تحدث الكثير من الدوائر الإعلامية والبحثية السياسية عن حالة عدم الجدية التي اتسمت بها تحركات النظام اليمني السابق في مواجهة تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة في اليمن، وبعد قيام الثورة وبالأحرى بعد انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية للرئيس عبد ربه منصور هادي، بدأ يتمدد تنظيم القاعدة في المناطق الجنوبية في أبين والمكلا وشبوة وأطراف مدينة عدن مستغلاً حالة الفراغ الأمني وغياب الدولة في تلك المناطق، فقد شرع التنظيم في الاستيلاء على المقرات الحكومية وفرض الجباية على التجار والقيام بعمليات السطو على البنوك للحصول على الموارد المالية اللازمة لتعزيز بقائه في تلك المدن، كما بادر التنظيم بالقيام باغتيالات سياسية استهدفت مسؤولين في المدن والمناطق المجاورة للمدن التي فرض فيها التنظيم سيطرته. ومع نجاح العمليات العسكرية ضد الحوثيين في المنطقة الجنوبية والتي شنتها القوات الشرعية مدعومة بإسناد مباشر من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية، بدأ تناسق أهداف التحالف مع هدف محاربة التطرف والإرهاب في اليمن من خلال التحركات التي بدأها التحالف لإعادة فرض الأمن والنظام في المدن المحررة، فقد قام التحالف بتوفير الدعم اللازم للحكومة اليمنية في تأمين المناطق المحررة في الجنوب -بعد إنهاء سيطرة الحوثيين- من أي تقدم لتنظيم القاعدة تجاه تلك المناطق والتي ازدادت فيها عمليات الاغتيالات السياسية. كما عمل التحالف على تدريب قوات الأمن والجيش اليمني وأبناء القبائل اليمنية التي تعلم جيداً الدروب والطرق في المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات الإرهابية، وقام بتزويدهم بالاحتياجات الضرورية والمؤن والاحتياجات اللوجيستية للعمليات العسكرية التي شنتها الحكومة والفرق العسكرية لأبناء القبائل، بالإضافة إلى ذلك، قدم التحالف دعمه الجوي للعمليات العسكرية في الجنوب وإسناده المباشر لتلك القوات في عمليات تحرير المدن الجنوبية التي وقعت تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية. وبعد تحرير تلك المدن، قامت دول التحالف بتقديم الدعم للحكومة في إحكام سيطرتها على المناطق المحررة من خلال إعادة تأهيل المراكز الأمنية والشرطية، وتدريب الكوادر البشرية للأجهزة اليمنية في مناطق الجنوب، وتقديم العربات والأجهزة والمعدات الضرورية واللازمة للقوات الشرعية بشكل يحول دون عودة ظهور تلك التنظيمات في المناطق المحررة. وقد ظهرت المردودات الإيجابية لتحركات التحالف في محاربة الإرهاب في جنوب اليمن عبر الانخفاض الكبير في عدد العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف المسؤولين الأمنيين والضباط والقضاة والسياسيين في الجنوب مقارنة بالمعدلات المرتفعة التي كانت تصل لها عمليات الاغتيالات في أعقاب تحرير المدن الجنوبية، ويلاحظ درجة التقيد الكبير في حركة الجماعات الإرهابية بين المدن في الجنوب وداخل المدن مقارنة بالفترة التي سبقت تدخل التحالف وفترة الرئيس السابق صالح وذلك كنتيجة لحالة الرصد المستمرة للمجال الجوي في المناطق الجنوبية من قبل طيران التحالف. كما أدت تلك التحركات إلى تجفيف موارد تلك الجماعات المالية المحلية، فمع فرض سيطرة الأجهزة الأمنية اليمنية على المدن أصبح من الصعب تدبير الأموال من عمليات السطو والجباية والترهيب للتجار، بالإضافة إلى ذلك، شرعت دول التحالف في إعلان قوائم بأسماء التنظيمات والجمعيات ورجال الأعمال المتورطين في أعمال تمويل الإرهاب داخل وخارج اليمن وهي قوائم يتم تجديدها وتنقيحها باستمرار مع استمرار العمليات العسكرية في اليمن وتركيز قيادة التحالف على محاربة الإرهاب في الجنوب اليمني، ومن خلال ما تم رصده من تحركات وخطوات للتحالف في هذا الصدد، يمكن الاستنتاج بأن منظور دعم التحالف للحكومة الشرعية اليمنية لم يكن مقتصراً على مواجهة الانقلاب الحوثي عسكريا فقط، بل إنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك فيما يتعلق بدعم وفرض سيطرة الدولة على المناطق والمدن اليمنية والذي يهدده أي بقاء أو تمدد للتنظيمات المتطرفة في اليمن مثل تنظيم القاعدة وغيره من تلك الجماعات. Your browser does not support the video tag.