إن المكانة السياسية المتميزة التي وصلت لها المملكة دولياً، والقدرات والمهارات الأمنية والعسكرية المتقدمة التي أصبحت عليها، مكّنتها من أن تُصبح رمزاً دولياً شامخاً في صناعة السلام الهادف للمحافظة على كرامة الإنسان وحقوقه المشروعة في جميع جوانب الحياة.. عندما نتحدث عن السَّلام، فإننا بالضرورة نتحدث عن المملكة العربية السعودية. وعندما نتحدث عن المملكة العربية السعودية فإننا كذلك بالضرورة نتحدث عن الدولة التي تصنع السَّلام على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية والعالمية. وهذا الترادف في المعاني بين السَّلام والمملكة أساسه القيم والمبادئ الأصيلة التي وضع أُسسها الملك المُؤسس عبدالعزيز –طيب الله ثراه– انطلاقاً من التعاليم الإسلامية العظيمة المُؤكدة على منهج السَّلام في جميع جوانب الحياة البشرية حتى يتمكن الإنسان من المحافظة على حياته وماله وكرامته. وعملاً بهذا المنهج الإسلامي العظيم المُؤكد على قيم السَّلام بأسمى معانيها، سَعت المملكة لتحقيقه والدفع نحو الأخذ بقيمه السَّامية تجاه جميع القضايا الإقليمية والدولية والتي يأتي على رأسها الدفاع المشروع عن الحقوق المشروعة لأبناء فلسطين ووجوب إقامة دولة فلسطين المُستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وفي الوقت الذي يُعتبر فيه الدفاع عن الحقوق المشروعة لأبناء فلسطين مُنطلقاً رئيساً لرفع الظلم عنهم وتحقيق السَّلام الذي يعود بالنفع على جميع المجتمعات، فإن المملكة ساهمت مساهمة رئيسة في تعزيز قيم السَّلام العالمي عندما شاركت في تأسيس هيئة الأممالمتحدة في 1945م، لتُعلن بذلك رفضها للصراعات والحروب والنزاعات المُدمرة للمجتمعات والمهلكة للبشرية، ولتُؤكد على وجوب تبني قيم السَّلام على جميع المستويات الإقليمية والدولية انطلاقاً من مبدأ الالتزام بقواعد القانون الدولي والأعراف والتقاليد البنَّاءة. وتأسيساً على هذه القيم الداعية لتحقيق السَّلام العالمي، تواصل المملكة العربية السعودية العمل على رفع الظُّلم والإرهاب الواقع على أبناء فلسطين بسبب الممارسات الإرهابية لقوات الاحتلال الإسرائيلية، وتبذل الجهود العظيمة لدفع الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، وذلك عملاً بالقرارت الدولية، ومبادرة السَّلام العربية التي اقترحتها المملكة وأقرتها قمة بيروت العربية في 2002م. وقد أثمرت هذه الجهود السياسية العظيمة التي تبذلها المملكة لتحقيق السَّلام الإقليمي والدولي أن اعترفت غالبية الدول في المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية، كما نجحت في عقد "المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين" في يونيو 2025م لتُؤكد من جديد على قيم ومبادئ السَّلام التي ترفعها وتتبناها وتنادي بها المملكة في كل الظروف والأحوال. وفي الوقت الذي تُؤكد فيه المملكة على السَّلام كمنهج ومبدأ أصيل تعمل وفقاً له، فإنها في الوقت نفسه تبني بصلابة قدراتها الأمنية وإمكاناتها العسكرية لتتمكن من حماية أمن مجتمعها وأبنائها المواطنين وكل من يقيم على أراضيها، ولتكون قادرة على الدفاع عن المُقدسات الإسلامية والمحافظة عليها من الإرهابيين وأعداء الإسلام. وهذا المنهج البنَّاء الهادف لبناء قدرات أمنية وعسكرية متميزة ومتقدمة أثمر نتائج عظيمة بأن أصبحت المملكة من الدول المتميزة والمتقدمة جداً في المجالات الأمنية والعسكرية بحسب المؤشرات الدولية، وتماشياً مع التحولات الدولية والتحديات المُتصاعدة وما تتطلبه من مواصلة العمل لتعزيز القدرات والإمكانات الأمنية والعسكرية، عملت على التواصل مع العديد من دول العالم المتقدم في الغرب والشرق لتبادل الخبرات وإقامة المناورات المشتركة في المجالات الأمنية والعسكرية، ومن هذه الجهود البنَّاءة ما تضمنه الخبر الذي بثته (واس) في 17 سبتمبر 2025م، حول توقيع "اتفاقية الدفاع المشتركة مع جمهورية باكستان الإسلامية"، والذي جاء فيه: "وانطلاقًا من الشراكة التاريخية المُمتدة لنحو ثمانية عقود، بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية، وبناء على روابط الأخوة والتضامن الإسلامي، واستنادًا على المصالح الإستراتيجية المشتركة، والتعاون الدفاعي الوثيق بين البلدين، قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- ودولة رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية محمد شهباز شريف بالتوقيع على "اتفاقية الدفاع الإستراتيجي المشترك" والتي تأتي في إطار سعي البلدين في تعزيز أمنهما وتحقيق الأمن والسَّلام في المنطقة والعالم، والتي تهدف إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين، وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء، وتنص هذه الاتفاقية على أن أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما". وفي الختام من الأهمية القول إن المكانة السياسية المتميزة التي وصلت لها المملكة دولياً، والقدرات والمهارات الأمنية والعسكرية المتقدمة التي أصبحت عليها، مكَّنتها من أن تُصبح رمزاً دولياً شامخاً في صِناعة السَّلام الهادف للمُحافظة على كرامة الانسان وحقوقه المشروعة في جميع جوانب الحياة. نعم، إن السَّلام الذي تنادي به المملكة يقوم في أساسه على حفظ الحقوق المشروعة وعدم التنازل عنها أو المساومة عليها، والقدرة على حمايتها والدفاع عنها بالوسائل المشروعة للدول.