«غرفة بيشة» تساهم في دعم حفل تكريم المشاركين في مبادرة أجاويد ٢    الأمير سعود بن نهار يرعى حفل اطلاق الاستراتيجية الجديدة لغرفة الطائف    المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا.. 50 عاماً من العطاء    "تعليم الطائف" يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    حملة مشتركة تسفر عن رفع ما يقارب الطنين من الخضروات والسلع المختلفة من الباعة الجائلين المخالفين بشرق الدمام    التطوع في منطقة الحدود الشمالية    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    طالبتان من تعليم الطائف تحصدان الميدالية الذهبية والفضية على مستوى العالم    جامعة الملك فيصل تحصد الميدالية الذهبية عن اختراع جديد    من ينتشل هذا الإنسان من كل هذا البؤس    مجسم باب القصر يلفت انظار زوار وسط بريدة    الرئاسة العامة تشارك في ورشة عمل "الأثر المناخي في حج عام ١٤٤٥ه"    نعمة خفية    المربع الجديد: وجهة لمستقبل التنمية الحضرية بالسعودية    انجاز 40% من مشروع الربط الكهربائي بين السعودية ومصر    ضبط 16023 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    تن هاج : تركيزي منصب على آخر مباراتين لمانشستر يونايتد    قائد فذٌ و وطن عظيم    إندونيسيا: الكوادر الوطنية السعودية المشاركة في "طريق مكة" تعمل باحترافية    المشتبه به في الاعتداء على رئيس الوزراء السلوفاكي يمثل أمام المحكمة    مسؤولون إسرائيليون: مفاوضات الهدنة في طريق مسدود    المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو" حتى 2026م    متحدث «الداخلية»: مبادرة «طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي والتقنية لخدمة الحجاج    القاهرة : لاتراجع عن دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    «الحج والعمرة»: لا تصاريح عمرة ابتداء من 16 ذو القعدة وحتى 20 ذو الحجة    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    دراسة: الشركات الألمانية لا تسوق للسيارات الكهربائية بشكل جيد    توطين تقنية "الجينوم السعودي" ب 140 باحث سعودي    «المركزي الروسي» يرفع الدولار ويخفض اليورو واليوان أمام الروبل    سان جيرمان يسعى لفوز شرفي لتوديع مبابي    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    "تيك توك" تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    آلية الإبلاغ عن الاحتيال المالي عبر "أبشر"    "الذكاء" ينقل مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    نيفيز: الهلال لا يستسلم أبدًا    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    مهارة اللغة الإنجليزية تزيد الرواتب 90 %    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    رقم جديد للهلال بعد التعادل مع النصر    موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والترجي اليوم في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    «الدفاع المدني» محذراً: ابتعدوا عن أماكن تجمُّع السيول والمستنقعات المائية والأودية    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في «آيسف 2024»    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    طريقة عمل مافن كب البسبوسة    طريقة عمل زبدة القريدس بالأعشاب    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «تعليم جدة» يتوج الطلبة الفائزين والفائزات في مسابقة المهارات الثقافية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    حراك شامل    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدوافع الإستراتيجية وراء الدعم الأمريكي لسياسات إسرائيل العدوانية

في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم يتساءل الكثيرون لماذا تواصل الولايات المتحدة رغم بعض الاستثناءات دعمها العسكري والمالي والدبلوماسي
الواسع النطاق لإسرائيل في ظل انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان بواسطة قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولماذا هذا التأييد القوي من كلا الحزبين لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني آريئيل شارون في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟.
