2025

تعد العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية واحدة من أكثر الشراكات السياسية والاقتصادية تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط، وقد مرت خلال العقود الماضية بمحطات مفصلية شكلت ملامح السياسات الإقليمية والدولية، غير أن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض في مايو 2017 شكلت لحظة استثنائية ومفصلية في تاريخ هذه العلاقة سواء من حيث رمزية الحدث أو من حيث مخرجاته العملية، كانت تلك الزيارة الأولى لترمب خارج الولايات المتحدة بعد توليه الرئاسة بمثابة إعلان عن انطلاقة جديدة للتحالف السعودي الأميركي قدمت خلالها رسائل سياسية قوية ورسخت من الدور السعودي كلاعب محوري في استقرار المنطقة.
وفي ظل المتغيرات العالمية، والإقليمية المتسارعة تأتي هذه الندوة لفتح نقاش معمق حول أبعاد الزيارة المقبلة للرئيس الأميركي وما أفرزته من تحولات على مستوى العلاقات الثنائية إلى جانب استعراض المسارات المستقبلية للتعاون بين البلدين في ظل رؤية المملكة 2030 والتوجهات الأميركية نحو المنطقة.
نبدأ ندوتنا بالترحيب بضيوفنا الكرام وهم الدكتور إبراهيم النحاس عضو مجلس الشورى، واللواء الطيار الركن المتقاعد الدكتور محمد القبيبان الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية، والأستاذ طلعت حافظ كاتب اقتصادي وخبير مصرفي، والدكتور عبدالله الغشيان متخصص في الشؤون السياسة الخارجية السعودية وباحث في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، والأستاذ سلمان الأنصاري باحث في العلاقات الدولية.
كما نرحب بالزملاء سعادة رئيس التحرير الأستاذ هاني وفا، ومدير تحرير الشؤون المحلية الأستاذ صالح الحماد، ونائب رئيس القسم الرياضي الأستاذ سليمان العساف، والزملاء المحررين ناصر العماش ونورة الحربي وعبدالله السعيد.
نبدأ ندوتنا هذه بتوجيه السؤال للدكتور إبراهيم النحاس حول زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة، تعد هذه الزيارة الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، برأيك ما دلالات هذه الزيارة؟
أسس راسخة مبنية على الاحترام والتعاون المتبادل والمصالح المشتركة
د. إبراهيم
* إن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ترتبطان بعلاقات تاريخية متقدمة جدا في جميع المجالات، فتأتي زيارة الرئيس ترمب للمملكة العربية السعودية لتؤكد على تاريخية هذه العلاقات التي تمتد لما يقارب 155 عاما، وتأتي تأكيدا لأهمية المملكة العربية السعودية في السياسة الإقليمية والدولية والعالمية، وتأتي أيضا لتأكيد محورية السياسة السعودية في صناعة الأمن والسلم والاستقرار، وتأكيدا لمكانة المملكة العربية السعودية في المجالات الاقتصادية والطاقة والاستثمارية وغيرها من المجالات، وبالتالي الولايات المتحدة الأميركية ترى في المملكة العربية السعودية الشريك الأوثق على المستويات الدولية، والدولة الصاعدة لمكانة دولية أكبر بكثير مما كانت عليه في المراحل الماضية التي تتجاوز في مكانتها المستوى الإقليمي والدولي والعالمي في تأثيرها، لذا عندما يأتي الرئيس ترمب إلى المملكة وتكون هي الوجهة الأولى التي يذهب إليها في زيارته الخارجية كرئيس للولايات المتحدة الأميركية فإنه يريد إرسال رسالة للمجتمع الدولي بأن المملكة بمنهجها المعتدل ومنهجها الوسط في السياسة الخارجية وبحسن إدارتها لمسائل الطاقة والاقتصاد وغيرها من المجالات التنموية، في مكانة أكبر وتستحق أن تبرز على المستويات الدولية بمثل هذه الزيارة، كما تريد الولايات المتحدة أن تؤكد على العلاقات الاستراتيجية العميقة بينها وبين المملكة العربية السعودية في مسائل كثيرة منها صناعة السلام في المنطقة والتأكيد عليه، وكذلك في مسائل تتعلق بالقيادة، فمن المعلوم أنه عندما أسست هذه العلاقة بين الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والرئيس روزفلت، ووقعت اتفاقية كوينسي فإنها أسست لعلاقات بعيدة المدى والآن عندما يأتي الرئيس ترمب ويلتقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فإنه يؤكد على تلك العلاقات ويؤسس لمرحلة جديدة منها في كونها علاقات بناء تنموي ومسائل أمنية إلى مسائل تتعلق بمجالات اقتصادية واستثمارية وقد تتعدى إلى المجالات التقنية والتكنولوجية ونقل الصناعات التي تتطلع إليها المملكة العربية السعودية.
هناك رؤية جديدة يملكها الرئيس ترمب تجاه المملكة العربية السعودية تتواكب مع الرؤية التي تملكها المملكة فيما يتعلق بمكانتها المتقدمة في وقتها الحاضر في المجتمع الدولي.
أ. نوال
سعاد اللواء محمد، كيف تنظر القيادة السعودية إلى هذه الزيارة في سياق تعزيز التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة؟
اللواء. محمد
أولا أعرفكم بنفسي وذلك أنها أول مرة ألتقي بالزملاء في جريدة الرياض، اللواء محمد الذبيبان ضابط سابق في القوات الجوية ومنها الطائرات المقاتلة طائرات (5) و(15)، تقاعدت عام (2015)، لدي دورات في الولايات المتحدة ودورة الدفاع الوطني، ودورة في الحرب، وعملت لأربعة أو ستة أشهر في الصين كضابط تنسيق لإنشاء جامعة الدفاع الوطني في المملكة العربية السعودية وهي حاليا جامعة الملك سلمان للدفاع الوطني، وعملت أثناء أزمة الخليج في عام (1990) كضابط مشارك في منطقة متقدمة في المملكة، وأول مشاركة لي كانت عندما أتت الولايات المتحدة في إظهار كضابط انتصار وكان وقتها الصراع الإيراني العراقي، أهم مشاركة لي كانت في (2003) وهي التخطيط الاستراتيجي ما بين القوات وقوات التحالف التي عملت على إسقاط النظام العراقي وكنا في إحدى القواعد العسكرية في المملكة العربية السعودية، وكان ذلك نقلة نوعية للاستراتيجية في القوات المسلحة السعودية للعمل المشترك المباشر، صحيح أنه كان يوجد عمل مشترك مباشر قبلها في عام (1991) لكنه لم يكن بالصورة التي كان يعمل بها في (2003)، حيث كان هناك قيود سياسية وتحديات فيما يخص الموقف العربي تجاه الهجوم على العراق، لدي من الخبرات العسكرية أكثر من (2500) ساعة طيران على الطائرات المقاتلة.
لاشك أن هذه الزيارة لها دلالات كبيرة على أهمية العلاقة الاستراتيجية ما بين البلدين كما ذكر الدكتور إبراهيم، وتابعنا جميعا المقابلات لفخامة الرئيس ترمب وحديثه عن العديد من الصفقات التي تنتظرها المملكة العربية السعودية لتعزيز أمنها وأمن المنطقة فيما يخص التسليح والتعاون العسكرية الاستراتيجي، والجميع يعرف أن هذه المنطقة تمر بتحديات كبيرة، وما نراه حاليا في هذه الأوضاع المؤسفة، نجد أن المملكة أكدت للجميع مدى عملها العسكري المتوازن لحفظ الأمن في المنطقة، والزيارة تدل على مكانة المملكة في حفظ الأمن وتحقيق التوازن والمحافظة على النظرات الملاحية، ومحاربة الإرهاب.
