في اليوم الوطني ال95 تقف المملكة العربية السعودية في قلب معادلات الشرق الأوسط كقوة محورية تمسك بزمام الأمور، تقود تحولات كبرى وتدفع بقوة نحو ترسيخ السلام والاستقرار، والمجتمع الدولي يضع ثقته الكبيرة في عاصمة السلام «الرياض»، والمراقب للمشهد السياسي الإقليمي والدولي يرى المملكة وهي تقود زخم سلام لا يُقهر على صعيد عدد من الملفات السياسية، وفي مقدمتها ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال حل الدولتين، وكذلك الملف السوري الذي يحقق تقدمًا كبيرًا نحو تأسيس دولة ذات وحدة وسيادة كاملة تقود البلاد إلى عصر ذهبي من التنمية والازدهار والرخاء، ومن يتابع تطورات الشرق الأوسط اليوم سيلاحظ تناميًا واضحًا في انخراط المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في الميدان الدبلوماسي لتحقيق الاستقرار والسلام، وقد أثبتت القيادة السعودية من عاصمة السلام -الرياض- أن رؤيتها الاستراتيجية لمنظومة الأمن في الشرق الأوسط تقوم على مرتكزات راسخة، تستحضر الحقائق الجيوسياسية وتستلهم دروس التاريخ، ونتيجة تلك الرؤية الواعية والمنضبطة، تؤمن القيادة السعودية عبر عقود طويلة بأن مكامن القوة هي في وحدة الصف واجتماع الكلمة، بعيدًا عن الارتهان للمشاريع الأيديولوجية أو الوظيفية التي تورث الفرقة والوهن. اليوم الوطني ال95 هو يوم القضية الفلسطينية والدولة السورية باقتدار، هو يوم الشرق الأوسط لا خلاف ولا جدال، بعد أن أبهرت الرياض العالم من خلال حشد المجتمع الدولي نحوا اجتماع الكلمة وتوحيد الصف لإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق تسوية عادلة ودائمة للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. تلك التسوية التي ترتكز على التنفيذ الفعّال لحلّ الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني وجميع شعوب المنطقة، ويمكن وصف تحركات السعودية الأخيرة في الشأن الفلسطيني بمثابة «دورة تدريبية متقدمة في الدبلوماسية» توفر فرصة حقيقية للسلام في الشرق الأوسط. حل الدولتين بدأ سعي القيادة السعودية الحالي بحثّ المزيد من الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر 2024، عندما أعلنت السعودية -بالاشتراك مع النرويج- عن إطلاق "التحالف العالمي لتطبيق حل الدولتين"، وعقدت أول اجتماعين له في الرياض -عاصمة الحل-، واليوم وسط قيادة سعودية فرنسية، تصوت الأممالمتحدة بأغلبية 142 صوتًا مقابل 10 لدعم "إعلان نيويورك" الداعم للاعتراف بدولة فلسطين، وتطبيق حل الدولتين، إن هذا الإعلان هو وثيقة تم الاتفاق عليها في مؤتمر دولي رفيع المستوى عُقد في نيويورك برعاية مشتركَة بين السعودية وفرنسا، وكان هدفها إطلاق مسار تنفيذي واضح وملموس لتنفيذ حل الدولتين، بما في ذلك إقدام خطوات عاجلة محددة زمنيًا ولا رجعة عنها ،لإنهاء النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وفي هذا السياق قال الرئيس الفرنسي ماكرون: "نعمل مع المملكة العربية السعودية وجميع شركائها في نيويورك لجعل خطة السلام هذه حقيقة واقعة في مؤتمر حل الدولتين.. إننا نرسم مع القيادة السعودية مسار السلام في الشرق الأوسط وهذا المسار لا رجعة فيه"، ولم تكن تلك القمة في نيويورك تكرارًا للمبادرات السابقة، بل كانت إعلانًا سياسيًا موحدًا لإعادة تعريف إطار التفاوض وإرساء توازن قوى سياسي وقانوني جديد، وقد مثّلت هذه القمة معارضة مباشرة لسياسات إسرائيل، التي فككت ديناميكيات المنطقة السابقة باستخدام القوة والتجويع والتهجير القسري. القضية الفلسطينية لم تتوقف جهود القيادة السعودية في مسار القضية الفلسطينية عند حد حشد الدول نحو الاعتراف بحل الدولتين فقط، وإنما تخطى ذلك إلى اتخاذ إجراءات عملية للضغط على إسرائيل، وفي هذا الصدد أعلن رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز: "حظر شراء وبيع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية لإسرائيل. كما ستمنع إسبانيا السفن التي تحمل وقودًا للجيش الإسرائيلي من الرسو في موانئها، وتمنع الطائرات التي تنقل مواد دفاعية من دخول مجالها الجوي، وكذلك دخول الأفراد "المتورطين بشكل مباشر في الإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب" في غزة، وهو قيد قد ينطبق على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته"، والقضية الفلسطينية كانت حاضرة في كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشورى في دورته التاسعة للسنة الثانية، حيث قال سموه -حفظه الله-: "لقد أثمرت جهود المملكة المكثفة في تزايد عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، وما حققه المؤتمر الدولي لتنفيذ حل الدولتين في نيويورك من حشد لم يسبق له مثيل يعزز التوافق الدولي من أجل تنفيذ هذه المبادرة. وإذ نشكر كل الشركاء الإقليميين والدوليين المشاركين على إسهاماتهم الإنسانية الفعالة، نكرر الدعوة للدول الأخرى للمشاركة في هذه المرحلة". الملف السوري وأما على صعيد الملف السوري سيشهد التاريخ بأن المملكة العربية السعودية في ذكرى يومها الوطني ال95 دفعت بكل إمكاناتها وقدراتها وعلاقاتها ونفوذها لتعزيز الوحدة الداخلية وتأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي على أرض سورية الشقيقة، وفي هذا السياق تمكن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من تحقيق ما كان في تقدير الجميع أمرًا مستحيلاً وصعب المنال عندما استطاع الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض لرفع العقوبات لدعم الاقتصاد السوري، وفي هذا المقام قال ترمب إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شجعه على رفع العقوبات، ودفعت الكارثة الإنسانية والأهمية الجيوسياسية لسورية، في قلب توازن القوى الإقليمي، المملكة العربية السعودية إلى التحرك بحزم لدفع المشهد السوري إلى مستقبل مشرق، وتستند جهود القيادة السعودية إلى منع المزيد من التدهور الأمني ذي التداعيات الإقليمية، وملء فراغ السلطة لضمان الاستقرار والرفاه للشعب السوري الشقيق، ويُبرز النهج الاستباقي للمملكة أهمية القيادة العربية وجدواها في تشكيل مستقبل سورية وضمان الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل، كما يمكن اعتبار هذه السياسة براغماتية، في توازن المصالح الأمنية الإقليمية والواقع السياسي، ويشير هذا إلى استراتيجية أوسع نطاقًا لإحياء العلاقات وإعادة ترسيخ النفوذ العربي ضمن رؤية القيادة في المملكة العربية السعودية. إعادة الثقة في قصر الشعب بدمشق عقد أول مؤتمر استثماري رئيس بين سورية والسعودية، ووقعتا 47 اتفاقية بقيمة 24 مليار ريال. وفي هذا الشأن صرح وزير الاستثمار السعودي بأن ولي العهد يهدف إلى إعادة الثقة إلى الاقتصاد السوري من أجل جذب مستثمرين عالميين إلى سورية، كما وقّع الصندوق السعودي للتنمية مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة السورية، تتضمن الاتفاقية إرسال السعودية 1.6 مليون برميل من النفط إلى سورية لتقليص النقص الحاد في موارد الطاقة الملحة، تلك الجهود من قبل القيادة السعودية تساهم بشكل فعال في دعم الحكومة السورية لتحقيق الأمن والاستقرار وبسط السيادة على كامل التراب السوري. في كل يوم للوطن سوف نستعرض بكل فخر واعتزاز الشواهد والوقائع التي تثبت عامًا بعد عام بأن المملكة العربية السعودية هي الدولة الأكثر موثوقية عندما يتعلق الأمر بوساطات السلام بين الدول المتنازعة. القيادة السعودية عبر تاريخها المجيد كانت وما زالت على استعداد تام لاستخدام قدراتها وإمكاناتها لدفع عجلة السلام ومنع الصراعات السياسية والعسكرية؛ لأن الأمن والسلام والتنمية المستدامة مشروع سعودي باقتدار.