كشف أحدث تقارير معهد المحاسبين القانونيين ICAEW للمستجدات الاقتصادية للربع الثالث، والذي أعدته مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس"، أنه من المتوقع أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي نمواً أقوى في عامي 2025 و2026، مع ارتفاع إنتاج النفط، وقوة أداء القطاعات غير النفطية، ومرونة الطلب المحلي، مما يعزز من الآفاق المستقبلية للمنطقة. ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4.1 % في عام 2025، أي ما يقارب ضعف وتيرة العام الماضي، قبل أن يتسارع إلى 4.6 % في عام 2026. ويعكس هذا المسار المكاسب النفطية وغير النفطية على حد سواء، مما يعزز قدرة المنطقة على الصمود في وجه التوترات التجارية العالمية، والضغوطات التي تفرضها الرسوم الجمركية، وانخفاض أسعار النفط. دول مجلس التعاون الخليجي: انتعاش النفط، ومرونة القطاعات غير النفطية، والتناقضات المالية أدت الزيادة الحادة في إنتاج النفط إلى رفع توقعات نمو قطاع الطاقة إلى 4.9 % في عام 2025، و6 % في عام 2026. ومن المتوقع أيضاً أن تتوسع القطاعات غير النفطية بنسبة 4 % في 2025، مدفوعة بأسواق العمل القوية، ونمو الائتمان، وجهود التنويع الاقتصادي المستمرة. وفي حين أنه من المتوقع أن يتباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي إلى 2.7 % في 2025، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي تحافظ على تفوقها. فقد ارتفعت صادرات المملكة العربية السعودية غير النفطية بنسبة 16.5 %على أساس سنوي في النصف الأول من العام، بينما سجلت الإمارات العربية المتحدة ارتفاعاً بما يقارب 45 % على أساس سنوي، مما يؤكد الدور المتنامي للمنطقة على خريطة التجارة العالمية. وتبقى الأوضاع المالية متباينة؛ إذ من المتوقع أن تسجل ميزانيات السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عُمان عجزاً مالياً، بينما من المتوقع أن تحافظ قطروالإمارات على فوائضهما المالية. ومن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم الرئيسي في دول مجلس التعاون الخليجي 2.1% في عام 2025، وأن يرتفع بشكل معتدل إلى 2.6% في عام 2026. من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي للكويت بنسبة 4 % في عام 2025، مدفوعاً بتوسع في قطاع النفط بنسبة 7 %. والأهم من ذلك، أن إقرار قانون جديد للدين قد أنهى سنوات من الجمود السياسي، مما يمنح الحكومة مرونة مالية أكبر لتمويل الاستثمار وتحقيق استقرار المالية العامة. ويمثل هذا الإصلاح خطوة مهمة في استدامة النمو، مع تمكين التنويع الاقتصادي على المدى الطويل. وفي قطر يعزز توسع الغاز الطبيعي المسال النمو على المدى المتوسط من المتوقع أن ينمو اقتصاد قطر بنسبة 2.7 % في عام 2025، قبل أن يتسارع إلى 4.8 % في عام 2026 مع توسع مشاريع الغاز الطبيعي المسال في حقل الشمال، مما سيعزز بشكل كبير الطاقة الإنتاجية والفوائض المالية. في الوقت نفسه، من المتوقع أن ينمو اقتصاد المملكة العربية السعودية بنسبة 4.2 %، مع استدامة القطاعات غير النفطية لنمو سنوي يبلغ حوالي 5 %، مدفوعاً بقطاعات الإنشاءات، والتجارة، والخدمات المالية. وتُظهر هذه الديناميكيات مجتمعة كيف يرسم زخم النمو غير النفطي ملامح التوقعات الاقتصادية الأوسع لدول مجلس التعاون الخليجي. إلى جانب النفط، تواصل أكبر اقتصادات المنطقة إظهار دور التنويع في الحفاظ على المرونة. فمن المتوقع أن ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1 % في عام 2025، مع ارتفاع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.7 %، ليمثل الآن 77 % من إجمالي الناتج المحلي. وقالت هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: "تُظهر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي أن التنويع الاقتصادي يتجاوز حدود السياسات الموضوعة، بلا عاملاً محورياً يعزز المرونة ويمكن قياس نتائجه. ومع دعم القطاعات غير النفطية لزخم النمو في السعودية، وإسهامها في معظم إجمالي الناتج المحلي في الإمارات، إلى جانب الإصلاحات المالية في الكويت، تُحوّل المنطقة بنجاح التحديات العالمية إلى فرصٍ للنمو والازدهار". وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط: "تمضي دول مجلس التعاون الخليجي قدماً في التعافي من تخفيضات إنتاج النفط، وكذلك تُعيد صياغة نموذجها للنمو. وفي حين أن الإصلاحات المالية في الكويت، وتوسع قطر في إنتاج الغاز الطبيعي المسال يُعززان الثقة على المدى المتوسط، إلا أن التصعيدات الجيوسياسية الأخيرة المتعلقة بقطر، واعتراف قادة دول الخليج بحقها في الرد، تُضيف بعض الشكوك إلى التوقعات على المدى القريب. ومع ذلك، فإن مزيج الإصلاحات في المنطقة، ونمو الطاقة، والتنويع القوي في القطاعات غير النفطية، يُمكّنها من التفوق على نظيراتها العالمية.