أمير القصيم يوجه بإحالة "تبديل الجثمان" إلى النيابة    الاقتصاد السعودي يواصل التنويع والصادرات غير النفطية تتجاوز التوقعات    تحفيز الاقتصاد المحلي بجذب الخبرات وتنمية الابتكار والتقنية    الطلب العالمي على النفط يرتفع معززاً بقطاع البتروكيميائيات    غزة.. الاحتلال يرتكب 129 حادثة قصف وإطلاق نار    أرتيتا ينتقد ال VAR بعد فوز أرسنال على فولهام    غرينوود يقود مارسيليا لقمة الدوري الفرنسي    الهلال والنصر يكتسحان الاتفاق والفتح ب«خماسية»    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    «حقوق الإنسان» تنظم زيارة ميدانية لأطفال جمعية رعاية الأيتام بالرياض    بحضور السواحه.. طلاب "كاليفورنيا بيركلي" يحتفون بياغي    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    بشعار "عِش وهج السرعة"، افتتح نادي سباقات الخيل موسمه الجديد 2025-2026    "مجمع الملك سلمان" يشارك في معرض "فرانكفورت الدولي للكتاب"    الحزم يحقّق فوزه الأول في دوري روشن للمحترفين على حساب الأخدود    يايسله يتجاهل أخطاء العثرات    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    نسيان وجبة الغداء يفتح الشهية    تأهل باهبري إلى نهائيات نجوم العلوم    كابل وإسلام آباد.. محادثات في الدوحة لمحاولة نزع فتيل الأزمة الحدودية    تهنئة أذربيجان بذكرى يوم إعادة الاستقلال    موسم الدرعية 26/25 ينطلق تحت شعار "عزّك وملفاك"    منصة OERx السعودية تفوز بجائزة عالمية    مسجد ال4 قرون يدخل مرحلة التطوير    الشهري: الخطأ أمام الهلال ممنوع    الجدعان: نضع اللمسات الأخيرة على استثمارات كثيرة في سوريا    القبض على مواطن في جازان لترويجه (45) كجم "حشيش"    ترحيل 13725 مخالفا خلال أسبوع    69 إجمالي الطائرات الإغاثية السعودية لغزة    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    سوريا: تفكيك خلية إرهابية في ريف دمشق    جمعية الإعاقة السمعية بجازان تنفذ ورش عمل تدريبية لفئة الصم بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    إتلاف أكثر من 69 ألف منتج فاسد في جدة    التحالف الإسلامي يطلق المبادرة العسكرية "كفاءة" في الغابون    الهلال الأحمر بالقصيم ينقل مصاباً بالسكتة الدماغية إلى مستشفى بريدة المركزي عبر طائرة الإسعاف الجوي    الرضّع حديثو الولادة يتجاوبون مع اللغات الأجنبية    جمعية مرفأ للخدمات الأسرية تنظم "العيادة المجانية" للاستشارات النفسية والأسرية والقانونية بالتعاون مع شركة إثراء البينة وبيت الثقافة    هيئة الطرق توضح نظام ترقيم أنواع الطرق في المملكة    تجمع الرياض الصحي الأول يواصل قوافله الطبية بوادي الدواسر    مسؤول أممي: الوضع الإنساني في غزة كارثي    موسم جدة 2025 يطلق موجة الرعب والتشويق هورور كون    الشؤون الإسلامية بجازان تنظم محاضرة نسائية بقرية المدرك بعنوان «خطورة هجران القرآن الكريم» مساء اليوم    تُعلن شركة معاهد طيبة العالية للتدريب عن استحواذها على أكاديمية "إلسو" لتعليم اللغة الإنجليزية (ELSO)    البركة الخيرية" تخدم أكثر من 38 ألف مستفيد خلال الربع الثالث 2025    أمانة الطائف تطرح حديقة الملك فيصل للاستثمار    عمادة الدراسات العليا والبحوث تطلق برنامج "التمكين البحثي المتقدم" لتعزيز جودة البحث العلمي    أكتوبر يجمع نجوم الصيف والشتاء في سماء عرعر    سخاء المدني أول سعودية متخصصة في طب الفضاء والطيران    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    هل استقام ظل لسلام الشرق الأوسط    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة صافي الانبعاثات صِفر

تعمل الانبعاثات الناجمة عن إحراق الفحم والنفط والغاز على رفع حرارة الكوكب الذي نعيش عليه بمعدل سريع، إلى الحد الذي يجعل الظروف المناخية المتزايدة التقلب والخطورة تبدو كأنها قَدَر لا فكاك منه. ومن الواضح أننا لا بُدَّ أن نسارع إلى الحد من الانبعاثات، في حين نعمل على تطوير مصادر الطاقة البديلة التي تسمح لنا بترك الوقود الأحفوري في مكانه تحت الأرض.
