أميركا تدعو سوريا لسحب قواتها من السويداء لخفض التصعيد    النصر يتعاقد مع المدافع"نادر الشراري"لمدة ثلاث سنوات    35 مليون عملية إلكترونية عبر أبشر في يونيو    أمير جازان: جهود مقدرة لهيئة التراث في تمكين الشباب    أمير المدينة المنورة يفتتح أعمال «الملتقى السنوي الخامس لإمارات المناطق والمبادرات التنموية»    وزير الخارجية ومدير الطاقة الذرية يبحثان تعزيز العمل الدولي    الشورى يطالب بمعالجة رفع الرسوم الجمركية للمنتجات الوطنية في الأسواق العالمية    سعود بن نايف يشيد بجهود رجال مكافحة المخدرات بالمنطقة    وزير الخارجية يستقبل مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية    3770 وحدة سكنية للأسر المستحقة خلال النصف الأول 2025    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 يحتضن منافسات Mobile Legends: Bang Bang للسيدات    نائب أمير الرياض يستقبل سفير المكسيك لدى المملكة    مكتبة الملك فهد الوطنية تمدد ساعات العمل بعطلة نهاية الأسبوع إلى منتصف الليل    أمير القصيم يرعى توقيع اتفاقية شراكة بين جمعيتي الثقافة والفنون وجمعية المسرح    القصيم: قسطرة قلبية تنقذ رضيعًا من متلازمة داون يعاني من تشوه خلقي    أمير منطقة جازان يستقبل مدير بنك الرياض بمنطقتي جازان ونجران    تعزيز الشراكة مع القطاعات العسكرية خطوة استراتيجية لتحقيق استدامة بيئية شاملة    إيقاف 7 شركات عمرة واستدعاؤها للتحقيق لتسكينها معتمرين في سكنٍ غير مرخص    إطلاق جمعية سقيا الماء في جازان لتروي عطش ألف أسرة    مفاوضات سعودية-أوروبية لإبرام شراكة إستراتيجية    السديس يُدشّن مبادرة "زائراتنا شرف لمنسوباتنا"    استشهاد 20 فلسطينيًا في غزة    ارتفاع أسعار الذهب    مسيرات وصواريخ روسية تصيب مدنا أوكرانية    امطار خفيفة على جنوب المملكة وطقس حار على الشرقية والرياض    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    "وِرث الفن".. رحلة ترفيهية تدمج التراث السعودي بالتقنية    حقوق الإنسان تتسلم شكاوى ضد 57 أسرة    الشؤون الإسلامية بجازان تنفذ برامج دعوية بمحافظتي بيش وصامطة لتعزيز الوعي بشروط وأهمية الصلاة    خيول أصيلة تحرج الجيش الفرنسي    بعد توقف عامين استئناف جلسات منتدى الأحساء    إسلامية جازان تُطلق البرنامج الدعوي "الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية " بمحافظة أبو عريش    متى يجب غسل ملاءات السرير    تحسن طفيف في التلقيح العالمي للأطفال    ما الذي يدمر المفصل    مفتي المملكة يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية النور    نادي النجم الأزرق.. قصة نجاح في "الرابعة"    أبرز سلبيات مونديال الأندية..المقاعد الفارغة ودرجات الحرارة وغياب أبطال أوروبا    استغلت أحداث غزة لجمع التبرعات.. الأردن يكشف شبكة ال«30 مليون دينار» الإخوانية    «الغباء الاصطناعي» يكلف أسترالية 50 ألف دولار    اكتمال طرح الصكوك المحلية    كريم عبد العزيز أول بطل ل 4 أفلام بنادي ال «100 مليون»    ناقل الحطب المحلي في قبضة الأمن    بقيمة 143 مليار ريال.. 454 فرصة مطورة بالقطاعات الصناعية    يسرق بطاقات بوكيمون ب 113 ألف دولار    المفتي يستعرض جهود "النور" في تحفيظ القرآن    دعا لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة بالشعب المرجانية.. "الشورى" يطالب بوضع آلية لرسوم وتراخيص المنشآت الترفيهية    "فلكية جدة": درب التبانة يزين ليالي الصيف    أكدت عدم السعي لتوسيع رقعة الصراع.. إيران تفتح «نافذة الدبلوماسية»    الهلال يفاوض"نونيز" بطلب من إنزاغي    إغلاق منشأة تداولت منتجات تجميلية متلاعباً بصلاحيتها    8 منتخبات إقليمية تتنافس في النسخة الثانية من بطولة تحت 13 عاماً بالطائف    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    محافظ أبو عريش يرأس اجتماع المجلس المحلي لبحث الاستعدادات لموسم الأمطار    استقبل وفداً من هيئة الأمر بالمعروف.. المفتي يثني على جهود«نعمر المساجد»    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    محمد بن عبدالرحمن يستقبل نائب أمير جازان وسفير عمان    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيصل قاد البلاد مدة ثلاثة وعشرين عاماً في مختلف المجالات
مجلس الوكلاء .. مسيرة نماء وعطاء

وضع جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله أمام ناظريه هدفاً سعى جاهداً لتحقيقه بعد أن وحد البلاد تحت راية التوحيد وتوثيق الوشائج فيما بينها لذا انتهج سياسة اتخذت صورة تدريجية في السعي نحو تحقيق هذا الهدف وبعدت كل البعد عن التسرع والتعسف.
