برنامج التحول الوطني يُطلق تقرير إنجازاته حتى نهاية عام 2024    تشكيل لجنة للابتكار والإبداع وإدارة المعرفة بديوان المظالم    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    جائزة الشارقة للاتصال الحكومي تحول القوة الناعمة إلى ميدان ابتكار وتنافس عالمي    أمير تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الأربعاء القادم    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"من كوت ديفوار    وحيد عوض بطل المملكة لكمال الأجسام لعام 2025    منتدى حائل للاستثمار 2025.. انطلاقة تنموية يقودها حزمة مبادرات لتغيير المشهد الاقتصادي للمنطقة    نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    سمو أمير المنطقة الشرقية يفتتح " مشروع أرينا الخبر "    الإحصاء تنشر إحصاءات النقل الجوي 2024    الأهلي يُعلن بقاء يايسله لنهاية عقده    الهيئة السعودية للمياه تُعفي بعض المخالفين من الغرامات المالية    من أعلام جازان.. الشيخ علي بن ناشب بن يحيى شراحيلي    "الأرصاد" تحذر من تدنٍ في مدى الرؤية بمعظم مناطق المملكة    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    سمو ولي العهد يعزي رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية في وفاة رئيس الجمهورية الأسبق    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "الداخلية" تحذر من حملات الحج الوهمية    تستهدف طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة .. التعليم: اختبارات «نافس» في 8 مدارس سعودية بالخارج    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    ترمب.. الأمريكي المختلف!    ترمب يؤكد التواصل مع الرئيسين لوقف الحرب.. الكرملين يربط لقاء بوتين وزيلينسكي بالتوصل لاتفاقيات    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    في ختام الجولة 32 من دوري روشن.. الأهلي يقسو على الخلود.. والأخدود على شفا الهبوط    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    25 موهوبًا سعوديًا يتدربون في فنون المسرح بلندن    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي    تدشين خدمة الزائرين وضيوف الرحمن بالذكاء الاصطناعي    إطلاق النسخة التجريبية الأكبر لمشروع الذكاء الاصطناعي بالمسجد النبوي    حصر الحراسات الأمنية في 8 أنشطة على وقت العمل    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ستة أشهر مع انحسار التوترات التجارية    أباتشي الهلال تحتفل باللقب أمام الاتحاد    أخضر الصالات يتجاوز الكويت ودياً    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    بالاس يقهر السيتي ويتوج بلقبه الأول    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الخلود    انفجار قنبلة بالقرب من مركز للصحة الإنجابية في كاليفورنيا ومقتل شخص    نحو تحرير السوق العقاري    المملكة تجدد رفض تهجير الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية على سورية    فرع الشؤون الإسلامية بالشرقية يعلن جاهزيته لتنفيذ خطة الحج    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    تضارب في النصر بشأن مصير رونالدو    "شؤون المسجد النبوي" تدشّن "المساعد الذكي الإثرائي"    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    قمة بغداد: تنديد بالحرب والحصار في غزة وعباس يدعو لنزع سلاح حماس    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية وأميركا.. اختبار التوازنات الكبرى
نشر في الرياض يوم 15 - 05 - 2025

الاعتراف ضرورة سياسية وأخلاقية في وجه الازدواجية الدولية
زيارة ترمب للمملكة تتويج لتحولات استراتيجية
الاعتراف لا يعني فرض حل سياسي نهائي بل تمهيد وضمانة أساسية لتوازن القوى
لطالما مثّلت القضية الفلسطينية مرآة مكبّرة لتناقضات النظام الدولي، من حيث تطبيقه الانتقائي لمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان. فبينما تؤكد مواثيق الأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها، لا يزال الفلسطينيون، بعد أكثر من سبعة عقود من النكبة، محرومين من أبسط مظاهر السيادة، يخضعون لاحتلال عسكري هو الأطول في التاريخ الحديث. في هذا السياق، لم يعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية مجرد مطالبة رمزية أو حتى قانونية، بل أصبح ضرورة سياسية وأخلاقية ملحّة، تعكس مدى التزام المجتمع الدولي بالقيم التي يدّعي الدفاع عنها.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمثل المدخل الحقيقي لإرساء قواعد جديدة في الشرق الأوسط، قواعد تعيد الاعتبار للعدالة الدولية، وتحاصر منطق الهيمنة. ففي ظل الانحياز الدولي المستمر لإسرائيل، والذي تجلّى بأوضح صوره في الحماية السياسية التي توفّرها لها بعض القوى الكبرى في مجلس الأمن، تشعر الشعوب العربية، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، بأن النظام الدولي فاقد للمصداقية، وأن معايير الشرعية الدولية تطبّق على أساس المصالح لا المبادئ. هذا الشعور العميق بالظلم والإحباط لا يولد فقط نقمة سياسية، بل يغذي التطرف، ويقوّض فرص الحلول السلمية.
فلسطين تطرق أبواب الشرعية
الاعتراف لا يعني فرض حل سياسي نهائي، بل هو تمهيد لذلك الحل، وضمانة أساسية لتوازن القوى في أي عملية تفاوضية مستقبلية. فطالما بقيت إسرائيل تتمتع بوضع دولة كاملة السيادة، في حين يُنظر إلى الفلسطينيين كطرف "تحت الاختبار"، ستظل المفاوضات منحازة من حيث الجوهر، وسيفتقد أي مسار تفاوضي الحد الأدنى من التوازن الضروري لنجاحه. لذلك، فإن الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية مستقلة هو تصحيح لمسار تفاوضي غير عادل منذ بدايته، وإقرار بأن الحل العادل لا يمكن أن يُبنى على أساس اختلال جذري في موازين الشرعية.
