منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبد العزيز رحمه الله وهي وحتى الآن تحمل على كاهلها القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والرغبة الدائمة في إحلال السلام والاستقرار بالمنطقة ومنذ تأسيس المملكة وهي سباقة في طرح مبادرات السلام التي تصير من مرتكزات التحرك العربي منذ رسائل الملك عبد العزيز إلى روزفلت وترومان رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1938م حتى مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد عام 1981م وإلى مبادرة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز والتي تبنتها قمة بيروت وصارت من الثوابت السياسية العربية. رسائل السلام تبدأ المبادرات السعودية من أجل السلام برسائل الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة إلى روزفلت وترومان رئيس الولاياتالمتحدة وإلى غيره من رؤساء دول العالم عام 1938م وقد عبّرت هذه الرسائل عن مدى إدراك المؤسس الأول لخطورة قيام دولة يهودية على الأرض العربية وعلى حساب الشعب الفلسطيني وكذلك إدراكه المبكر أن إقامة مثل هذه الدولة سيؤدي إلى تعكير السلام والاستقرار في هذه المنطقة وقد استشعر الملك عبد العزيز الخطر الكامن في تقرير اللجنة البريطانية عام 38 بهدف تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أقسام أحدها عربية تحت الإدارة البريطانية والآخران تنشأ فيهما دولتان إحداهما عربية والأخرى يهودية عندئذ أدرك عبد العزيز خطورة هذه على حقوق الشعب الفلسطيني وبعث برسالة مطولة إلى الرئيس روزفلت فند فيها دعوى اليهود التاريخية بحقهم في فلسطين وأكد فيها على حقوق العرب وقال في رسالته: إن عرب فلسطين ومن ورائهم سائر العرب بل وسائر العالم الإسلامي يطالبون بحقهم ويدافعون عن بلادهم ضد دخلاء عنهم وعنها ومن المستحيل إقرار السلام في فلسطين ما لم ينل العرب حقوقهم. ولعل مطلب الملك عبد العزيز منذ أكثر من 60 عاماً لا يزال يشكل المطلب العربي الحالي وكذا المطلب السعودي الذي صار من ثوابت سياسة المملكة حتى الآن ومع تداعيات الأحداث وتعقدها في المنطقة ودخول القضية الفلسطينية مسارب شتى ودهاليز متعددة وتعرض الأراضي الفلسطينية لاعتداءات متكررة جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز عام 1981م التي أكدت على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس وفي إقرار السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة كما قدّم الأمير عبد الله ولي عهد المملكة العربية السعودية مشروع المبادرة في منتصف شهر فبراير عام 2002م وتطالب المبادرة بالسلام الكامل مقابل الانسحاب الكامل إلى ما وراء 4 يونيو 1967م وإقامة الدولة الفلسطينية وقد تبنتها قمة بيروت وأكد القادة العرب تمسكهم بها كاملة دون اجتزاء بوصفها الطريق الأمثل للتوصل إلى حل عادل وشامل لقضية الشرق الأوسط وطالبوا بضرورة أن يستند التحرك العربي على الساحة الدولية على المبادرة ومرجعية مدريد والأرض مقابل السلام والقرارات الدولية وقد أصبحت المبادرة من الثوابت في السياسة العربية منذ طرحها وقد عكست المبادرة خطاً ثابتاً في سياسة المملكة العربية السعودية لأنها تتواصل مع مبادرات سعودية عديدة تضامناً مع القضية الفلسطينية منذ بواكيرها. خطوات ملموسة مبادرات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين من أجل السلام واستقرار منطقة الشرق الأوسط لم تظل حبيسة الأقوال أو الإدراج إذ تم تفعيلها على أرض الواقع وواكبتها وسبقتها وتبعتها تحركات دبلوماسية سعودية نشطة على مستويات عديدة وقنوات متعددة حيث أخذت القيادة السعودية على عاتقها توجية وتنفيذ هذا التحرك وتحويله إلى فعل مؤثر وكانت مبادرة السلام التي طرحها صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني وقد تبنتها عملياً القمة العربية التي عقدت في بيروت وأصبحت مطلب كافة القادة والرؤساء العرب وعلى هذه الأساس تحرص المملكة العربية السعودية على ترجمة رؤيتها واقعياً وتفعيل العمل العربي لنقله إلى مرحلة متقدمة من التعاون الصادق والعمل على رأب تصدعاتها دوماً والمملكة سباقة في هذا ووفق هذه الرؤية تسد الذرائع أمام إسرائيل ولا تتيح لها فرصة التنصل من التزاماتها وتعهداتها فالرؤية السعودية محددة وتلقى القبول العربي ويستعرضها ولي العهد في كافة زياراته إلى بلدان العالم وآخرها كل من فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية حيث التأكيد على تحقيق السلام والاستقرار في الأرض الفلسطينية ووضع حد للصراع العربي الإسرائيلي كذلك تحقيق الاستقرار والأمن في العراق وكافة البلدان العربية. وتدرك المملكة العربية السعودية جيداً أن إسرائيل هي المستفيد الأول من حاله الفوضى والعبث والإرهاب في المنطقة العربية وبالفعل قد استفادت إسرائيل كثيراً من هذه الحالة كما استفادت طويلاً من الضعف العربي وقدمت نفسها للمجتمع الدولى كبديل عن العالم العربي وإدراكاً لكل ذلك تأتي القضية الفلسطينية والبحث عن حلول لها في مقدمة اهتمامات سمو ولي العهد وتأتي زيارته للقاهرة في إطار جولته العربية بعد جولته العالمية تأكيداً على هذا التوجه كذلك إدراك ما تشهده المنطقة من متغيرات وتحديات جد خطيرة تواجه الدول العربية في الفترة القادمة سواء على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي أو ما يحدث في العراق والسودان ولبنان والحديث عن الإصلاحات السياسية العربية أو ظاهرة الإرهاب التي تعاني منها دول العالم وأمام كل هذه التحديات كان لا بد من تحرك المملكة الفعال وهو بالفعل فعال لتميز دورها ولثقلها السياسي ومكانتها الكبيرة التي تتمتع بها في قلب المنطقة ولمكانة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لدى كافة دول العالم وكذلك بشهادة كافة المحافل الدولية التي حضرها ولي العهد حيث تشيد بحكمة وحنكة القيادة السعودية وتأتي جولة سمو ولي العهد العربية لتتأكد كثافة الجهود السعودية كما أن زيارة مصر تؤكد تطابق الرؤية والتوجه في دفع وتحريك عملية السلام ودفع الرؤية الأمريكية لتفعيلها وتحويلها بما يخدم القضايا العربية حيث لا بد من ضغط أمريكي كامل على شارون لتنفيذ التزاماته وتنفيذ وتفاهمات شرم الشيخ حيث تحمل المملكة العربية السعودية على عاتقها إقرار السلام والاستقرار في المنطقة وبذل الجهود لصالح الأمة العربية والإسلامية والعمل على بلورة موقف عربي واضح له تأثيره ونفوذه في المنطقة والعالم.