وقد كان للأمير الفيصل بن عبدالعزيز دور كبير وفعال في تحقيق الوحدة الكاملة المنشودة بوصفه نائباً عاما لوالده الملك في الحجاز ووزيراً لخارجية الدولة السعودية فكان يعمل بهدوء وأناة وروية لتطوير البلاد وتحقيق الإصلاح الشامل.
ويمكننا القول إن الخطوة الأولى على طريق الإصلاح ووحدة أقاليم الدولة السعودية الحديثة وأقطارها تجسدت فيما سمي بنظام مجلس الوكلاء الصادر في 7 رمضان 1350ه والذي ترأسه الأمير الفيصل بن عبدالعزيز وقد هدف هذا النظام إلى تنسيق شؤون الدولة بين إقليمي نجد والحجاز ، وكان مجلس الوكلاء قد شكل من رئيس للمجلس ووكلاء الخارجية والمالية والشورى في 19 شعبان 1350ه بالإضافة إلى تعيين أعضاء للمجلس هم معالي الشيخ عبدالله السليمان والشيخ حمد السليمان والشيخ عبدالله الفضل والشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم والأستاذ فؤاد بك حمزة وفي وجود حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز في مكة ينضم إليهم معالي الشيخ يوسف ياسين ثم عين بعد ذلك الأمير نايف الشعلان مساعداً لرئيس مجلس الوكلاء والشيخ إبراهيم السليمان رئيس ديوان الفيصل عضواً والشريف شرف رضا عضواً.
وأورد فؤاد حمزة في سفره (البلاد العربية السعودية) أن سمو النائب العام الأمير الفيصل بن عبدالعزيز جُعِل ذو صفتين أولاهما صفة النيابة في غياب الملك المؤسس وثانيهما صفة رئيس مجلس الوكلاء فضلا عن توليه رئاسة المجلس إضافة إلى النيابة العامة ووزارات الداخلية والخارجية والشؤون العسكرية.
أعمال المجلس
هذا وقد جعل لمجلس الوكلاء ديوان عام تصدر منه المعاملات إلى الوكالات والإدارات ويتولاه رئيس مسئول عن إدارة أعماله وما يصدر عنه من مكاتبات سواء كانت من المجلس أو من رئيسه بصفة الرئاسة أو بصفته نائباً عن الملك المؤسس وقد استمد مجلس الوكلاء سلطته ودعمه من جلالة الملك المؤسس بصفة كبيرة.
وتؤخذ قرارات مجلس الوكلاء بالأغلبية وأعضاؤه من الوكلاء المسئولون بالتضامن عن سياسة الدولة العامة لدى جلالة الملك وكل منهم مسئول عن أعمال وزارته أو الجهة التي يمثلها ويستوجب إقرار وتنفيذ أي قرار توقيع أغلبية الأعضاء عليه فضلاً عن توقيع العضو الوكيل الذي يختص ذلك القرار بالجهة التي يمثلها أما في حال نشوب أي خلاف بين الوكلاء على قرار معين أو الاعتراض على قرار صادر بالأغلبية فلسمو رئيس المجلس أحقية إقرار ذلك القرار على مسؤوليته في حال استوجب ذلك القرار سرعة التنفيذ أما إن أمكن تأجيله فيتروى فيه ثم يرفع إلى مقام الملك ليبت في إقراره من عدمه بأمر كريم يصدر من جلالته.
