أعزائي ملاك الشركات.. إن قرار طرح الشركة في سوق الأسهم ليس مجرد خطوة مالية، بل هو قرار استراتيجي شامل يغيّر من طبيعة عمل الشركة ومنظومة اتخاذ القرار فيها. عند اتخاذ هذا القرار، فإنكم تنتقلون من نموذج تحكم داخلي مغلق إلى نموذج قائم على الشفافية والمساءلة أمام هيئة السوق المالية وتداول السعودية، ووفق متطلبات الحوكمة والإفصاح والرقابة المستمرة. الطرح يعني أنكم حصلتم على تمويل من مستثمرين جدد يتطلعون إلى تحقيق عوائد على رؤوس أموالهم، ويعني بالضرورة الالتزام بتوقعاتهم من حيث نمو الأرباح، وجودة الأداء، ووضوح الرؤية. الطرح ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق نمو مستدام. لذلك، من الضروري أن تكون الاستراتيجية العامة للشركة متوائمة مع هذا التوجه، ويجب أن تتضمن مكونات أساسية تضمن جاهزية الشركة للطرح، مثل: أتمتة السياسات والإجراءات، التحول الرقمي في جميع عمليات الشركة، لضمان الكفاءة التشغيلية، وتعزيز القدرة على المراقبة والتحليل. وتطبيق الحوكمة المؤسسية من خلال تفعيل مجالس الإدارة، لجانها المتخصصة (المراجعة، الترشيحات، المكافآت)، وتبني سياسات واضحة للإفصاح وتفادي تعارض المصالح. وكذلك رفع كفاءة رأس المال البشري عبر استقطاب الكفاءات، تطوير القدرات القيادية، وربط الحوافز بالأداء وتحقيق أهداف النمو. ومن أهم الممارسات الناجحة في الطروحات: البدء المبكر بتقييم جاهزية الشركة من حيث الهيكل التنظيمي، الأداء المالي، والامتثال النظامي. وتعيين مستشار مالي ومستشار قانوني لديهم خبرة فعلية في طروحات مماثلة بالسوق. وكذلك إعداد خطة عمل واضحة لمرحلة ما بعد الطرح، تشمل إدارة علاقات المستثمرين، واستراتيجية توزيع الأرباح. ومراجعة السياسات المحاسبية بما يتوافق مع المعايير الدولية (IFRS) ومتطلبات هيئة السوق المالية. وكذلك وضع خطة اتصال إعلامي مؤسسي لبناء الثقة مع السوق والمستثمرين. طرح الشركة في السوق هو التزام طويل الأجل، يتطلب الشفافية، والانضباط، والقدرة على التكيف مع معايير السوق. أشارككم هذه التوصيات من واقع تجربة عملية في قيادة طروحات سابقة، وأتمنى لكم كل التوفيق والنجاح في اتخاذ هذا القرار المصيري.