لابد أن يقود التحقيق في كارثة فندق مكةالمكرمة إلى أخطاء بشرية، وتقصير بشري، وبالتالي لابد أن تكون هناك محاسبة قاسية لأن المطلوب هو عدم تكرار الأخطاء. المحاسبة تنطلق من المسؤولية، وهذه المسؤولية ترتبط بالاختصاص فيما يتعلق بترخيص البناء، أو اضافة الأدوار، وكذلك ما يعلق بالمتابعة سواء من الدفاع المدني، أو من وزارة الحج أو غيرهما من الجهات ذات العلاقة إذا كان هناك كشف دوري فهل شمل هذا المبنى المنهار، وكيف كانت نتيجة هذا الكشف، ومتى كان تاريخه ومن الذي قام به؟ هذه الأسئلة وغيرها بحاجة إلى إجابة ولجنة التحقيق سيكون لديها ملف عريض من الأسئلة حتى تصل إلى الحقيقة. ومن المؤسف أن الإمكانات الضخمة والخدمات الرائعة التي تقدم للحجيج وخلفها مسؤولون مخلصون وجنود مجهولون ثم يقع مثل هذا الحادث وقد يظهر من يستغله للإساءة لكامل الصورة الزاهية. ومن اللافت للنظر أن الجهات المختصة قامت بعد هذا الحادث بزيارات تفقدية للفنادق المجاورة، وكانت النتيجة إقفال فندقين في شارع الغزة العام لعدم صلاحيتهما وتم إخلاء الحجاج منهما. على ماذا يدل هذا الخبر؟ أليس هذا إشارة واضحة إلى التقصير؟ لماذا لم يتم اكتشاف عدم صلاحية هذين الفندقين إلا بعد حادثة الفندق الأول؟ نعم.. إنه تحرك إيجابي حتى لا تتكرر المأساة، ولكن هذا التحرك جاء كرد فعل بعد الحادث وليس كجزء من خطة منظمة، أو فحص دوري. من هو المسؤول عن ما حدث؟ حتى الآن لم يجرؤ أحد على التقدم وإعلان مسؤوليته، وأخذت كل جهة ذات ارتباط مباشر أو غير مباشر بهذه القضية تلقي باللائمة على الجهة الأخرى فقد جاء في التقارير الصحفية أن لجنة الاشراف على المساكن تتبرأ من المسؤولية، ووزارة التجارة تلوم البلدية، وعضواً في لجنة الاشراف على مساكن الحجاج لا يرغب في ذكر اسمه يقول - بحسب الشرق الأوسط - ان مسؤولية اللجنة تقتصر على منح العمائر والبنايات السكنية تصاريح للعمل في إسكان الحجاج أما الفنادق والأبراج السكنية فهي من صلاحيات وزارة التجارة. أما المصدر المسؤول بوزارة التجارة - بحسب الاقتصادية - فهو يرى أن سلامة مباني الفنادق والوحدات السكنية المفروشة من النواحي الانشائية تدخل ضمن اختصاصات جهات معينة أخرى حيث إن اختصاص وزارة التجارة والصناعة يتمثل في إصدار تراخيص تشغيل وادارة الفنادق لمبان قائمة. أين الشفافية في هذه التعليقات ولماذا مصدر مسؤول، وحفظ الأسماء، ورغبة المتحدث بعدم ذكر اسمه إذا كان ما يقوله هو الصواب من وجهة نظره، وما هي الفائدة المرجوة من هذذه الدوامة الإسقاطية؟ أملنا بعد الله في لجنة التحقيق لكشف الحقيقة، ثم أملنا بالمسؤولين لمحاسبة المتسبب، ثم طموحنا في حلول جذرية طويلة المدى لكافة المشكلات التي تضر بمكانة هذه المناسبة العظيمة وتسيء لسمعة بلادنا. [email protected]