صفقات تبادلية.. الوطن أولاً والحرص على ازدهاره
لا يخفى على الجميع أن القوات العسكرية كافة سواء وزارة الدفاع أو وزارة الحرس الوطني وكذلك وزارة الداخلية لها العديد من العقود مع الولايات المتحدة.
ونحن ولله الحمد في المملكة العربية السعودية لدينا من التعاون العسكري القديم والحديث، وإن شاء الله نرى في هذه الزيارة عقودا مهمة جدا فيما يخص توريد بعض الأسلحة التي كان هناك بعض القيود عليها، وقد يكون هناك اتفاقيات طويلة الأمد، وهذا في الحقيقة ما نتطلع إليه خلال الفترة القادمة بصورة عامة، المملكة تحظى باهتمام دولي وعالمي، وهذه الزيارة تؤكد على مكانة المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط في حفظ الأمن والاستقرار.
أ. نوال
د. عبدالله، كيف ترى الرسائل السياسية الموجهة لكلا البلدين من خلال هذه الزيارة؟
د. عبدالله
* للإجابة عن هذا السؤال هناك جانبان، جانب من جهة الولايات المتحدة، وبداية نركز قليلا على شخصية دونالد ترمب وإرثه السياسي، فهو معروف بأنه شخص لا يضع أميركا أولا فقط كما هي مقولته الشائعة، ويضع الاقتصاد والعمل التجاري فوقه أيضا، فأتوقع أن هدفاً من أهداف هذه الزيارة أن يرسل رسالة إلى الداخل ويقول إنه لم يتقيد بالعادات والأعراف السياسية الأميركية لذلك سوف أذهب إلى مركز اقتصادي عالمي كبير لأجلب الاستثمار وأبني التطور الداخلي في الولايات المتحدة.
أما من جانب المملكة العربية السعودية فإنه يدل برأيي على الدور الذي تلعبه الآن المملكة في النظام العالمي المتغير ونظام متعدد الأقطاب، وهذا الدور ليس دور المستثمر في الخارج فقط بل إنه دور يجلب الاستثمار أيضا، حيث سيكون الاستثمار عملية تبادلية.
وأود الإشارة إلى أن هناك فرقاً بين هذه الزيارة والزيارة السابقة لترمب في (2017)، وأرى أن الزيارة الأولى لم تكن استثمارا في العلاقة بين البلدين فقط بل كانت استثمارا في ترمب نفسه كرئيس ولعله استثمار يؤدي إلى فتح آفاق كبيرة في المنطقة، لذا أتوقع أن تكون هذه الزيارة مبنية على المنطق التبادلي البحثي، يعني لن يكون هناك تعامل على حساب أي أحد، ولعل ذلك يعطي نوعا من الصراحة والوضوح في التعامل، وهو أحد الفروق بين الزيارتين.
أ. نوال
أستاذ طلعت، في إطار هذا المحور، هل يمكن اعتبار هذه الزيارة بداية لمرحلة جديدة في العلاقات السعودية الأميركية؟
أ. طلعت
لا أعتقد أنها بداية لمرحلة جديدة من العلاقات السعودية الأميركية، فالعلاقات بين البلدين متجذرة لأكثر من ثمانية عقود وبدأت مع اللقاء بين الرئيس الأميركي روزفلت والملك المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في عام (1945).
وكما ذكر الدكتور عبدالله فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحاول أن يعيد للاقتصاد الأميركي قوته كما كانت، وأعتقد أنها عودة إلى اتفاقية عام (1944)، وقد تبنى في حملته الانتخابية شعار عودة أميركا إلى عظمتها، وإن صح التعبير تحرير الاقتصاد الأميركي.
وأعتقد أنه في خضم الحروب التجارية وما يحدث هنا وهناك، فإن المملكة بحجمها الاقتصادي ورؤيتها الطموحة 2030، وهنا مربط الفرس للرئيس الأميركي في أن يعيد علاقاته التجارية، سيما أن المملكة العربية السعودية ليس من طبيعتها وعادتها أن تدخل في حروب تجارية، صحيح أنه قد يطبق ما طبق على أكثر الدول والذي هو خط الأساس (البيس ون) 10 %، لكن كما قلت إن العلاقات متجذرة، ففي عام (2023) مثلا كان حجم التجارة البينية يفوق (29) مليار دولار، وهو رقم كبير.
وتعد المملكة العربية السعودية شريكاً رئيساً مقارنة بالدول في مجموعة العشرين.
وفي العام الماضي ونتيجة لانخفاض أسعار النفط بلغت التجارة البينية (25) مليارا و(955) مليونا.
بينما كان الميزان التجاري في السنوات العشر الماضية يميل لصالح المملكة العربية السعودية. لا تزال المملكة شريكا مهما وموردا رئيسا للطاقة.
فالنفط لاعب رئيس في صادرات المملكة للولايات المتحدة، وهناك أيضا اتفاقيات في مجال التقنية المتجددة، وهناك مذكرات في نقل تقنية ما يعرف بالطاقة النظيفة، ومنها ما يتعلق بالهيدروجين الأزرق على سبيل المثال.
إضافة إلى وجود ممرات خضراء أي الهيدروجين الأخضر، وذلك لموقع المملكة الاستراتيجي الذي يربط بين ثلاث قارات رئيسة (آسيا وأوروبا وإفريقيا)، مع الحديث المهم عن الربط بين آسيا وأوروبا.
وهناك سوفت بنك، والذي تملك جزءا كبيرا فيه، حيث يوجد توجه باستثمار (500) مليون دولار في الذكاء الاصطناعي.
إذاً هناك شراكة متجذرة لاسيما إذا نظرنا إلى إعداد الشركات الأميركية العاملة في السعودية حيث تبلغ أكثر من (500) شركة ويبلغ حجم المشاريع أكثر من (62) مليارا وعدد المشاريع يفوق (955) مشروعا.
ولعلي أشير إلى أن زيارة ترمب الأولى في ولايته الأولى وهذه الزيارة الثانية في ولايته الثانية إلى المملكة العربية السعودية ذات معان كثيرة السياسية منها والاقتصادية والتكنولوجية، وذلك في ظل رؤية طموحة يسعى إليها ويسيل لها اللعاب ليس في الولايات المتحدة الأميركية فقط وإنما العالم بأسره.
