مهنة الطب ليست كأي مهنة، نظرا لأنها تتعلق بصحة الناس، والصحة كما يعلم الجميع أولوية قصوى، وقد أولت دولتنا اهتماما كبيرا ومنقطع النظير بها، خصصت لها الميزانيات وفتحت من أجلها المستشفيات، والكليات الطبية المتخصصة، وابتعثت الشباب لدراسة الطب في أرقى الجامعات العالمية، ووفرت أحدث وأجود الأجهزة الطبية. كل هذا من أجل الحفاظ على صحة المواطن والمقيم والزائر، لكن عندما تطغى أولوية الكسب المادي على أهمية جودة التداوي، وتتحول مهنة الطب عند البعض من مهنة إنسانية إلى مهنة للتكسب والربح المادي فقط، بغض النظر عن الإجراء الأنسب، والأفضل، والأوفر، سواء للمريض الذي ليس لديه تأمين، أو حتى للذي لديه تأمين، لذلك لا يجب عمل أي إجراء طبي، أو صرف دواء إلا لأهمية وضرورة طبية فقط. بعض الإجراءات الطبية لها ضرر نسبي، وإذا أمكن طبيًا الاستغناء عنها فهو أفضل، وكذلك بعض الأدوية، لكن المؤسف أنه عندما يأتي المريض - خصوصًا - من لديه تأمين وبحجة «لن تدفع من جيبك» يكلف من قبل بعض الأطباء الذين تجردوا من أخلاقيات مهنة الطب - وهم ندرة إن شاء الله - بالكثير من الإجراءات الطبية، والأشعة، وصرف بعض الأدوية غير المهمة، لأهداف مادية بحتة. نتمنى أن تشدد الرقابة على مثل هؤلاء، وأن تكون هناك جولات مفاجئة تقوم باختيار عينات عشوائية من تشخيصات المرضى، والإجراءات الطبية المتخذة على أيدي أطباء مهرة يجمعون بين المهارة الطبية والإنسانية، ومحاسبة كل متهاون بصحة الناس وأرواحهم مقابل التكسب المادي، فالطب مهنة إنسانية شريفة لا مكان فيها للمتكسبين الماديين الذين خانوا القسم الطبي «بسم الله الرحمن الرحيم. أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم». وشكرًا من القلب لكل طبيب أدى عمله بكل مهنية وأمانة، وهم السواد الأعظم والحمد لله. قال تعالى: {فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه}.