كشف أحدث تقارير معهد المحاسبين القانونيين ICAEW للمستجدات الاقتصادية للربع الثاني، والذي أعدته مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس"، أنه من المرتقب أن تشهد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نمواً أقوى من المتوقع هذا العام، على الرغم من تصاعد التوترات التجارية العالمية، وانخفاض أسعار النفط، ويُسلط التقرير الضوء على التوقعات الإقليمية المعدّلة، إذ من المتوقع الآن أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4.4 % في عام 2025، بزيادة عن تقدير سابق نسبته 4.0 %. في حين تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي إلى 2.4 % -وهي الوتيرة الأبطأ منذ عام 2020- إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي بعيدة عن هذا الاتجاه. ويعود ذلك إلى التراجع السريع عن تخفيضات إنتاج أوبك+، مما رفع توقعات نمو قطاع النفط من 3.2 % في مارس إلى 4.5 %. وبالرغم من ذلك، ومع توقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 67.3 دولارا أميركيا للبرميل في 2025، تواجه المنطقة ضغوطاً مالية متزايدة. فمن المرجّح أن تحافظ قطروالإمارات فقط على فوائض مالية في عام 2025، مما يُبرز تحدي الموازنة بين طموحات النمو وقيود الميزانية. ومن المتوقع أن يكون تأثير الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 10 % على الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي محدوداً، نظراً لضعف ارتباط صادرات المنطقة بالولايات المتحدة، وإعفاء منتجات الطاقة. ويُتوقع أن تنمو القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4.1 % هذا العام، مدعومة بالطلب المحلي القوي، وزخم الاستثمار، ومبادرات التنويع. كما تتمتع المنطقة بوضع ملائم لاستيعاب أي إعادة توازن تجاري ناتجة عن تداعيات الرسوم الجمركية، والتوترات الجيوسياسية. ديناميكية القطاع غير النفطي بالسعودية من المتوقع الآن أن ينمو الاقتصاد النفطي في المملكة العربية السعودية بنسبة 5.2 % في 2025، بارتفاع هائل عن نسبة 1.9 % المتوقعة في مارس، مما يعكس تأثيرات زيادة الإنتاج الزخم في قطاع النفط. ويبلغ متوسط الإنتاج 9.7 ملايين برميل يومياً، بينما تواصل القطاعات غير النفطية التوسع، وعلى رأسها الإنشاءات والتجارة. وفي الربع الأول، بلغ النمو 3.4 % على أساس سنوي، مدفوعاً بتوسع النشاطات غير النفطية بنسبة 4.9 %، وبما يتماشى مع توقعات النمو غير النفطي للعام بأكمله بنسبة 5.3 %. وأدى إعادة تحديد أساس الحسابات إلى تعزيز حصة القطاع غير النفطي في إجمالي الناتج المحلي، مما عزز جهود المملكة في تنويع اقتصادها. ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى اتساع العجز المالي إلى 3.4 % من إجمالي الناتج المحلي. ومع انخفاض عائدات النفط بنسبة 18 % على أساس سنوي في الربع الأول، واستمرار ارتفاع الإنفاق، من المتوقع أن تتجاوز نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي في المملكة نحو 30 % في عام 2025. وعلى الرغم من المخاطر، لا تزال معنويات المستثمرين إيجابية، حيث رفعت وكالة "ستاندرد أند بورز" مؤخراً التصنيف الائتماني للمملكة إلى A+. من المتوقع أن ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1 % في 2025، مدفوعاً بانتعاش إنتاج النفط، وارتفاع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.7 %، بالإضافة إلى تعميق العلاقات التجارية وتحسين الوصول إلى الأسواق. ولا تزال السياحة محركاً رئيساً للنمو، حيث من المتوقع أن يسهم إنفاق الزوار الدوليين بنحو 13 % في إجمالي الناتج المحلي للعام 2025. وفي الربع الأول، استقبلت دبي 5.3 ملايين زائر دولي، بزيادة قدرها 3 % على أساس سنوي، مما يدعم مكانتها كمركز سياحي رائد تماشياً مع أجندة دبي الاقتصادية D33. كما تُغذي الاستثمارات الاستراتيجية هذا الزخم، بما في ذلك خط أنابيب استثماري بقيمة 1.4 تريليون دولار أميركي، وشراكات جديدة تركز على الذكاء الاصطناعي عقب زيارة الرئيس ترمب في مايو. ومن المتوقع أن يبلغ التضخم 2.5 % في 2025، مدفوعاً بارتفاع تكاليف السكن. وبينما من المرجح أن يؤدي ارتفاع الرسوم الجمركية إلى كبح التضخم العالمي، فإن ضعف الدولار الأميركي قد يدفع أسعار الواردات إلى الارتفاع في الإمارات -وخاصة من شركاء تجاريين غير متعاملين بالدولار-، مما يُعوّض بعض التأثيرات الانكماشية. وقالت هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: "تُظهر اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي قدرةً ملحوظةً على التكيف مع الديناميكيات المتغيرة على صعيد التجارة العالمية. وتُواصل الاستثمارات في السياحة والتكنولوجيا والبنية التحتية جني ثمارها، مما يعزز من المرونة، ويمهّد الطريق نحو النمو على المدى الطويل". وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط: "قمنا بتعديل توقعاتنا لدول مجلس التعاون الخليجي نظراً لتسارع وتيرة زيادات إنتاج أوبك+، واستمرار زخم القطاعات غير النفطية في اقتصادات رئيسة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وبينما قد تُشكّل حالة عدم اليقين والتحولات التجارية ضغوطاً على السياسة المالية، يُتوقع أن يواصل الاقتصادان الرئيسان في المنطقة إحراز تقدم في التنويع الاقتصادي، وجذب رؤوس الأموال العالمية بوتيرة متسارعة".