أ. نوال
أ. سلمان الأنصاري، كيف تعكس هذه الزيارة تحولا محتملا في سياسة واشنطن تجاه المنطقة؟
أ. سلمان
أعتقد توجد نقطة مهمة علينا أن نركز عليها حتى لا نشرح ما هو مشروح، والأخوة الكرام شرحوا بشكل جميل جدا حول العلاقات السعودية الأميركية، ولا نختلف فيما ذكر ولكن أود الإضافة فيما ذكره الدكتور عبدالله عن النظرة إلى العلاقة الحالية بين المملكة العربية السعودية وأميركا ووصفها بالعلاقة التبادلية، وهو الملاحظ في تناول الإعلام الأميركي للصفقات فيما بين البلدين وأنها تبادلية نفعية أعتقد أنه كلام صحيح ولكن علينا أن لا نغفل أهمية العلاقة التبادلية، لأن تراكمها سيبني أرضية استراتيجية، علما أن الأرضية الاستراتيجية للعلاقات السعودية الأميركية موجودة في السابق ومبنية بشكل أساسي على موضوع الثقة، لذا علينا أن لا ننظر إلى العلاقات النفعية بشكل سلبي خصوصا في فهم عقلية الرئيس الأميركي، وهذه نقطة إيجابية، إضافة إلى أمر إيجابي آخر وهو شخصية الرئيس ترمب وشخصية سمو ولي العهد، فهناك نوع من التقارب الكبير في طريقة التفكير في الوطن أولا، والحرص على ازدهاره، وأعتقد أنه تفكير نابع من الداخل إلى الخارج وليس العكس فهناك بعض الإدارات الأميركية وبعض الحكومات التي تفكر دائما في المسائل الخارجية ثم تعكسها لمصالحها في الداخل، ولكن هذه الإدارة الأميركية مثل القيادة في المملكة العربية السعودية تركز بشكل كبير على الداخل أولا، وهذا من الأمور التي تسعد السعودية في ممارسته وإبراز عضلاتها الدبلوماسية من خلال التفاهمات البينية في العلاقات الثنائية بين السعودية وأميركا خصوصا أنها أهم حليف وشريك لنا.
علاقة تاريخية وشراكة استراتيجية
وفي نقطة أخرى فيما يتعلق بمسار العلاقات والذي ذكرتيه في سؤالك للأستاذ طلعت، وهل توصف بأنها مرحلة جديدة من الجميل دائما أن نصف أي شيء بمرحلة جديدة وهذا يوحي بوجود إشارات إيجابية جميلة ولكن مثل ما ذكر الأستاذ طلعت إنها علاقة قوية ومتينة وتمثلت بشكل أكبر خصوصا في موضوع الثقة في الدور العالمي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، حيث تنظر الولايات المتحدة للمملكة بشكل دائم كلاعب إقليمي مهم، ولكن المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الملك سلمان وسمو ولي العهد ذهبوا بهذا الموضوع إلى النطاق العالمي ورأينا ذلك في موضوع الطاقة والحروب الروسية الأوكرانية والوساطة بينهما، والإشارات لإدارة المملكة لدور جديد بين بكين وواشنطن، ودور المملكة في تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون، فدور المملكة العربية السعودية خرج من كونه محليا وإقليميا إلى العالمية، وهذا من الأمور التي تحرص الولايات المتحدة أن يكون لحلفائها الرئيسيين بطاقات وأدوار وقدرة على استخدامها لأن من مصلحة الجميع وجود دولة تكون قبلة للسلام وأمن الطاقة ومكافحة الإرهاب والاقتصاد العالمي. ولا ننسى موضوع ارتباط النفط بالدولار فلا نريد الحديث عن ذلك حتى لا نعطي إشارات توصف بالتهديدية بمعنى أننا نريد الخروج من هذا الاتفاق، مع كونه ليس اتفاقا، ولكن صانعي القرار الأميركي يعرفون تماما أهمية هذا الموضوع، وأعتقد أنهم يشكرون المملكة لعدم إثارتها له بشكل مكثف لأن من مصلحة المملكة العربية السعودية أن تستمر علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
أ. نوال
د. إبراهيم النحاس، في إطار العلاقات السعودية الأميركية الحالية كيف تتوقع مستقبل العلاقات في العقود المقبلة؟
وهل الرؤية السعودية والسياسة الأميركية تتفقان بتعريفهما لتنظيمات الجماعات الإرهابية في المنطقة؟
د. إبراهيم
* مستقبل العلاقات ابتدأ بتميزه منذ الأيام الأولى للرئيس ترمب وبعد وصوله للبيت الأبيض وتقلده للحكم عندما أعلن عن تطلق الولايات المتحدة الأميركية لأن تستضيف المملكة العربية السعودية المفاوضات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، وعندما عبر بعد ذلك الرئيس بوتين بأن المملكة مكان مناسب للمفاوضات مع الولايات المتحدة وأيضا لإيجاد حلول للمسألة الأوكرانية. وبالتالي فإن الرمزية هنا أن المملكة العربية السعودية بالنسبة للولايات المتحدة سيكون مستقبلها ليس كما كان في المراحل الماضية فيما يتعلق بالعلاقات، ففي العقود الماضية كان التحالف السعودي الأميركي يقوم على مواجهة التحديات الأيديولوجية في المجتمع الدولي والذي انتهى سقوط الاتحاد السوفيتي وبعد ذلك مواجهة التنظيمات والجماعات الإرهابية في فترتنا الحالية وفي هذا التوقيت بالذات فإن الذهاب إلى المستقبل يقوم ببناء علاقات تقوم على مسائل استراتيجية في السياسة والأمن والاقتصاد والاستثمار والتقنية وغيرها الذي سيحكم العلاقات السعودية الأميركية في المستقبل هو هذه المكانة المتصاعدة للمملكة العربية السعودية في المجتمع الدولي والتي أثبتت نجاحها بمجالات كثيرة جداً والذي أثبت هذه المكانة أن الرياض أصبحت محطة رئيسة لقادة الدول الكبرى في المجتمع الدولي ومن هنا فإن الولايات المتحدة تريد البناء على هذه المكانة وأن لا تذهب بعيداً عن علاقاتها مع المملكة لحساب دولة دول أخرى سواء الصين أو روسيا تلك الدول التي تتشارك مع الولايات المتحدة الصراع على قيادة المجتمع الدولي، فالولايات المتحدة تريد تعزيز هذه العلاقة من جانبها وتأصيلها بشكل أكبر والمملكة العربية السعودية بدورها تريد أيضاً تعزيز مثل هذه العلاقة مع الدولة الأولى في المجتمع الدولي في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها من المجالات، لذا تتوقع مستقبلاً أكثر عمقاً وأكثر تعاوناً وأكثره رسماً للاستراتيجيات، وسوف تستفيد الدولتان من هذه العلاقات المتقدمة وتستفيد المملكة في تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة بحكم أنها ذهبت في اتجاه صناعة السلام وتأصيله في المنطقة وحل النزاعات عن طريق المفاوضات، ولعل الإشارة التي كانت في توقيع المصالحة السعودية الإيرانية بداية لتعزيز هذا الاستقرار.
والولايات المتحدة الأميركية ستستفيد من هذا الاستقرار في المنطقة، ولذلك تتوقع في هذه الزيارة مناقشة هذه المسائل، فالولايات المتحدة تريد البناء عليها للذهاب الى المجالات التقنية والتكولوجية من هذا من جانب، ومن جانب آخر تقوم المملكة بالنسبة للولايات المتحدة بدور رئيس في المنطقة بما يتعلق بالمجالات التي تؤدي إلى محاربة التنظيمات والجماعات الإرهابية، وفي ذلك تتفق مع المملكة العربية السعودية ورؤيتها.
وسبق وأن عملت الدولتان على تشكيل الاتحاد الدولي لمكافحة الإرها ، وكان للمملكة والولايات المتحدة دور رئيس فيه وما زال هذا التحالف قائماً لذا فإن المستقبل سيشهد تعاوناً كبيراً جداً، قد لا يكون فيما يتعلق بالمشاركة الفعلية إلا أنه في المشاركة السياسية والفكرية والتوجهات متقدمة كثيراً في هذه المجالات التي تطمح الدولتان لأن تواصل العمل فيها بما يحقق الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم.
