أكد عضو في مجلس الشورى، أن ما انكشف من ملف «الشهادات الوهمية»، لا يتعدى «قمة جبل الجليد»، لافتاً إلى ضخامة هذا الملف، الذي تورطت فيها «أسماء كبيرة». وقدر عضو مجلس الشورى الدكتور موافق فواز الرويلي، عدد حاملي هذه الشهادات بنحو 7 آلاف شخص، بينهم أكاديميون وأطباء ومثقفون ومسؤولون في مرافق الدوائر، وكذلك رجال الأعمال، وكثير منهم من النساء. أما «أطرف» من كشف عنهم الرويلي، من حملة هذه الشهادات الوهمية فكان «راعي أبل، حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من إحدى الجامعات الوهمية، وأقام حفلة بهذه المناسبة، بعد أن حقق حلمه وأصبح دكتوراً». وقال الرويلي خلال محاضرة ألقاها مساء أول من أمس، في جامعة الملك فيصل ونظمها النادي الأدبي في الأحساء، بعنوان «الشهادات الوهمية: الواقع والجهود لمواجهة انتشارها»: «إن هذا الموضوع بدأ ينتشر بصورة مقلقة في دول العالم الثالث عموماً، وفي المملكة بصورة خاصة، إذ تم رصد آلاف الشهادات الوهميّة التي تبدأ من الثانوية وصولاً إلى الدكتوراه». وأوضح عضو مجلس الشورى، أن «الشهادات الوهمية لا تقتصر على الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس فحسب، وإنما هناك الدورات والدبلومات»، لافتاً إلى ضرورة «ضبط هذه أيضاً». وذكر أن «أكثر القطاعات التي تشهد حضوراً للشهادات الوهمية، قطاعات التدريب والجودة، وما لحق بها، إضافة إلى الاستشارات الأسرية، وتدريب ما قبل الزواج، وما بعد الزواج، والذكاء العاطفي». وتوقع الرويلي، أن تكون هذه القطاعات «أكبر منجم للوهميين»، مضيفاً أن «أصحاب هذه الشهادات أصبحوا ينافسون أصحاب الشهادات الحقيقية في سوق العمل، في ظل غياب نظام يحدّ من الأضرار التي يلحقونها بالاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى أن القطاع الحكومي «محمي بأنظمة وزارة الخدمة المدنية. فيما يتطفل كثير من حملة الشهادات على القطاع الخاص». وطالب بضرورة «تكاتف الجهات الحكومية الخاصة، للوقوف أمام هذه الظاهرة، والحدّ من انتشارها، وملاحقة أصحابها، والتعاون مع كل دولة معنية، ومعرفة قوانين مصادقة الشهادات ومعادلتها، حتى يتم اعتمادها من قبل وزارة التعليم العالي، وحتى يسمح لحامليها العمل بها». وطالب عضو مجلس الشورى ب «حماية الوطن من الشهادات الوهمية، وحماية مصادرنا المعرفية العلمية، وأيضاً حماية الشهادات الحقيقة وطلبتنا من الطفيليين الذين يزاحمونهم في الوظائف، والصعود إلى الدرجات العليا على حساب أصحاب الشهادات الحقيقية»، موضحاً أن هناك «شهادات أصلية يكتسبها الطالب بعد نجاحه في الساعات كافة. وأخرى مزورة يتم تعديل بعض معلوماتها. وهناك شهادات – وهي الأخطر – وهمية، تصدر من جامعة وهمية، مقابل مبلغ مادي زهيد، في ظل غياب الجهات المسؤولة»، مؤكداً أن من دخل هذا المجال هم «من الشخصيات المعروفة، وعلى مستوى رفيع، وبأرقام مخيفة ومرعبة. ما دفعني إلى تقديم مشروع لمتابعة هؤلاء الأشخاص، والجامعات، والمتعهدين لهم». وأوضح الرويلي، أن الاعتراف بالشهادة يمرّ عبر نمطين، الأول «النمط الحكومي الذي تتعامل معه دول العالم كافة، بعد التصديق والاعتماد. والنمط الآخر في أميركا، حيث أولوا هذه المهمة إلى جهات معروفة هي التي تقوم بمعادلة الشهادات، والجميع تحت مظلة «اليونسكو». ما يعني أنه عندما تعترف المملكة بهذه الشهادة؛ فعلى الفور تعترف بها «اليونسكو». وهذه المظلة هي التي حركت المياه الراكدة، بعدما تفشى هذا الموضوع بظهور الشهادات الوهمية، على رغم عدم سلطتها في هذا الأمر». ولفت، إلى أن هناك «تفريقاً بين الجامعات الوهمية وغير الوهمية، خصوصاً في بعض الدول العربية، بسبب عدم اعتراف المملكة بتلك الجامعات، وكذلك المواد التي تقوم بتدريسها للطلبة. وهناك ضحايا من الخريجين من المملكة من جامعات موجودة في دول الخليج ودول عربية». وأشار إلى ظاهرة «غريبة ومنتشرة على مستوى كبير، لاسيما المكاتب التي يديرها عدد من الأشخاص، عندما يتم الإعلان عن هذه المكاتب في الصحف، بأنهم يقومون بعملية الوسيط بين الطالب والجامعة، للحصول على الشهادة خلال فترة وجيزة، وهؤلاء يقومون مع وزارة التعليم العالي بلعبة «القط والفأر». واستشهد الرويلي، بأن الجهة المختصة في الوزارة «كشفت مكتباً مختصاً في بيع الخرسانة الجاهزة، يبيع شهادات مزورة من جامعة بارزة، وهي «كولومبوس» في لندن، التي يديرها شخص متهم في قضايا تزييف وتزوير، ويبيع على هؤلاء الشهادات الوهمية»، لافتاً إلى جامعات في عدد من الدول الأوروبية والعربية «تروج لهذه الظاهرة. كما أن هناك جامعات محلية أهلية تدور حولها الشبهة، وبعضها واضح أمرها، ومع الأسف خرّجت الكثير من المنتسبين لها. فيما نحتاج إلى إعادة النظر فيهما، وتحسين سمعة جامعاتنا»، مشيراً إلى أن السبب «غياب القانون الذي يجرّم هذا العمل، والذي سنعمل على إيجاده واعتماده».