إن الاستمرار في تجاهل حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم يشكّل تقويضًا دائمًا لفكرة حل الدولتين التي يروّج لها المجتمع الدولي. فكيف يمكن الترويج لهذا الحل دون الاعتراف المسبق بحق الطرف الفلسطيني في إقامة دولته؟ وكيف يمكن إقناع الفلسطينيين بالانخراط في مسار سياسي وهم لا يحظون حتى باعتراف بوجودهم ككيان مستقل؟ من هنا، يبدو الاعتراف وكأنه شرط مسبق لأي تسوية سياسية جادة، وليس مجرد خطوة لاحقة لها.
الاعتراف المتأخر حق لا منة
ولا يمكن فصل هذه المسألة عن التحولات العميقة التي يشهدها العالم، والتي أعادت ترتيب أولويات التحالفات والقوى الدولية. ففي ظل تصاعد الدور الصيني والروسي، وتزايد النفوذ الإقليمي لقوى مثل تركيا وإيران، باتت المنطقة العربية بأكملها ساحة تنافس استراتيجي. ومن هذا المنظور، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يشكّل فقط تصحيحًا لظلم تاريخي، بل يمكن أن يكون عنصر استقرار في معادلة دولية مضطربة، خاصة إذا ما جاء في إطار تحالف دولي واسع يضم أطرافًا شرقية وغربية.
ومع موعد القمة السعودية الأميركية، تتجه الأنظار إلى إمكانية طرح ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر ضمن جدول أعمال القمة، باعتباره أحد المفاتيح المركزية لإعادة التوازن في الشرق الأوسط. هذه القمة تأتي في ظل بيئة إقليمية شديدة التعقيد، حيث تتقاطع فيها ملفات الأمن والطاقة والتطبيع والتقارب مع الصين وروسيا، ما يجعل من قضية فلسطين عنصرًا حاسمًا في اختبار صدقية التحالفات وقدرتها على الصمود في وجه المتغيرات.
دولة تحت الانتظار الدولي
المملكة العربية السعودية، التي أعادت صياغة دورها الإقليمي في العقد الأخير، في موقع متقدم للدفع نحو تحرك دولي جاد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، خصوصًا بعد أن أظهرت دبلوماسية عالية في إدارة ملفات عدة، من اليمن إلى سوريا، ومن إيران إلى التطبيع مع إسرائيل. لكنّ السعودية، رغم هذا الانفتاح، حافظت على ثبات موقفها إزاء القضية الفلسطينية، حيث أكدت مرارًا أن أي تطبيع مع إسرائيل لا يمكن أن يتم دون قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وفقًا لمبادرة السلام العربية.
في المقابل، لا تزال الولايات المتحدة، رغم التصريحات المتكررة عن دعم حل الدولتين، تتردد في اتخاذ خطوة حاسمة تجاه الاعتراف بفلسطين. وهو تردد يرتبط بجملة من العوامل، أبرزها الضغوط السياسية الداخلية، وتوازنات العلاقات مع إسرائيل، وخشية واشنطن من فقدان نفوذها التقليدي إذا ما اصطدمت بإرادة إسرائيلية رافضة. إلا أن المتغيرات الراهنة، خصوصًا في ظل التقارب السعودي مع الصين والحديث المتزايد عن تحالفات جديدة في المنطقة، قد تفرض على واشنطن إعادة النظر في أولوياتها، وتقديم تنازلات سياسية مقابل الحفاظ على شراكتها الاستراتيجية مع الرياض.
صوت فلسطين
إن طرح ملف الاعتراف بفلسطين في القمة لا يعني بالضرورة الوصول إلى اتفاق نهائي بشأنه، لكنه يفتح الباب أمام نقاش سياسي عميق، يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية في الحسابات الدولية، ويمنح القيادة السعودية ورقة ضغط إضافية في تعاملها مع واشنطن. كما أن هذا الطرح سيبعث برسائل واضحة إلى الدول الأوروبية، التي بدأت بالفعل تميل تدريجيًا نحو الاعتراف، كما هو الحال في إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا، والتي يمكن أن تشكّل كتلة ضغط دولية داعمة إذا ما حظيت بتأييد عربي موحد.
من جهة أخرى، فإن القمة قد تشكّل فرصة لمراجعة الموقف العربي الجماعي من ملف الاعتراف، خصوصًا في ظل التباين الحاصل بين دول بدأت تتجه نحو التطبيع الثنائي مع إسرائيل، وأخرى لا تزال ترفض ذلك دون تحقيق الحقوق الفلسطينية. وهنا تبرز أهمية أن تلعب السعودية دور القيادة في توحيد هذا الموقف، وجعل الاعتراف بالدولة الفلسطينية أولوية لا يمكن تجاوزها في أي ترتيبات سياسية مستقبلية. فالمسألة هنا لا تتعلق فقط بفلسطين، بل بمصداقية النظام الإقليمي العربي وقدرته على فرض شروطه في مواجهة التحولات الدولية.
السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق دون إنهاء جذور الصراع، وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. هذا الاحتلال، الذي لم يواجه حتى الآن أي عقوبة دولية حقيقية، يشكّل مصدرًا دائمًا للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، ويُستخدم كمبرر في العديد من النزاعات والصراعات، سواء في الداخل الفلسطيني أو على المستوى الإقليمي الأوسع. لذلك فإن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لا يجب أن يُنظر إليه كامتياز سياسي يُمنح للفلسطينيين، بل كضرورة استراتيجية لضمان الأمن الإقليمي والدولي.
