الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج طلبة «كلية الأعمال» في جامعة الفيصل    في ذكرى انطلاقة الرؤية.. مسيرة طموحة لوطن عظيم    مركز وقاء بمنطقة الرياض يبدأ المرحلة الأولى لتحصين المواشي    إصابة مغنٍّ فرنسي شهير بطلق ناري    الملك يغادر المستشفى بعد استكمال فحوصات روتينية    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    الأوبرا قنطرة إبداع    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    140 مقبرة جماعية في غزة    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي بوفد من كبار مساعدي ومستشاري أعضاء الكونغرس الأمريكي    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل ردّاً على مقتل مدنيين    الفيحاء يستقبل الطائي.. والأهلي يحل ضيفاً على الرياض.. والوحدة يلتقي الحزم    هلاليون هزموا الزعيم    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    فرنانديز ينقذ يونايتد من السقوط أمام شيفيلد بدوري إنجلترا    379 مليار ريال القيمة السوقية للشركات المدرجة بقطاعي الاتصالات والتقنية    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    "جنّات" جازان تثمر 30 نوعاً من "الفواكه"    "5 ضوابط" جديدة بمحمية "الإمام تركي"    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    أهلاً بالأربعين..    النفع الصوري    حياكة الذهب    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    عيدية كرة القدم    جاسم أحمد الجاسم عضو اتحاد القدم السابق ل"البلاد": الهلال يغرد خارج السرب.. وحديث المجالس وضع" هجر" في مهب الريح    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    مسبح يبتلع عروساً ليلة زفافها    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    افتتاح ثلاث مدارس للطفولة المبكرة في اللِّيث    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    "إكس" تطلق تطبيقاً للتلفاز الذكي    اكتشاف بكتيريا قاتلة بمحطة الفضاء الدولية    961 مليونا ً لمستفيدي «سكني»    معرض عسير يستعرض فرص الاستثمار العقاري    أمير الشرقية: القيادة تولي العلم والتنمية البشرية رعاية خاصة    دورة تأهيلية ل138 مستفيداً ومستفيدةً من برنامج الإعداد للابتعاث    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    الإسباني "خوسيلو" على رادار أندية الدوري السعودي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    أمير عسير يواسي أسرة آل جفشر    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    طريقة عمل ديناميت شرمب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافيون للمثقفين: نستثمركم رغم مزاجيتكم
نحتاجكم للركض في بلاط صاحبة الجلالة..

صحافيون مثقفون لاهم لهم سوى صنع منتج ثقافي يليق بالناتج الأدبي والثقافي الذي تشهده البلاد مؤمنون أن الثقافة علم وفكر وحضارة وإبداع ماضون نحو الجمال بكل ملامحه الفنية والتشكيلية غير أنهم أحيانًا يصطدمون «بمطبات» عنيفة يصنعها في طريقهم المثقفون أنفسهم. «الثقافية» هذه المرة غيرت موضع الكراسي وبدلت الأدوار وارتأت أن تقدم مادة للصحفيين أنفسهم في هذا التحقيق ليقولوا حاجاتهم ويرفعوا أصواتم بمطالبهم وليكون المثقفين ظهرًا لهم وسندًا وسلمًا إلى السماء في بلاط صاحبة الجلالة. اسمع أيها المثقف هناك من يرفع صوته أمامك لينبهك «دون خصام» أنت وأنا وجهان لعملة واحدة من الإبداع كلانا يكمل الآخر.. فلا تغتال مزاجيتك أوراقي.. قد يكون عذرك في المقابل ولك بعض الحق أنك أيها الصحافي الثقافي بعيد كل البعد عن المشهد.. أعطني أذنك لأهمس فيها ونتفق..