أ. نوال
* اللواء محمد، كيف انعكست العلاقات السعودية الأميركية الايجابية على تطوير القدرات العسكرية في المملكة ؟
اللواء. محمد
هذا الموضوع معقد جداً، ومهم جداً سواء إقليمياً أو استراتيجياً أو عالمياً، ما يميز العلاقة السعودية الأميركية باختلاف الرؤساء في أميركا بأنها ثابتة تقريباً، وهي تعمل مع الحكومة بغض النظر عمن سيأتي إلى الرئاسة فالعلاقة العسكرية علاقة توازن وثقة وعلاقة مطورة في مجالات عديدة، والمجال الذي أراه مهماً جداً هو المجال الاستخباراتي، فالبلدان كما ذكر الدكتور إبراهيم يعملان سوياً في محاربة الإرهاب في المنطقة العربية أو الخليج أو على المستوى العالمي، ودعيني أتطرق لموضوع إنشاء مركز الإنتربول الدولي في الرياض، والذي يمثل ثقة دولية بالمملكة.
في الحقيقة قليل من الدول التي تحظى بذلك، كما هو تأكيد لعلاقة المملكة العربية السعودية بالدول الكبرى، فالمركز سيكون نطاقه شاملاً للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما سيساعد ذلك في العمل على محاربة الإرهاب فيما يختص بتطور السلاح النووي، فالجماعات الإرهابية باتت تملك طائرات من دون طيار، فمواجهة هذا التحدي يحتاج إلى تغيير الاستراتيجية في التعاون بين البلدين. علماً أن فكرة الجيوش التقليدية ما زالت رئيسة ولكن أتحدث عن تغير في التهديد، فالجماعات الإرهابية بات في حوزتها طيارات من دون طيار، وأصبحت تتعاون مع دول خارجة ومارقة عن النظام مع ثورة الاتصالات التي نعيشها، فالعمل العسكري السعودي الأميركي هو دائماً النقطة الأولى المحاربة الإرهاب، وتنظيم معرض الدفاع في الرياض خطوة مهمة والذي شارك فيه الشركات الأميركية لبيع التقنيات، كشركة لوكي مارتن المصنفة لصواريخ سام، وقد نقلت بعض التقنيات للشركات المحلية لتصنيع بعض القطع، وهذا يؤكد أن المملكة شريك ذو ثقة عالية للتعامل، وفي جانب آخر هناك التعاون في مجال التدريب والتعليم، فقد تم إنشاء جامعة الدفاع الوطني في المملكة العربية السعودية على أسس عالمية حديثة: وكان بتعاون ودعم من الجانب الأميركي. وهناك نقطة أخيرة وهي السماح بامتلاك الصواريخ، حيث تواجه المملكة دائماً صعوبة مع الكونجرس في حلها لأن هناك من يعارض وهناك من يؤيد، وهي تأتي من إدارة إلى أخرى، ولكن ثقة الولايات المتحدة في سمو سفيرة المملكة العربية السعودية والزيارات المتبادلة ما بين سمو الأمير خالد ووزير الدفاع الأميركي وتبادل الزيارات واللقاءات العالمية سواء في ميونخ في مؤتمر الأمن العالمي أو في أي لقاءات أخرى فهذا يؤكد على أهمية دور المملكة العربية السعودية في الحصول على دعم فكرة التوازن، هناك دول لديها قوة صناعية، والولايات المتحدة تعمل على أن تصل المملكة العربية السعودية لتكون إحدى هذه الدول الصناعية في المستقبل القريب.
أ. نوال
د. عبدالله، استضافة المملكة للمحادثات الأميركية الروسية الأخيرة، ماذا يعني ذلك للعلاقات السعودية الأميركية؟
د. عبدالله
أتوقع أنها ذات دلالات كثيرة للعلاقة السعودية الأميركية، ولعل أبرزها يدل على دور المملكة عالمياً، في رأيي هناك تغير في النظام العالمي وهذا ما ذكرته قبل قليل، والدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في النظام العالمي المتغير والمتعدد الأقطاب ليس دوراً اقتصادياً فقط بل تلعب دور الوسيط العالمي، وهو دور تاريخي للمملكة وليس جديداً عليها، فهي كانت وسيطة بين دول وأطراف إقليمية، ولكن الآن واضح أن دورها بات وساطة بين أطراف عالمية.
وهذا ليس إنجازاً دبلوماسياً فقط بل إنجاز له صدى أمني أيضاً لأنه كل ما زاد الاعتراف والقناعة الدولية وإن كان ضمنياً لدولة لها صفة الوساطة كل ما صعب استهدافها أو زادت التكلفة السياسية لاستهدافها، فأتوقع أن ذلك نتيجة التنوع الاستراتيجي لدى المملكة العربية السعودية، ونحن نسمع دائماً عن التنوع الاقتصادي والتنوع في العلاقات الاستراتيجية لكن أيضاً نرى تنوعاً في الأساليب الدبلوماسية التي تصب في تعزيز الدور الأمني والسلم والدبلوماسي السعودي أيضاً.
أ. نوال
أ. طلعت، كيف تقرأ مرتكزات العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين المملكة والولايات المتحدة ؟
أ. طلعت
* قبل الإجابة عن السؤال ، ولست سياسياً ولكني أعتقد بوجود التقاء فكري واضح بين القيادة والإدارة الأميركية الحالية والقيادة السعودية، الرئيس الأميركي متجه إلى تحرير الاقتصاد كما هو متوقع، وأن ينمو الاقتصاد الأميركي ويأخد مكانته العالمية، والمملكة العربية السعودية في ظل رؤيتها الطموحة تريد أن تنهض باقتصادها، لذا نجد الإدارة الأميركية تريد إطفاء الحروب المشتغلة هنا وهناك ، روسيا وأوكرانيا ، ووقف النزاعات مع اليمن ، وتثمين المملكة لهذا الأمر . والمملكة العربية السعودية هي الملاذ الأخير للسلم والسلام الدولي لذا فأعتقد أن الالتقاء الفكري هذا سيدعم الاقتصاد الأميركي ، لأنه لا يمكن أن ينمو الاقتصاد العالمي في ظل العراقيل السياسية خاصة وأنه في حالة تباطؤ في النمو حيث تراجع إلى 2,18 % فزيارة الرئيس الأميركي مهمة للمملكة العربية السعودية وذلك لوضع الأمور في نصابها، ولا شك اليوم أنه لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمملكة أمر مهم جداً، ومن تجاوزنا أهدافنا في الرؤية.
ولو نظرنا إلى ما بين عامي 2015 و2017 نجد أن الاستثمارات المباشرة تضاعفت في ظل الرؤية عما كانت عليه حينها ، وأيضاً فإن رصيد الاستثمارات تجاوز 900 مليار ريال سعودي .
إذاً المملكة أرض خصبة لإعادة القوة إلى الاقتصاد الأميركي ليس بالاعتماد على النفط فقط بل بما يتعلق بالمشاريع كما ذكرت الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق والتكنولوجيا المتطورة خاصة أن أميركا متطورة جداً في مجال الذكاء الاصطناعي .
أعتقد أنه يوجد التقاء فكري كما قلت في إحلال السلام العالمي لينمو الاقتصاد ، لأن أي تباطؤ للنمو في الاقتصاد العالمي سينعكس على جميع الاقتصادات ومنها اقتصادنا. وهذا ما شاهدناه في ظل الحروب والأزمات التجارية . لذا فإن زيارة الرئيس الأميركي ستكون دون أدنى شك علامة فارقة في تنمية العلاقة وتعميقها أكثر مما عليه بين المملكة وأميركا ، ولكن في الوقت ذاته سينعكس ذلك إيجاباً على الاقتصاد العالي برمته.
