تحل الذكرى التاسعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- مقاليد الحكم، والمملكة تنتقل من نجاح إلى نجاح وتسجل قفزات نوعية في شتى القطاعات ومختلف المجالات، ليضاعف هذا التقدم والازدهار فرح واحتفاء السعوديين بهذه المناسبة الغالية في قلوبهم، وليجددوا عبر ذلك السرور بيعتهم له ملكا للبلاد منذ (3 ربيع الثاني 1436ه) الموافق 23 يناير 2015م، وليرددوا جميعاً (عاش سلمان ملكنا عاش سلمان)،إذ لم يألو سابع ملوك المملكة العربية السعودية بعد إعلان توحيدها عام 1932ه جهداً للمضي بهذه البلاد قدما نحو واقع ومستقبل مشرقين وإنجازات غير مسبوقة على كافة الأصعدة التنظيمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، مستعينا في ذلك المسعى بخبراته المكتسبة منذ صباه الذي تميز بقربه من والده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وبختمه القران كاملاً وهو في العاشرة من عمره، ومنذ تقلده إمارة منطقة الرياض وهو عقده الثاني من العمر لأكثر من خمسة عقود، وعبر شغله لمنصب وزارة الدفاع ثم ولاية العهد. وكانت الرؤية واضحة لدى ملك الحزم والعزم فباشر فور توليه مقاليد الحكم تطبيق ما تعلمه في حياته مستهلاً حكمه الميمون بتفعيل مبدأ الشفافية والحوكمة في مختلف الأعمال وتعديل جميع ما يتطلب التعديل لإزالة جميع المعوقات الروتينية التي تحول دون تحقيق التقدم والوصول للتنمية المستدامة التي تضمن الرفاهية والمعيشية الطيبة لكل فرد في المجتمع، عبر حزم الإصلاحات الهيكلية التي طالت كل القطاعات الحكومية دون استثناء، وعبر فتح الأبواب على مصراعيها للشبان والشابات وتمكينهم من شغل مناصب ومواقع قيادية في مختلف الوزارات والهيئات والإدارات، وعبر تطوير البنية التحتية اللازمة، وتهيئة البيئة الممكنة للقطاع العام والخاص وغير الربحي، وتميزت البدايات بتكثيف العمل على تطوير الأنظمة لمواكبة مستجدات العصر ومن ضمنها تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالميًّا من خلال مرجعياتٍ مؤسسيةٍ إجرائيةٍ وموضوعيةٍ واضحةٍ ومحددة، كما تميزت أيضاً بحرب شاملة ومستمرة على الفساد بمختلف صوره وأنواعه وعلى المفسدين أينما وجدوا، ويظهر النجاح المتحقق في تلك الحرب من خلال تجاوز مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال، تمثل 20 % من إجمالي الإيرادات غير النفطية للمملكة. لقد أظهرت النجاحات المتتالية التي شهدتها المملكة خلال السنوات التسع الماضية من حكم خادم الحرمين الشريفين -أيده الله وأمد في عمره- جديته ومصداقيته حين قال (إننا "نسعى لتطوير الحاضر وبناء المستقبل والمضي قدماً في التحديث")، تلك المصداقية والجدية ظهرت بوضوح خلال فترة جائحة كورونا إذ لم يسمح لذلك العارض الذي طالت سلبيته عموم دول العالم دون استثناء بالتأثير على خططه ومساعيه فحرص على توفير اللقاح للوقاية من فايروس كورونا وأتاحته للعموم دون استثناء وضمن استمرار الحياة وممارسة المهام والأعمال وضمن تحصين اقتصاد المملكة واستمرار سير برامجها التنموية ضمن جداولها الزمنية المقررة مسخراً لذلك كافة ما يتطلبه من جهد ومال. لقد نجح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- رغم كل الظروف المحيطة، ورغم الركود الاقتصادي العالمي بتحقيق قدر عال من الرفاهية للمواطن السعودي الذي ينعم بنعمة الأمن والاستقرار والعيش الرغيد والأمثلة في هذا الجانب كثيرة ومتعددة منها تحسين نظام الرعاية الصحية وتقديم خدمات طبية متطورة للمواطنين ومنها أيضاً ارتفاع نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن بنهاية عام 2022 إلى نحو 61 %، بينما بلغت نسبة المساكن المستأجرة المشغولة 29.7 % مع العلم بأن المملكة تهدف إلى زيادة نسبة التملك إلى 70 % بحلول عام 2030 ضمن مستهدفات برنامج الإسكان. ومن الدلائل أيضاً على ذلك انخفاض معدل البطالة لإجمالي السكان في السعودية إلى 4.9 % خلال الربع الثاني من 2023، بانخفاض 0.9 نقطة مئوية على أساس سنوي، و0.2 نقطة مئوية على أساس ربعي، وتراجع معدل البطالة للسعوديين 8.3 % في الربع الثاني من 2023، بانخفاض مقداره 0.2 نقطة مئوية عن الربع الأول من 2023، ومن تلك الأمثلة على جهوده في ذلك المنحى أيضاً أمره السامي مؤخراً والذي يقضي بزيادة الحد الأدنى