اجتماعات المجلس
ويعقد المجلس ليلياً شريطة وجود أكثر الأعضاء في مكان واحد كما أن له اجتماع أسبوعي إما في النهار أو الليل تعرض فيه المعاملات المبوبة والمجهزة من قبل الديوان ويعتبر سمو رئيس المجلس مرجعاً للدوائر الحكومية في معاملاتها الرسمية فضلاً عن كونه الواسطة لإصدار الأوامر الملكية إلى دوائر الحكومة والوكالات مما يدلنا على عظم الأعمال وكثرة المهمات الجسيمة الملقاة على كاهل الفيصل في تلك الحقبة الزمنية والتي لم يتجاوز عمرها حينها السادسة والعشرين عاماً إلا أنه أراد أن يشكل التنظيم الإداري الأمثل لذا ألقى جلالته تعميماً بعد تشكيل ديوان رئاسة الحكومة باسم (ديوان النائب العام ورئاسة مجلس الوكلاء) قال فيه:(ومن مطالعتكم للنظام المشار إليه ، والذي نبعث إليكم بصورة منه لاتباع مقتضاه يتبين لكم أننا أصبحنا نتولى ثلاث وظائف ، فضلاً عن النيابة العامة عن جلالة مولاي الملك في حالة غيابه . فالوظيفة الأولى هي رئاسة الحكومة ، والثانية وزارة الخارجية ، والثالثة وزارة الداخلية . وقد عينت في النظام الطريقة التي تجري بها المخابرات والإدارات التي تخاطب الداخلية . ونظراً لغياب جلالة الملك في الوقت الحاضر ، فسيكون في إمكانكم الدوام على مخاطبتنا باسم (النائب العام ورئيس مجلس الوكلاء” النائب العام لجلالة الملك) .
توقيعات الفيصل
هذا وقد نصت المادة الحادية والعشرون من نظام المجلس على تقسيم المعاملات التي تصدر بتوقيع الأمير الفيصل إلى أربعة أقسام تمثل أولها في المعاملات الصادرة حينما يكون سموه متقلداً لوظيفة النائب العام لجلالة الملك في أثناء غياب جلالته فتوقع باسم النائب العام لجلالة الملك أما الأوراق التي تصدر حينما يكون الملك حاضراً ويكون الفيصل رئيساً لمجلس الوكلاء فتأتي في القسم الثاني وتوقع باسم رئيس مجلس الوكلاء أما ثالث الأقسام فيتمثل في المعاملات الصادرة من وزارة الخارجية فتوقع بوزير الخارجية وتأتي المعاملات الصادرة من وزارة الداخلية في القسم الرابع وتوقع بوزير الداخلية.
وقد تم إشعار الدوائر الحكومية بهذا التنظيم لمراعاته في المعاملات الصادرة منها والموجهة إلى سموه كما رُتب الديوان ونسقت معاملاته على هذا الأساس.
وقد مارس مجلس الوكلاء مهماته على الوجه الأمثل في الفترة التي شكل فيها من العام 1350ه وإلى العام 1371ه حتى صدر نظام مجلس الوزراء في عام 1373ه محدثاً والحديث متواصل عن مجلس الوكلاء نقلة نوعية ونهضة كبيرة في البلاد بدليل التعديلات العديدة والإضافات الكثيرة التي حدثت بعد صدوره في تشكيلات الدولة ولعل نجاح مجلس الوكلاء الفذ يعود بعد توفيق المولى عز وجل إلى المركز الممتاز والدور الفعال الذي لعبه رئيسه الأمير الفيصل بن عبدالعزيز والذي كان مرجعاً لكل الدوائر الحكومية في الحجاز فضلاً عن ممارسته لسلطاته الواسعة في الدولة لأكثر من ثلاثة وعشرين عاماً حتى تم تشكيل مجلس الوزراء إضافة إلى حرص الدولة على توظيف وتسخير كل الوسائل الممكنة والأدوات المتوفرة سعياً إلى تطوير البلاد ، حيث تم إلزام جميع الإدارات ذات الواردات على تقديم جدول شهري مفصل عن وارداتها حسب أنواعها المالية ليتم تدقيق حساباتها وتطبيقها على التعليمات المتعلقة بها ، الأمر الذي ساعد على تنظيم موارد الدولة كما تم إحداث العديد من الإدارات ذات الواردات بالدوائر الجمركية والمحاجر الصحية والبرق والبريد والموانئ والجوازات وكتاب العدل ومأموري بيت المال والطوابع ورخص السيارات وغيرها كثير.