واشنطن أدركت أن القضية الفلسطينية ليست محل مساومة أو تنازل من قبل المملكة
أ. نوال
أ. سلمان الأنصاري، كيف تصف العلاقات السعودية الأميركية من وجهة نظر الإعلام الأميركي؟
أ. سلمان
الإعلام الأميركي - كما نعلم يميني ويساري، ولكن علينا أن تنظر إليه بطريقة منصفة ، لأن الإعلام الأميركي في الفترة الحالية ليس معنياً بالأمور الخارجية - بكل معنى الكلمة ومهما يتم من بحث وتواصل في المسائل الخارجية فإنما هي انعكاسات داخلية ، فلا أخذ الكثير من وسائل الإعلام الأميركية في هذا الجانب، لذا أنصح بمراكز البحوث الأمنية ومراكز البحوث أكثر من مراكز الإعلام لأن الإعلام موجه، أما الجانب الآخر فيما يتعلق بالرأي اليمني في الداخل الأميركي ، هنا أذكر قول شاعر الملك مشعل بن محماس لسمو ولي العهد: هذا الذي لولا الولي ثم لولاه يابري حالي كان يابري حالي ويقصد بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأنه جاء في فترة أنقذ فيها المملكة العربية السعودية في كل النطاقات الاقتصادية والسياسية والإعلامية وغيرها، فأعتقد أنه في الداخل الأميركي يرون أن معد هذا البيت ينطبق على ترمب خاصة من مؤيديه جمهوريين وديمقراطين ومن بعض الأطياف الصامتة أيضاً التي كانت دائماً مع اليسار ولكن ليس عن قناعة.
فأميركا تمر في تحول جذري كبير ، وسيكون تأثر ذلك إيجابياً على العالم كله ، رغم وجود شيء مهم وهو أن له الأغلبية الساحقة من حلفاء الولايات المتحدة قلقون جداً من الرئيس ترمب ، وأعتقد أن دول الخليج هي الوحيدة التي علمت وعرفت كيف تلعب لعبة السيادة الاستراتيجية التي كانت تنادي بها بروكسل في (2017 ) في السابق ، إن المملكة العربية السعودية استخدمت السيادة الاستراتيجية كمبدأ وفعلته بشكل كبير وقوت علاقتها بالولايات المتحدة إلى درجة استثنائية جديدة وفي الوقت نفسه قوت علاقتها مع حلفاء استراتيجيين كبكين وموسكو، فهذا يعتبر نجاحا دبلوماسيا مذهلا لسمو ولي العهد وفريق الإدارة في العلاقات الدبلوماسية . فهو نجاح مذهل ويدرس ، حتى إن بعض الدبلوماسيين الأوربيين في الرياض يتساءلون عن الوصفة الدبلوماسية التي من خلالها استطاعت المملكة أن تكسب الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه أن تكسب خصومها ، أعتقد أن الإعلام الأميركي المؤثر اليميني منه واليساري ومع الثورة التكنولوجية والسوشيال ميديا والبودكاست أصبح صوته أقل تأثيراً ، وحتى أن الشعب السعودي أفشل الكثير من المخططات الإعلامية اليسارية الموجودة في الولايات المتحدة لهذا لا نجد الآن نفس الهجمة على المملكة العربية السعودية في مسائل حقوق الإنسان ، ليس للإصلاحات التي قامت بها المملكة فحسب بل لأنهم لم يجدوا طائلاً من الهجوم الممنهج على المملكة لما لدينا من حصانة مجتمعية كبيرة في هذا النطاق علينا أن لا نعول بشكل عام على الإعلام الأميركي من جهة الأبحاث الاستراتيجية ، بل عليها التركيز أكثر على الباحثين السياسيين الذين ينظرون للشرق الأوسط نظرة استراتيجية رصية ، ولا يعني ذلك أن لا تخرط أكتر مع وسائل الإعلام العربية والعالمية ، ففي السابق كان المواهر الأميركي يوصف بأنه ذو اهتمامات بعيدة على السياسة ولكن مع الثورة المعلوماتية والسوشيال ميديا أصبر المواطن الأميركي والعربي شكل عام ورقة ذهبية لأي دولة تريد أن تعمق علاقاتها معهم هناك أعضاء في الكونغرس يعلمون تماما أهمية المملكة ويتمنون أن يمرروا القوانين في صالح صالح هذه العلاقة ، ولكن إذا كان هناك للحوم إعلامي ممنهج على المملكة حمن صالحهم أن لا يوافقوا على تلك القوانين حفاظاً على سمعتهم ويتم إعادة انتخابهم مستقبلاً ببعض أعضاء الكونغرس كان يذكر أنه ساعدوا أنفسكم في أميركا لنقدر على مساعدتكم أيضاً فمسألة الوصول إلى الجمهور وإلى الناس مهمة جداً . فلا بد من تواصل مجتمعي ووجود مشاريع ثقافية أكثر ، وحتى لا نقسوا على أنفسنا فإن وزارة الرياضة وزارة الثقافة وهيئة الترفيه وغيرها من المنصات الكبيرة قامت بدور كبير في هذا الموضوع وأتمنى أن يزيد بشكل أكبر حتى نرى ملحقيات ثقافية حقيقية في داخل السفارات وتقوم مجهود كما تقوم بها هنا في الرياض ، خصوصاً أن المملكة العربية السعودية ومن خلال مجمع الملك سلمان للغة العربية لديها قوة ناعمة كبيرة جدا ليست منحصرة في الجانب الروحي فقط ولكن هناك الجانب اللغوي والثقافي أعتقد أن المملكة العربية السعودية لديها كافة الإمكانات لتقوم بدور عبر مؤسساتها الحكومية وشبه الحكومية المتوزعة حول العالم في توطين العلاقات بين الشعوب.
أ. طلعت - تعليق
لعلي أختلف مع الأستاذ سلمان في رأيه بالإعلام ، أعتقد أن الإعلام العالمي ومنه الإعلام الأميركي أصبح يعكس الصورة الحقيقية المملكة العربية السعودية منذ انطلاقة رؤية 2030 ، فعندما تأتي منظمات دولية كاستاندرد آند بورز، وتصنف المملكة ائتمانياً دورة بدرجة عالية فهذا من الصعب على الإعلام إنكاره، ومن جهة أخرى عندما تصدر جامعة كجامعة ستانفورد أبحاثاً ودراسات عن رؤية السعودية 2030 هذا أمر عظيم ، وأيضاً المقابلات التي أجريت مع سيدي ولي العهد عكس صورة إيجابية، ومن يتابع السوشيال ميديا يجد ردوداً من الأميركيين الذين كانوا مقيمين في المملكة يدافعون عنها ، فتغيرت النظرة النمطية عن السعودية ، فكل القضايا التي كانت تثير الجدل في الإعلام أصبحت ماضيا، إضافة إلى أن المرأة السعودية عندما تتبوأ المركز الأول في الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الإعلام تكذيب ذلك لأنه سيخسر حينها مصداقيت أمام جمهوره.
الرياض محور التوازن في سوق النفط العالمي
(المداخلات )
أ. هاني
أود الاعتذار عن تغيير موعد الندوة ذلك أن جدول الزيارة قد تغير ، فكان الموعد بداية في (15) من الشهر الجاري ولكنه قدم إلى الأسبوع المقبل أما عن أسئلني، أولاً ، لماذا الرئيس الأميركي ترمب
في أولى زياراته الخارجية سواء في الفترة الأولى أو هذه الفترة اختار المملكة بمحطة أولى، من المؤكد أن هذا الاختيار ليس عشوائياً بل له دلالات ومرتكزات به بني عليها.
