صدر تعميم للوزارات والمصالح الحكومية كافة بعدم التساهل في الموافقة على طلب التقاعد المبكر، إلى حين الانتهاء من مشروع نظام التأمينات الاجتماعية الموحد الجاري إعداده، ولم يصدر أي تعميم مشابه للقطاع الخاص، الشركات تمارس الضغط على السعوديين من أجل التقاعد المبكر أو الفصل بالمادتين 75 و77 من نظام العمل، الفترة الأخيرة شهدت نشاطًا محمومًا ومتسارعًا للتخارج من السعوديين الذين وصلت خدمتهم 25 سنة، بعض الشركات لم تنتظر وصول الموظف إلى المدة النظامية للتقاعد المبكر فدفعت له أجور الأشهر المتبقية ووقعت معه خطاب استقالة مقدم وطبت منه البقاء في منزله وعدم الحضور إلى مقر العمل، بعض الشركات التي تمارس هذه العنجهية مع السعوديين ليست شركات خاسرة بل شركات لديها أرباح مليارية ونموها لم يتأثر بجائحة كورونا. التقاعد المبكر استثناء وضعه المشرع للحالات التي تستدعي ذلك، ولكن الشركات نظرت إلى مصالحها ولم تهتم بمصالح موظفيها، وتغافلت عن السنوات التي قضاها الموظفون في خدمة الكيان وكانوا من عوامل النجاح ونمو الأرباح، تخلصت منهم بكل بساطة مع أن أغلبهم في حاجة للعمل من أجل المحافظة على مستوى الدخل الذي لا يكاد يغطي المصاريف، فكيف إذا تقاعد مبكراً وفقد 40 % من دخله المسجل في التأمينات الاجتماعية وكذلك دخل البدلات والتأمين الطبي، الشركات تُنهي مستقبل الموظف وتضعه أمام مصاريف وأقساط أعلى من مرتبه التقاعدي حتى لو سلمنا أنها دفعت له شيكا ذهبيا لأن معظم هذه الشيكات لا تتجاوز 10 رواتب أساسية، الشركات لم تراع مصلحة الوطن الذي يسعى لمعالجة ملف البطالة، لأن أغلب الشركات التي تخلصت من موظفيها بالتقاعد المبكر لم توظف العاطلين عن العمل بديلًا عنهم، والمشكلة الأعظم هي تحميل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أعباءً مالية إضافية حيث تتسبب مثل هذه الممارسات في تراجع الإيرادات وزيادة المصروفات. لا أعتقد أن وزارة الموارد البشرية راضية عن هذه التصرفات، ونتوقع منها صدور تعليمات للقطاع الخاص لإيقاف إجراءات التقاعد المبكر حتى الانتهاء من نظام التقاعد الجديد الذي قد يحمل بنوداً تعالج الثغرات التي تستغلها الشركات.