سيادة مؤجلة
إن غياب الدولة الفلسطينية المستقلة يجعل من مفهوم "السلام" مجرّد شعار، ويحول دون بناء مؤسسات وطنية فاعلة يمكنها أن تضمن الأمن والتنمية. كما أن هذا الغياب يضعف السلطة الفلسطينية ويمنح الأطراف المتشددة فرصة للتمدد والتأثير، مستغلة الفراغ السياسي والشرعي. لقد أثبتت التجربة أن غياب الأفق السياسي يدفع شرائح واسعة من الشباب الفلسطيني نحو خيارات اليأس، وهو ما يستثمره المتطرفون لترسيخ ثقافة العنف ورفض الحلول السلمية.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمكن أن يشكّل نقطة انطلاق لإعادة بناء ثقة الشعوب في إمكانية التغيير السلمي، وفي فعالية القانون الدولي. كما أنه سيعطي دفعًا للمجتمع المدني الفلسطيني والمؤسسات الوطنية للعمل على بناء دولة حقيقية، قادرة على تلبية احتياجات شعبها، والتفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي. ومن شأن هذا المسار أن يسهم في خفض التوترات وفتح الطريق أمام مشاريع التعاون الإقليمي في مجالات حيوية كالمياه والطاقة والنقل.
الدولة القادمة ولا يمكن إغفال أن قيام دولة فلسطينية مستقلة سيعيد الاعتبار لمبادئ النظام الدولي، وسيسهم في ترميم شرعية الأمم المتحدة التي تضررت بفعل عجزها عن إنفاذ قراراتها بشأن القضية الفلسطينية. كما أن الاعتراف سيضع حدًا لاستخدام القضية الفلسطينية كورقة سياسية من قبل بعض الأنظمة أو القوى الدولية، ويعيدها إلى سياقها الطبيعي كقضية حقوقية وإنسانية عادلة.
دبلوماسية الاعتراف
وفي المحصلة، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرّد خطوة رمزية، بل هو أساس لأي منظومة استقرار في الشرق الأوسط. هو اعتراف بحقيقة تاريخية، وعدالة أخلاقية، وضرورة سياسية. من دونه، ستبقى المنطقة رهينة صراعات لا تنتهي، وستظل فرص السلام الحقيقي بعيدة المنال. لذا، فإن المجتمع الدولي، وفي مقدّمه القوى الكبرى، مدعو اليوم لاتخاذ موقف شجاع وواضح، ينحاز إلى العدالة والكرامة، ويمنح الفلسطينيين ما يستحقونه: دولة حرة، مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
تهدئة إقليمية وانفتاح عالمي
أكد د. غسان الخطيب، أستاذ العلاقات الدولية وعضو مجلس الأمناء في جامعة بيرزيت، وكنت سابقا وزير عمل ووزير تخطيط في الحكومة الفلسطينية حول الزيارة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة العربية السعودية في الثالث عشر من أيار بأنها: محطة مهمة في العلاقات الثنائية، وتأتي تتويجًا لسلسلة من السياسات الجديدة التي انتهجتها السعودية في السنوات الاخيرة على المستويين الإقليمي والدولي. فالزيارة لا تكتفي بإبراز مكانة المملكة المتقدمة في المنطقة، بل تعكس كذلك التحولات الجذرية في توجهاتها ومكانتها الدبلوماسية، والتي تقوم على التهدئة الإقليمية والانفتاح العالمي.
وأضاف على الصعيد الإقليمي، اتجهت المملكة في السنوات الأخيرة إلى تخفيف أجواء التوتر مع إيران، من خلال دعم مسارات الحوار وخفض التصعيد، بما يعزز من فرص الاستقرار في الخليج والمنطقة ككل. أما على المستوى الدولي، فقد عملت السعودية على تبني سياسة خارجية أكثر توازنًا، حيث عمّقت من علاقاتها مع قوى عالمية مثل الصين وروسيا خاصة على الصعيد الاقتصادي، بما يفتح أمامها آفاقًا استراتيجية جديدة تتجاوز إطار العلاقة التقليدية مع الولايات المتحدة الأميركي ة.
وفي السياق العربي، تنامى الدور القيادي للعربية السعودية، لا سيما في دعم القضية الفلسطينية. وقد تمثل ذلك بوضوح في رفضها إقامة علاقات أو تطبيع مع إسرائيل، خاصة في ظل حربها المستمرة ضد قطاع غزة، مع تأكيدها على ضرورة إطلاق عملية سياسية ذات أفق حقيقي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، هذا علاوة على قيادة الجهد العربي لتحقيق الاستقرار في كل من سوريا ولبنان.
وأختتم حديثه زيارة ترمب، باعتبارها أول زيارة خارجية له للمنطقة، تحمل دلالات عميقة؛ إذ تشير إلى أن الرياض أصبحت مركزًا إقليميًا لا يمكن تجاهله في الملفات الكبرى، سواء الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية. وهي بذلك تعزز من موقع المملكة كقوة محورية قادرة على صياغة توازنات جديدة في الشرق الأوسط، والتأثير في مسار العلاقات الدولية انطلاقًا من رؤية واقعية واستباقية.
تحقيق العدالة الدولية
ومن جانبه ذكر اللواء متقاعد عدنان ضميري المفوض السياسي العام السابق لقوات الأمن الفلسطينية حول الاعتراف بالقضية الفلسطينية: سعت القيادة الفلسطينية منذ ثمانينات القرن الماضي للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطين.. وأعلنت في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في الجزائر عام 1988 عن قيام دولة فلسطين في المنفى وأصدرت منظمة التحرير الفلسطينية ما أسمته وثيقة الاستقلال جاء ذلك على ارضية انتفاضة الحجارة عام 1987.
