تتزايد حاجة معظم الأسر إلى تنظيم ميزانيتها التي تتعاقب عليها عدة مواسم متلاحقة، فبعد إجازة الصيف، يأتي موسم شهر رمضان المبارك وارتفاع الطلب على المواد الغذائية، ثم موسم الأعياد والمناسبات، ثم موسم العودة إلى المدارس وما يتضمنه من مصاريف مرهقة. ويرى الاقتصاديون أن هذه الأوضاع تُضاعف المسؤولية أمام الجهات الرقابية لضمان نجاح خططها في مكافحة الاحتيال والاستغلال غير المبرر للمستهلك في السوق المحلية، وبذل المزيد من الجهد لرفع مستوى وعي المستهلك والتخلص من السلوك العشوائي. وفي هذا الاتجاه رصدت "الرياض" في التقرير الذي تنشره اليوم حول أسس تنظيم ميزانية الأسرة في موسم رمضان المبارك والإجازة والأعياد العديد من الأفكار التي تشكل في مجموعها أداة فعالة لمساعدة الأسرة في إدارتها لمواردها المالية لحاضر أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً. وذلك بهدف تعظيم المنفعة الاقتصادية للأسرة إلى أعلى مستوى إشباع ممكن في ظل الموارد المالية المتاحة. ويطلق على هذه الأفكار "البرمجة الاقتصادية لميزانية الأسرة وأسس التخطيط المالي". ومتطلبات البرمجة الاقتصادية تختلف من أسرة لأخرى حسب حجم الأسرة ومستوى الدخل. لكن في معظم الحالات، هناك ثلاث ركائز أساسية ينبغي عدم الابتعاد عنها كثيراً، وهي كالتالي: أولاً: يجب ادخار ما لا يقل عن راتب شهرين في الحساب الجاري. حيث يتعذر إعداد ميزانية محكمة لدخل يتلاشى منتصف كل شهر. وواقع الحال لمعظم أفراد المجتمع أن حجم إنفاقهم مرتفع جداً في بداية الشهر مقارنة بنهايته، بل يصل بهم الحال إلى حد الإفلاس في نهاية كل شهر. ثانياً: يجب ألا تزيد تكلفة الإيجار للأسر المستأجرة عن ثلاثة رواتب شهرية. بمعنى أن لا تزيد تكاليف الإيجار عن 25% من إجمالي الدخل السنوي، والأسر التي لا تستطيع استيفاء هذا المعيار عليها أن تدرك أن ذلك يؤثر على جوانب الإنفاق على الضروريات الأخرى. ثالثاً: يجب على الأسر المستأجرة وضع خطة زمنية لامتلاك مسكنها، وتقليص حجم الإنفاق على الكماليات لاسيما السفر، وإن كان ولابد فيجب ألا تزيد تكاليف السفر في الإجازة السنوية عن 50% من تكلفة الإيجار. سلبيات الفوضى الاستهلاكية وأحد أهم مؤشرات سلبيات الفوضى الاستهلاكية يتمثل في ارتفاع حجم إنفاق الأسرة في بداية الشهر مقارنة بنهايته. ويتطلب تصحيح الأنماط الاستهلاكية مراعاة الآتي: التركيز على عنصري الجودة والسعر، وتقليل الاندفاع نحو العلامات التجارية التي امتدت إلى السلع الاستهلاكية الأساسية. الاهتمام بالدورة الاستهلاكية التي تبدأ بشراء السلعة وتستمر حتى يتم استهلاكها. مقاومة انتشار ظاهرة "تبني السلعة"، أي الإصرار على شراء سلعة أو خدمة مهما ارتفع سعرها دون البحث عن بدائل. ومما يساعد الأسر على تنظيم ميزانياته هو فهم الخدع التسويقية، حيث إن الفنون التسويقية تستهدف جذب المستهلك لشراء السلعة مع التركيز على مناطق ضعف المستهلك. وتسعى إلى إقناع المستهلك بشراء السلعة بأعلى سعر ممكن. وتلعب الخدع التسويقية دوراً رئيساً في التشويش على المستهلك وإقناعه بشراء السلع بأسعار تفوق إمكانياته في بعض الحالات. وتستهدف الخدع التسويقية القضاء على ما يعرف ب"فائض المستهلك" الذي يقيس الفرق بين السعر الحقيقي للسلعة والسعر الذي يرغب ويستطيع المستهلك دفعه، فإذا كان المستهلك يرغب ويستطيع شراء سلعة بقيمة 1000 ريال كحد أقصى، في حين أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز 700 ريال، فإن الفرق بينهما (300 ريال) هو فائض المستهلك. والشغل الشاغل للخطط التسويقية هو القضاء على فائض المستهلك. لذا ينشأ ما يعرف بتجزئة السوق والتلاعب بمواصفات السلعة الواحدة وتمييز أسعارها بطريقة لا علاقة لها بالتكاليف. ويظهر ذلك جلياً في أسواق الأجهزة الإلكترونية، والسيارات، والمعدات...الخ، وبعض الخدمات مثل السفر بالطائرة، والإقامة في الفنادق..إلخ. والخدع التسويقية خلقت ما يعرف ب(التوهم الاقتصادي/توهم التوفير)، وساهمت في انتشار ظاهرة العروض الوهمية لاسيما في السلع الاستهلاكية الأساسية بشكلٍ أشبه ما يوصف ب"السرقة بالإيحاء". ولا تقتصر عمليات الاحتيال على المستهلك بتمرير السلع التالفة أو الفاسدة أو القريبة من انتهاء فترة الصلاحية. بل تمتد إلى العديد من العبوات العائلية ذات الاحجام الكبيرة التي توحي للمستهلك بأنها اقتصادية، بينما هي أعلى تكلفة على المستهلك من العبوات الأصغر حجماً من نفس المنتج وفي نفس المتجر.