تحويل وكالة المالية إلى وزارة
كما تم تقسيم النفقات إلى أقسام ثلاثة هي النفقات فوق العادة والتي تصرف بأمر ملكي أو بأمر سمو النائب العام والاعتمادات المخصصة بالميزانية وتصرف حسب الحاجة بناء على طلب الدوائر التي خصص لها هذا الاعتماد والنفقات المقررة كرواتب وتصرف شهرياً. وقد أثمر هذا التقسيم عن بزوغ فجر صدر فيه الأمر الملكي بتحويل وكالة المالية إلى وزارة نظراً للحس الذي اجتاح القائمين على هذه البلاد واهتمامهم بالجانب الاقتصادي ومعرفتهم بقيمته كشريان للحياة فتم إيجاد تنظيم مالي تم فيه ضبط أوجه الإنفاق وحدد مصادر الدخل بالصورة التي ضمنت تطوير أعمال البلاد ، وتم ربط العديد من الإدارات بهذه الوزارة الوليدة منها وزارة الجمارك التي كانت تجلب أكبر الإيرادات للدولة في ذلك الحين وإدارة الحج وإدارة السيارات والكنداسة ويقصد بالكنداسة الآلة التي تستخدم لتحليه مياه البحر وكانت المياه توزع على السقاة بسعر التكلفة دون أي التنظيم العسكري زيادة.
وعودة إلى الحديث عن مجلس الوكلاء لابد لنا أن نعرج على اهتمام الفيصل بن عبدالعزيز بالجانب العسكري من خلال هذا المجلس رغم أن التنظيم العسكري بدأ محدوداً في سنواته الأولى إلا أن ذلك الاهتمام كان نواة طيبة لولادة جيش عربي سعودي حديث ومجهز وقوي, حيث قسم الفيصل القوات إلى عدة أقسام أولها الهجانة وهم المحاربون القدماء الشجعان الذين أبلوا مع الملك عبدالعزيز بلاءً حسناً في حروبه من أجل بناء هذا الكيان العظيم ويطلق على هذه القوات في نجد مسمى المجاهدين وقد خصصت لهم أعطيات تختلف باختلاف مراتبهم ومكانتهم ، وثاني تلك الأقسام تمثل في الشرطة والعسس الذين تجسدت مهماتهم في حفظ الأمن وملاحقة الخارجين على القانون وتأديب المخلين بالأدب وقد انقسمت إدارة الشرطة إلى عدة مناطق في مختلف الأقطار وتنوع جنودها من المشاة ورجال حركة المرور والخيالة وراكبي الدراجات البخارية وراكبي السيارات إضافة إلى إصدارها لجوازات السفر ومراقبة المسافرين وكان مركزها الرئيسي في مكة المكرمة ولها فروع في الموانئ إضافة إلى مصلحة السجون ومكتب للتابعية ومكاتب أخرى لعمد المحلات كما انتشر العسس في المدن ، وثالث الأقسام تجسد في القوات النظامية حيث أثمر حرص الفيصل على تطوير قوات الأمن عن تأسيسه مديرية للشؤون العسكرية عام 1348ه ووكالة للدفاع عهد بها إلى وزير المالية الشيخ عبدالله السليمان الحمدان حملت مسمى وزارة الدفاع في العام 1365ه وتم تعيين الأمير منصور بن سعود كأول وزير لها ويمكن القول إنها كانت باكورة لمجموعة من الأنظمة العسكرية السعودية المختلفة التي بدأت تصدر تباعاً مثل صدور النظام الداخلي للجيش العربي السعودي ونظام العقوبات في عام 1366ه وإضافة اسم الطيران إلى مسمى وزارة الدفاع ليصبح اسمها وزارة الدفاع والطيران ، ويتمثل القسم الرابع من تقسيم الفيصل للقوات السعودية في الخُويا الذين يتبعون كل أمير وقد كان لهم دور فعال في توطيد الأمن وثبات الأوضاع وهم درجات حسب الأقدمية والأعمال ويعتبروا أصحاب همة ونجدة في حفظ الأمن في المدن والقرى ، وتأتي خفر السواحل وهي القوة المكلفة بمراقبة السواحل وتقوم بدوريات على الزوارق ودوريات بحرية على الإبل في محاذاة الشاطئ كقسم خامس من ذلك التقسيم ، وسادس الأقسام تمثل في سلاح الحدود الذي يراقب أفراده معظم المناطق الحدودية البرية للمساعدة على حفظ الأمن ومنع التهريب.
ويمكننا الجزم بأن كل هذه الأعمال التي انبثقت عن مجلس الوكلاء كان للفيصل بصمة فيها ودور بارز في إنجازها وتطويرها شأنها شأن سائر القطاعات التي كان للفيصل فيها دور بارز وبصمة جلية سجلها له التاريخ بمداد من نور على صفحاته الخالدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.