الصحافة علم وفكر وأبداع
استهل مدير تحرير الشؤون الثقافية بمؤسسة دار اليوم للصحافة والطباعة والنشر د. أحمد سماحة مستحضرًا تاريخ الصحافة وقال : يثير هذا المحور شجون ويستدعي تاريخ الصحافة في العالم وفي المملكة إذ أن جل من أنشأ الصحافة هناك وهنا مثقفون أدركوا ماهية الصحافة والإعلام إلى جانب ماهية الثقافة التي تلعب دورا هاما وفاعلا في بناء العقول والأفكار.
إنني لن أعود لتاريخ الصحافة ولن أتوقف عند مفهوم الثقافة الذي ربطه البعض بالإبداع الشعري أو السردي أو البحث الأكاديمي في شؤون اللغة والأدب بشتي مجالاته ولكني فقط سأشير إلى أن الثقافة أعمق وأكثر حضورا في كل جوانب حياتنا وإذا توقفنا عند المناشط الثقافية في صحافتنا ومنها تلك التي أفردت صفحات لها وملاحق لنقل ورصد وتقديم الرؤى والأفكار والإبداعات والمناشط .. يمكن القول إن هذا الجانب من الأهمية بمكان في بناء الفكر والإنسان خاصة في إضاءة رؤيته للعالم عبر الواقع الحقيقي والمتخيل ليسمو بفكره ورؤيته لذاته والذوات الأخرى هنا وهناك وإذا كانت الصحافة علم وفكر وإبداع فمن المهم أن يكون الممتهن لها مدركا لهذا العلم وماهيته وأن يمتلك من الطموح مايؤهل لأن يبدع ليخرج من عباءة المهنية إلى الإبداع وولوجا إلى الواقع عبر محوركم أجدني متذكرا موقفا حدث لي في أحدي المناسبات الثقافية إذ جاء لي أحد الصحفيين ليسألني وكان يشير إلى قاص معروف في الساحة حاذ اهتمام الموجودين وسألني من هذا؟ قلت له ماذا تريد قال أريد أن أحاوره فقد شاهدت الجميع يرحب به وعندما سألته ماذا يعمل ..؟ كانت الدهشة تعتلي وجهي وهو يقول محرر ثقافي في... المهم قلت له إن- الشخص شاعر- وحدث ماحدث بعدها من ضحك وغرابة..؟
لا يمثل الصحفيين!
هل هذا يمثل الصحافة الثقافية التي تحمل على عاتقها ليس نشر الإبداع فقط ولكن نقل الأفكار والأخبار وإثراء الساحة وإضاءة المشهد الثقافي والكشف عن أبعاده ونشر الإبداع بل واكتشاف المبدعين إضافة إلى جوانب كثيرة لعبت فيها الصحافة دورا كبيرا مثل الترشيح للجوائز المحلية والعربية وغيرها..؟
الكتابة فعل معرفي تراكمي
وعن لعب الصحافي الثقافي دور في صنع وتشكيل المشهد وإثراء الساحة الصحافية من خلال صنع الأخبار وتغطية الفعاليات وإجراء المقابلات والحوارات التي تعكس المستوى اللائق للمنتج الثقافي السعودي يقول المسؤول الثقافي بصحيفة «الرياض» إبراهيم الوافي:
الكتابة ليست وصفة..
الكتابة بكل أشكالها الجادّة .. لا يمكن تقديمها في وصفة وإلا لاستأثر بها الأغنياء .. هي فعل معرفي تراكمي يتكئ غالبا على موهبةٍ مبكّرة .. وبالتالي لا أظن أن الصحافي المثقّف أيا كان طرحه يخرج منها حينما لايكتبها من قبل ومن بعد إلا التاريخ.
ويضيف : لاشك أن التقارير أو التحقيقات أو حتى الأطروحات الثقافية هي منتج ثقافي في آخر الأمر بدءا باختيارها كمادة صحفيها مرورا بالإحاطة باهتماماتها وانتهاء بتحليلها .. لاأخال طرحا صحافيًا مثقفًا لايحمل وجهة نظر مؤثرة ولو من باب اختياره كمادة صحفية .
