تبذل المملكة جهوداً جبارة للمساهمة في حماية البيئة ومواردها الطبيعية والتاريخية ومواجهة التحديات البيئية. ويأتي ذلك ضمن خطتها لتحقيق رؤية 2030 ونظراً لأهمية تطوير المحميات الطبيعية لحماية البيئة الطبيعية والنباتية والحياة الفطرية وتنشيط السياحة البيئية. وفي إطار اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - بتحقيق الاستدامة البيئية للمملكة، صدر المرسوم الملكي الكريم رقم (47124) بتاريخ 17 رمضان 1439ه بإنشاء مجلس المحميات الملكية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، كما تم إنشاء الهيئات التي تتولى إدارة تلك المحميات وتنظيميًا وإشرافاً. ولقد اهتمت رؤية 2030 بالحفاظ على البيئة وحمايتها كما تسعى إلى تحقيق استدامة بيئية وذلك عبر إنشاء مجتمع حيوي، حيث تشكل البيئة ملاذاً آمناً لأهلها وللحياة الفطرية فيها، وقد أنشئت المحميات الطبيعية الملكية تحت إشراف مجلس المحميات الملكية عام 2018م، لحفظ الأنواع النباتية والحيوانية، ولتكون خزاناً وراثياً حياً للأنواع المتوطنة والهشة والمهددة بالانقراض. وتعد المناطق المحمية بالمملكة مناطق جغرافية محددة بوضوح، معترف بها، مخصصة وتدار من خلال آليات قانونية أو أخرى فعالة بهدف تحقيق صون الطبيعة وما يرافقها من خدمات النظم البيئية والقيم الثقافية ضمن أمد طويل، وتكمن الأهداف الرئيسة لإدارة المناطق المحمية تحقيق رؤية 2030 وفق مبادرة السعودية الخضراء بحماية 30 % من مساحة المملكة البرية والبحرية، كذلك المحافظة على الحياة الطبيعية والتنوع الأحيائي في المملكة مع تحقيق التزام المملكة باتفاقية التنوع الأحيائي وأهداف التنمية المستدامة.وتهدف الرؤية للمحميات بالمحافظة على التوازن البيئي واستعادة التنوع الأحيائي لخلق متنفس بيئي لجميع أفراد المجتمع. والرسالة التي تنطلق منها المحميات هي: خلق متنفس طبيعي غني بالثروات الطبيعية والتاريخية، ويسهم في تحسين جودة حياة الفرد والمجتمع. "دور رائد" وتلعب المملكة دوراً رائداً في تقليل آثار التغير المناخي والانبعاثات الكربونية، وبالنظر إلى مواردها وخبراتها الغنية في إدارة استقرار الطاقة عالمياً؛ حيث تعد المملكة مؤهلة لقيادة حقبة جديدة من العمل المناخي، والمساهمة بشكل كبير في الجهود العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية. والتزاما بالتعاون الدولي، تفخر المملكة العربية السعودية بالتوقيع على عدة مبادرات دولية لتثبت بأن العمل المناخي لا يعرف الحدود، ومن أبرز هذه المبادرات: التعاون مع التحالف العالمي للمحيطات: في أكتوبر 2021، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء؛ عن انضمام المملكة إلى التحالف العالمي للمحيطات، وهي منظمة دولية مكرسة للحفاظ على الحياة البحرية في المحيطات. ويتمثل الهدف الرئيس للتحالف في حماية 30 % على الأقل من محيطات العالم بحلول عام 2030، عبر التوسع في المناطق البحرية المحمية. كما أعلن سموه عن تأسيس مؤسسة استكشاف المحيط التي ستتولى مسؤولية إجراء الأبحاث واستكشاف محيطات العالم، وتندرج هذه المبادرات ضمن مساعي المملكة الأشمل لتغدو بلداً رائداً في الحفاظ على البيئة. "مجلس المحميات" ويعد مجلس المحميات الملكية، إحدى الجهات المسؤولة عن حماية وتطوير المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية، تأسس بموجب أمر ملكي بهدف تحديد التوجهات الاستراتيجية لمنظومة المحميات الملكية والحفاظ على مكوناتها البيئية والطبيعية، وإعادة توطين الحياة الفطرية فيها، وتعزيز سبل إنمائها وتنشيط السياحة البيئية، مع