معلقة تملأ الشوارع بألوانها اللافتة وبطرقها المختلفة، تتصفح الهاتف وإلا ما يظهر لك أحدهم وإن قمت بتخطيه لن يسأم، بل سيقوم بالظهور لك مرتين وثلاثاً وأكثر حتى يفوز بجذبك وتقوم بشرائه. إنها الإعلانات التي باتت من حولنا كالذبابة تدور حول كل شيء يهمنا وتدخل علينا من كل الطرق، عن طريق دعواتها للشراء بطرقها المبتكرة التي تلامس عاطفة المستهلكين. هناك ما يسمى بالنزعة الاستهلاكية (consumerism) وهي تعني أن زيادة استهلاك السلع والخدمات المشترات من السوق هي هدف منشود، وأن رفاهية الشخص تعتمد بشكل أساسي بالحصول على السلع الاستهلاكية والممتلكات المادية. وترتبط هذه النزعة ارتباطاً وثيقًا بالعولمة وخاصة فيما يتعلق بتعزيز إنتاج واستهلاك السلع والعلامات التجارية العالمية. لماذا أصبحنا لا نستطيع العيش دون شرب كوب قهوة لا صغيرنا ولا كبيرنا؟ لأي دافع كان تقليداً أو لأجل التصوير أو لآخر. يظهر لنا إعلان لمنتج كمالي عليه خصومات بزعمهم أنها فرصة مجنونة فنذهب لاقتنائه فورًا، لماذا نشتريه؟ ونحن بإمكاننا الاستغناء عنه أي ليس بالضروري، بل هو من الكماليات، فقط من باب الرفاهية وحب المظاهر أو لكونه (هبّة). حياتنا اليومية أصبحت منخرطة في نمط شديد المادية يدور حول الاستهلاك المفرط والمهدر للموارد بسبب تلك الإعلانات التي باتت تلاحقنا في كل مكان. أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يبنون حياتهم حول أهداف استهلاكية مثل اقتناء المنتجات وغيرها يعانون من سوء الحالة المزاجية وتزيد شعورهم بالتعاسة وعدم الرضا. يعني مهما امتلكوا - كم هائل - من تلك الكماليات لا يقتنعون في النهاية، بل تزيد رغبة الشراء أكثر وأكثر. مع غلاء الأسعار نحتاج إلى توفير المال وادخاره بدلاً من صرفه على تلك الأشياء التي نظن أننا بأمس الحاجة لها، وفي الأخير تصبح حبيسة لتلك الأدراج أو ربما لسلة المخلفات.