وحول صدمة الصحافي الثقافي خلال صناعته لبعض الأعمال خلال إجراء الحوارات بمزاجية غريبة من بعض المثقفين خصوصًا من الذين نعتبرهم رموزًا ثقافية مايصيبهم بإحباط أحيانا عند رفض إجراء الحوارات أو التعليق حول بعض القضايا التي كان يسعى لجمعها الصحافي ما يضطره لإلغاء مادته أحيانًا يقول الوافي :
لا أرى الحضور الصحفي الإعلامي إلا جزءا من صناعة التاريخ .. عنّي تفاجئني كثيرا هذه المواقف لأني افترضت بالكتابة كفعل تواصلي مع الوجود .. فذاك الذي يزعم بأنه يجيد التواصل مع الركام المعرفي والمكوّن الطب يعي يفشل في التواصل مع قرينه في المجال ..هو واقع متناقض كما أراه.
أعط القوس باريها..
ويؤكد الشاعر والإعلامي المسؤول الثقافي بصحيفة مكة خالد قماش: أن صحافتنا السعودية تفتقد للصحافي المتخصص الذي يهتم بالشأن الثقافي مطالبًا بإعطاء القوس باريها في كافة الفنون البصرية وزاد: في تصوري أن صحافتنا وبالأخص الورقية أو الإلكترونية تفتقد للصحافي المتخصص، وأعني بالصحافي المثقف الذي يكتب ويهتم بالشأن الثقافي، أو الاقتصادي الذي يكتب ويهتم بالشأن الاقتصادي، وقس على ذلك كافة المجالات الأخرى، لذلك نطالب دائما بأن ( يُعطى القوس باريها)، بل إني بشكل شخصي أطالب أيضا بتخصص التخصص الثقافي، بمعنى أن يكون هناك صحافي متخصص في الأدب وفنونه مثلا، وآخر في الفنون البصرية والتشكيلية، وثالث في الغناء والموسيقى وما يندرج تحتها من مجالات أخرى. هذه نقطة أولى، نقطة أخرى وفيما يخص المحرر الثقافي فيفترض من أساسيات العمل الثقافي الإعلامي أن يكون الصحافي ملمًا بالأحداث الثقافية والتحولات الفكرية التي عصفت بالمشهد الثقافي منذ عدة عقود، خلاف امتلاكه لأدوات الكتابة اللغوية وقواعد الصياغة والأسلوب، ومعرفته الحصيفة بالأسماء والأحداث والمنتج الثقافي بشكل عام.
ويتابع : فالأدب والفكر بشكل مجمل هو نتاج عمل ثقافي إنساني من قبل المثقف أو المبدع، فإذا كان الصحافي الذي يعمل في مجال الثقافة غير ملم بكل هذا، فتأكد أنك لن تقرأ له عملا صحافيا مهما، بل سيكرس مفهوم الصحافي البليد الذي يفتقد لأدنى مقومات المهنية الإعلامية. في الوقت نفسه قد تجد الإعلامي المثقف المحترف يصدم فعلا بمزاجية بعض المبدعين، أو فوقية بعض المثقفين، ولكن الصحافة بشكل عام هي معركة وطاحونة يومية تعلم الإنسان الصبر والجلد والمرونة في التعاطي مع مثل هذه المواقف.
الصحافة لم تعد الوسيلة التي يطمع بها المثقف:
ويشدد المحرر الصحافي بصحيفة «مكة» نايف البقمي على أن العمل النوعي هو الأجدى بعد أن أصبح الحدث الصحفي غير مجد بسبب سرعة وصول الأخبار عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتابع: إن الصحافة اليوم بمفهومها التقليدي لم تعد تجدي في هذا العصر عصر التقنية والسرعة فالخبر والحدث يصل إلى المتلقي قبل أن تفكر بصيغة الخبر الذي ستكتبه لعدد الغد وبالتالي أتصور أن العمل على مابعد الخبر هو الأهم والاشتغال على مواد نوعية هو الأجدى.
