كانت المطربة السعودية تحصر نشاطها على الأفراح بشكل يجعلها لا تقيّم نفسها ولا تعرف مستقبلها، بعضهن فقط سجلن ألبومات غنائية بُغية الانتشار بهدف تمكين أنفسهن عن طريق «Marketing» في ساحة الأفراح، سنين مرّت على هذه الحالة، بزغ فيها من بزغ ك»سارة عثمان، وتوحة، وابتسام لطفي، وحياة الصالح) إضافة إلى عتاب التي انتشر وذاع صيتها في الساحة الفنية. في تلك الفترة من سبعينيات القرن الماضي كانت عتاب تحمل التراث السعودي في مصر، ظهرت مع عبدالحليم حافظ في أول إطلالة لها، تزامن ذلك مع بروز المطربة ابتسام لطفي وغنائها من ألحان العمالقة المصريين كرياض السنباطي وغيره. كما جاءت في وقت لاحق المطربة سارة عثمان التي قدمها سراج عمر لكنها ابتعدت مبكراً ولجأت للأفراح. على المستوى المحلي برزت «توحة» كمطربة وملحنة وتميزت إلى درجة أن أغلب المطربين باتوا يغنون من ألحانها. هذه السلسلة من الأسماء النسائية ظلت حاضرة في المشهد الغنائي السعودي بتألق، لكنها بدأت في الانحسار في منتصف الثمانينات منهن الملحنة «بنت الرياض»، التأثير الفكري كان له دوره، حيث حاول مراراً أن يعزل الفنون حتى اختفى الصوت السعودي الناعم لعقدين. قبل مطلع القرن الجديد، ظهرت أصواتٌ نسائية بعد بروز النجمة المعتزلة جواهر «نهاية 1999م»، وكذلك سارة الغامدي وقدمتا عدة ألبومات، الجميل في دخول سارة الغامدي أنها ظهرت بشكل واضح على المستوى العربي، وشاركت في برامج تلفزيونية وحفلات عربية لتنافس الأصوات النسائية في الخليج العربي، وتعيد للصوت النسائي السعودي مكانته وشعبيته التي افتقدها متذوقو الفن الأصيل، لكنها أيضاً اعتزلت مبكراً. بعد حصار فكري إيديولوجي شوه معالم الثقافة الفنية ليعود التاريخ من جديد ويختفي تغريد الأصوات الناعمة. هناك عوامل كثيرة أدت إلى خنق هذا الصوت الجميل، عوامل اجتماعية وفكرية، رافقها توجه متشدد معادٍ للفنون بشتى أنواعها، ولأن هذه الحالة غير طبيعية فقد نتج عنها تناقض المجتمع في تعامله مع الفنون، ربما مع الصوت النسائي أكثر، حيث يقبل أغلب السعوديين على سماع وتشجيع فنانة خارج القُطر السعودي، وفي الوقت ذاته يستنكرون ظهور فنانة سعودية، بل يكونون ضدها سداً منيعاً. عكس ما يجري في دول الخليج مثلاً، حيث يتم تبني الموهبة الغنائية ودعمها حتى تبرز. مثلا في الإمارات كانت الرائدة موزة سعيد بعدها أحلام وبلقيس وأريام وسمر وغيرهن خير مثال على الدعم والتوجيه والاستمرارية، وفي الكويت ومنذ نشأة الثقافة الفنية استمراراً بنوال وغيرها، ما نتج عنه تقديم ألوان غنائية محلية ساهمت في إبراز الثقافة الفنية في العديد من الأقطار. حالياً ومع التطور التقني، طفت على سطح النجومية عازفات ومطربات سعوديات شابات، يقدمن إنتاجهن الغنائي عبر قنواتهن في اليوتيوب وغيره من المواقع، كعازفة الغيتار أضواء الدخيل وغيرها، إلا أن نجومية داليا مبارك وأدواتها الفنية جعلتها تحتل الرقم (1) على المستوى المحلي وتنافس على أفضلية الخليج، «موسم الرياض» الفائت، أكد على نجومية داليا، حيث ظهرت على السطح تمارس هوايتها من دون قيود، غيرها من الموهوبات يمارسن هوايتهن تحت وقع الأسماء المستعارة المختبئة في برامج التواصل الاجتماعي. بعد كسر القيد الاجتماعي المفروض على الصوت النسائي السعودي، وفتح آفاق الثقافة والفنون، أقبلت بعض الموهوبات على تعلم الموسيقى مستبشرات بدخولهن التعليم الموسيقي على أن يكون في قادم الأيام فرق ممزوجة بالفتيات ومغنيات ينافسن نجمات العرب، بدخولهن للمعاهد وتعلم الموسيقى بدعم من الأهل، ما يعني تصحيح الخطأ السابق المتمثل في منع «البنات» من تعلم الموسيقى. جانب من محلات بيع الأدوات الموسيقية «تصوير:صالح الجميعة» فتيات يتعلمن الموسيقى في معهد «ثقف» داليا مبارك