21 % ارتفاع عقود تأجير السيارات في الربع الثالث 2025    ضبط مُواطِنَيْنِ شَرَعا في الصيد دون ترخيص داخل محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    سوريا إلى أين؟    إصدار أول علامة جودة للخرسانة المعالجة بثاني أكسيد الكربون    منصة "مُعين" الرقمية تشهد أكثر من 23 مليون زيارة و1.3 مليون جلسة قضائية رقمية    "إثراء" يطلق فعاليات "موسم الشتاء" بأكثر من 130 برنامجًا ثقافيًا    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية ماليزيا    "التخصصي" ينجح في استئصال ورم دماغي باستخدام الروبوت لأول مرة في العالم    نائب أمير حائل يطلع على خطط مركز إتمام    ترتيب الدوري السعودي بعد نهاية الجولة الخامسة    جمعية شفيعًا تنظم رحلة تكريمية لطلاب الحلقات الحافظين لكتاب الله من ذوي الإعاقة للمدينة المنورة ومكة المكرمة    «التعاون الإسلامي» تُرحّب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    تخصصي الملك فهد بالدمام يطلق مؤتمر "الابتكارات المتقدمة في الطب المخبري"    إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال مدينة القدس    فريق جراحة مستشفى صبيا ينقذ شابًا من تمزق خطير في الكبد    بلدية الخفجي تطرح 36 فرصة استثمارية متنوعة للمستثمرين ورواد الأعمال    بدء التشغيل التجريبي لمبادرة إلغاء إشارة الكربوس بجازان    سيرة من ذاكرة جازان    انطلاق المؤتمر العالمي لإنترنت الأشياء 2025 في الرياض    مدرب نيوم : كنا نعلم ان المباراة ستكون صعبة    شموخ وطن يكرم الدكتور أحمد حمود الغامدي    سماء السعودية تشهد زخة شهب الجباريات من 2 أكتوبر حتى 7 نوفمبر    تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة    تكريم الكلية التقنية للبنات بشرورة لمشاركتها في اليوم الوطني 95    جمعية رعاية الأيتام بنجران تواصل ‏برامجها ‏التوعوية    اللجنة الإعلامية ترفع جاهزيتها لانطلاق فعالية البلوت بنجران    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    بالتعاون مع الشريك الأدبي نادي ثقات الثقافي يُفعل الثقافة الأدبية في مدارس القلعة الحجازية    محافظ الأحساء يستقبل مساعد قائد قوة أمن المنشآت في الشرقية    ولي العهد يعزّي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    من «النساج» إلى «الوروار».. الطيور تبهر زوار المدينة    51 قتيلاً و150 مصاباً منذ إعلان وقف الحرب    مناورات عسكرية إسرائيلية على حدود لبنان    سعود بن نايف يشدد على التعاون لخفض الحوادث المرورية    عُقل الزلفي.. الأطلال والذكريات    «المساحة» : زلزال الخليج العربي بعيد عن أراضي السعودية    العليمي: الانتهاكات تهدد الإغاثة وتعمّق معاناة اليمنيين.. الحوثيون يقتحمون مجمعاً أممياً بصنعاء مجدداً    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    سعود بن بندر يستقبل مشرف البعثة التعليمية في البحرين ومدير تعليم الشرقية    طالبات جامعة نورة يتألقن في مسابقة الترجمة الصينية    الأزياء الجازانية.. هوية تنسجها الأصالة وتطرّزها الذاكرة    حين تسرق الثمرة.. ويبقى الجذر صامداً    دعوة إلى استعادة نعمة الملل في زمن الضجيج    مهرجان البحر الأحمر يكشف أفلام دورته الخامسة    شراكة مع الخزانة الأمريكية وصندوق أوبك لإعادة البناء.. سوريا تعزز التعاون مع واشنطن والمجتمع الدولي    بهدف تعزيز الشفافية والحوكمة في جمع التبرعات.. لائحة جديدة لتنظيم إنشاء وتمويل الأوقاف    نائب أمير نجران يُدشِّن أسبوع مكافحة العدوى    المنتخب السعودي.. من «منتخب النتائج» إلى «منتخب المنهج»    «كينونيس» يقود القادسية لعبور نيوم واستعادة وصافة روشن    ميسي يتوج بالحذاء الذهبي    بطاقة الأولوية لم تعد أولوية !!    