بعد عام على إبرام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و «حماس» ما زال الأسرى المحررون المبعدون إلى قطاع غزة يفتقدون الشعور بالاستقرار ويأخذهم الحنين إلى عائلاتهم ومدنهم بالضفة الغربية والقدس المحتلة على رغم نيلهم حريتهم خارج قضبان السجون الإسرائيلية. وأبعدت إسرائيل إلى غزة 163 أسيراً في إطار صفقة التبادل التي أبرمتها في 2011 مع «حماس» برعاية مصرية والتي شملت إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليت الذي احتجزته «حماس» منتصف عام 2006 مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني. ويقول الأسير عطا فلنة (46 عاماً) وهو أحد المبعدين إلى غزة والذي يعيش مع زوجته التي حضرت من مدينة رام الله: «الفرحة لم تتم، فهي منقوصة في شكل كبير لأننا أبعدنا عن أهلنا وعائلاتنا. أفتقد أهلي وعائلتي في المناسبات والأعياد وخصوصاً في شهر رمضان». ويشعر فلنة بالحنين إلى عائلته في الضفة الغربية لا سيما إلى ابنته سجود (22 عاماً) التي تعيش مع زوجها وابنتيها في رام الله، وابنه الأصغر جهاد (20 عاماً)، وهما زاراه لمدة شهر في غزة. ويقول هذا الأسير الذي ينتمي إلى حركة «الجهاد الإسلامي» وقضى في السجون الإسرائيلية 19 عاماً بحسرة، «ابنتي عادت لزوجها وابني لم يستطع التكيف مع الحياة هنا فعاد هو الآخر». ويضيف «صحيح أننا في وطننا في فلسطين لكننا مفصولون هنا عن الضفة الغربية. الإبعاد عقاب شديد والإنسان يشعر بالحنين دائماً إلى بلده وأهله». ويشكو الرجل من أنه اضطر إلى التنقل بين أكثر من شقة للإيجار لعدم وجود منزل خاص به في غزة ويقول: «التنقل من بيت إلى بيت يعيد إلي الشعور بالتنقل من سجن إلى سجن في سجون الاحتلال والشعور بعدم الاستقرار». أما هلال جرادات (46 عاماً) الأسير المبعد من مدينة جنين، شمال الضفة، والذي ينتظر مولوده الأول من زوجته التي اختارها من سكان غزة، فما زال يحلم بأن يعود إلى بيته في الضفة الغربية. ويقول «الإبعاد جريمة إنسانية بحقي وبحق كل إنسان وأهله. ما زلنا ندفع الثمن حتى بعد خروجنا من السجن». ويتقاضى الأسرى المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية راتباً شهرياً من السلطة الوطنية الفلسطينية. ولا يخفي جرادات، الذي ينتمي إلى حركة «فتح» وقضى في السجون الإسرائيلية 27 عاماً، شعوره ب «الإحباط» ويوضح «كنت أتوقع أن يكون الدعم المادي بالنسبة للأسرى أكبر، الراتب الذي أتقاضاه لا يكفي لإنسان يبتدئ حياته». ويطالب «حكومة حماس بالتعامل مع جميع الأسرى بالمثل. فكلنا كنا في خندق واحد أمام السجان،، لذلك أطالبهم بأن يكون لأسرى فتح والفصائل الأخرى حصة في مشاريع الإسكان التي ترعاها حماس». وتقدم جرادات مطلع الأسبوع بشكوى لمركزين حقوقيين ضد شرطة المرور في حكومة «حماس» بسبب «الاعتداء» عليه أثناء محاولته استرداد سيارته التي تم حجزها في مركز الشرطة التي تديرها الحركة في مدينة غزة. ويقول: «تعامل معي أفراد الشرطة بصلف واعتدوا علي بالضرب أثناء ذهابي لمركز شرطة الجوازات لأخذ سيارتي التي تم حجزها الأسبوع الماضي». وعلى رغم أن «المسؤول عن مركز الشرطة اعتذر بعدها وأعاد سيارتي (...) قمت بعمل تقرير طبي وتقديم شكوى في مركزي الميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أجل المصلحة العليا وسيادة القانون ومحاسبة الأفراد الذين اعتدوا علي». أما عبدالرحمن غنيمات (40 عاماً)، والذي أفرج عنه العام الماضي أيضاً بعد أن قضى 15 عاماً من مدة الحكم الصادرة بحقه وهي خمسة مؤبدات بتهمة الانتماء إلى «كتائب عز الدين القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، فيتمنى هو الآخر أن يعود إلى «بلدته في الخليل لرؤية والديه وأهله». ولم يتمكن غنيمات من لقاء والديه إلا مرة واحدة منذ الإفراج عنه وذلك أثناء لقائه بهما في السعودية العام الماضي خلال أدائهم مناسك الحج. ويقول غنيمات الذي رزق حديثاً بمولوده الأول أسامة من زوجته التي عقد قرانه عليها في مدينة غزة بعد الإفراج عنه: «حتى اللحظة نحن محرومون من رؤية الأهل لأن الاحتلال يرفض السماح لهم بالحضور إلى غزة». وعلى رغم أن إسرائيل حكمت عليه بالإبعاد الدائم إلى قطاع غزة إلا أن الرجل يبدو متفائلاً ويقول «حكموني مؤبدات وخرجت من السجن بعد قضاء 15 عاماً فقط. وبإذن الله قرار الإبعاد هذا أيضاً لن يدوم». وتتفاوت مدة إبعاد هؤلاء الأسرى إلى قطاع غزة ما بين السنة والإبعاد الدائم. وتقول مصادر فلسطينية إن 18 منهم ينهون اليوم في الذكرى الأولى لإبرام الصفقة، فترة إبعادهم في انتظار سماح إسرائيل لهم بالعودة إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة.