محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    أسواق    " الموارد": تجربة" أنورت" لتعزيز تجربة ضيوف الرحمن    غرامة 16 ألف ريال لكل متر.. ضبط مواطن لتخزينه حطبًا محليًا    وجبة مجانية تنهي حياة عصابة بأكملها    الحرب على الفلورايد تحرز تقدما    تصعيد في قصف معسكرات النازحين.. الجيش السوداني يسيطر على منطقة «عطرون»    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مجلس إدارة ولاعبي الأهلي    ترأسا اجتماع "مجلس التنسيق" وناقشا أوضاع المنطقة.. وزير الخارجية ونظيره التركي يبحثان تعزيز التعاون    الفيفا يحدد موعد المباراة الفاصلة بين لوس أنجلوس وأمريكا.. من يحجز المقعد الأخير لمونديال الأندية؟    آل بابكر وخضر يحتفلون بزواج علي    إعلاميون ومثقفون يعزون أسرة السباعي في فقيدهم أسامة    الهند.. رفض شراء السجائر لرجل غريب فقتله    هيئة الموسيقى توثق الإبداعات السعودية    مبادرات "عام الحرف" ترسو في مشروع سولتير بالرياض    أتعلَم أيُّ فرحٍ أنت؟    أسهمت في خدمة ضيوف الرحمن.. الداخلية: مليون حاج عدد مستفيدي مبادرة طريق مكة    عبدالجواد يدشن كتابه "جودة الرعاية الصحية"    صيام الماء .. تجربة مذهلة ولكن ليست للجميع    أطباء يعيدون كتابة الحمض النووي لإنقاذ رضيع    فيصل بن مشعل يشيد بمنجزات الهلال الأحمر وأمانة القصيم    تحالف متجدد    أمير الجوف يُعزي أسرة الجلال    نائب أمير الشرقية يطّلع على برامج «المسؤولية الاجتماعية»    جوازات منفذ جديدة عرعر تستقبل حجاج العراق    ترمب يتحدث اليوم مع بوتين ل"وقف حمام الدم"    محافظ الطائف يبحث تطوير الفرص التنافسية في مجال التشجير    «ولاية أموال القاصرين» تستعرض أعمالها أمام سعود بن جلوي    حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز.. الأربعاء    سعود بن نايف يهنئ الفائزين في «آيسف 2025»    نائب أمير الرياض.. يرعى انطلاق مؤتمر «الميتاجينوم والميكروبيوم».. اليوم    «البيضاء».. تنوّع بيولوجي يعزّز السياحة    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    6000 حاج يتلقون الرعاية الصحية بالجوف    وصول أول وفود حجاج منفذ البطحاء    اختتام بطولة غرب المملكة للملاكمة والركل بمشاركة 197 لاعباً ولاعبة وحضور آسيوي بارز    «آس»: تجديد عقد رونالدو مع النصر أصبح صعباً    نائب أمير عسير يستقبل القنصل الجزائري    نجوم الرياض وهوكي جدة يتوجان في بطولتي الهوكي للنساء والرجال بالمنطقة الغربية    تتويج الأخدود ببطولة المملكة تحت 15 عاماً "الدرجة الأولى"    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    الحجي متحدثاً رسمياً للنادي الأهلي    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    مبابي وبلينجهام يقودان ريال مدريد للفوز 2-0 على إشبيلية    مراقبة التنوع الأحيائي بساحل البحر الأحمر    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    مشائخ وأعيان وأهالي «الجرابية الكنانية» يهنئون أمير جازان ونائبه بالثقة الملكية    تعليم الطائف يستعرض خطة التحول في منظومة إدارات التعليم مع أكثر من 1700 مدرسة    مخاوف بولندا تدفعها لاختيار رئيس    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة مليون حاج منذ إطلاقها    أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الاربعاء المقبل القادم    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم عدداً من الفعاليات التوعوية    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    بتوجيهات من القيادة.. وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل أمّي إلى جنة الخلد بإذن الله

الحمد لله على قضاء الله وقدره وعلى حكمه وأمره اللهم ارحم والدي وارحم والدتي وارحم موتى المسلمين وأن لا يحرمنا الأجر والثواب وأن لا يجعل مصيبتنا في ديننا، قال الله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} وقال تعالى:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} وقال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ}، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها». ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عوف: «إنها رحمة، إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون». عندما علمت بوفاة والدتي رحمها الله وأبلغني الطبيب المعالج بنبأ وفاتها تذكرت فورا المصيبة العظمى بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل مصيبة دون مصيبتنا بموته صلى الله عليه وسلم تهون والتي بموته انقطع الوحي من السماء إلى يوم القيامة وبموته انقطعت النبوات، وها هو صلى الله عليه وسلم يطلب منا أن نذكر بمصائبنا موته وفراقه وبذلك تهون علينا المصائب، يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليتذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب».
لقد رحلت والدتي إلى رب عفو كريم رحيم في تاريخ 16-9-1435ه من يوم الاثنين من شهر رمضان الكريم، رحلت المرأة الصابرة العابدة الساجدة والمربية بعد معاناة من المرض لسنوات طويلة وشاءت قدرة الله تعالى أن يستجيب لرغبتها وأمنيتها والتي كانت تدعو ربها أن يأخذ أمانتها في يوم اثنين من شهر رمضان، وتم دفنها إلى مثواها الأخير عصر الثلاثاء الموافق 17-9-1435ه، أسأل الله الكريم أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة، اللهم اخرجها من ضيق اللحود إلى سعة جنات الخلود اللهم وسع مدخلها وآنس وحدتها وأنر عليها ظلمتها، واجمعني ووالدي وإياها وأموات المسلمين في الفردوس الأعلى.