إن العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعتبر سمة من أبرز سمات السياسة الخارجية الأمريكية طوال ثلاثة عقود ونصف، فالمعونة العسكرية والاقتصادية السنوية إلى إسرائيل والتي تبلغ ثلاثة مليارات دولار نادرا ما تناقش في الكونجرس حتى من خلال الليبراليين الذين يعارضون تقديم المعونة الأمريكية إلى الحكومات المتورطة في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان أو من قبل المحافظين الذين يعترضون على المعونة الخارجية عموما، والواقع أن جميع الدول الغربية تشارك الولايات المتحدة مساندتها القوية لحق إسرائيل المشروع في العيش في أمن وسلام على الرغم من رفض هذه الدول إمداد إسرائيل بالسلاح طالما بقيت على احتلالها للأراضي التي استولت عليها في حرب 1967 ولم تقترب أي منها من مستوى التأييدالدبلوماسي الذي تمنحه واشنطن لإسرائيل حيث تقف الولايات المتحدة غالبا بمفردها إلى جانبها في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى حينما ترتفع الأصوات الرافضة لانتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولي إلى جانب تجاوزاتها الأخرى.
وعلى الرغم من أن دعم الولايات المتحدة للحكومات الإسرائيلية المتوالية مثل معظم قرارات السياسة الخارجية يستند غالبا على أسس أخلاقية فهناك القليل من الأدلة التي تدل على أن الدوافع الأخلاقية تلعب دورا أكبر من الدور الذي تلعبه في السياسة الأمريكية في أي مكان آخر في العالم، إن معظم الأمريكيين متفقون على الالتزام الأخلاقي تجاه بقاء إسرائيل كدولة يهودية ولكن ذلك لا يرقى إلى مستوى الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي الذي تحصل عليه إن المساعدة الأمريكية لإسرائيل تتجاوز حد احتياجات حماية أمن إسرائيل داخل حدودها المعترف بها دوليا، فالمساعدة الأمريكية تشتمل على مساندة سياستها في الأراضي المحتلة عسكريا التي تنتهك غالبا المبادئ القانونية والأخلاقية للسلوك الدولي.
فلو كان الاهتمام بأمن إسرائيل هو الشغل الشاغل لواضعي السياسة الأمريكية لكانت المعونة الأمريكية لإسرائيل أكبر ما يمكن في السنوات الأولى لوجود الدولة اليهودية حينما كانت مؤسساتها الديموقراطية أقوى وكان وضعها الاستراتيجي على المحك، ولكانت قد تضاءلت مع تنامي قوتها العسكرية بدرجة متعاظمة ومع ازدياد قمعها للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ولكن على النقيض كانت الأمور تمضي في الاتجاه المعاكس.. فالمعونة العسكرية والمالية الأمريكية الكبرى لم تبدأ إلا بعد حرب 1967 فالواقع أن 99% من المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل منذ نشأتها قد جاءت فقط بعد أن برهنت إسرائيل أنها أقوى من كل الجيوش العربية مجتمعة وبعد أن أصبحت القوات المسلحة الإسرائيلية تحكم عددا كبيرا من الشعب الفلسطيني.
وبالمثل فإن المعونة الأمريكية لإسرائيل الآن أكبر منها منذ 25 سنة مضت.
وفي ذلك الوقت كانت القوات المسلحة المصرية القوية وذات التسليح الجيد تهدد بالحرب، أما اليوم فإن إسرائيل تربطها بمصر معاهدة سلام وهناك منطقة عازلة منزوعة السلاح ومراقبة دوليا تجعل جيشها بعيدا، وفي ذلك الوقت أيضا كان الجيش السوري يتنامى على نحو سريع في ظل وجود ترسانة سلاح سوفييتية متطورة، أما اليوم فقد أعلنت سوريا عن استعدادها في أن تعيش في سلام مع إسرائيل في مقابل استعادة مرتفعات الجولان المحتلة كما تضاءلت قدراتها العسكرية وضعفت مع انهيار الراعي السوفييتي.
أيضا في منتصف السبعينيات كانت الأردن لا تزال تطالب بالضفة الغربية وكانت تحشد عدداً كبيراً من القوات على طول حدودها مع إسرائيل أما الآن فقد وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل وأقامت معها علاقات طبيعية، وفي ذلك الوقت كان العراق يمضي قدما في برنامج تسلح واسع النطاق وقد دمرت القوات المسلحة العراقية نتيجة لحرب الخليج والعقوبات والمراقبة الدولية ويؤدي ذلك إلى بروز سؤال هام: لماذا تظل المعونة الأمريكية ثابتة أو تزيد عاما بعد آخر؟.
