من أروع المشاهد التي يراها الناس في الشتاء هي ما يُرى من تهاطل الغيث وانسيابه على الأرض مكونا تلك الغُدران والبحيرات الجميلة من مياه الأمطار التي انتظرها الناس لشهور شاكرين ربهم هذه النعمة العظيمة التي تحيا بها الأرض. وحيث إن معظم الأمطار التي تسقط في المملكة تكون في فصل الشتاء فإن للشتاء اشتياق عند الكثيرين، لأن الأجواء تعتدل عن الحرارة ومنظر السحب المتراكمة يتكرر كثيرا، وعندما نتحدث عن السحب فإننا نتحدث عن أحد أهم المكونات أو العناصر التي تساعد على تساقط المطر بقدرة الله تعالى، فمن المعلوم أنه لكي تهطل مياه الأمطار على الأرض لا بد من وجود السحب، ووجود السحب نتيجة لدورة الماء في الأرض، ودورة الماء في الأرض تبدأ من البخار حيث إن أشعة الشمس تسخن سطح الأرض بما في ذلك المسطحات المائية فينتج عن ذلك التسخين البخار الذي يتصاعد إلى طبقات الجو العليا، وليس توفر السحب كافيا لإحداث تساقط للمياه لكن لا بد من وجود من ذرات الغبار والهواء أو ما يعرف ب(نوى التكثف) التي تتفاعل مع السحاب مسببة سقوط المطر بقدرة الله تعالى. ومن قدرة الله أن هذه السحب لكي تتكون لا بد أن يكون بخار الماء يصل إلى طبقات الجو ويكون الجو باردا حتى يتحول بخار الماء الناتج عن تسخين الشمس للبحار من صورة غير مرئية إلى مادة مرئية وهو بخار الماء، والصورة غير المرئية هي ما يعرف بالرطوبة وهي ناتج لتسخين البحار والمحيطات ونشعر بها أكثر عندما يكون الجو حار، ولذلك فإن إرتباطا كبيرا بين المناخ وبين تساقط المطر حيث إن برودة الجو تساعد على تكون السحب والغيوم ومن ثم بإذن الله تتساقط الأمطار، ولذلك فإنه فصل الصيف لا تتساقط الأمطار على الأماكن الحارة لكنها قد تتساقط في المرتفعات حيث يكون الهواء باردا أكثر ولا يستطيع استيعاب بخار ماء أكثر فيتكثف الهواء فيحدث يعض الظواهر المناخية كالضباب وغيرها، وفي فصل الشتاء يُلاحظ أن الجو يبدو صافياً حيث تقل ذرات الغبار التي تحملها الرياح، وطالما نتحدث عن الشتاء والمطر ووجود تلك العلاقة بينهما فإن في الشتاء يستحسن الكثيرون الاستمتاع بالأجواء ورؤية هذا التنوع الكبير في التضاريس، وفي الشتاء عادة تُستكشف بعض المواقع ذات التضاريس المتنوعة والتي قد لا يمكن استكشافها وزيارتها في الصيف، حيث إن حرارة الصيف ورطوبة السواحل تجعل من الصعوبة التجول بسيارات السفاري في بعض المحميات وكذلك تقلص بعض الأنشطة البحرية في السواحل، وما أجمل منظر تلك المواقع في بلادنا وما أكثرها التي يظهر فيها تنوع كبير في التضاريس من جبال بأشكال عجيبة إلى صحاري ممتدة إلى تلك السواحل الجميلة، وهذا التنوع يلاحظه كثيرا من زار شمال غرب المملكة مبتدئاً بسواحل البحر الأحمر بشعبه المرجانية المميزة، ثم الوصول إلى العلا حيث استكشاف تلك الجبال المتعددة التي تنتشر في تلك المنطقة والتي تأسرك بجمال ألوانها وغرابة أشكالها وما أحدثته عوامل التعرية في تكوينها ثم تكمل رحلتك شمالاً بمحاذاة البحر الأحمر حتى تصل إلى مرتفعات علقان الذي يتزين بالشتاء بالزائر الأبيض، ثم تصل إلى مواقع تاريخية وأثرية مر فيها أقوام ذُكروا في القرآن الكريم، حيث ستجد مغائر قوم شعيب عليه السلام في مركز البدع، ثم تنتهي تلك الرحلة في ملتقى الطرق، وهي حقل التي تطل على ثلاث دول عربية والتي تأسرك بجوها الرائع وبهدوئها الآسر وبشواطئها الزرقاء الساحرة، هذا هو الشتاء يا سادة.