في اليوم الوطني السعودي نقف جميعًا أمام قصة وطنٍ صنع المجد ويجدده -ولله الحمد- منذ تكوين دولتنا الحبيبة، نحتفل بتاريخٍ مجيد وبمسيرة تنموية مبهرة وبطبعٍ أصيل هو جوهر عزتنا وبقيمنا الأصيلة، إن شعار هذا العام "عزنا بطبعنا" هو وصفٌ دقيق لسر النهضة السعودية، وفي هذا اليوم نستحضر قيم الأصالة والكرامة التي تميزنا كسعوديين مثل: الكرم والرحمة والعدل والنخوة، والتي نجعل منها بوصلة تقودنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا في كل مجالات الحياة، ولعل القطاع الصحي هو أوضح شاهد على امتداد طبعنا والصفات الاجتماعية لتصبح المبادئ الأخلاقية. القانون الطبي وأخلاقيات الطب في السعودية ليست مستوردة ولا دخيلة، بل مستندة إلى ديننا الإسلامي وقيمنا الأصيلة وقوانينا، وعندما نتحدث عن حماية حقوق المرضى، أو عن تنظيم العلاج بالخلايا الجذعية، أو عن الخصوصية في البيانات الطبية، فإننا لا نبحث عن هوية خارجية، بل ننطلق من طبعنا، من قيم العدل والرحمة والكرامة، إن ربط أخلاقيات الطب بطبعنا السعودي يجعل القطاع الصحي أكثر من مجرد مؤسسات علاجية بل منظومة قيمية تعكس عزتنا. في موسم الحج من كل عام نجسد في المملكة أعظم نموذج إنساني في رعاية البشر وتتحول أرضنا إلى أكبر مستشفى إنساني مفتوح في العالم يقدم خدماته المتقدمة لملايين الحجاج بلا مقابل وبكل احترافية وسلاسة، فعلى أرض المملكة تتحول الخدمة الصحية إلى رسالة أخلاقية تسبق كونها واجبًا طبيًا، إنها مدرسة سنوية إنسانية من قلب السعودية للعالم، فالخدمات التي تقدمها مملكتنا الحبيبة للحجاج وليس الصحية منها فقط هي شهادة على أن العز السعودي ينبع من الطبع ومن القيم قبل الإمكانات، وهي ذات القيم التي جعلت المملكة عوناً بعد الله لأسر الأطفال المولودين متلاصقين من حول العالم تجاوز عدد العمليات تسعًا وخمسين عملية ناجحة، فالطب السعودي رمزًا عالميًا للأمل والنخوة والإنسانية ويتجاوز حدود الجغرافيا، وهذه العمليات ليست مجرد إنجاز طبي متقدم بل هي تعبير عن طبعٍ سعودي يرى في إنقاذ الحياة رسالة وفي خدمة الإنسان وسامًا، وهكذا أصبحت الرياض عاصمة للرحمة الطبية الحقيقية، وهذه المبادرات الإنسانية شهادة على أن العز السعودي ينبع من الطبع قبل التقنية. وعند الكوارث الطبيعية والأوبئة والجائحة التي هزت العالم كانت الفزعة السعودية سباقة والطائرات السعودية من أوائل الواصلين محملة بالمستشفيات الميدانية والأطباء والأدوية، وهذا انعكاس طبيعي لطبعٍ سعودي أصيل يرى أن قيمة الإنسان فوق كل اعتبار وأن الفزعة واجب لا يؤخره زمان ولا مكان، وهي ذات الفطرة التي أنشأت مؤسسات سعودية كبرى مثل مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر السعودي التي برزت كرموز للعطاء والإنسانية حول العالم، وهي خير دليل على أن العز السعودي ينبع من الطبع قبل السياسة والقوانين والأعراف الدولية الإنسانية. هذه الأخلاق ليست حصراً على مواسم الحج والكوارث وليست من قبل المؤسسات والجهات الوطنية فقط بل نراها جلية حتى في السلوك الفردي مما يجعلنا أكثر فخراً ببلدنا الحبيب، فعندما يمد الطبيب يده للمريض أو تُتخذ قرارات علاجية حساسة نجد أن هذه القيم حاضرة في عمقها، فالرحمة تظهر في التعامل مع المريض ليس كحالة مرضية بل كإنسان كامل، والعدل في ضمان أن يحصل الجميع على رعاية صحية صحيحة دون تمييز، والكرامة في حماية خصوصية المريض وصون أسراره الطبية وإشراكه في الخطة العلاجية واحترامه كإنسان له رأي ومشاعر، والنخوة والمسؤولية تتجلى في المبادرة إلى إنقاذ الحياة وعدم ترك أحد وحيدًا في مواجهة مرضه وكذلك في إتقان العمل والإخلاص فيه وتقديم خدمات صحية متميزة. وحين نغرس هذه القيم في الممارسات الصحية فإننا لا نكتفي بتحقيق معايير الجودة والسلامة بل نصنع نموذجًا أخلاقيًا يمكن للعالم أن يستلهم منه، هنا يتحول الشعار "عزنا بطبعنا" من مجرد مقولة احتفالية إلى استراتيجية عملية في بناء إرث صحي سعودي يُصدّر القيم قبل التقنيات، إن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا القيادة الرشيدة التي جعلت صحة الإنسان وكرامته محورًا أساسيًا منذ بداية تكوين هذه الدولة وتجدد ذلك العهد في رؤية 2030، وهنا يتضح أكثر أن سر التميز والعز بعد الله لم يكن في الإمكانات المادية وحدها بل في الطبع الذي وجّهها وأعطاها قيمتها، فاليوم الوطني ليس مجرد ذكرى تاريخية بل مناسبة لتجديد العهد مع الوطن، وأنا كابنة لهذا الوطن أؤمن أن عزنا سيبقى راسخًا بطبعنا الأصيل الذي نُترجمه في كل ميدان: في الطب، في القانون، وفي خدمة الإنسان وغير ذلك من مجالات، عزنا بطبعنا، ومجدنا بعملنا، ومستقبلنا برؤيتنا.