من الناحية النظرية كان من المفترض أن يتم قطع المعونة الأمريكية عن إسرائيل منذ سنوات عديدة بعد أن أصبحت غير مهددة من الناحية العسكرية فإسرائيل اليوم لديها صناعة سلاح محلية كبرى وقوة عسكرية أقوى من أي قوى عسكرية معادية مجتمعة فلم يعد بقاء إسرائيل مهددا من الناحية العسكرية في المستقبل القريب وعندما كانت إسرائيل ذات هيمنة عسكرية أقل لم يكن هناك كل هذا الإجماع على المساندة الأمريكية لإسرائيل وعلى الرغم من أن التصعيد الأخير للهجمات الاستشهادية داخل إسرائيل قد أثار اهتمامات واسعة بسلامة الشعب الإسرائيلي فإن الغالبية العظمى من المساعدة العسكرية الأمريكية ليست لها علاقة بجهود مكافحة الإرهاب.
بإيجاز إن الدعم الأمريكي المتزايد للحكومة الإسرائيلية مثله مثل دعم أمريكا لحلفائها في كل مكان بالعالم ليس مدفوعا باحتياجات أمنية موضوعية أو بالتزام أخلاقي قوي ولكن السياسة الخارجية الأمريكية كما هي في كل مكان آخر مدفوعة أولا وقبل أي شيء آخر بالمصالح الاستراتيجية.
أسباب استراتيجية لاستمرار الدعم الأمريكي
هناك اتفاق واسع بين صناع السياسة الأمريكية من كلا الحزبين على أن إسرائيل قد أفادت المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى.
فقد نجحت إسرائيل في منع انتصار الحركات القومية المتطرفة في لبنان والأردن وكذا في فلسطين كما نجحت إسرائيل لسنوات عديدة في كبح جماح سوريا حليفة الاتحاد السوفييتي كما نجح سلاح الجو الإسرائيلي في الهيمنة على المنطقة كما أدت حروب إسرائيل المتعددة إلى توفير ساحات القتال لاختبار الأسلحة الأمريكية غالبا في مواجهة الأسلحة السوفييتية، كما أنها شكلت قناة سرية لتقديم الأسلحة الأمريكية إلى النظم والحكومات التي لا تحظى بشعبية داخل الولايات المتحدة مما يحول دون منحها معونة عسكرية مباشرة مثل نظام جنوب أفريقيا العنصري والجمهورية الإسلامية الإيرانية والطغمة العسكرية الحاكمة في جواتيمالا ومتمردي الكونترا في نيكارجوا كما قام المستشارون العسكريون الإسرائيليون بمساعدة متمردي الكونترا والطغمة الحاكمة في السلفادور قوات الاحتلال في ناميبيا، كما قامت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمساعدة نظيرتها الأمريكية في جمع المعلومات وفي العمليات السرية كما تمتلك إسرائيل صواريخ قادرة على الوصول إلى الاتحاد السوفييتي السابق وتمتلك ترسانة نووية تحتوي على مئات الرؤوس كما تعاونت مع الصناعة العسكرية الأمريكية بالبحث والتطوير لإنتاج طائرات مقاتلة جديدة ونظم دفاع مضادة للصواريخ.
المساعدة الأمريكية تزداد كلما ازدادت إسرائيل قوة
إن نمط المساعدة الأمريكية لإسرائيل يكشف عن أشياء كثيرة فبعد انتصار إسرائيل الساحق في 1967 حيث برهنت على مدى تفوقها العسكري في المنطقة قفزت المعونة الأمريكية بمعدل 450% وكان جزء من هذه الزيادة كما جاء في نيويورك تايمز يتصل برغبة إسرائيل في مد الولايات المتحدة بعينات من الأسلحة السوفييتية الحديثة التي استولت عليها خلال الحرب وبعد الحرب الأهلية في الأردن 70 1971 حينما أصبحت قدرة إسرائيل على قمع الحركات الثورية خارج حدودها بادية للعيان ارتفعت المعونة الأمريكية إلى سبعة أضعافها وبعد أن نجحت في صد هجوم الجيوش العربية عام 1973 بمساعدة اكبر جسر جوي أمريكي في التاريخ وبرهنت إسرائيل على قدرتها على التصدي لقوات يدعمها السوفييت زادت المعونة العسكرية مرة أخرى بمقدار 800%.