ضمان احتفاظ كل محمية بهويتها الخاصة. كما تم تأسيس هيئات تطوير المحميات الملكية التي تُعنى بإعداد الاستراتيجيات والخطط وجميع ما يتعلق بإدارة العمليات وتنفيذها. وسبق أن أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس المحميات الملكية - حفظه الله -، اعتماد مجلس المحميات الملكية والمستهدفات الإستراتيجية لعام 2030 للمحميات الملكية. وهذه المستهدفات تدعم الاستراتيجيات الشاملة للمحميات الملكية، وتركز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل. وتمثل المحميات الملكية وجهات متميزة للسياحة البيئية، وترسخ مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة، وبموجب هذه المستهدفات، ستقوم المحميات الملكية بحماية وإعادة توطين أكثر من 30 نوعاً من الحيوانات المحلية المعرضة للخطر والمهددة بالانقراض. ومن المتوقع أن تسهم هذه المستهدفات البيئية والسياحية في توفير العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للمجتمعات المحلية في المحميات الملكية. ومجلس المحميات الملكية تأسس بموجب أمر ملكي بهدف تحديد التوجهات الإستراتيجية لمنظومة المحميات الملكية والحفاظ على مكوناتها البيئية والطبيعية وإعادة توطين الحياة الفطرية فيها وتعزيز سبل إنمائها وتنشيط السياحة البيئية، مع ضمان احتفاظ كل محمية بهويتها الفريدة. كما تم تأسيس هيئات تطوير المحميات الملكية التي تُعنى بإعداد الاستراتيجيات والخطط وجميع ما يتعلق بإدارة العمليات وتنفيذها. "الحياة الفطرية" وتشغل المملكة العربية السعودية ثلثي مساحة شبه الجزيرة العربية والتي تمثل 2.000.000 كيلو متر مربع يحدها من الغرب البحر الأحمر ومن الشرق الخليج العربي. ولقد ساهم الموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية إضافة الى وجودها ضمن نطاقين من نطاقات الأقاليم الجغرافية الصحراوية (الإقليم الأوروبي الآسيوي والإقليم الأفريقي الاستوائي) في تباين المناخ والمكونات الأحيائية الذي بدوره ساهم في تعدد النظم البيئية والتنوع الاحيائي في المملكة. وتسود الغابات الشجرية النظم البيئية في المناطق الجبلية في المملكة وخاصة غابات العرعر المنتشرة بجبال السروات بالمنطقة الجنوبية الغربية المملكة والتي تنمو بها أنواع اخرى مثل بعض أشجار الطلح والزيتون البري وغيرها. وتحتوي هذه البيئات على أعلى معدلات التنوع الأحيائي في البيئات البرية السعودية بالإضافة إلى أهميتها البيئية في اجتذاب المطر والمحافظة على التربة. كما أنها تنتج بعض المنتجات مثل بعض الأعشاب الطبية والعطرية والمناحل وتوجد بها أهم المتنزهات الوطنية في عسير والطائف والباحة. وتتميز سلسلة جبال طويق في المنطقة الوسطى ومرتفعات المناطق الشمالية من المملكة بوعورتها الشديدة ووجود أنواع كثيرة من الحيوانات الفطرية في ربوعها أهمها الوعل النوبي وظبي الإدمي. ومن جهود المملكة في مجال المحافظة على تلك البيئات هو العمل على إعادة تأهيل المواقع الغابية المتدهورة خاصة في المنطقة الجنوبية الغربية بجبال السروات حيث تم إعادة النظام البيئي للعرعر بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة. «صحراء وبحر» وتشغل المراعي الطبيعية في المملكة مساحة 171 مليون هكتار تتوزع على جميع مناطق المملكة بنسب مختلفة معظمها يقع في المناطق التي تتلقى معدل هطول مطري أقل من 200 ملم / عام، ويقع الجزء الأكبر من مساحة مراعي المملكة في المنطقة الشمالية والشرقية والوسطى والجنوبية، كما أن مساحات واسعة منها توجد في المناطق الرملية المختلفة والسهول الحصوية والهضاب