الواقع أن هذه الحتمية تكاد تكون واضحة ومباشرة إلى حد باعث على الصدمة. ومع هذا فإنَّ تغير المناخ كان موضوعاً لقدر كبير للغاية من الجمود السياسي، والمعلومات المغلوطة، والتفكير القائم على التمني طيلة العقود القليلة الماضية، حتى إننا نشهد بلا انقطاع حلولاً غير فعّالة أو مستحيلة، بدلاً من أي جهد حقيقي لمعالجة الأسباب الجذرية. وغالبا، تقوم هذه «الحلول» على تكنولوجيات جديدة لا وجود لها أو محفوفة بالمخاطر.
والواقع أنه نهج نفعي للغاية، لأنه لا يهدد العمل كالمعتاد ولا القوامة الاجتماعية الاقتصادية. ولكن نماذج المناخ التي تعتمد على تكنولوجيات مضللة تعمل على إضعاف حتمية تفعيل التغييرات البنيوية العميقة اللازمة لتجنب الكارثة المناخية.
وأحدث هذه «الحلول» ظهوراً يتلخص في «صافي الانبعاثات صِفر»، والذي يعتمد على ما يسمى عملية «احتجاز وتخزين الكربون». فرغم أن هذه التكنولوجيا لا تزال تواجه ما يزيد على القليل من أوجه القصور، أصدر رئيس الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ راجندار باتشاوري في الشهر الماضي تصريحاً إشكالياً إلى حد عميق، فزعم أنه «بالاستعانة بتكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون يصبح من الممكن تماماً الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري على نطاق واسع».
وإحقاقاً للحق فإنَّ تقرير التقييم الأخير الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ يؤكد على حتمية خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير لتجنب تجاوز ميزانية الكربون العالمية المحدودة والتي تظل محفوفة بالمخاطر. بيد أننا بالتحول من الأهداف الواضحة مثل «مستوى الانبعاثات صِفر»، و»الإزالة الكاملة للكربون»، و»الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المئة»، إلى الهدف الأقل وضوحاً والمتمثل في صافي الانبعاثات صِفر، نتبنى موقفاً بالغ الخطورة.
الواقع أن فكرة صافي الصِفر تعني ضمناً أن العالم من الممكن أن يستمر في إنتاج الانبعاثات، ما دامت الوسيلة متاحة «للتعويض» عنها. لذا فبدلاً من الشروع على الفور في سلوك مسار جذري لخفض الانبعاثات، يصبح بوسعنا أن نستمر في إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون بل وحتى إنشاء محطات جديدة تعمل بالفحم في حين نزعم أننا نتخذ التدابير المناخية اللازمة من خلال «دعم» تطوير تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون. ومن الواضح أنه من غير المهم ما إذا كانت مثل هذه التكنولوجيا قد لا تعمل بنجاح، أو أنها محاطة بتحديات عملية، أو تنطوي على خطر التسرب في المستقبل، والذي قد يؤدي إلى عواقب اجتماعية وبيئية وخيمة.
إن استخدام الطاقة الحيوية مع تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون يُعَد الطفل المدلل للنهج الجديد المتجاوز المتمثل في صافي الانبعاثات صِفر. وينطوي هذا النهج على التخطيط لزراعة مساحات شاسعة بالأعشاب والأشجار، وحرق الكتلة الحيوية لتوليد الكهرباء، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون وضخه إلى خزانات جيولوجية تحت الأرض.