وزاد: لم تعد الصحافة الوسيلة التي يطمع لها المثقف أو غيره لكي يصل إلى الجمهور بسرعة كما كان في السابق فمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت فاعليه في هذا الجانب. والصحفي الذي يجعل من إبداعه مرهونا بتجاوب المثقف معه أعتقد أنه لن ينجح فصناعة المادة الصحفية عملية إبداعية لايتقنها الكثير انطلاقا من التقاط الفكرة البعيدة عن ضوضاء الأحداث ليجعل منها ماده تستحق القراءة .
نكران «رعيناهم صغارا فتنكروا لنا كبارا»
وعن رفض المثقفين لإجراء الحوارات مع الصحافيين ونزولهم للصف الثاني يقول البقمي :
لم تعد الصحافة هاجسا للمثقف بشكل كبير هذا من جانب ومن جانب آخر الصحافة التقليدية التي تعتمد على الحوار وتلقي المعلومات أيضا ليست بتلك الأهمية ولكن يضل اهتمام المثقف بالصحافة كوسيلة من وسائل الإثراء الثقافي أمر مهم وأن لا يتنكر لها وما يعانيه الصحفي تجاه هذا النوع من المثقفين هو إحساس بنكران الجميل وكأنه يقول «رعيناهم صغارا فتنكروا لنا كبارا». أعتقد أن هذا أمر طبيعي لأنه استعان بك في بداياته لتوصله للجمهور من خلال نشر إنتاجه وإبداعه وعندما أصبح اسمًا بارزًا في الساحة فهو ليس بحاجة لك ناهيك عن ما تقدمه له وسائل التقنية من انتشار أوسع وإن كان هذا لا ينطبق على جميع المثقفين إلا أنه واقع . مؤكدًا في الوقت نفسه أن ظهور الصحافي بمواد ضعيفة مشكلة الصحافي نفسه في اختياراته وفي افقه الضيق الذي توقف في صناعة مادته على هذه الأسماء أو هذا النوع من العمل الصحفي.
مزاجية المثقف!
بينما يقول صادق الشعلان المحرر الثقافي بصحيفة «الحياة» إن الكيف أهم هنا من الكم والأسماء للتقديم مواد مثرية ومفيدة للقراء وأن للصحافي أدوار عديدة ومهمات يستوجب عليه القيام بها شريطة أن ينهج للمصداقية والمهنية دون النظر والاهتمام باسم له يُعرض وإلا يكون هذا هو شغله الشاغل بالكيف لا بالكم تُقاس الأعمال، حتى يحظى بتقديم مادة صحفية مثرية ومفيدة، فالصحافي له دوره في تشكيل وصناعة المشهد الثقافي وذلك لايكون إلا من خلال اختياره المناسب من المواضيع وخاصة ذات الاهتمام المشترك حديث الساعة المواكب للأحداث، محاولا أن يطرحها بصياغة جميلة ومترابطة ومفهومة لاسيما وأن هناك مشاركات تحتاج إلى تعديل وتقديم وتأخير في محتواها فعلى الصحفي إخراجها بطريقة ملائمة دون التعرض للفكرة. ويتابع الشعلان نعم هناك أمور يصطدم بها الصحفي خاصة من المثقفين ولا نعمم بقدر مانقصد ا لبعض والذين يحتكمون لمزاجياتهم فتجده يطلع على محاورك ولا يبالي بها حتى من كلمة اعتذار عن المشاركة مما نتج عنه إحباط اتجاه عدد من الصحافيين كان نتاجه ترك هذه المهنة نتيجة اللا مبالاة من البعض، علاوة أن هناك من يبدي موافقته للمشاركة مشترطاً مساحة من الوقت غير مدركٍ أن هناك مواضيع صحفية إن تأخرت عن وقتها فسدت ولم يعد لها أهمية، وأجدها فرصة لتحية مثقفين متعاونين متجاوبين خاصة منهم المتفاعلين وفي نفس اللحظة فلهؤلاء تُرفع القبعة احتراما وامتنانا وشكرا وهم من يصبروننا على الاستمرار في هذا المجال، علاوة من يبدي اعتذاره عن المشاركة مقدرًا للصحفي اختياره.