الصخرية وأكثر من ثلثي هذه المساحة يقع في المناطق التي تتلقى معدل هطول مطري يقل عن 100ملم / عام. ولذلك فإن معظم مراعي المملكة عبارة عن أعشاب وشجيرات صحراوية متفرقة قليلة الكثافة ونسبة تغطيتها لسطح الأرض قليلة وتتسم بانخفاض طاقتها الإنتاجية الرعوية وتذبذب الإنتاج من سنة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى حسب تذبذب كمية الأمطار ودرجة انتظام توزيعها حيث يكون معظم الإنتاج الرعوي خلال مواسم الأمطار. «النظم البيئية البحرية» يشكل أخدود البحر الأحمر ذي المجرى الضيق الذي يمتد بطول 2000 كم، واحداً من أعظم البحار الثانوية غير العادية في العالم. ويزداد أقصى عمق له عن 2500 م. وهو يتصل في الجنوب بالمحيط الهندي عبر مضيق باب المندب ويمتد إلى الشمال الشرقي مكوناً خليج العقبة، وإلى الشمال الغربي مكوناً خليج السويس الذي يتصل بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس. ويختلف البحر الأحمر عن غيره من البحار في كون مياهه جيدة الاختلاط بشكل يجعل درجة حرارته متساوية على مدى عمقه. وهو يعتبر أحد أعظم مستودعات التنوع الأحيائي البحري في العالم. ويشبه الخليج العربي البحر الأحمر في كونه ضيق المجرى، وهو يتصل بالمحيط الهندي عن طريق مضيق هرمز. يبلغ متوسط العمق فيه 35 متراً وأقصى عمق له لا يزيد عن 120 متراً. ويؤدي المعدل العالي للترسيب فيه إلى تعكير مياهه وخاصة مستوى نفاذية الضوء خلالها مما يشكل إجهاداً بيئياً مستمراً على الأحياء البيئية فيه. كما أن التنوع الأحيائي في الخليج العربي يحتوي على أنواع نباتية وحيوانية تتميز بكونها على درجة عالية من التكيف مع الظروف البيئية المتطرفة. كما يتميز الخليج العربي بكونه يضم تنوعاً كبيراً في النظم البيئية الساحلية والبحرية. «منظومة للحفظ» وحول منظومة المناطق المحمية فلقد تنوعت تدابير المحافظة على التنوع الاحيائي في المملكة العربية السعودية لتشمل كافة إجراءات المحافظة على عناصره ومكوناته في مواطنه الطبيعية والعمل على إنمائه بالصورة التي تضمن استمراره واستدامته للأجيال القادمة. ولقد استعانت المملكة في إجراء الدراسات والمسوحات الأحيائية والاجتماعية اللازمة لإعداد منظومة المناطق المحمية بخبرة الاتحاد العالمي لصون الطبيعة حيث قام خبراء من الاتحاد والهيئة عام 1991م بإعداد وثيقة «منظومة وطنية للمحافظة على الحياة الفطرية والتنمية الريفية المستدامة في المملكة العربية السعودية» التي تم على أساسها إقامة الشبكة المعلنة من المناطق المحمية حتى الآن في المملكة. وتتضمن المنظومة التي تم تحديثها مؤخرا وفقا للمستجدات البيئية اقتراح حماية 75 منطقة (منها 62 منطقة برية، 13 منطقة ساحلية وبحرية). وقد حرصت حكومة المملكة على إصدار أنظمة تحافظ على المناطق المحمية للحياة الفطرية، وتنظم صيد الحيوانات والطيور البرية؛ والاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها. ونستعرض هنا بعض الأنظمة والتشريعات للمحافظة على الحياة الفطرية في المملكة: عن النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية، فإن المملكة تولي الحياة تحت الماء اهتمامًا كبيرًا، فقد اعتمدت المملكة على استراتيجيات وسياسات تحد من العبث أو التهاون في المنظومة البحرية، وذلك من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على التنوع الأحيائي للمملكة عام 2005 الهادفة إلى ضمان المحافظة على التنوع الأحيائي وتنميته، كما اهتمت بدعم خطط دراسة الوضع الراهن للتنوع الأحيائي والتهديدات التي تواجهه وسبل المحافظة عليه وتنميته.