وفتحت المنظمة الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين حوار مباشرا مع الإدارة الأميركي ة في تونس عبر سفير الولايات المتحدة في تونس وسفير دولة فلسطين في تونس حين ذاك حكم بلعاوي.. وبدأت الاعترافات العربية والدول الاسلامية والصديقة في العالم. حيث بلغ عدد الدول التي اعترفت بفلسطين قبل اتفاقات أوسلو أكثر من سبعين دولة عربية واسلامية وصديقة.
وفي العام 2012 تم اعتراف 138 دولة في الامم المتحدة بدولة فلسطين كعضو مراقب ووصل العدد اليوم 149 دولة تعترف بدولة فلسطين ولفلسطين أكثر من مئة سفارة وممثلية في العالم تشرف عليها منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين تحت الاحتلال.
وأشار أن الاعتراف الدولي الذي عملت عليه المملكة العربية السعودية بإنشاء التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين.. والموقف السعودي الثابت من ضرورة ايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية مبني على المبادرة العربية التي أصلها سعودي في مؤتمر القمة العربية في بيروت 2002.
وتابع يشكل الداعم السياسي العملي الوحيد الذي اكدت عليه منظمة التحرير ومؤتمرات القمة العربية لما له من تأثير في احقاق الحقوق الفلسطينية في الاستقلال والدولة وتقرير المصير كشرط واساس لقبول اتفاقات سلام مع اسرائيل وانهاء حالة العداء وقبولها في المنطقة.
واختتم حديثه الاعتراف بالدولة سيمنع إسرائيل من التمادي بمشاريعها التوسعية الاستيطانية في الارض الفلسطينية التي عرفها اتفاق أوسلو بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس كأراضي محتلة عام 1967، وسيفتح بابا واسعا لتحقيق العدالة الدولية بتطبيق قرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة في موضوع القضية الفلسطينية، ووقف التوسع الاسرائيلي والاطماع في الارض الفلسطينية وسياسات التهجير للشعب الفلسطيني.
الموقف العربي والدولي
قال العميد .م ناصر بن جمعة الزدجالي وهو موجه ومستشار استراتيجي سابق بكلية الدفاع الوطني في سلطنة عمان : في ظل المشهد الإقليمي والدولي المتغير، وتزايد التحديات التي تواجه المنطقة من صراعات، وتدخلات دولية، وتغيرات جيوسياسية، يبرز سؤال محوري: هل يستطيع دونالد ترمب، الرجل الذي يتميز بشخصية قوية وتحولاته المفاجئة، أن يكون الشخص الذي يفرض حل الدولتين ويضع نهاية للصراع المستمر في الشرق الأوسط؟ الإجابة على هذا السؤال تزداد تعقيدًا، خاصة مع الأدلة والمواقف التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، والتي تشير إلى أن ترمب يمتلك، أو على الأقل قد يمتلك، القدرة على أن يكون فاعلًا رئيسيًا في صناعة السلام، خاصة إذا ما قرر استغلال نفوذه وشخصيته الحادة لتحقيق ذلك. فهل يقف ترمب حقاً على أعتاب صناعة السلام في الشرق الأوسط؟ انه سؤال يفرض نفسه بقوة، خاصة مع تزايد المؤشرات التي توحي بأن ترمب قد يتجه نحو استغلال شخصيته الحادة وقوته الداخلية لفرض واقع جديد، خاصة مع علاقاته المتنوعة مع الأطراف الإقليمية والدولية، ورغبته في استثمار علاقاته السابقة لتحقيق إنجاز سياسي يخلد اسمه، ويحقق استقرارًا وهدنة طويلة الأمد في المنطقة. فبالنسبة للبعض، لا تزال هناك آمال كبيرة أن يلعب ترمب دورًا حاسمًا في إنهاء الصراعات، وتحقيق الاستقرار، خاصة مع تراجع النفوذ الإسرائيلي، وازدياد نفوذ بعض الدول الخليجية، ورغبة العديد من القادة العرب في استثمار علاقاتهم مع واشنطن لتحقيق مصالحهم الوطنية والإقليمية.
وتساءل لماذا تر مب ولماذا الآن؟
قبل أن نصل إلى استنتاج، يجب أن نوضح أن هناك تصورًا قد يرى أن هذا التفاؤل مبالغ فيه، خاصة وأن التاريخ يثبت أن ترمب اتخذ مواقف دعم غير مشروط لإسرائيل، وكان داعمًا واضحًا للموقف الإسرائيلي من خلال قرارات مثل نقل السفارة إلى القدس، واعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان، وغيرها من الخطوات التي عزلت الموقف الأميركي عن الموقف العربي والدولي التقليدي، وأعطت انطباعًا أنه رجل يفضل دعم إسرائيل على حساب السلام. لكن، في المقابل، هناك مؤشرات كثيرة تظهر أن شخصية ترمب، ومرونته، وقوة إرادته، قد تتيح له تغيير استراتيجيًا، إذا ما رأى أن تحقيق سلام عادل وشامل يُخلد اسمه كصانع تاريخ، ويمنحه مكانة استثنائية في سجل التاريخ، ويحقق له مكانة غير مسبوقة. فترمب، الذي يسعى دائمًا لكتابة فصل جديد في تاريخه السياسي، قد يرى أن فرض حل الدولتين، ولو بالقوة، هو السبيل لترك بصمة خالدة، وأن ذلك يمكن أن يضعه في مكانة أعلى من سابقيه، خاصة إذا ما استطاع أن يفرض شروطه على كافة الأطراف، ويضع خطة واضحة تنهي الصراع.
