طرح رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، مبادرة تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت إشراف دولي وإقليمي، مؤكداً أن البلاد دفعت ثمناً باهظاً نتيجة النزاع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأوضح إدريس أن المبادرة تقوم على إشراف الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية لضمان وقف شامل لإطلاق النار، إلى جانب نزع سلاح ما وصفها بالمليشيات المتمردة، وتنفيذ برامج التسريح وإعادة الإدماج للمقاتلين غير المدانين، بهدف دعم عودتهم إلى الحياة المدنية. وأضاف:"لا سلام بدون مساءلة". كما دعا إدريس إلى حوار سوداني داخلي خلال الفترة الانتقالية لوضع أسس الحكم، على أن تُختتم المرحلة الانتقالية بانتخابات عامة تحت رقابة دولية، مؤكداً أن المبادرة تمثل خياراً مدروساً لاستبدال الفوضى بالنظام والعنف بالقانون واليأس بالأمل، في وقت تتعرض فيه البلاد لما وصفه ب"عدوان من قبل مليشيا الدعم السريع وداعميها". تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع زيارة إدريس إلى نيويورك السبت للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ومسؤولين آخرين لمناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، في ظل احتدام المعارك جنوب كردفان وما رافقها من مخاوف من فظائع جديدة مشابهة لما حدث في الفاشر أواخر أكتوبر. وشهدت دارفور مؤخراً سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معاقل الجيش السوداني، مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية. وأكد مصدر حكومي، فضل عدم الكشف عن هويته، أن الاجتماعات في نيويورك تهدف لوضع حد للأزمة الإنسانية المتفاقمة وتسهيل وصول المساعدات للمتضررين. وعلى الصعيد الدبلوماسي، كشف مستشار رئيس الوزراء، محمد عبد القادر، أن الاجتماعات تركز على تخفيف المعاناة الإنسانية عن السودانيين، وتسهيل وصول المساعدات، مع التأكيد على الالتزام بخريطة الطريق التي سلمتها الحكومة للأمم المتحدة، والتي تشمل وقفاً لإطلاق النار مشروطاً بانسحاب «قوّات الدعم السريع» من المناطق والمدن التي تحتلها. وتجدّدت المساعي الدبلوماسية خلال الشهر الماضي بعد تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالعمل على إنهاء الصراع إثر لقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي طلب منه التدخل لحلحلة الوضع. كما أعرب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن استعداده للعمل مع ترمب لإنهاء النزاع، عقب محادثات في الرياض مع الأمير محمد بن سلمان. وتقوم السعودية، إلى جانب الولاياتالمتحدة والإمارات ومصر، بوساطة لحل الأزمة في السودان، وقد كثّفت الجهود الدبلوماسية في الأشهر الأخيرة. وقالت «قوّات الدعم السريع» إنها تؤيد الخطة الدولية لوقف إطلاق النار، غير أن المعارك مستمرة، لا سيما في مناطق كردفان، بينما حذرت مصر من أن تصعيد العنف عند حدودها الجنوبية يمس مباشرة الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومي السوداني.