وهذا النهج من شأنه أن يخلف عواقب هائلة على التنمية، إِذْ إنه يستلزم مصادرة الأراضي على نطاق واسع، وفي الأرجح من الفقراء نسبيا. وهذا ليس بالسيناريو البعيد الاحتمال؛ فقد أدَّى ارتفاع الطلب على الوقود الحيوي إلى تحفيز موجة مدمرة من مصادرة الأراضي في البلدان النامية لسنوات عديدة.
وسوف يتطلب الأمر توفير مساحات أخرى كبيرة من الأرض للتعويض عن نسبة كبيرة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، هذا فضلاً عن تحويل ما يقدر بنحو 218 إلى 990 مليون هكتار إلى زراعة الثمام العصوي (نوع من النباتات العشبية) لاحتجاز مليار طن من الكربون باستخدام تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون الناتج عن عملية حرق الكتلة الحيوية. وهذه المساحة تعادل 14 إلى 65 ضعف مساحة الأرض المستخدمة لزراعة الذرة لإنتاج الإيثانول في الولايات المتحدة.
والواقع أن انبعاثات أكسيد النيتروز الناجمة عن الكميات الهائلة من الأسمدة اللازمة لزراعة الثمام العصوي قد تكون كافية للتسبب في تفاقم تغير المناخ. ثم هناك انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتخلفة عن إنتاج الأسمدة الاصطناعية؛ وإزالة الأشجار والشجيرات والحشائش من مئات الملايين من الهكتارات من الأرض؛ وتدمير خزانات ضخمة من كربون التربة؛ ونقل ومعالجة أعشاب الثمام العصوي.
وكان الأمر الأكثر إشكالية هو الكشف عن أن تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون وتكنولوجيا الطاقة الحيوية مع احتجاز وتخزين الكربون سوف تستخدم في الأرجح في عملية «الاستخلاص المعزز للنفط»، حيث يتم ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون المضغوط إلى آبار النفط القديمة لتخزينها، وبالتالي خلق حافز مالي لاستخلاص المزيد من النفط. وطبقاً لتقديرات وزارة الطاقة الأمريكية فإنَّ مثل هذه الأساليب من الممكن أن تجعل 67 مليار برميل من النفط ما يعادل ثلاثة أمثال حجم الاحتياطيات المؤكدة من النفط لدى الولايات المتحدة صالحة للاستخراج اقتصاديا. وبالنظر إلى حجم الأموال على المحك، فإنَّ الاستخلاص المعزز للنفط قد يكون في واقع الأمر أحد الدوافع وراء تشجيع تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون.
وفي كل الأحوال، فإنَّ أي شكل من أشكال احتجاز وتخزين الكربون لن يعزز هدف التحول البنيوي نحو تحقيق هدف إزالة الكربون بالكامل، والذي تطالب به على نحو متزايد حركات اجتماعية وأكاديميون ومواطنون عاديون، بل وحتى بعض الساسة. وهم على استعداد لقبول التضحيات التي سوف تنشأ خلال الفترة الانتقالية؛ بل إنهم ينظرون إلى التحدي المتمثل في خلق اقتصاد خال من الكربون تماما باعتباره فرصة لتجديد وتحسين مجتمعاتهم. أما التكنولوجيات المضللة والبعيدة المنال فلا مكان لها في مثل هذا الجهد.
الواقع أن الفهم الواضح لأزمة المناخ يساعد في توسيع نطاق الحلول المحتملة بشكل كبير. على سبيل المثال، من خلال حظر إنشاء محطات الفحم الجديدة وتحويل إعانات دعم الوقود الأحفوري نحو تمويل الطاقة المتجددة، يصبح من الممكن جلب الطاقة المستدامة للمليارات من البشر في مختلف أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي حين يُمنَع تطوير مثل هذه الحلول المبدعة والعملية، تُضَخ المليارات من الدولارات إلى إعانات دعم تعمل على تعزيز الوضع الراهن. إن السبيل الوحيد لإصلاح النظام وإحراز تقدم حقيقي نحو تخفيف تغير المناخ يتلخص في العمل على إزالة الوقود الأحفوري بالكامل. أما الأهداف الغامضة التي تستند إلى تكنولوجيات غامضة فإنها لن تنجح ببساطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.