الأساسي لاحتساب المعاش لمستحقي الضمان الاجتماعي من 1100 ريال إلى 1320 ريالاً واستمرار العمل ببرنامج حساب المواطن مع إتاحة استمرار التسجيل في برنامج حساب المواطن، واستمرار الدعم المالي الإضافي لمستفيدي برنامج حساب لمدة ثلاثة أشهر تستمر حتى دفعة شهر ديسمبر 2023م. ولم تقتصر إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- خلال الأعوام التسعة الماضية على مجال أو قطاع أو نشاط بل كانت شاملة ومعززة للمكانة القيادية الرفيعة التي تحتلها المملكة في طليعة الدول العربية والإسلامية وبين الدول على مستوى العالم ومحدثة طفرة إيجابية في النواحي الاقتصادية إذ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بالأسعار الجارية، التريليون دولار لأول مرة، بالغا بالأسعار الجارية 4.2 تريليونات ريال في عام 2022م نتيجة للإصلاحات الهيكلية التي تمت على الجانب الاقتصادي والمالي ونتيجة للمضي قدماً في استراتيجية تنويع مصادر الدخل التي بفضلها خرج الاقتصاد السعودي من دائرة الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد وأصبحت مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى رافداً مهماً يصب في الناتج المحلي، وتظهر النتائج المتحققة أن المملكة سائرة بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافها في ذلك الجانب والتي من بينها رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى حدود 65 % وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 %. كما يستهدف البرنامج زيادة تنمية استثمارات القطاع الخاص لتصل إلى 5 تريليونات ريال بحلول عام 2030. وحظيت المرأة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- باهتمام كبير ومكن لها الكثير من الأنشطة التي لم تكن متاحة أمامها كبدء بقيادة السيارة ومنحها حق الحصول على رخصة القيادة والمشاركة في الانتخابات وأن تشغل مناصب كبرى في الدولة السعودية و انخفضت معدلات بطالة المرأة حيث حقق معدل البطالة بين النساء السعوديات انخفاضًا ملحوظًا في الربع الرابع من عام 2022م ليصل إلى 15.4% مقارنة بالأعوام السابقة (2019 و2020 و2021م)، وذلك تزامنًا مع التوسع في المشاركة الاقتصادية للنساء وزيادة معدلات توظيفهن في مختلف المجالات،كما ارتفع معدل المشتغلات من النساء إلى السكان في الربع الرابع من عام 2022م ليصل إلى 30.4 %، مرتفعًا عما كان عليه في الربع الرابع من عام 2021م إذ كان المعدل 27.6 %، فيما بلغ معدل مشاركة النساء في سوق العمل 36 % مرتفعًا عما كان عليه في الربع الرابع من عام 2021م حيث كان 35.6 %، كما تزايدت مشاركة المرأة السعودية في العمل الحر، حيث وصل عدد وثائق العمل الحر الصادرة للنساء في عام 2021م (961,189) وهو أعلى عدد وثائق مشاركة في العمل الحر مقارنةً بالوثائق التي صدرت خلال عام 2020م حيث كانت (105,518) بينما في عام 2019م كان عدد وثائق العمل الحر (7,997)، و شهد سوق الأسهم إقبالًا كبيرًا من النساء في الآونة الأخيرة، حيث بلغ عدد المستثمرات السعوديات في سوق الأسهم في عام 2021م (1,516,995) وهو أعلى من العامين السابقين 2019 و2020م. وعمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله على توسعة ضخمة في الحرمين الشريفين وذلك من خلال تنفيذ مجموعة من المشاريع العمرانية التي تهدف إلى توسعة وتطوير ساحات وأنفاق وطرقات الحرمين الشريفين في مدينة مكةالمكرمة، بالإضافة إلى بناء محطات كهربائية ضخمة وبناء مولدات احتياطية ومخططات أخرى أدت إلى توسيع الحرمين الشريفين وبالتالي زيادة في عدد الحجاج الذين يمكن استقبالهم في الحرم في نفس الوقت ومن بين المشاريع الكبرى التي تخدم ضيوف الرحمن، توسعة الحرم المكي بتكلفة تجاوزت 200 مليار ريال (53 مليار دولار) كأكبر بناء في التاريخ، وإنشاء قطار الحرمين لتحسين تجربة ضيوف الرحمن للسفر والتنقل بتكلفة تقدر ب60 مليار ريال (16 مليار دولار)، وقد اختصر القطار المسافة بين مكةالمكرمة والمدينة المنورة لقرابة الساعتين، إضافة إلى تطوير مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة بأكثر من 64 مليار ريال (17 مليار دولار)، وتطوير المساجد التاريخية والأماكن الأثرية الإسلامية؛ بهدف خلق تجربة إيمانية ثرية لضيوف الرحمن بمختلف فئاتهم.