* السؤال الثاني: المملكة تملك علاقات قديمة واستراتيجية عميقة مع الولايات المتحدة. ومع ذلك استطاعت المملكة خلق توازن في علاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي عموماً، هذه المعادلة كيف تحققت وكيف استطاعت الدبلوماسية السعودية أن تخلق هذا التوازن الفريد من نوعه، حيث عادة الدول أنها تنحاز يمنة ويسرة أو تصطف في محور ضد آخر ولو ظاهرياً.
* السؤال الثالث: بخصوص التعاون النووي السلمي بين المملكة والولايات المتحدة إلى أين وصل؟ خاصة مع ورود أن الولايات المتحدة لن تربط هذا الملف علاقات التطبيع مع إسرائيل.
* د. إبراهيم
مما يتعلق بالسؤال الأول لماذا المملكة المحطة الأولى، أثبتت المملكة خلال العقود الماضية عقلانية سياساتها وحكمة قيادتها في إدارة السياسة الإقليمية والمسارات الاقتصادية والبناء الداخلي الذي جعل منها دولة عضواً في مجموعة العشرين في ظل توقف أو تباطؤ الاقتصاديات الدولية العظمى التي كانت في المراحل الماضية، فالتصاعد السريع للمملكة جعل منها محط أنظار السياسة الأميركية، وعندما أتى الرئيس ترمب إلى السلطة كممثل للحزب الجمهوري طرح عليه من قبل مستشاري ذلك الحزب أهمية النظر إلى المملكة العربية السعودية كدولة صاعدة وعدم تفويت الفرصة لدول أخرى قد تحل محل الولايات المتحدة إذا لم تنتبه الولايات المتحدة لها، تفرزت هذه الرؤية لدى الحزب الجمهوري وقياداته بعد إعلان رؤية 2030 والنجاحات الكبيرة التي حققتها في السنوات الأخيرة إضافة إلى الشعبية العالمية لسمو ولي العهد وحكمته وبعد نظره في بناء الدولة السعودية، وبالنظر للمواقف السعودية في أنها دولة إن لم تحظَ باهتمام أميركي -وتأكيد ذلك تمثل هذه الزيارات- فسوف تخسر هذه المكانة لصالح الصين، وقد أثنت السياسة السعودية بعد ذلك بأنها قادرة على بناء هذه العلاقات المتزنة والمتوازنة مع جميع دول العالم منظرتها لمصالحها فإن حكمة القرار أو قوته أولاً وعدم التنازل عنها، لذا فإن ذلك حمل من المملكة محط الأنظار، وكما قلنا فإن تصاعد النمو الاقتصادي في المملكة وكذلك تصاعد المستوى المعيشي والصحي والتعليمي وسواها جعلها محط أنظار الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة.
* فيما يتعلق بالتطبيع والبرنامج النووي السلمي للمملكة العربية السعودية، أدركت الولايات المتحدة أن القضية الفلسطينية ليست محل مساومة أو تنازل من قبل المملكة مهما كانت المغريات، أما البرنامج النووي للمملكة فهي ذاهبة لمثل هذه البرامج المتعلقة بالطاقة النووية السلمية سواء مع الولايات المتحدة أو مع دول أخرى وبالتالي أثرت الولايات المتحدة أن تذهب للمفاوضات مع المملكة العربية السعودية كي لا تذهب المملكة تجاه الصين أو كوريا أو اليابان أو روسيا وغيرها من الدول التي لديها الاستعداد الكامل لتنفيذ هذا البرنامج.
وهذه نقطة أخرى تحسب للسياسة السعودية وقوة قرارها واحتفاظها الكامل بسيادتها وبعد نظرها، ومعلوم أن سياسة المملكة وقوة قرار قادتها تاريخياً عند عهد الملك عبدالعزيز وتصاعد ذلك مع الملك فيصل الذي أكد ذلك بحظر النفط في السبعينات، والملك فهد عندما تعامل مع السفير الأميركي. إن القيادة السعودية لا يمكن أن تتنازل أو تتراجع عن مصلحة المملكة العربية السعودية مع أي دولة كانت. وهذا موجود في الذاكرة الأميركية.
أ. طلعت
* إجابة عن سؤال لماذا المملكة العربية السعودية ؟
لعدة أسباب، أولا للحكمة السياسية في قيادة المملكة فهناك الكثير من القضايا السياسية والاختلافات العالمية كان حلها في المملكة العربية السعودية، ومنها القضية الأوكرانية الروسية وغيرها من القضايا لعدة اعتبارات منها ثقلها الإسلامي وثقلها الاقتصادي على المستوى العربي والإقليمي، حيث إن 130 من (جي بي تي) من المملكة فهذه الحكمة وهذا النقل الاقتصادي والسياسي مهم بالنسبة للإدارة الأميركية ثانية في كثير من القضايا تتفق المملكة مع الإدارة الأميركية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وقد ذكر سعادة اللواء كيف حاربنا الإرهاب حتى أصبحت المملكة نموذجاً يحتذى به على مستوى العالم، إضافة إلى أنها عملت رؤية طموحة حقيقية تحتوي الجميع، وتسيل لعاب المستثمرين لمشاريعها.
أ. صالح
* سؤالي للدكتور إبراهيم، كيف ترى أثر العلاقة الشخصية التي كونها سمو ولي العهد مع الرئيس ترمب من ولايته الأولى في تقوية العلاقات بين البلدين؟
د. إبراهيم
* حتماً العلاقة الشخصية بين أي قيادات في المجتمع الدولي تؤثر بالتقارب بين الدولتين، أو إذا كانت العلاقة غير إيجابية عليها ستؤدي إلى توتر في العلاقات، المعهود عن القيادة السعودية منذ عهد الملك المؤسس وصولاً إلى عهدنا الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تقوم دائماً على الحكمة والهدوء والعقلانية في الإدارة السياسية الدولية والتواصل الدولي، وأيضاً السياسة الأميركية اتفقت كثيراً في نظرتها مع المملكة العربية السعودية على مر قياداتها.
في وقتنا الحاضر فإن سمو ولي العهد والرئيس ترمب -كما أشار الزملاء قبل قليل- فإنهما يتفقان في نظرتهما التي ترتكز بشكل أساسي على بناء كل قائد لدولته بما يتوافق مع المصالح العليا لها، وهذا أدى كثيراً إلى الاتفاق في المسائل الاقتصادية والاستثمارية والتوقيع على العديد من الاتفاقيات في المرحلة الماضية والتي تؤدي في وقتنا الحاضر للتقارب الكبير في السياسات الرسمية، من جهة أخرى إن العقلانية التي تميزت بها سياسة سمو ولي العهد وسياسة الرئيس ترمب فيما يتعلق بأهمية التركيز على المستقبل وليس الماضي، والتركيز على المسائل التي تبني المجتمع وتطوره وتنميته وليس البحث عن الصراعات والتسويق المسائل قامت في عهد الإيديولوجيات الماضية، فالفكر بتبني المصالح وليس الإيديولوجيات، وتبني البناء وليس الهدم، ويذهب باتجاه تعزيز المسائل التي تؤدي إلى حالات اقتصادية وتنموية وليس الذهاب خلف جماعات المصالح التي تخدم فئات ضيقة على حساب المصالح العليا، إذا فالرؤية التي يملكها القائدان سمو ولي العهد والرئيس ترمب لوجوب خدمة الصالح العام الدولتيهما هو الذي قربهما كثيراً في التوجهات.