وخلاصة حديثه أنه ينظر إلى أنه مبني على أساس من التفاؤل، إلا أنه بالنظر إلى كل ما تقدم، فإن الاحتمال يظل قائمًا أن ترمب قد يكون هو الشخص الذي يفرض حل الدولتين ويصنع السلام، خاصة إذا ما استغل شخصيته الحادة، وقوة نفوذه، وعلاقاته الإقليمية والدولية، وقرر أن يلعب دوره بشكل كامل، ويضع مصالحه السياسية والتاريخية في المقدمة. ومع ذلك يجب أن لا ننسى أن الطريق ليس سهلا فثمة حاجة إلى شركاء جادين من الطرفين، كما انه هناك تحديات كبيرة، وأهمها المعارضة الشرسة من قبل إسرائيل، وغياب توافق كامل من جميع الأطراف، إلا أن الظروف الحالية، والفرص المتاحة، قد تتيح له أن يحقق ما يصعب على غيره، ويكتب لنفسه اسمًا في سجل التاريخ كصانع سلام استثنائي.
الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي جوهر التوتر في المنطقة
من جانبه قال محمد نجيب وهو صحفي ومحلل سياسي وأمني فلسطيني - رام الله: في ظل تصاعد الأزمات في العالم، يبقى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي جوهر التوتر في الشرق الأوسط. وقد بات واضحاً أن تجاهل الحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها الحق في إقامة دولة مستقلة، يغذّي دائرة العنف ويهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.
وتابع الاعتراف بدولة فلسطين هو اعتراف بحق أكثر من 14 مليون فلسطيني في تقرير مصيرهم، والعيش بكرامة في وطنهم كما ويشكل خطوة جوهرية نحو إحياء عملية السلام، وإنهاء الاحتلال الذي طال أمده. فالاعتراف يعزز القانون الدولي، ويمنح الشعب الفلسطيني شعوراً بأن العالم لم يتخلَّ عنه.
هذا الاعتراف لا يهدد أمن أحد، بل يدعم الأمن الجماعي، ويُضعف حجج دعاة التطرف الذين يستغلون غياب العدالة لتبرير العنف، وتغذية مناخات الإحباط، وعلى النقيض، فإن الاستمرار في إنكار الحق الفلسطيني لا يحقق السلام، بل يرسّخ الاحتلال، ويمنح الشرعية لأفعال غير شرعية.
وأكد أن السعودية لطالما نادت بحل الدولتين، والموقف العربي الجماعي ما زال متمسكاً بهذا الخيار. واليوم، وقد بدأت عدة دول أوروبية تعيد النظر في مواقفها، واتخاذ مواقف متقدمة بهذا الاتجاه فإن الوقت مناسب ليبادر المجتمع الدولي - وخاصة القوى الكبرى كالولايات المتحدة الأميركية - إلى خطوة تاريخية تقرّ بالدولة الفلسطينية وتعيد إطلاق مفاوضات جادة على أساس قرارات الشرعية الدولية، وان تفتح بوابة لسلام حقيقي قائم على الحقوق، بدلا من الاستمرار في إنتاج الفوضى التي تدفع ثمنها شعوب المنطقة.
واختتم حديثه يعتقد كثير من الفلسطينيين بإن الاعتراف بدولة فلسطين ليس نهاية الصراع، لكنه بداية طريق مختلف... طريق يقود نحو سلام قائم على العدل، لا على موازين القوة والاملاءات.
مشاهد القتل والدمار
إلى ذلك قال قيس الأسطى وهو كاتب صحفي: تعتبر زيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية كمحطة اولى رسالة مهمة للأهمية البالغة التي تمثلها المملكة على الصعيدين الاقليمي والعالمي.
فالمملكة استضافت كل المؤتمرات الاخيرة بخصوص كل مشاكل المنطقة وهي صاحبة اهم المبادرات تجاه الشرق الاوسط لعل أبرزها مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز ال سعود - رحمه الله - عندما كان وليا للعهد ببيروت العام 2002.
وأضاف لكن السلام المطلوب يجب ان يكون عادل ومنصف وان يضمن قيام دولة فلسطينية تنسجم مع القرارات الدولية وخصوصا القرارين242 و338.
الكل مع السلام وخصوصاً المملكة العربية السعودية لكن المطلوب سلام عادل لكل الاطراف
وأشار المنطقة قد عانت الكثير في العقود الأخيرة ورؤية مشاهد القتل والدمار مؤلمة للجميع واعتقاد الحكومة الإسرائيلية ان الحل في يكمن في القوة العسكرية المفرطة وقتل العجائز والأطفال لن يخفض منسوب العنف بل سيزيده فالعنف يجلب العنف على الاقل هذا ما شهدناه بالثمانين السنة الماضية.
وأختتم حديثه الاعتراف الدولي بقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية قد يكون بداية خارطة طريق للسلام في المنطقة، وأكاد أجزم أن هذا ما ستقوله القيادة السعودية للرئيس ترمب في زيارته.
الدولة الفلسطينية مفتاح السلام
الدكتور ناصر خميس المطيري محام وكاتب كويتي قال: من المؤكد أن ملف الشرق الأوسط بتطوراته وأحداث غزة الدامية ستكون على رأس أجندة النقاش في القمة الأميركية الخليجية في الرياض، وهنا تبرز أهمية تثبيت الموقف الخليجي السياسي الذي تقوده المملكة العربية السعودية المتمثل بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتزام حل الدولتين كطريق أوحد لتحقيق السلام والاستقرار.
وأضاف الاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يعد خياراً دبلوماسياً فحسب، بل أصبح ضرورة سياسية وأخلاقية لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. فالقضية الفلسطينية هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، ومن دون معالجة جذوره المتمثلة في الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، سيبقى الشرق الأوسط عرضة للانفجار في كل لحظة.