مزاجية المثقف ليست ذات أهمية قصوى..
ويرى سعد الخشرمي مسؤول الصفحة الثقافية بصحيفة «عكاظ» أن الصحافي الثقافي يجب أن يعرف مايدور بين المثقفين وقريبًا منهم
ولديه مصادره الثقافية التي تكشف ما يدور بين المثقفين في جلساتهم الخاصة ليقود المنتج الأدبي يقول الخشرمي : وجهة نظري أن المحرر الثقافي لابد أن يكون ابن المشهد ليستطيع أن يلتقط الإشكالات التي يحتاجها المشهد الثقافي ليطرحها للنقاش والتحقيق، وأهم أدواته أن يكون قارئاً ومتابعاً حصيفاً لما يدور في أروقة الساحة، ولديه مصادره الثقافية التي تكشف ما يدور بين المثقفين في جلساتهم الخاصة, لأن المحرر الثقافي قادر على التنقيب في مناجم النتاج الثقافي لدى الكتاب في الساحتين المحلية والعالمية، يسعى من خلال ذلك إلى المتابعة الدقيقة، وفهم المنطلقات والركائز التي تدعم هذا النتاج، وعليه أيضاً أن يحرص كل الحرص على قيادة النتاج الأدبي بتسليط الضوء على الكتب المهمة والنتاج البارز لأنه مسؤولية كبيرة تلقى على عاتقه.
ولا يرى الخشرمي أن مزاجية المثقف ذات أهمية قصوى، ولا يمكننا الجزم بهذه الطريقة على الاعتذار المفاجئ للمثقف، وشخصياً لم أمر بتجربة اعتذار، فهي تعتمد على المحرر ذاته وقدرته على اتخاذ الطريقة التواصلية المناسبة التي تريحهما في إنجاز حوار مهم يسد الأسئلة الفضولية لما يود الجميع أن يطرحه، أي أن المحتوى عادة كفيل بأن يجعل المثقف حريصاً على الحوار.
وعن غياب المثقف المتعاطي مع الإعلام بشكل جيد يقول : عندما يشعر المثقف أن الإعلام ليس منصفاً، وأن المحتوى لا يليق بالثقافة في رصانتها، وجديتها، وقدرتها على إذكاء الحوارات الذكية، والتطلعات التي يأمل أن يراها أمامه، حينها سيضطر القارئ المثقف – المقصود في المحور- بالعدول عن التعاطي والمتابعة للواقع الثقافية، ولا سيما أن باب المجاملات ليس موصداً من قبل المحررين، فمثلاً عندما يستعرض كتاباً، لا يثير الأسئلة التي يريدها القارئ حول هذا المنجز الأدبي، لذلك الصحافة عليها أن تبادر، لا على المثقف أن يتعاطى.
وعن أدوات الصحافي ولغته وحياديته يؤكد المحرر الثقافي بصحيفة «الرياض» محمد عزيز:
أنه لا بد للصحفي الثقافي من أدوات يملكها تكمن في التأسيس الثقافي والاطلاع على كل ما هو جديد هنا وهناك، كما يستمر في التحصيل عبر النتاج ليكون الإنتاج المطلوب، كما ينبغي عليه ألا يترك شاردة ولا واردة في التطرق لجميع المناحي الثقافية التي تكون مصاحبة للحيادية التامة، كما ولا بد أن تكون لغته أدبية بليغة لا تكلف فيها لتواكب اللغة الصحفية. فهناك من لا يستطيع الرقي لهذا المستوى لأنه ليس مثقف أو كاتب أو أديب، كما أن هناك من الأدباء من لا يستطيع مجاراة الصحافة المتطلبة، فالأول يكون جاهلا بالعمق الثقافي، والثاني جاهلا بالعمق الصحافي، ولهذا فكلاهما يخفق، أما من يجمع بينهما بذكاء يتطلبه العمل، فالنتيجة تكون عطاء ما بعده عطاء لكلا الطرفين.