وفي عام 1979 تضاعفت المعونة مرة أخري أربعة أضعاف بعد سقوط الشاه وانتخاب حكومة الليكود اليمينية وإبرام معاهدة كامب ديفيد التي تضمنت بنودا تنص على زيادة المعونة العسكرية مما جعلها حلفاً عسكرياً ثلاثياً أكثر منها اتفاقية سلام تقليدية (ومن الجدير بالذكر أن المساعدة العسكرية الإضافية المقدمة إلى إسرائيل في المعاهدة استمرت على الرغم من رفض حكومة بيجن الانصياع للبنود المتصلة بالحكم الذاتي الفلسطيني) وزادت المعونة مرة أخرى بعد قيام إسرائيل عام 1982 بغزو لبنان وفي 1983 و1984 عندما قامت الولايات المتحدة وإسرائيل بتوقيع مذكرة تفاهم على التعاون والتخطيط العسكري وقامت بأول مناورات بحرية وجوية كوفئت إسرائيل بمقدار 5 ،1 مليار دولار كمعونة اقتصادية كما حصلت أيضا على نصف مليار دولار إضافية من أجل تطوير طائرة مقاتلة جديدة.
وخلال وبعد حرب الخليج مباشرة زادت المعونة الأمريكية بمقدار 650 مليون دولار أخرى وعندما قامت إسرائيل بالمبالغة في ممارساتها القمعية بالأراضي المحتلة بما في ذلك اجتياح الأراضي الفلسطينية التي تتمتع بالحكم الذاتي المنصوص عليه في معاهدات تضمنها الحكومة الأمريكية زادت أيضا المعونة الأمريكية وارتفعت مرة اخرى بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية ضد الولايات المتحدة.
إن العلاقة واضحة : كلما كانت إسرائيل أقوى وأكثر رغبة في التعاون مع المصالح الأمريكية حصلت على مزيد من الدعم.
تأكيد التفوق العسكري الإسرائيلي
وعلى ذلك فإن استمرار الدعم عالي المستوى لإسرائيل لا يأتي انطلاقا من الاهتمام بوجود إسرائيل ولكنه يجيء كنتيجة لرغبة الولايات المتحدة في استمرار الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين وهيمنتها العسكرية على المنطقة.
والواقع أن الزعماء السياسيين الأمريكيين المنتمين لكلا الحزبين لا يطالبون بأن تقوم الولايات المتحدة بالحفاظ على التوازن العسكري بين إسرائيل وجيرانها ولكنهم يطالبون بتأكيد التفوق العسكري الإسرائيلي.
ومنذ الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر وهناك بعض الجدل الدائر حول مدى الدعم الواجب تقديمه من قبل الولايات المتحدة للسياسة الإسرائيلية التي يهيمن عليها الآن الزعيم اليميني آريئيل شارون، وقد حذر بعض المحافظين الأكثر براجماتية في إدارة الرئيس بوش مثل كولين باول وزير الخارجية من أن الدعم غير المشروط لحكومة شارون خلال فترة القمع غير المسبوق في الأراضي الفلسطينية ربما يجعل من الصعب الحصول على تعاون كامل من قبل الحكومات العربية في الحملة الأمريكية ضد الخلايا الإرهابية المنتمية إلى تنظيم القاعدة.
أما بعض العناصر الأكثر يمينية مثل بول ولفويتس بوزارة الدفاع فتقول بأن شارون حليف لا غنى عنه في الحرب على الإرهاب وأن المقاومة الفلسطينية هي ضلع أساسي في مؤامرة إرهابية عالمية ضد المجتمعات الديموقراطية!!.
