ننتبه لأبسط تفاصيله ونتوقف عند الإحساس به ونعاني من كثرة أوجاعه، نخاف منه ونرتعب نبكي وننوح بسببه. هي آلية يخبرنا بها جسدنا أن هناك خطأ أو تهديداً ما. ينتج من خلال مجموعة كبيرة من المحفزات الكيميائية والفيزيائية التي تنتقل عبر الإشارات العصبية من المصدر الأساسي إلى الدماغ. بإمكانه تغيير قراراتنا والتحكم بنا، يسيطر على لحظاتنا التي نعيشها وعلى شعورنا بالسعادة. نتذكره ويبقى في طيات ذاكرتنا أكثر من تلك الومضات المبهجة. إنه الألم.. اتفق (فريدو) مع (أرسطو) أن الإنسان لا يسعى في الواقع إلى تحصيل السعادة، بل لتجنب الألم. نشأت بشريتنا من دوافع الخوف والألم من هدم الحضارات والرغبة في اللذة عن طريق بنائها، لأنه أساس البحث عن الحياة. الألم يصنع منا المعجزات، يحرك دوافعنا من خلال تعلم الدروس التي تركت أثرها في نفوسنا. عندما نقع في حفرة ونتألم بفعلها، في المرة المقبلة نتذكر الألم الذي تركه فنكون أكثر حذرًا كي لا نقع مجددًا. لذلك علينا أن نتألم كي نتعلم ونكسب شغفًا نحو المستقبل. وغياب الألم أي فقدان الإحساس به يكمن في فقدان الإدراك والوعي. خُلق الألم لنكفر عن ذنوبنا لنستشعر لذة الصحة والعافية كي لا نفرط فيها. ولولا شعور الألم لما أحسسنا بلذة السعادة والرضا وحلو الحياة.