محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    100 ألف وظيفة تستحدثها بوابة الاستثمار في المدن    152 رحلة عبر تطبيقات نقل الركاب في كل دقيقة    صندوق الفعاليات الاستثماري يعزز قطاعات الرياضة والثقافة والسياحة والترفيه في المملكة    المرور يستعرض أحدث التقنيات في إدارة الحركة المرورية بمؤتمر ومعرض الحج    كمبوديا وتايلاند تتبادلان الاتهامات بالتسبب بمواجهات حدودية جديدة    المملكة تشارك في وزاري «G7»    كريستيانو رونالدو: المونديال القادم هو الأخير لي    رئيس برشلونة ينفي تقارير عودة ميسي    الرياض تحتفي بانطلاق البطولة العربية للجولف للرجال والرواد    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء.. اليوم    «أفواج جازان» تقبض على مخالفَيْن لنظام أمن الحدود    ستة معايير سعودية تقود عملية تطوير مؤسسات التعليم العالي عربيًا    ذاكرة الحرمين    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    الصادرات السعودية في معرض جاكرتا    نوّه بدعم القيادة لتمكين الاستثمارات.. أمير الشرقية يدشن أكبر مصنع لأغشية تحلية المياه    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    في دور ال 32 لكأس العالم للناشئين.. مواجهات صعبة للمنتخبات العربية    في الميركاتو الشتوي المقبل.. الأهلي يخطط لضم الألماني«ساني»    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    النويحل يحتفل بزواج عمر    أوروبا وكندا تدعوان لتنفيذ اتفاق غزة    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    نفذتها "أشرقت" بمؤتمر الحج.. وكيل وزارة الحج يدشن مبادرة تمكين العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    الشرع: سورية اصبحت حليف جيوسياسي لواشنطن    القيادة تعزي الرئيس التركي    فرحة الإنجاز التي لا تخبو    البديوي: اعتماد المرحلة الأولى لنظام «النقطة الواحدة» بين دول الخليج    تعزيز التعاون الإعلامي بين كدانة وهيئة الصحفيين بمكة    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية كندا يستعرضان العلاقات وسبل تعزيزها    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    أمير تبوك يطلع على تقرير مؤشرات الأداء لمدارس الملك عبدالعزيز النموذجية بالمنطقة    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    وزيرا الثقافة والتعليم يدشنان أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء بجميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    المملكة تدعم جهود إرساء السلام في العالم    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغارة الإسرائيلية: هل بدأت حرب إسقاط الأسد؟
نشر في الحياة يوم 06 - 02 - 2013

تشكل الغارة الإسرائيلية على مركز البحوث العلمية في جمرايا غرب دمشق، تحولاً جديداً وفارقاً في الأزمة السورية المشتعلة منذ ما يقرب العامين، وهو تحوّل لا بد أن تترتب عليه جملة من الاستحقاقات السياسية والعسكرية في المرحلة المقبلة، إضافة إلى كونه تطوراً مدروساً ومنسّقاً مع جهات دولية وإقليمية مؤثرة في الحدث السوري.
ولعلّ الأمر اللافت في هذا الإطار أن إسرائيل، وعلى مدار عامين من الأزمة، نأت بنفسها عما يجري في الداخل السوري، وتعاملت مع الحدث بعقل بارد وسلوك أكثر برودة، وذلك على رغم أن شظايا الأزمة قد طاولتها أكثر من مرّة، إلا أن إسرائيل أصرت على تجاهل هذا الأمر وتبريد الشظايا عبر التعامل معها على أنها أحداث حصلت إما بالصدفة أو عن طريق الخطأ، رافضة وضعها في سياق أمني عسكري يرتب عليها بلورة جملة إستراتيجية تجاه الوضع السوري وتطوراته.
وباستثناء بعض إجراءات الحماية، كبناء السياج المكهرب على الحدود مع سورية والقيام ببعض المناورات العسكرية في الجولان، ظلّت إسرائيل تلعب دور المراقب الصامت لتفاعلات الأزمة السورية، وإن أصرّت على التذكير، بين الحين والآخر، على خطوطها الحمراء المتمثلة في منع وصول أنواع من السلاح إلى «حزب الله» أو إمكانية سيطرة «الجيش الحر» على مواقع الأسلحة الكيماوية، التي لا بد أنها تراقبها وتعرف أمكنة تخزينها بوسائل رصدها الخاصة أو بالاعتماد على وسائل الرصد الأميركي بهذا الخصوص.
