عندنا ألف شكسبير، فقد اكتنز أدبنا العربي بعشرات الألوف من القصائد، وفي سياقاتها قصص بديعة. ومن أجمل القصائد تلك التي قالها تميم بن جميل التغلبي، وقد خرج على المعتصم بالله العباسي، ثم وقع في الأسر، وكاد المعتصم أن يقتله لكنه قبل ذلك سأله ما هو عذرك؟ فقال عدة أبيات دمعت لها عينا المعتصم. ثم عفا عنه، وولاه إمارة إحدى المناطق في الخلافة العباسية المترامية من فرغانة إلى غانة. وكان هرم بن سنان قد حجز بين فريقين متقاتلين من أحياء العرب. فقال زهير بن أبي سلمى قصائد في مدح هرم. ثم وفدت ابنة هرم على سيدنا عمر ين الخطاب؛ فسألها ما الذي أعطى أبوكم لزهير حتى قال فيه مدائح تحفظها العرب. فقالت: نسينا ما أعطيناه لزهير. فقال الفاروق رضي الله عنه: ولكن ما أعطاكم إياه زهير لا يُنسى. وفيما أعلم فإن قصة الشاعر مفرّغ بن يزيد الحميري هي من أكثر القصص درامية. سردية كأنها فيلم هندي. وسئل عباس محمود العقاد هل الشاعر ابن الرومي شؤم؟ فقال: الذي أعلمه أنني كتبت عن سيرة ابن الرومي من شعره، واتفقت مع سيد كامل على طباعة الكتاب فمات سيد كامل ودخلت أنا السجن. وقد استوهب الشاعر أبو نواس أبا العتاهية بعضًا من قصائده. فقال له أبو العتاهية: هب لي بيتيين من شعرك وأعطيك شعري كله. فقال أبو نواس وما هما؟ فقال أبو العتاهية: وما الناس إلا هالكٌ وابن هالكٍ وذو نسبٍ في الهالكين عريقِ إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشّفتْ له عن عدوٍ في ثياب صديقِ وحتى القصائد النبطية لا تخلو من قصة، وأذكر في هذا الصدد أن أحد ملوك مصر زار قبل مئة سنة الصعيد، وتوقف في إحدى المدن التي أقام أهلها احتفالًا كبيرًا ووليمة عشاء للخديوي. وألقى أحد الشعراء قصيدة طويلة؛ فقاطعه الخديوي متململًا: هي القصيدة كام بيت يا أستاذ؟ فقال الشاعر: 99 بيتًا يا أفندينا. فقال الخديوي متعجبًا: وما خليتهاشي مائة بيت ليه؟ فقال للتو: أصلي ناقصني بيت يا أفندينا. فأمر الخديوي ببيت يملكه الشاعر الداهية. ووجدت في كتاب"سيرة من رأى" للدكتور عثمان محمود الصيني الصادر حديثًا قصة طريفة. قال الدكتور الصيني: جرت محاورة شعرية في الطائف بين الملك فيصل ورحيِّم الشهيب، ثم علّق عليها الشاعر أحمد الأزوري الملقب حمامة؛ فقال مخاطبًا ابن رحيم: ما جابك إلا حظك المقرود رح مسجد العباس والهادي ما عندنا فطحة ولا عجرود ياللي تجز الصوت وتنادي فرد عليه الشهيب بقوله: غنت حمامة فوق رأس العود غنى حمام الضلع والوادي ماني بضيفك ضيف ابن سعود لا تعترض من دون الاجوادي فأمر الملك فيصل- رحمه الله- بوليمة عشاء للأعيان والشاعرين.