هناك مثقف كسول
وآخر زاهد ؟!
ويؤكد عزيز أن بسبب رفض المثقفين إجراء الحوارات والتعليق على القضايا لأن المثقف إما كسول أو زاهد بالفلاش الصحفي، وهذه المهنة -أعني الصحافي الثقافي- مهنة جبارة لمن يتقنها واكتشف دهاليزها وعرف أسرارها ومزاجيتها المرهقة، كما أن المثقف متعب جدًا للصحافي.
معضلة إنهم يهاجمون الصفحات الثقافية
وتؤكد أسماء العبودي أحد أهم الأسماء الصحافية السعودية التي عملت في الحقل الثقافي: إلى أن العمل الصحفي الثقافي لا يمكن أن يكتمل دون أن يحتوي على رؤية المثقفين وأرائهم تجاه القضايا المطروحة والتي تتناولها الصفحات الثقافية، وتؤكد في الوقت نفسه إلى أن هناك هوة أو فجوة نجدها واضحة أثناء ممارسة المهنة الصحفية، فالغالبية العظمى من المثقفين لا يتجاوبون كما ينبغي، لا يتفاعلون مع الصحفيين كما يجب. وتتابع العبودي : ومع ذلك نجدهم في كل منبر إعلامي يهاجمون الصفحات الثقافية وأنها لا ترتقي بالعمل الثقافي، أو أن الإعلام انتقائي فيما يرغب التطرق له ! وتصف: إنها معضلة حقيقية ربما يواجهها أكثر الصحافي « المثقف « أكثر من الصحافي «الموظف « الذي لا علاقة له بالثقافة بأي حال من الأحوال، لأن ه يعي أهمية أن تشارك معه في التحقيق الصحافي أو الحوار أسماء ثقافية تعطي المادة الصحافية وزنا وقيمة، ورأيه ربما يكون رأيا فاعلا بحكم مكانته وقيمته الثقافية.
نواجه ممانعات
من المثقفين..
وعن الممانعات وتجربتها التي تصل لعشر سنوات في هذا الحقل تقول العبودي: بعيدًا عن أي تعريف قد يطرح، من هو المثقف الذي نحن بصدد الحديث عنه من خلال تجربتي في العمل الصحفي بصفحة ثقافية لمدة عشر سنوات تقريبا، كثيرًا ماكنت أواجه العديد من الممانعات من قبل من أختارهم للمشاركة أو الحوار حول أي قضية ثقافية، وهنا استعرض ما يواجهني مهنيًا، فهناك مثقف جاهز للاعتذار عن المشاركة وبأسباب واهية، وهناك من يجيب بأنه « غاسل يديه « من المشاركة في الصحف، وهناك آخر غاضب لسبب لا أعرف كيف يمكن تصنيفه وعاتب على الصحيفة كونه شارك سابقا ولكن الصحيفة لم تضع مشاركته عنوانا أو وضعت أسماء من يجدهم أقل منه قبل وضع اسمه ؟ وهذا كان يجعلني أتساءل ما لفرق بينه وبين فناني الشباك الذين يرغبون أن تكون صورهم وأسماءهم هي الأولى والأبرز و ...الألمع !