تأكيد محورية السياسة السعودية في صناعة الأمن والسلم والاستقرار
أ. سليمان العساف
* سؤالي للأستاذ طلعت، هل تسهم هذه الزيارة في مضاعفة حجم التبادل التجاري والفرص الاستثمارية في كافة المجالات، وكذلك فرص الابتعاث والدراسة والتدريب في الولايات المتحدة؟
أ. طلعت
* لا شك أن هذه الزيارة ستعزز الكثير من الفرص سواء على مستوى الصحة وذلك بتبادل الخبرات الصحية، أو التكنولوجيا أو التعليم، فالمبتعثون في الولايات المتحدة يزيدون على 18 ألف طالب سواء كانوا ضمن برنامج خادم الحرمين أو برامج أخرى أو على حسابه الخاص، إلى جانب تركيز برنامج خادم الحرمين وذلك بعد إعادة هيكلته على جامعات التحية كهارفرد وستانفورد، إضافة إلى التركيز على الجانب الصحي الحاسب التكنولوجي -إن صح التعبير- فنحن نسمع أنها ستكون مستشفيات في العالم ستدار بواسطة الروبوت، لا سيما وأنه لدينا أكبر مستشفى افتراضي على المستوى العربي والإقليمي إن لم يكن عالميا، فكل هذه الأمور ستكون ملفات للاتفاقيات بين البلدين لا أعلم عن حجمها لكني متفائل بتوقيع مثلها إضافة إلى مذكرات تفاهم من توسيع مجالات كثيرة تتعلق بالجوانب السياسية والاجتماعية، حس توجهات الرؤية التي لا تعد رؤية اقتصادية فقط بل هي شاملة عامة.
* أ. نورة الحربي
سؤالي للأستاذ طلعت، كيف ترى المؤسسات الاقتصادية الأميركية البيئة الاستثمارية في السعودية بعد الإصلاحات التنظيمية الأخيرة؟
أ. طلعت
* أعتقد أنه لا يوجد دولة في العالم لا تقر ما حدث في المملكة، فنحن اليوم نعيش إصدار تشريعات حديثة والتي تصل ل (700) تشريع، وأيضا تبوؤنا في سهولة الأعمال والذي يصدر عن معهد التدريب الإداري العالمي، الذي صنفنا في درجات عليا فكانت المملكة في المرتبة ال (16) تقدماً من المرتبة ال (24) قبل نحو أربع سنوات، وكذلك التصنيف في مؤسسات الائتمان بدرجات عالية جداً، كل هذا يجذب المستثمرين الأجانب: والدليل كما قلت قبل انطلاقة الرؤية فيما بين عامي 2015 و2017 كان المتوسط يدور حول (21) ملياراً وبعد انطلاقة الرؤية وبالتحديد من 2020 إلى 2024 تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات ووصل (141).
وهذه الأرقام فيها متابعة دقيقة من المستثمرين في العالم، ويوجد لدينا (600) مقر إقليمي للشركات العالمية وقد تجاوزنا المستهدف وهو (500) مقر حلول 2030.
فالمستثمر يرى مقومات الاستثمار في المملكة إلى جانب الأمن والأمان والقوة الاستهلاكية والموقع الاستراتيجي الرابط بين ثلاث قارات مهمة.
* أ. نوال
د. إبراهيم، كيف ترى التعاون السعودي الأميركي في حصول المملكة على التقنية النووية للأغراض السلمية؟
د. إبراهيم
* المملكة العربية السعودية تتصاعد استهلاكها المصادر الطاقة التقليدية حتما ستفكر في الذهاب إلى مصادر أخرى. تسهم في المحافظة على الطاقة التقليدية والبحث عن طاقة أكثر تجدداً، وبما يتوافق مع السياسات البيئية التي تعمل عليها المملكة، السعودية متطلعة دائما للمستقبل الذي يؤدي إلى خدمة اقتصادها ومجتمعها، ولذا فإن الطاقة النووية للأغراض السلمية هدف قديم وليس بجديد، عملت عليه المملكة بإنشاء المؤسسات والهيئات الحكومية الرسمية، وتطورت تلك الهيئات ومنها الهيئة الوطنية للطاقة الذرية، وهذا الاهتمام تسارع وتماشي معه سياسة الابتعاث التي عملت عليها وزارة التعليم بقبول ابتعاث بعض أبناء المملكة في المحالات التي تسهم في الطاقة النووية، كدراسة الفيزياء وما يتعلق بها. المملكة ذاهبة في هذه الاتجاه وعملت عليه بهدف الأغراض السلمية وأعتقد أن أحد المخرجات التي ستكون قريباً هو الإعلان عن هذه الطموحات السعودية لتنويع مصادر الطاقة ومنها المفاعلات النووية للأغراض السلمية لإنتاج الطاقة وغيرها مما هو متعلق بالمنتجات الطبية والتي تخدم الداخل السعودي سواء في الصحة أو التعليم أو مجالات التقنية، والذي يؤدي لدوره إلى تطور المجتمع السعودي. لذا نعم، المملكة العربية السعودية ذاهبة في هذه الاتجاهات الإيجابية التي تسهم في بناء اقتصادها.
* أ. نوال
د. عبدالله، هل تتوقع أن يصدر عن القمة رؤية أو خارطة طريق لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والبدء لعملية سلام جديدة.
د. عبدالله
* شخصياً لا أتوقع ذلك، وأتوقع -للأسف الشديد- أن يوجد خطاب غير بناء عالميا التكهنات عن السعودية واحتمال تطبيعها مع إسرائيل في السنوات الأخيرة -للأسف الشديد- . كان هناك عملية ممنهجة خطابية خارجة من تل أبيب، وأنا أصفها بعملية محاولة تطبيع خطاب التطبيع وفرض رواية معينة أن هؤلاء السعوديين يحبوننا ولا يوجد فرق بيننا.
وأرى أنه لا بد من التصدي له حيث وصل بهذا الخطاب أن قاد الناس والفكر العالمي باتجاه خاطئ إذا لا أتوقع مناقشة هذا الملف، كما أنه يبعد عن الملفات الأخرى لأننا نعلم أن ترمب ارتجالي ويتكلم من طرف رأسه في كثير من الأوقات ويعقد الكثير من العمليات الحساسة، ورأينا ذلك حين زاره نتنياهو في مكتبه في البيت الأبيض، حين رد عليه رداً تلقائياً وأن ما قاله الرئيس غير صحيح... إلخ. لذا أتوقع أن الديناميكيات المسار سلام ملموس وحقيقي لم يتهيأ، فنتنياهو زاد في تغلغله في غزة ونحن نعلم أنه لا يماطل في الحرب لحماية نفسه مستقبلاً وتغيير النظام القضائي في إسرائيل حماية لنفسه من تهم الفساد فقط بل يحاول أن يجر الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، فأثبت للجميع أنه ليس شريكاً لأي عملية سلام وأتوقع وجود ضبابية على الملف النووي، كان هذا الملف في ما يسمى بالصفقة الكبرى، وكان هناك تفاوض بين الولايات المتحدة والسعودية في إطار معاهدة عسكرية، ولكي تتم هذه المعاهدة لا بد من التطبيع السعودي الإسرائيلي، فقالت السعودية إنه لا بد من تنازلات كبيرة وملموسة لدولة فلسطينية. وأريد أن أبني على ما قاله الدكتور إبراهيم بأن هذا يعكس الكثير من التحليل العالمي الذي وصف السعودية بأنها جاهزة لأن تترك القضية إن حصلت على ما تريد من الولايات المتحدة، وهذا خطأ وأعتقد أنه حان الوقت أكثر مما مضى في الحوار عن المشكلة الناجمة من عدم حل القضية الفلسطينية، وحسب رأيي المنطقة رأت في كثير من الأوقات القضية الفلسطينية من عدسة إسلامية وعربية وإنسانية وحان الوقت لرؤيتها من عدسة أمنية، لأن هذه المشكلات والاتجاه الديمغرافي الداخل في الساحات الفلسطينية والإسرائيلية سوف يؤدي إلى تصادم يصب في الأردن ومصر، وزعزعة في المنطقة ليست في صالح أحد إطلاقاً. وبما أنه وقعت الحرب للأسف -لا بد من إعادة النظر وإعادة طرح القضية-. لذلك يسعدني أنه في الشهر القادم سيعقد تحالف لفرض الدولة الفلسطينية وحل الدولتين، لذا أرى أنه لا بد من الاجتهاد أكثر في هذه القضية وتطوير الاحتياجات أو التعمق في الحاجات لفرض السلام.