عوامل مساعدة أخرى
عندما يتوافق ذلك مع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة لا تتورع واشنطن عن مساندتها لأسوأ أنواع الانتهاك للقانون الدولي وحقوق الإنسان من قبل حلفائها ومنع الأمم المتحدة أو أي طرف آخر أيا كان من الوقوف في وجه ذلك، فلا يوجد لوبي أخلاقي ولا دافع أيديولوجي يجبر صانعي السياسة على فعل ما يخالف ذلك وطالما ظلت المقتضيات اللا أخلاقية للسياسة الواقعية تفرض وجودها فإن السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى لن تعكس إيمان الشعب الأمريكي بأن العلاقات الأمريكية الدولية يجب أن تسترشد بالأخلاق والمبادئ الإنسانية.
وهناك بعض النماذج الأسوأ لمساندة الولايات المتحدة للقمع لم تمر مرور الكرام وأدت إلى انقلابات في السياسة الأمريكية كما حدث في فيتنام وأمريكا الوسطى وجنوب أفريقيا وتيمور الشرقية، ففي هذه الحالات تنامت حركات جماهيرية مؤيدة للسلام والعدل لدرجة دفعت أنصار الليبرالية في الكونجرس وفي وسائل الإعلام وفي كل مكان إلى المطالبة بوقف القمع الأمريكي للشعوب.
قضية إسرائيل وفلسطين مختلفة تماما فهناك قطاعات هامة من الشعب الأمريكي ينتقدون السياسة الأمريكية ومع ذلك فهناك تأييد واسع النطاق للاحتلال الإسرائيلي، فالواقع أن الكثير من نفس الليبراليين الديموقراطيين في الكونجرس الذين يؤيدون الحركات التقدمية في قضايا أخرى للسياسة الخارجية يتفقون مع الرئيس جورج دبليو بوش أو حتى يذهبون إلى مدى أكثر يمينية منه في قضية إسرائيل وفلسطين.
وعلى ذلك بينما يكمن الدافع الاستراتيجي في عمق الدعم الأمريكي لإسرائيل فهناك عوامل أخرى إضافية جعلت تلك القضية أكثر صعوبة لأنصار السلام وحقوق الإنسان وهذه العوامل تشتمل على ما يلي:
التعاطف الذي يبديه الكثير من الليبراليين وخصوصا جيل ما بعد الحرب الذي يحتل مواقع قيادية في الحكومة ووسائل الإعلام نحو إسرائيل ومن خلال خليط من الشعور بالذنب مصدره العداء الغربي للسامية والصداقات الشخصية مع اليهود الأمريكيين المرتبطين بقوة بإسرائيل والخوف من تهمة معاداة السامية عند نقد إسرائيل تنشأ ممانعة هائلة للاعتراف بخطورة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان وللقانون الدولي.
لقد قامت المنظمات اليهودية المحافظة والكبرى بحشد الموارد المالية وجمع التبرعات من اليهود والضغط على وسائل الإعلام ومنتديات الحوار الجماهيري لدعم الحكومة الإسرائيلية وعلى الرغم من أن دور اللوبي الموالي لإسرائيل مبالغ فيه غالبا إلى حد عظيم لدرجة القول بأنه المحدد الرئيسي للسياسة الأمريكية فإن له دوراً هاماً في بعض انتخابات الكونجرس الحرجة وفي المساعدة على خلق مناخ مخيف لأولئك الساعين إلى سياسة أمريكية معتدلة بما فيهم عدد كبير من اليهود التقدميين.
أيضا صناعة السلاح التي تساهم بخمسة أضعاف ما تساهم به منظمة «ايباك» والمنظمات الأخرى الموالية لإسرائيل في انتخابات الكونجرس وفي حشد الجهود لها نصيب كبير في تأييد إرسال شحنات السلاح إلى إسرائيل والحلفاء الآخرين لأمريكا في الشرق الأوسط، فالأسهل لعضو الكونجرس على سبيل المثال أن يعترض على صفقة سلاح مقدارها 60 مليون دولار إلى إندونيسيا بدلا من أن يعترض على إرسال أسلحة تساوي أكثر من 2 مليار دولار مرسلة إلى إسرائيل وخصوصا إذا كان يمثل دائرة تحتوي على الكثير من المصانع التي تنتج هذه الأسلحة.