الرياض تحتضن ختام مؤتمر رؤساء وأمناء الاتحادات الآسيوية لكرة القدم 2025    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    لا مال بعد الموت    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيصل : أحفظ كنزا من تجارب المؤسس الذي أعده منارة أستهدي بها
حليم متزن وسياسي محنك ومتحدث لبق وإداري بارع لمّ الشمل العربي وكسب تأييد ستة ملايين مسلم جابه المعترضين بحزم وأدار البلاد بحنكة

منذ نعومة أظفاره أخذ الفيصل يتشرب صفات القيادة من والده الملك عبدالعزيز الذي كان حريصا على تعليم ابنه - مباشرة - فنون السياسة، وأساليب التعامل بنجاح مع الناس والمواقف المختلفة، مهما تباينت صفاتهم أو حاجاتهم.
وقد أثر ذلك في سلوكه فعرف بالحزم، والحلم، وحسن الإدارة، مما دفع بالملك عبد العزيز إلى إسناد أدوار قيادية إليه في سن مبكرة. وقد أكد الفيصل غير مرة أن الفضل فيما امتلكه من ميزات ومؤهلات وسجايا حكيمة تعود بعد المولى عز وجل إلى مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه فمن أقواله عن والده رحمهما الله : (هو مدرستي ومنارتي التي استهدي بها ..إني أحفظ كنزا من تجاربه الرشيدة، انه مدرستي الحقيقية) .
واستمراراً لسياسة الباب المفتوح التي كان ينتهجها والده وجريا على عادة أبناء البادية كان الفيصل يقيم مجلسا مفتوحا لمناقشة القضايا المختلفة ولرد المظالم يحضره العامة والخاصة على حد سواء.
ويمكننا القول إن شخصيته الآسرة وقدرته المدهشة على التعامل مع أصعب المواقف وأحلك الظروف بأسلوب عادل ورزين ومتزن جعلتاه محببا إلى أبناء بلده بل إنه عرف دوليا بوصفه رجل دولة من الطراز الفريد فقد كان الفيصل سياسيا ماهرا ودبلوماسيا محنكا كما كان رجلا مثقفا مطلعا ومحبا للشعر والأدب.
وكان الفيصل بالفطرة إنسانا عظيم التواضع والنبل والاستقامة وكان مسلماً ورعاً ملتزماً متمسكاً بعقيدته ودينه واستطاع أن يحدث المملكة العربية السعودية وقفز بها إلى آفاق من المدنية والتطور والتقدم والازدهار لم تشهدها من قبل دون أن ينال ذلك من هويتها الإسلامية.
كما كان اهتمامه عظيما بالمواطنين وتغلغل إحساس عميق إلى سويداء قلبه بمسؤوليته في تحقيق الرفاهية لهم.
التطور والتقدم من منظور الفيصل
ورغم اعتزاز الفيصل بتراثه وتقاليد بلاده إلا أنه لم يكن يراهما عائقا أمام الاستفادة من تقنيات العصر ومستجداته،وعزم على تحقيق التقدم الاقتصادي والارتفاع بالمستوى الاجتماعي والانتقال بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة وكان رحمه الله يردد دائما:( ينبغي أن نلحق بالعالم المتقدم وأن نجد مكانا لائقا فيه).
واستطاع الفيصل ببراعته وحساسيته أن يتجاوز بعض الاعتراضات التي صادفت خطواته الإصلاحية بتأكيد أن الإسلام سيظل دستور البلاد وأن التطوير لا يعني قطع الصلة بالماضي وتراثه المجيد.