أحد الضيوف
* رفع ترمب سقف التوقعات عندما صرح بوجود خبر قبل سفره بيوم، هل تتوقع أن يكون له أي علاقة بفلسطين أم لا؟
د. عبدالله
* لا ، لأن الاتفاقيات الإبراهيمية نتيجة عن إرث دونالد ترمب، وهو يعيد بناء هذه العلاقات ويبني هذا الإرث -إرث الاتفاقيات الإبراهيمية- لأنها نتيجة سياسية داخلية، يعني الوضع الإسرائيلي في الولايات المتحدة ليس عاملاً خارجياً بل هو عامل داخلي وشأن سياسي أميركي وهذا ما أسميه الاستثمار في التكهنات الاستراتيجية وهو ما تفعله إسرائيل، فحين سئل وزير خارجيتها كوهن أجاب مخاطبا العرب داخل إسرائيل في 2023 نحن تحدثنا مع السعودين واتفقنا بأن في مارس السنة المقبلة ( 2024) سوف تذهبون إلى مكة مباشرة من إسرائيل ولكنه لا يعرف أن الحج كان في يونيو وليس في مارس فيدل أنه يوجد دائماً استثمار في التكهنات الاستراتيجية وجعلها رسائل داخلية لداخل إسرائيل.
لذا توجد هيمنة خطابية على ما نقوله، فلا بد من وجود رد قوي واستثمار في خطاب يصنع الحقيقة.
أ. طلعت
* ولكن المملكة موقفها واضح.
د. عبدالله
* نعم، كلامك صحيح، ولكن الناس دائماً يفسرون رفضنا على طريقتهم وينتظرون الولايات المتحدة ورئيسها ليغير رأينا.. لذا أعتقد ان الخطاب لا بد أن يكون فعالا أكثر.
أ. نوال
* ما دور الشركات الأميركية في مشروعات الرؤية؟
أ. طلعت
* للشركات الأميركية دور عميق، ومنذ عام 1944م كانت شركة «ستاندارد أويل اف كاليفورينا» وبعد ذلك جاءت شركة بيكين وغيرها من الشركات، وأعتقد أن دورها سيكون محورياً على مختلف المستويات وبالذات في التكنولوجيا المتطورة وما يعرف بالذكاء الاصطناعي، وكذلك في الطاقة النظيفة في الهيدروجين، وفي أمور كثيرة، فالأميركيون لديهم خبرة في هذه التقنيات، إضافة إلى البناء والتشييد وبالذات المدن الذكية كنيوم والقدية، فسيكون لها إسهامات في مختلف المستويات لا سيما وأنه لدينا تجارب منذ ثلاثينات عميقة القرن الماضي.
أ. نوال
* أ. سلمان الأنصاري، ما الأدوار التي يمكن أن يلعبها الإعلام السعودي في تعزيز العلاقات السعودية الأميركية خاصة في القضايا التي تهم البلدين.
أ. سلمان
* أنا لدي إشكالية مع الكثير من الإعلام السعودي، هل تقصد بالإعلام السعودي للحدث الداخلي أو الخارجي، فإن كان للاثنين فالمستوى جداً محدود وهناك قصور كبير جدا على الأقل باللغة الإنجليزية، لدينا القناة الثانية التي لا يتابعها أحد، توجد صحيفة العرب نيور والرياض بدأت تحميل ذلك مؤخراً، لكن لا بد أن يكون لدينا منصات حقيقية ووسائل إعلام تلفزيونية، وقد سمعنا أن قناة العربية لديها توجه في افتتاح قناة متكاملة وكانوا قد بدأوا في اليوتيوب أما بما يتعلق بالوسائل الداخلية فعندنا دائماً التركيز على لغة الأمير وهي لغة اقتصادية بحتة، وانتهت فترة الفكر المؤامراتي، فجيلنا عندما يتكلم عن العلاقات الدولية يذكرها ضمن نظرية المؤامرات، لا بد أن نصل إلى مرحلة تكون الإيديولوجية فيها أقل والبراغماتية أكثر. وأعتقد أن على وسائل الإعلام التركيز على الرسائل الإعلامية التي تحث على تنمية الفرد كفرد، ينبغي أن يعرف المواطن السعودي ما مدى استفادته من هذه العلاقات من ناحية الابتعاث والفرص التدريبية والاستثمار وفرص التعايش والتفاهم وغيرها. علينا أن نفكر دائماً بالأمور من الداخل إلى الخارج وليس العكس ونفكر كذلك فيما يفيدنا، وهذا منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأتمنى من الوسائل الإعلامية في السعودية أن تركز عليه وتخفف من هذه النظرية التشاؤمية في العلاقات الدولية.
كان لنا صديق مصري في محلة الحياة سابقاً يقول إذا أردت الفنون فاذهب إلى لبنان وإذا أردت الفلسفة فاذهب إلى بلاد المغرب العربي وإذا أردت التاريخ فاذهب إلى العراق وإذا أردت الدبلوماسية فاذهب إلى السعودية، فهنالك وعي عربي وعالمي للنظرة السعودية في إدارة العلاقات الاستراتيجية والدبلوماسية وهذا لا بد أن نبرزه من خلال القصص وربطها وما إلى ذلك.
إنشاء مركز الإنتربول الدولي في الرياض يمثل ثقة دولية
د. عبدالله
* أضيف لما ذكره أخي سلمان بخصوص الخطاب للخارج للأسف الشديد فإنه غير موجود، وهو ما يؤكد كلامي قبل قليل على وجود تكهنات على التطبيع الخطاب الصحفي، وليس هناك مفهوم الفراغات الأمنية بل هناك أيضاً فراغات خطابية يملؤها غيرنا وهذا ما قصدته بمحاولة الاستثمار في هذه الفراغات الذي يجعلنا أقل في رد الفعل تجاه الأسئلة التي تأتي وتجعلنا نصنع الإطارات التي تبرز أنفسنا فيها ولا نكون منحصرين داخل الإطارات الخطابية العالمية.
ضيوف الندوة
د. إبراهيم النحاس
اللواء/ محمد القبيبان
د. عبدالله الغشيان
طلعت حافظ
سلمان الأنصاري
حضور الندوة
هاني وفا
صالح الحماد
سليمان العساف
نوال الجبر
عبدالله السعيد
ناصر العماش
نورة الحربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.