وأكد تاريخياً، كان غياب الاعتراف الكامل بدولة فلسطين أحد الأسباب الجوهرية لاستمرار التوترات في المنطقة، إذ لم يحظَ الفلسطينيون بحقوقهم السيادية رغم عشرات القرارات الأممية التي أكدت على حقهم في إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967. وعلى الرغم من بعض الاعترافات الرمزية من دول في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، ما زال غياب الاعتراف من قوى دولية كبرى، مثل الولايات المتحدة وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، يمثل عائقاً أمام أي تسوية حقيقية.
وأشار الحرب الدامية على غزة والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين، سلطت الضوء مجدداً على خطورة استمرار الاحتلال، وعجز المجتمع الدولي عن فرض حلول عادلة. في هذا السياق، برز الموقف السعودي بوضوح، حيث أكدت الرياض في عدة مناسبات - آخرها خلال القمم الخليجية والعربية والدولية - أن تحقيق الاستقرار الإقليمي لن يتم من دون حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. كما دعت المملكة الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ خطوات فاعلة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، باعتباره خطوة أولى نحو كسر الجمود السياسي.
من الناحية العملية، فإن الاعتراف بدولة فلسطين يُعيد التوازن إلى عملية السلام، ويمنح الفلسطينيين صفة قانونية تُمكّنهم من الانخراط الفاعل في المنظومة الدولية. كما أن هذا الاعتراف سيُحرج إسرائيل أمام القانون الدولي، ويقلل من قدرتها على التملص من مسؤولياتها.
واختتم حديثه إن تجاهل هذا الحق لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل يُغذّي موجات التطرف، ويقوض الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، ويُبقي المنطقة رهينة صراعات متكررة. في المقابل، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو إعلان التزام بالعدالة، ومفتاح لبناء شرق أوسط أكثر استقراراً وإنسانية.
أقدم الصراعات في العصر الحديث
من جانبه قال د. ظافر محمد العجمي - كاتب كويتي ومحلل في العلاقات الدولية: بين الجد والهزل تستمر محاولات توقع مضمون «الإعلان الكبير» "very, very big" announcement الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب حيث من المتوقع أن يكشف عنه خلال جولته الخليجية. ومن التخمينات التي رافقها قلق اسرائيلي :
1- الإعلان مخططات للمنطقة تشمل الملف الحوثي وملف التنسيق مع الأطراف العربية حول أزمة الرهائن الإسرائيليين لدى حماس إلى جانب مناقشة تسوية الملف النووي مع طهران.
2- الإعلان رسميا عن تغيير اسم الخليج أميركيا من الفارسي للعربي، فترمب يسعى لاستعادة ثقة الخليجيين بإستراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط ولو بالرخيص
3- إعلان غزة الولاية الأميركية 51 حيث ستقود واشنطن إدارة مؤقتة لقطاع غزة بعد الحرب. يشبه" سلطة الائتلاف المؤقتة" التي أنشأتها اميركا بالعراق عام 2003 بقيادة برايمر
4- إن ترمب سيصدر إعلاناً بشأن دولة فلسطين والاعتراف الأميركي بها، وأنه ستتم إقامة دولة فلسطينية دون وجود حركة حماس.
والأخير هو الأقرب الي الواقعية السياسية التي اعتدنا غيابها عن تصريحات ترمب
لذا أرسلت السعودية رسالة عشية زيارة ترمب: لن نقبل أي تصريحات أو إعلان أميركي غير متفق عليه والزيارة ستكون مخصصة للشأن الاقتصادي ولا تنازل عن المطالب المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأكد ويُعد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية خطوة جوهرية لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لما له من أبعاد سياسية وقانونية وأمنية. فهذه الخطوة لا تقتصر على منح الفلسطينيين حقهم المشروع، بل تؤسس أيضًا لبيئة إقليمية أكثر توازنًا وعدالة.
أولاً، الاعتراف بدولة فلسطين يُعزز من مبدأ حل الدولتين، الذي يُعتبر الإطار الأمثل لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. إن منح الفلسطينيين دولة ذات سيادة يكرّس حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها حق تقرير المصير، ويُسهم في كسر حلقة التوتر والعنف التي تغذيها سياسات الاحتلال والاستيطان.
ثانيًا، هذا الاعتراف يمنح السلطة الفلسطينية شرعية سياسية أقوى، ويُعزز من قدرتها على التفاوض من موقع متكافئ. كما يُضعف من نفوذ الجماعات المتطرفة التي تستفيد من انسداد الأفق السياسي، ويُعيد الأمل إلى الشارع الفلسطيني بإمكانية تحقيق حل سلمي وعادل. كذلك، فإن الدعم العربي، خاصة من دول الخليج، يصبح أكثر فاعلية في حال اقترن بشرعية دولية واضحة لفلسطين.
ثالثًا، يُشكل الاعتراف رسالة دولية واضحة لإسرائيل بضرورة احترام القانون الدولي، ووقف السياسات الأحادية، خاصة التوسع الاستيطاني. الضغط الدبلوماسي الناتج عن هذا الاعتراف قد يدفع إسرائيل نحو إعادة النظر في مواقفها، لا سيما في ظل المتغيرات الإقليمية وتراجع الدعم الأميركي التقليدي لسياسات الحكومات المتشددة، كما ظهر في زيارات ترمب الإقليمية دون التوقف في تل أبيب.
وأكد كما أن حل القضية الفلسطينية يُخفف من استخدام هذا الملف كأداة للتجييش والصراعات، سواء من قبل إيران أو أطراف إقليمية أخرى، ويدفع نحو مناخ أكثر تعاونًا وتكاملاً في المنطقة. في هذا السياق، يمثل الاعتراف الفلسطيني ركيزة ضرورية لأي مشروع تطبيع عربي-إسرائيلي حقيقي، لا يكون على حساب الشعب الفلسطيني.