لقد غابت أمّي التي طالما غمرتني بدفئها وحنانها فلم يستطع قلمي أن يسطر ما في داخلي اتجاهها ومدى حزني وألمي بفراقها. ودّعت مهجة حياتي في تلك اللحظات وقد انحبست دموعي من هول الفاجعة، فاجعة عجزت عن وصفها الكلمات، والأيام التي مرت على وفاتها شعرت بألمها وقسوتها بدونها رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.. لن أقول إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
رحلت والدتي لولوه محمد العليان التي لا تكل ولا تمل وفي كل لحظة من لحظات حياتها وهي تدعو لي طفلاً ثم شاباً يافعاً وحتى وفاتها رحمها الله. رحلت وقد تحقق لها ما تريد وما تتمناه لي ولأحفادها رحلت وهي قريرة العين. كانت في آخر أيامها طريحة الفراش والمرض يعتصرها وهي تئن وتشكي من المرض، ومع ذلك لم تنشغل عن الدعاء لنا ولأبناءنا وللمسلمين. رحلت الصائمة القائمة والتي تحدت كل الأمراض التي ابتليت بها ورفضت نصائحنا ونصائح الأطباء وأصرت على أن تصوم وتقوم الليل لصلاة التهجد وعندما أطالبها بمراعاة ظرفها الصحي ترد وتقول لي: «عبدالله أهل الجنة من يكثرون قيامهم بالليل» وهي تعلم قول الله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
رحلت والدتي التي صبرت واحتسبت على ما ابتلاها الله من أمراض أنهكتها رحمها الله. أبشري والدتي يا أماه فلقد بشرك الله بإذن الله تعالى الجزاء والجنة قال تعالى: {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وقد بين الله سبحانه وتعالى أن للصابرين مقاماً كريماً عند ربهم فقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله الله به من سيئاته». هكذا كنت أخفف عن والدتي بآيات الله الكريمة وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فكانت ترد عليّ «اللهم ألهمني الصبر».
كانت رحمها الله زاهدة دائماً وتغرس في قلوبنا احترام الكبير ورحمة الصغير والعفو عند المقدرة، وكذلك تلبية الدعوات ومشاركتها أفراحهم وأحزانهم، لم تكن رحمها الله تحمل في نفسها على أحد أساء إليها أو إلى أبنائها غلا وقد سامحته ودعت له بالهداية حتى لو أصابها قصور من أقرب الناس فهي تلتمس لهم العذر.
كانت دائماً رحمها الله تحثني على زيارة المريض ومساعدة المحتاج، إنها والله قد غرست فينا القيم الإسلامية رغم أنها أمية لا تقرأ ولا تكتب بل تستمد معلوماتها من الفطرة التي فطرها الله عليها، وكذلك إذاعة القرآن الكريم وبرنامج نور على الدرب الذي كان يلازمها خلال العشرين سنة الماضية من عمرها. لن أنسى ما حييت عندما أزورها وأجلس بجانبها كلمتها المشهورة « وش عندك يا وليدي» التي لن اسمعها بعد وفاتها، لقد رسخ في ذهنها مفهوم «ما أغلى من الولد إلا ولد الولد»، فهي تحب أبناءنا كثيراً وعندما أسألها أو أداعبها عن صحة هذه المقولة ترد على هذا «صحيح» وهي تبتسم ابتسامتها المشرقة. هذه والدتي التي أحبها الصغير قبل الكبير والشاب والشابة والطفل والطفلة والقريب والبعيد فعليكِ الرحمة والرضوان من الله الجواد الكريم.
يحكي لي أحد الأصدقاء الذي تحدث معها ذات مرة عبر التلفون فقال لها «ادعي لي يا أم عبدالله، فقالت له -رحمها الله-: أليس لك أم تدعو لك، فقال لها: لا، قالت له إذن سأدعو لك بإذن الله في آخر الليل» أجابته إجابة على الفطرة ليس فيها تكلف ولا تملق ولا مجاملة، وعندما تسنح لها الفرصة تسألني وتقول: «وشلون صديقك اللي ما له أم؟» أقول لها ينتظر منك الدعاء له فتقول: «أبشر مسكين ماله أم» وها أنذا يا أم عبدالله ليس لي أم بعد رحيلك. عندما قرر الأطباء في الفترة الأخيرة وقبل وفاتها في فترة زمنية قصيرة إمكانية اللجوء إل غسيل الكلى كنت أحاول أخفف عنها صدمة الخبر فأقول لها «وظائف الكلى لديك ضعيفة « تسألتي «يعني بيغسلون لي مثل فلانة» فأقول: ربما، فترد علي بإيمان «الله يأخذ الروح قبل المكروه»، واستجاب الله لها بعد الغسلة الأولى وأخذ الله أمانته وتقبل دعاءها، فلا إله غيره ولا معبود سواه، كل شيء عنده بمقدار وصلى الله على نبينا محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والرسل، اللهم آجرنا عما أصابنا وأجبر من أصابه مثل ما أصابنا من المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون، إلهي لقد تفطر قلبي شوقاً إليها اللهم ثبت قلبي وصبرني وأجرني اللهم إنها تحت رحمتك وأنت أعلم بحالها في لحدها. وصدق الله العظيم: {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.