رفض معظم الذين تحدثت «الحياة» معهم في دار المسنين الكشف عن هوياتهم أو نشر أسمائهم، ليس خجلاً، ولكن خوفاً على أبنائهم وعائلاتهم من أن يلحق بهم «عار» العقوق. بأصوات منخفضة كانوا يقولون أسماءهم الأولى أو كناهم من دون تكرار، بطريقة تظهر حرصاً على ألا تتضرر سمعة أولئك الذين جلبوهم إلى هنا، لينهوا حياتهم «وحيدين». ويجد العم أبو صالح بعد 15 عاماً قضاها في دار المسنين العذر لأسرته التي وضعته هنا، إذ يقول: «ربما يكون لأسرتي الحق في وجودي بالدار، فأنا رجل كبير، وأبلغ من العمر عتياً، وتكفيهم أعباء الحياة الأخرى التي تلهيهم عني». أبو صالح كما اختار أن يعرف نفسه، كان متردداً في الحديث، فتارة يخرج ما في داخله من حنين ولوم، وتارة أخرى يحاول ربط لسانه حتى لا يسيء إلى أحد. يكمل حديثه: «أنا مقعد على كرسي متحرك منذ 15 عاماً، ومثل قصتي قصص كثيرة هنا، جميعهم كان ابنه أو شقيقه أو ظروف حياته وراء دخوله هنا، نعم نجد عناية من إدارة الدار، ولكننا نفتقد أبناءنا أو أشقاءنا». 79 نزيلاً في دار الرياض، جميعهم كانت لهم رسالة، اتفقوا على محتواها، واختلفوا في طريقة توجيهها لذويهم، كانت باختصار «اشتقنا لكم... فهل أنتم بخير؟».