أخيرًا، الاعتراف بدولة فلسطين ليس مجرد إجراء رمزي، بل هو اختبار حقيقي لجدية المجتمع الدولي في تحقيق العدالة وإنهاء أحد أقدم الصراعات في العصر الحديث. إنه خطوة لا غنى عنها لإرساء سلام دائم، وفتح صفحة جديدة من الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط.
مصالحة حقيقية ومستدامة
من جانبه ذكر جميل البرماوي صحافي أردني: على امتداد عقود مضت من الصراع العربي الإسرائيلي، قدمت الأطراف العربية مبادرات عديدة سعيًا لإنهاء هذا النزاع التاريخي، الذي نشأ من رحم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وفي السياق نفسه تحدث حول مبادرات ارتكزت على قرارات أممية اعترفت بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته والعيش بسلام.
وأعرب إلا أن الاحتلال عمد، على مدار ما يربو على سبعة عقود ونصف، إلى تهجير شعب بأكمله قسرًا إلى شتى أصقاع المعمورة، متزامنًا مع ممارسات قمعية شملت ضروب التمييز والتعذيب والتنكيل والقتل والتهويد الممنهج، مستهدفًا اقتلاع الفلسطينيين من جذورهم والاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق.
وأشار إن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة الكاملة، يكتسب أهمية قصوى في إرساء دعائم السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وينعكس أثره إيجابًا على الأمن الإقليمي والدولي برمته. فما دام الاحتلال قائمًا، فلا سبيل إلى الاستقرار والأمن، وهي حقيقة يتعين على الاحتلال استيعابها مهما استمات في تحصين ذاته بالعتاد العسكري وجدران الفصل العنصري. ويمثل الاعتراف إقرارًا راسخًا بحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية. هذا الحق يشكل الركيزة الأساسية للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان الراسخة. كما يضفي الاعتراف على الفلسطينيين شعورًا عميقًا بالمساواة بين الأمم ويعزز كرامتهم الوطنية، وهو عنصر جوهري لتحقيق مصالحة حقيقية ومستدامة. علاوة على ذلك، يوفر الاعتراف إطارًا قانونيًا محكمًا يمكن من خلاله محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان والقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد اليوم، العالم مدعو ليقول كلمته بإحياء مسار السلام عبر خطوة عملية وحاسمة نحو تجسيد رؤية حل الدولتين على أرض الواقع، الذي يحظى بالإجماع الدولي باعتباره السبيل الأمثل لإنهاء هذا الصراع المزمن. ومن شأن هذا الاعتراف أن يهيئ مناخًا أكثر إيجابية لاستئناف مفاوضات جادة بين الطرفين، تستند إلى مبدأ الدولتين المتعايشتين جنبًا إلى جنب في سلام وأمن. كما أنه من شأنه أن يضاعف الضغط الدولي على إسرائيل للانخراط بجدية في مسار السلام والتوقف عن الإجراءات الأحادية التي تقوض أسس حل الدولتين، وفي مقدمتها التوسع الاستيطاني غير الشرعي والحرب الطاحنة التي تشنها على قطاع غزة والضفة الغربية.
واختتم حديثه تُعد القضية الفلسطينية من أعقد وأطول قضايا الصراع أمدًا في منطقة الشرق الأوسط. لذا، فإن التوصل إلى حل عادل ودائم لها من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمثل إسهامًا جوهريًا في تحقيق الاستقرار الإقليمي الشامل. فالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كفيل بتخفيف حدة التوترات الإقليمية وتقليل احتمالات نشوب نزاعات جديدة، فضلاً عن تعزيز التعاون الإقليمي البناء في مختلف المجالات، الأمر الذي يعود بالنفع على جميع شعوب المنطقة دون استثناء. إن إنفاذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى إقامة دولة فلسطينية أضحى ضرورة ملحة، لأن الاعتراف يمثل خطوة حاسمة نحو تطبيق هذه القرارات وتعزيز مصداقية المؤسسات الدولية التي أُنشئت بإجماع دولي. فالإقرار بالحق الفلسطيني يمثل تأكيدًا على سمو القانون الدولي في تسوية النزاعات وضمان حقوق الشعوب، ويعيد الثقة في قدرة المنظومة الدولية على توفير الحلول العادلة وتحقيق الأمن الدولي المنشود.
الشرق الأوسط ودولة فلسطين المؤجلة
واعتبر حمد الياسري رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات الإستراتيجية، وباحث مختص بقضايا الشرق الأوسط أنها لحظة شرق أوسطية فاصلة تعيشها شعوب هذا الجزء المستعصي من وعلى العالم، تتقاطع بها المشاريع والمصالح وتتعدد فيها الرغبات والمطامح بين الاضطرار والاضطراب، يثبت فيها المتحول ويسُستضعَفُ دونها المتغول، لحظة هبوط اضطراري من طائرة السابع من اكتوبر الشراعية وصعود مدفوع بالميركافا الإسرائيلية إلى قمة "جبل العرب" دون أن يغيب أو يستدعى العرب، فلسطين القبلة الأولى والحاضرة الحاضرة.. دولة تبحث بين الأنقاض عن شعب يحتويها وعالم يعترف بوجودها المتأرجح بين التأويل والتأجيل
"إنها دولة عربية مؤجلة"
أهمية الاعتراف وقواعده القانونية
الاعتراف بدولة فلسطين يحقق قواعد المطابقة الاستراتيجية في الشرق الأوسط ويرسم حدود التفاعل والحيوية السياسية بين دول المنطقة تتقلص به مناطق الصدام والأحزمة الجغرافية المتصدعة، وتتسع به رقعة التعاون والتكامل التنموي، قرارات الأمم المتحدة 242 و338 و1397 التي شكلت النسق القانوني للاعتراف بالدولة الفلسطينية. هي فواصل مركزية بين الإكراه بجدرانه الحديدية والانتقاء المثالي لقيم الارض والتراب في دولة منزوعة الارض التراب!
