وسط مستجدات أمنية متسارعة داخل سورية، أعلنت وزارة الداخلية السورية، أمس (الاثنين)، عن تنفيذ حملة اعتقالات موسعة استهدفت أفراداً مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني في مدينة البوكمال ومحيطها بريف دير الزور شمال شرق سورية. ووفقاً لبيان صادر عن قائد قوى الأمن الداخلي في محافظة دير الزور، العقيد ضرار الشملان، أسفرت العملية الأمنية عن توقيف أكثر من 50 شخصاً مطلوبين بتهم متعددة، شملت حيازة الأسلحة غير المرخصة والاتجار بها، إضافة إلى التورط في ترويج المواد المخدّرة وتهديد الأمن المحلي. وأشار البيان إلى أن الحملة نُفذت بدقة عالية في مدينة البوكمال، التي تعد من أبرز النقاط الحيوية على الحدود السورية– العراقية، التي لطالما شهدت تحركات لعناصر مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني و"فيلق القدس". ويأتي هذا التحرك الأمني السوري في وقت يشهد فيه النفوذ الإيراني في سورية تضييقاً متزايداً، سواء من خلال العمليات الأمنية المحلية أو عبر الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة. في السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس، عن اعتقال خلية تابعة ل"فيلق القدسالإيراني" في جنوب سورية، خلال عملية خاصة نفذتها قواته في منطقة تل قدسيا. وذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أن هذه العملية هي الثانية خلال أسبوع، بعد اعتقال خلية مماثلة الأربعاء الماضي. تأتي هذه العمليات الإسرائيلية ضمن إستراتيجية مستمرة؛ تستهدف الوجود الإيراني في سورية، حيث تعتمد تل أبيب على مزيج من العمليات الجوية والاستخباراتية الدقيقة لضرب مخازن الأسلحة ومراكز القيادة التابعة لإيران وحلفائها على الأراضي السورية. وتشير التقارير إلى أن النشاط الإسرائيلي في سورية تصاعد بشكل ملحوظ خلال عامي 2024 و2025، تزامناً مع الأزمة المتفجرة في غزة والضغوط الدولية على البرنامج النووي الإيراني. ويُنظر إلى هذا التصعيد كجزء من سياسة إسرائيلية لمنع إيران من تثبيت وجود عسكري دائم في سورية. وتلعب الوحدة 504 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية دوراً محورياً في هذه العمليات، حيث تتخصص في جمع المعلومات الاستخباراتية من داخل الأراضي السورية، وتجنيد العملاء على الأرض. وغالباً ما تنفذ هذه الوحدة عملياتها بالتنسيق مع وحدات العمليات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، مثل لواء 474 المنتشر على الجبهة الشمالية. يأتي هذا التصعيد الأمني في ظل مشهد معقد تتداخل فيه المصالح الإيرانية والإسرائيلية والسورية، وسط تحركات ميدانية متسارعة على طول الحدود الشرقيةوالجنوبية لسورية. ويرى محللون أن هذه الحملات الأمنية قد تعكس تحولات داخلية في الموقف السوري تجاه الوجود الإيراني في بعض المناطق الحدودية، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة والإحراج الإقليمي الناجم عن تصاعد النفوذ الإيراني المسلح في سورية.