كما أن العنصرية الواسعة النطاق ضد العرب والمسلمين شائعة في المجتمع الأمريكي ورائجة في وسائل الإعلام ويختلط ذلك باعتبار نظرة الكثير من الأمريكيين للصهيونية في الشرق الأوسط على انها انعكاس لتجربتنا التاريخية كرواد في أمريكا الشمالية نقوم ببناء أمة تقوم على المبادئ النبيلة بينما نقوم بقمع وطرد السكان الأصليين.
هناك أيضا فشل الحركات التقدمية في الولايات المتحدة في التصدي للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وفلسطين على نحو فعال فلسنوات عديدة تجنبت الجماعات الداعية للسلام والمدافعة عن حقوق الإنسان التصدي لهذا الموضوع وذلك حتى لا تفقد دعم العديد من أعضائها اليهود والليبراليين الآخرين المؤيدين للحكومة الإسرائيلية والخوف من أن يؤدي انتقاد السياسة الإسرائيلية إلى تشجيع المعادين للسامية وكانت النتيجة هي دون وجود الكثير من الضغوط لم يكن لدى أعضاء الكونجرس الليبراليين حافز كبير للوقوف في وجه مؤيدي إسرائيل، في غضون ذلك اتخذت العديد من الجماعات اليسارية المتطرفة موقفا بالغ التشدد في عدائه لإسرائيل لم يتحد السياسات الإسرائيلية فقط ولكنه اعترض حتى على حق إسرائيل في الوجود مما عرض مصداقيته للخطر وفي بعض الحالات وخصوصا بين الأفراد والجماعات الأكثر تحفظا في نقدها لإسرائيل تظهر على الفور تهمة معاداة السامية مع المبالغة في مزاعم القوة الاقتصادية والسياسية اليهودية وأشياء أخرى مما يؤدي إلى انسحاب كل من يفكر في انتقاد السياسة الأمريكية.
خاتمة
بينما يعتمد الدعم الأمريكي لسياسة الاحتلال الإسرائيلي بشكل أساسي مثل المساندة الأمريكية لحلفائها في كل مكان على مساندة إسرائيل للمصالح الأمنية الأمريكية فهناك عوامل أخرى تعوق جهود الجماعات المؤيدة للسلام وحقوق الإنسان عن مجابهة السياسة الأمريكية وعلى الرغم من هذه المعوقات فإن الحاجة إلى مجابهة الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي هي الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى فهو لم يؤد فقط إلى معاناة هائلة للفلسطينيين وعرب آخرين ولكنه يؤدي على المدى البعيد إلى إلحاق الضرر بمصالح كل من الولايات المتحدة والدول العربية وزيادة أعداد العناصر المتطرفة والمسلحة في العالمين العربي والإسلامي رداً على ذلك.
وفي النهاية لا يوجد أي تعارض بين مساندة إسرائيل ومساندة فلسطين حيث أن الأمن الإسرائيلي والحقوق الفلسطينية ليسا منفصلين ولكنهما يعتمدان على بعضهما البعض، فالمساندة الأمريكية للحكومة الإسرائيلية قد أدت مرارا وتكرارا إلى تخريب جهود نشطاء السلام في إسرائيل من أجل تغيير السياسة الإسرائيلية التي وصفها الجنرال وعضو الكنيست الإسرائيلي ماتي بيليد بأنها تدفع إسرائيل نحو موقف متصلب لا يلين.
ربما يتمثل أفضل دعم يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في «الحب الملتزم» بمعنى مساندة حقها في أن تعيش في أمن وسلام داخل حدود معترف بها دوليا ولكن مع اعتراف واضح بإنهاء الاحتلال.
هذا هو التحدي الذي يواجه أولئك الذين يؤمنون بالقيم الأصيلة للحرية والديموقراطية وسيادة القانون.
بقلم ستيفن زانس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.