أبرز ممكنات قيام الدولة الفلسطنية هي وقف الاستيطان وإعادة التوازن الطبقي والديمغرافي وتحقق الرغبة الدولية الدافعة للاعتراف وإنتاج وحدات موضوعية للتفاوض بين الفلسطينين وإسرائيل وبين القوى الفلسطينية الداخلية. وقطع خطوط التدخل الخارجي. هذه العناصر الأولية للتوجيه المنهجي وفكرة إحياء الدولة خارج منطوق الديمومة القسرية للصراع ففلسطين "اسمها فلسطين.. مهما تغيرت الأسماء"
السلام.. يبدأ من الرياض
أكد طلعت طه محلل سياسي وخبير شؤون عربية ومدير تحرير جريدة الجمهورية القاهرة أن زيارة الرئيس ترمب إلى الرياض بداية فصل جديد في العلاقات السعودية الأميركية.
وفي مايو 2017، قام الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأول زيارة خارجية له منذ توليه منصب الرئاسة، واختار المملكة العربية السعودية لتكون محطته الأولى. شكلت هذه الزيارة حدثًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا، عكس أهمية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، كما سلطت الضوء على دور الرياض المحوري في المنطقة.
وهو تأكيد على التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار الشرق الأوسط، ومواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب والتطرف. وقد عُقدت خلال الزيارة ثلاث قمم: القمة السعودية الأميركية، والقمة الخليجية الأميركية، والقمة العربية الإسلامية الأميركية. ناقشت هذه اللقاءات سبل التعاون المشترك، لا سيما في مواجهة التهديدات الإيرانية وتعزيز الشراكات الأمنية.
شهدت الزيارة توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية، تجاوزت قيمتها 380 مليار دولار، شملت مجالات متعددة مثل الدفاع، الطاقة، والتكنولوجيا. أبرز هذه الاتفاقيات كانت صفقة تسليح ضخمة تهدف إلى تعزيز قدرات المملكة الدفاعية.
اختيار الرياض كأول وجهة خارجية لترمب حمل دلالة واضحة على مكانة السعودية في السياسات الأميركية، ورغبة الطرفين في تعزيز العلاقات الثنائية، بعيدًا عن التوترات التي شهدتها السنوات السابقة.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي ليس مجرد موقف رمزي، بل هو خطوة عملية نحو تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، يُعزز الاستقرار الإقليمي، ويفتح الباب أمام التعايش السلمي بين الشعوب، ويكرّس مبادئ العدالة وحقوق الإنسان في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطراباً.
يمثل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية خطوة محورية نحو تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة عانت طويلاً من الصراعات والحروب نتيجة النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. ويأتي هذا الاعتراف ليس فقط كإجراء سياسي ودبلوماسي، بل كاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعيش بحرية وكرامة ضمن حدود معترف بها وسيادة مستقلة.
والاعتراف بالدولة الفلسطينية يعزز مبدأ العدالة الدولية، ويعيد التوازن إلى مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فطالما بقيت الدولة الفلسطينية غير معترف بها رسمياً من قِبل غالبية الدول الكبرى، بقي الفلسطينيون في موقف تفاوضي أضعف، مما عرقل تحقيق أي تسوية عادلة. أما الاعتراف الدولي، فيمنحهم شرعية سياسية وقانونية تمكنهم من المطالبة بحقوقهم في إطار القانون الدولي.
يمكن أن يسهم الاعتراف في تهدئة الأوضاع المتفجرة في المنطقة. فوجود دولة فلسطينية معترف بها يُمكن أن يقلل من مشاعر الإحباط والغضب لدى الشعوب العربية والإسلامية، التي ترى في استمرار الاحتلال الإسرائيلي نوعاً من الظلم التاريخي. وهذا بدوره قد يسهم في خفض حدة التوترات وتراجع التطرف الذي غالباً ما يتغذى على الإحساس بالظلم وفقدان الأمل.
يفتح الاعتراف بالدولة الفلسطينية الطريق أمام تطبيق حل الدولتين، الذي يشكل أحد أبرز الحلول المطروحة دولياً لتسوية النزاع. فبدون الاعتراف بدولة فلسطين، يصبح هذا الحل فارغاً من مضمونه. أما في حال الاعتراف، فتصبح هناك إمكانية حقيقية لبناء مؤسسات دولة فاعلة، تُمارس سيادتها على أراضيها، وتُبرم اتفاقات دولية، وتلتزم بمعايير القانون الدولي.
والاعتراف يضع ضغطاً على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي ووقف سياسات الاستيطان وضم الأراضي، التي تعرقل فرص السلام، كما أنه يُرسل رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لن يقبل بسياسات الاحتلال والتوسع غير المشروع.
د. غسان الخطيب أستاذ العلاقات الدولية وعضو مجلس الأمناء في جامعة بيرزيت
اللواء متقاعد عدنان ضميري المفوض السياسي العام السابق لقوات الأمن الفلسطينية
العميد .م ناصر بن جمعة الزدجالي موجه ومستشار استراتيجي سابق بكلية الدفاع الوطني في سلطنة عمان
محمد نجيب صحفي ومحلل سياسي وأمني فلسطيني
قيس الأسطى كاتب صحفي
د. ناصر المطيري محام وكاتب كويتي
د. ظافر العجمي كاتب كويتي ومحلل في العلاقات الدولية
جميل البرماوي صحفي أردني
أحمد الياسري رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات الإستراتيجية
طلعت طه محلل سياسي ومدير تحرير جريدة الجمهورية بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.