على اختلاف تعاريف التنمية وتنوع مدارسها وروادها إلا أن الجميع يتفق على خطورة الفساد في القضاء عليها أو تعطيل وتأخير وصولها لأنه ببساطة ينخر في المقومات الرئيسية ويضعف الحاضر ويدمر المستقبل فكل الخطط المبنية والتي ستبنى لاحقاً لن تجد لها مكاناً فعلياً إلا إذا تمت محاربة الفساد بصرامة وصراحة. مشكلة الفساد أنه يعتبر الهادم الرئيس لمبدأ تكافؤ الفرص هذا بالإضافة إلى أنه يشكل أعباء كبيرة على المستثمرين وخاصة الصغار منهم فهم عادة لا يملكون الكثير من المال لبدء أنشطتهم والفساد الإداري والمالي يصيبهم في كثير من الأحيان بالإحباط ويجعلهم يصرفون النظر عن البدء في هذه المشروعات الأمر الذي سيضعف بلا محالة كفاءة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تعتبر في كثير من دول العالم الركيزة الأساسية والعصب الأهم في الاقتصاد المحلي. الصرامة في التصدي لهذه الآفة سينعكس إيجاباً على المملكة فهذه الحرب تُقوّي دعائم الدولة وتُعزّز هيبتها وتؤكد على احترام الأنظمة والالتزام، كما أنها تُبرز صورةً إيجابية عن المملكة في سنّ الأنظمة والصرامة في تطبيقها. الفساد كغيره من المصائب ما هو إلا أفعى أخرى والتي يعرف علمياً عنها أنها لا تموت ولا تستسلم بسهولة كما تفعل معظم الكائنات بل تبدأ في التعفن تدريجاً أو في بعض الأنواع تبدأ في الالتفاف والدوران حول نفسها محاولة عبثاً إصابة أو نفث سمومها على من يقترب منها، إلا أن كل تلك المحاولات لا تجدي نفعاً وسمها سيذهب هباء منثوراً ولن يتلوث به إلا جلدها فقط. مكافحة هذه المعضلة تتطلب تكاتفاً من الجميع خصوصاً بعد أن خطت القيادة أيدها الله خطوات صارمة في هذا الاتجاه وأكدت في أكثر من مناسبة أن سيف الحزم مصمم على اقتلاع الفساد من جذوره وأن أفعى الفساد لا بد لها من تموت. تقنياً، المجال رحب للمساهمة في القضاء على الفساد فطبيعة التقنية متجددة وغير ثابتة وهو ما يوازي طرق الفساد فالفاسدون في الغالب يتمتعون بقدر من الذكاء لقدرتهم على استنباط الحيل والطرق الخفية لممارسة ولمحاربة ذلك طور التقنين مجموعة من الأساليب والبرامج التي تحاول ملاحقة الفساد إلكترونياً مثل المعيار الدولي لإدارة السجلات الذي يمكن استخدامه لضمان إنشاء السجلات الرقمية والحفاظ عليها كأدلة موثوقة بشأن المعاملات الحكومية. كما أن أنظمة الشراء الإلكتروني تعتبر درعاً مهماً في مكافحة الفساد والوقاية منه لأنها تزيد من مستوى الشفافية، وتعمل على تخزين البيانات بشكل مركزي ومنظم مما يؤدي إلى تعميد المشتريات والإعلان عن المناقصة إلكترونياً، وتقديم العطاءات، وإرساء المناقصات وإجراء المزادات إلكترونياً، كما توفر التقنية إمكانية إنشاء نظام لإدارة المعلومات مصمم خصيصاً للإفصاح عن مستوى الدخل والممتلكات، ونظام لإدارة المستندات يقوم بوظيفة الأرشيف. وعلى جانب الشفافية. كل تلك المميزات لا تعني أن التقنية هي الحل السحري للفساد فالتحديات موجودة مثل ارتفاع التكاليف، وأمن السجلات واستدامتها، والتعاون فيما بين المؤسسات المعنية عبر مختلف التطبيقات الفنية.