إضافة إلى ذلك، نجد أن هناك من يقبل المشاركة بشروط خاصة، وهناك من يريدك أن تمنحه وقتا أطول لأنه « مزاجي « ولا يعرف متى قد يسلمك المادة الصحفية، وفي هذا انتقاص كبير للصحافي الذي يلتزم مهنيًا بتسليم المادة الصحفية وفق جدول معد من الصحيفة ! ولا يجب أن نغفل أن هناك مثقفين أو متثاقفين حين تطلب منه رأيا حول حدث ثقافي، أو أن تطلب رأيا ناقدا، فهو لا ينسى أن يستفسر عن المشاركين معه في المادة الصحفية، وهذا يحدد رفضه أو قبوله أحيانا نظرًا لأن هناك أحيانا نوع من الشللية التي ربما لا يعرفها الصحافي وهناك من يملي على الصحافي رغبته بمشاركة فلان أو علان في المادة الصحفية . ولا ننسى أن نعرج على شخصية المثقف الجبان، الذي يملك رؤية ونقد ورأي، ولكنه لا يعلن عنه أو يشارك به، لتخوفه من فقدان بعض الامتيازات التي ربما يحصل عليها، فهو لا ينتقد وزارة الثقافة ،أو يطرح رأيا تجاه أدائها، لأنه ربما يخسر دعوة لحضور مناسبة ثقافية داخليا أو يحرم من تمثيل خارجي، أو حتى الحصول على دور ما في فعالية أو ندوة أو مؤتمر، ويصبح كل مالديه هو نوع من التلميع أو التطبيل تجاه الأحداث .
وتختتم العبودي: الصفحة الثقافية هي بمثابة إعلام ثقافي موجه تتفاعل ضمن الفعاليات الاجتماعية المتعددة ولايمكن فصل الإعلام و الصحافة الثقافية عن أن تكون جهة تتبنى بلورة بنية ثقافية مجتمعية متعددة الأبعاد والآفاق ،والمثقفين هنا مطالبين بدور في نقد الثقافة، ونقد الحدث والمشهد الثقافي.
فرصة التميز والاستمرار
كما يشير عمر على البدوي -المحرر صحفي بجريدة الحياة إلى الحالة الصحفية المتميز التي لاتهدأ ويهتم بها الناس يقول البدوي: إن المجتمع السعودي يحظى بحراك ثقافي محموم يساعد في خلق حالة صحفية مميزة تعتمد على مخرجات ذلك الحراك المتجدد الذي لا يكاد يهدأ ويستغرق مساحة كبيرة من اهتمام الناس وانشغالهم، مما يعطي الصحافة الثقافية فرصة للاستمرار والتميز، وسواء كان ذلك الحراك في جملته سلباً أو إيجاباً فإنه يعطي مؤشراً على حياة هذا المجتمع وحيوية تياراته الفكرية .
كما ويتمتع وسطنا الثقافي بقامات فكرية لها باع كبير في الاشتغال على الهموم الثقافية والمعرفية ولديها أطروحات مقدرة تنافس المحيط الإقليمي والدولي، وربما نقلت عبر سياق الترجمة إلى اللغات العالمية وهذا يفتح آفاق جديدة للواقع الثقافي السعودي، ومن جهة يفتح المجال للصحافة الثقافية أن تدمج تلك الأعمال في عملية تلاقح كوني مثمرة ومفيدة .
ويؤكد البدوي أن الصحفي الواعي هو الذي يتعامل مع كل الأشخاص، مثقفين أو سواهم، بناء على طبيعة الإنسان المتغيرة وخضوعه اللاإرادي لظروفه والضغوط المحيطة به وهو ما يجعله أحياناً غير متجاوب أو كثير الاعتذار . وهذا يختلف عن المثقف الذي لا يملك عدة أخلاقية بمعيّة ذخيرته الثقافية، مثل أن يكون متعالياً أو لا يحترم كلمته أو تعامله، وهذا لا شك يخيب به الظن ويورث الصحفي موقفاً مشوهاً، وقناعة أن الثقافة ليس من أدوارها دائماً تحسين أمزجة الناس وأخلاقهم، وأن قناع الثقافة مخادع أحياناً .
أمسك لي واقطع لك!
فيما قال سكرتير التحرير في صحيفة «الوطن» ورئيس القسم الثقافي سابقًا محمد الدعفيس ينبغي أن يتحلى الصحفي الثقافي بكفاءة الانتقاء، والقدرة على اصطياد المثير والجديد والمحفز للقارئ، وهذا يتطلب منه اطلاعاً على الحدث الثقافي في شتى الميادين، ومواكبة لكل فعل ثقافي، لأن المعلومة هي السلاح الذي يمكنه من خوض ميدانه بتمكن وثقة.