ترى، ما الذي تغير في مسار الحدث السوري وانعكس تالياً على الحسابات الإسرائيلية؟ وما دام أن إسرائيل لا يهمها من الحدث السوري سوى تجنيبها الارتدادات القاسية له، فما الذي تغير في ميدان هذا الحدث ودفع بإسرائيل إلى الخروج من حالة النأي بالنفس لتضرب في عمق هذا الحدث وأماكنه الحساسة جداً؟
من المعروف أن مركز البحوث العلمية في جمرايا، وإن كانت له صفة مدنية باعتباره مركزاً علمياً، غير أنه من الناحيتين العملية والإجرائية مركز عسكري بامتياز، سواء من حيث إدارته حيث يشرف عليه ضباط من الجيش السوري أو من حيث طبيعة مهامه التي تتركز في الغالب على القيام بتطوير نماذج من الأسلحة الروسية والصينية والكورية الشمالية والإيرانية، وبخاصة الصواريخ بأنواعها وأحجامها المختلفة، فضلاً عن إشرافه على كافة برامج الأسلحة الكيماوية بالتنسيق مع «إدارة الحرب الكيماوية»، ويقوم على هذا العمل مهندسون وفنيون مقربون من النظام جرى إيفادهم إلى بعض الدول الغربية، مثل بريطانيا وفرنسا، للتخصص في مجالات الهندسيات الميكانيكية والكهربائية والزراعة والكومبيوتر وهندسة الإنشاءات، وعمل النظام على عزلهم في مساكن خاصة قريبة من مجمع البحوث في جمرايا.
وبالعودة إلى الغارة، فثمة وقائع غريبة أحاطت بها، إذ يؤكد سكان المناطق القريبة من الموقع، في دمر والهامة ومعربة، أن العملية وقعت في منتصف الليل تماماً، وقد هزّت عشرة انفجارات غير مسبوقة في شدتها المكان، ويشدّد السكان على أنهم لم يروا طائرات ولم يسمعوا هديرها، وأن ما رأوه في تلك اللحظات هو رشقات من الصواريخ مصدرها الجبال المحيطة بموقع المركز حيث تتموضع هناك كتائب وألوية الفرقة الرابعة، إحدى أهم فرق قوات النخبة السورية، ما دفع السكان إلى الاعتقاد بحصول انشقاق في صفوف هذه الفرقة، أو ربما محاولة لصد هجوم كتائب من «الجيش الحر» تسلًلت إلى هذا الموقع الحساس، وما زاد من حالة التشويش ما أعلنه التلفزيون السوري عن قيام مجموعة إرهابية بتفجير سيارة مفخخة في المكان.
غير أن الصمت الإسرائيلي على العملية وعدم المسارعة إلى تكذيب الخبر يرجح ضلوعها المباشر بالحدث، وذلك قياساً بحدث سابق حصل في سورية نفسها، عندما أقدمت الطائرات الإسرائيلية على ضرب موقع «الكبر» بالقرب من دير الزور ولم تكشف إسرائيل مسؤوليتها عن الحادثة إلا بعد مرور سنوات عدة، وأما بخصوص عدم رؤية السكان القريبين من الموقع المستهدف للطائرات المغيرة أو سماع هديرها فإن ذوي الاختصاصات العسكرية يعرفون أن لدى إسرائيل أنواعاً من الطائرات قادرة على ضرب الهدف من أماكن بعيدة جداً، وأما بخصوص قيام بعض كتائب الفرقة الرابعة بقصف المكان فالتقدير الأرجح هو الاشتباه بعملية إنزال في الموقع، وقد حصل الأمر ذاته في موقع «الكبر» حيث قامت إسرائيل بعملية قصف وإنزال، حصلت من خلالها على عينات من تربة الموقع لإثبات وجود عملية تصنيع أسلحة دمار شامل.
ولكن يبقى السؤال المعلق: ما الذي استهدفته إسرائيل في عمليتها هذه؟، هل هي شاحنات كان يجري تحميلها في هذا الوقت المتأخر من الليل ليصار إلى إيصالها إلى أماكن محددة؟ وهل كانت إسرائيل على علم بوجهة هذه الناقلات (البقاع اللبناني، طرطوس، مواقع عسكرية سورية)؟ أم أنها استهدفت مخازن معينة في المركز كانت تحتوي على أسلحة معينة تعتقد إسرائيل أن من شأنها التأثير على أمنها؟ أم أن إسرائيل، وبناءً على تقديرات ومعطيات معينة، قامت بعمل استباقي استهدفت من خلاله أسلحة معينة تعرف جدواها وخطورتها ورأت أن الوقت حان لاستهدافها كي لا يستخدمها النظام ضدها أو حتى لا تقع بأيدي «الجيش الحر» أو حتى لا يتم إرسالها إلى «حزب الله»؟
قد لا يمكن التكهن بمعرفة النوايا الإسرائيلية ولا طبيعة تقديرات قادتها العسكريين، لكن خروج إسرائيل عن صمتها العسكري وإقدامها على مغامرة بهذا الحجم، لا بد أن تكون وراءه معطيات مقلقة تتعلق برؤيتها لواقع الصراع في سورية وتطوراته في الأيام والأسابيع المقبلة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يتوجب ربط هذا الإجراء بسياق عام تدور تفاصيله في البرين التركي والأردني وفي مياه البحور المجاورة، بخاصة أنه يأتي تتويجاً لمناورات وتدريبات عسكرية ذات طبيعة خاصة، الأمر الذي قد يدفع إلى الاستنتاج بإمكانية تكرار هذا النمط من العمليات التي تهدف إلى إسقاط نظام الأسد عبر ضرب مراكز قوته الصلبة من دون الحاجة إلى خوض حرب كبرى في ظل مناخ التوتر والانشداد الإقليمي والدولي.
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.