وأدرك الفيصل أن تحقيق الرخاء والرفاهية لبلاده لن يكون إلا بتطوير القدرات البشرية وتنميتها وأن المعرفة هي القوة ومن ثم صمم على أن يكون التعليم نقطة البداية لبلوغ هذه الغاية.
ومع كل ما وجده من اعتراض إلا أنه أصر على فتح أول مدرسة لتعليم البنات وحرص على ترسيخ بنية التعليم والتوسع في إنشاء الجامعات وابتعاث الطلاب إلى الخارج لتلقي الدراسات العليا مما يساعد الشباب على اكتساب المهارات العلمية والإدارية والتقنية وإعدادهم إعداداً علمياً سليماً يؤهلهم لاستيعاب النقلة التحديثية التي كان يحرص عليها.
وأدرك الفيصل رحمه الله أن رحلة التحديث والتطوير طويلة وشاقة إلا أنها مهمة وضرورية ولكن لابد من بدء الخطوات الأولى في هذه الرحلة الشاقة وكثيراً ما كان رحمه الله يردد القول: ( إننا نبدأ الخطوة الأولى ولابد من السير على مهل فلا أحد يستطيع أن يصنع المعجزات بين عشية وضحاها).
وقد وضع الفيصل برامج اجتماعية فعالة أخذت في التوسع وواصل العناية بالجوانب الصحية فتوسع في توفير الرعاية الصحية الجيدة لكل المواطنين.
الفيصل الحاكم
وكان أسلوب الفيصل في الحكم وإدارة شؤون البلاد والعباد يعكس طبيعته الإنسانية فهو لكونه مسلماً ملتزماً كان محباً للخير ومع أنه كان منظماً ومقتصداً إلا أن الجود والكرم وعمل الخير كانت من المكونات الجوهرية لشخصيته وكان اهتمامه كبيرا بقضايا الفقراء وبتوجيه الأعمال الخيرية لإعانتهم على مواجهة ظروف الحياة.
ويمكننا الجزم بأن الفيصل رحمه الله قاد البلاد إلى عصر جديد من خلال التعليم ورعاية طلاب العلم وإقامة بنية تحتية صلبة والتوسع في الزراعة وتشجيع الصناعة وتطويرها كما كانت خدمة الإسلام وأبناء وطنه في مقدمة اهتمامات الفيصل وأولوياته.
سياساته في كلمات
وقد استطاع الفيصل بن عبدالعزيز أن يصنع سياسة داخلية ودولية لها فعالياتها موازنا وموائما بين تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومقتضيات الحياة العصرية وتحقيق المصالح العامة للبلاد من غير أن يكون بينها أي تعارض أو تناقض وعرف عنه دفاعه الشديد عن القضية الفلسطينية منذ مشاركته في تأسيس الأمم المتحدة وظل يدافع عنها كما تنم عن ذلك خطبه التي كان يلقيها في المحافل الدولية والمناسبات الداخلية إذ لم تكن تخلو من إشارات واضحة وتظهر أسفه على ما آلت إليه المشكلة الفلسطينية مع تأكيده على ضرورة تضامن العرب والمسلمين من أجل إعادة الحق المشروع للفلسطينيين في وطنهم السليب وقد ارتبطت الدعوة للتضامن الإسلامي باسمه رحمه الله لما بذله من جهد من أجل توحيد كلمة المسلمين.
الفيصل في الخارجية
وعندما أنشئت وزارة الخارجية السعودية في26 رجب 1349 ه تولى فيصل منصب وزير الخارجية، وعمره (24) عامًا، فكان أول وأصغر وزير للخارجية سناً في ذلك الوقت في تاريخ شبه الجزيرة العربية والعالم أجمع .