كما أكد أن الوسط الثقافي يعاني مثل بقية الأوساط المهنية أو الفنية من التكتلات وربما الشللية، وهي إن كانت مبررة إلى حد فيما يتعلق بمسألة الثقة المتبادلة بين الأطراف، إلا أنها في النهاية تب قى عيباً لا يليق بالوسط الثقافي الارتهان له، خصوصاً حينما يتحول إلى مبدأ «امسك لي واقطع لك». فكلا الطرفين معني برفعة ما يطرح في الشأن الثقافي.. المثقف بنتاجه وفكره، والإعلامي بالمواد التي يتصدى لها.. تعاونهما سيثمر ارتقاء بالمنتج في الصفحات الثقافية، وتنافرهما سيقود إلى إشكاليات لا حصر لها. وتابع: إن للصحافة الورقية مصداقيتها، والعلاقة الفيزيائية بين الصحافة الورقية والقارئ ما زالت في حالة جيدة لم تغيبها بقية الوسائل أو تقصيها..الصحافة الورقية أثبت وأوثق، وهذا ما تفتقده بعض وسائل التواصل الحديثة. ويرى الزميل صحافي بصحيفة «الحياة» على سعيد أن أول ما يحتاجه الشخص للعمل في الصفحة الثقافية هو الانتماء المخلص للخطاب الثقافي. مضيفا: لا يصح أن تنتمي للثقافة وفي نفس الوقت تخدم خطابا آخرا نقيضا للخطاب الثقافي الذي هو مساحة إنسانية لإشاعة قيم الجمال والسلام والمسؤول الأول عن توسيع دائرة الفنون الإبداعية والأدائية والبصرية في المجتمع. مؤكدا أن الانتماء المحض لهذا الخطاب سينتج صحافيا شغوفا بمجاله الثقافي قادر على تطوير أدواته باستمرار. هذا في البداية أما على مستوى الأدوات واللغة، نشدد على ضرورة التخصص في المجال. فاللغة الصحافية لها تقاليدها في الكتابة و»ستايلها» المستلهم من التوفيق بين العبارات الصحافية الرشيقة والمكثفة والواضحة وبين اللمسات الأدبية التي تعكس ثقافة وشخصية الصحافي نفسه. أما بالنسبة لصحافتنا فللأسف لا نجد هذا الالتزام والتقيد في هوية الكتابة التحريرية الثقافية، وخاصة بعد أن تم تصحيف المواد والصفحات الثقافية وصرنا أمام أخبار وتقارير تكتب وكأنها تكتب لصفحات المنوعات دون أدنى حس وروح وملمس أدبي، في الوقت الذي ينتظر القارئ أن يقرأ هذه الصفحة الثقافية لتكون منطقة مغايرة عن باقي صفحات الجريدة. أما عن علاقة الصحافيين بالمثقفين، فيرى سعيد بأن ما يحكمها ويحددها شخصية الصحافي نفسه وليس بالضرورة مزاجية المثقف. فمنتج الأدب هو في حاجة ما إلى المنبر الصحافي لترويج منتجه علما أن الزمن تغير ودخلت السوشل ميديا ليتكفل الكاتب نفسه بترويج منتجه، غير أن المنابر الثقافية تبقى مهمة للمثقف لأننها ما هو حقا صاحب مصداقية عند القارئ, الأمر الآخر كلما كانت أدوات الصحافي فقيرة كلما سهلت استغلال الصحافي وعرضته لهذه المزاجية والتعالي من تلك الكائنات المزيفة والمحسوبة على الحياة الثقافية. من هنا نؤكد أن الصحافي كلما كان متخصصا ومتفرغا لمجاله، صار أكثر قوة وأقل انتهاكا من أشباه المثقفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.