وعند قيام “الأمم المتحدة” في (ذي القعدة 1364 ه/ أكتوبر 1945م) مثَّل الفيصل المملكة في التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة في “سان فرانسيسكو” ليسجل الفيصل المملكة العربية السعودية كعضو مؤسس لهذه الهيئة العالمية فضلاً استغلاله الأمثل لهذه الزيارة لتدعيم الموقف العربي من خلال اجتماعه مع عدد من الممثلين العرب لمناقشة الوضع العربي ومطالبته بضرورة لم الشمل العربي فضلا عن ما ذهب إليه رحمه الله في كلمته بالمؤتمر من خلال مطالبته بأن تتخذ الدول موقفاً داعماً للقضايا العربية والإسلامية, وحرصه أثناء مشاركته على توثيق علاقات المملكة مع الأمم المتحدة في توجهها القائم على أن مبادئ السلم والعدالة والحق يجب أن تسود العالم وأن العلاقات الدولية يجب أن تقوم على هذه المبادئ.، وكان للفيصل جهود كبيرة في التوصل إلى عدد من المعاهدات والاتفاقيات، منها على سبيل المثال لا الحصر : اتفاقية اعتراف “بريطانيا “بحكومة المملكة في (شوال 1345 ه/ مايو 1927م) واتفاقية لرسم الحدود مع اليمن، وأخرى مع إمارات الخليج وأخرى مع العراق والأردن.
روابط الدم واللغة والحضارة
منذ أن وضع الفيصل اللبنات الأولى للسياسة السعودية الخارجية بدت تلك السياسة واضحة جلية للمتابعين فمن خلال تتبع كلماته وتصريحاته، والتي أكد فيها أن موقف المملكة العربية السعودية من القضايا العالمية الكبرى، موقف إنساني شريف، فهي تريد نشر مبادئ السلام والأخوة والتضامن بين شعوب الدنيا كلها وتصفية الاستعمار بجميع أشكاله وأما عن سياسته العربية فإن إيمانه الكامل بدينه وعروبته دفعاه إلى تكريس الاهتمام بأهمية الهوية العربية والحفاظ على القومية العربية ووحدة الصف العربي، لما يربط هذه الأمة من روابط الدم واللغة والدين والحضارة .
كما كان له الدور الأكبر في أن تلعب المملكة العربية السعودية دوراً مهماً في مناصرة القضايا العربية والوقوف بجانب الحق العربي، كما سعى إلى الإعلان دوماً عن موقفه الرافض لهضم أي حق عربي في كل المحافل الدولية.
وقد كان موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية موقفاً مبدئياً وثابتاً ولم يتغير خلال العهود المختلفة للملوك الميامين من أبناء الملك المؤسس رحمهم الله ، وكان قائماً على الرفض الكامل لإسرائيل ومناصرة القضية الفلسطينية، وكان الفيصل رحمه الله مناصراً قوياً لقضية الشعب الفلسطيني، فقد ظل ينادي طوال حياته بعروبة فلسطين وضرورة استعادتها وتخليصها من براثن الاحتلال الإسرائيلي، وكانت القضية الفلسطينية محوراً رئيسياً في جميع كلماته وخطبه وفي جميع لقاءاته مع قادة العالم وسوف نتحدث عن هذا الجانب بتوسع في القادم من الحلقات.
كما أن المراقب لسياسة المملكة يجد أن البعد الإسلامي هو البارز والقوي في هذه السياسة، وذلك نابع من وجود الحرمين الشريفين في الأراضي السعودية وإشراف الحكومة السعودية عليهما وقد سعى الفيصل رحمه الله سعياً حثيثاً لتقوية التضامن الإسلامي الذي كان صاحب فكرة تكوين رابطة العالم الإسلامي التي ضمت الدول الإسلامية تحت سقف منظومة واحدة لأول مرة وقد عبر الفيصل عن موقفه الداعم لتقوية التضامن الإسلامي حين قال: إن حقيقة ما نهدف إليه هو تعاون إسلامي نكسب بواسطته 600 مليون مسلم في العالم إلى جانب حقوقنا.. إن هؤلاء المسلمين في العالم لن يكلفنا التعاون معهم شيئاً بقدر ما ينفعنا، فلماذا لا نكسبهم؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.