القهوة تعزز من الكفاءة وترفع الإنتاجية، والمؤرخون يعتقدون بدورها الأساسي، في نقل أوروبا من ظلام العصور الوسطى، التي سيطرت عليها المشروبات الكحولية والمخدرات والخرافات، إلى أزمنة التحضر والعقل التي تعاش في الوقت الحالي، وإلى اعتماد طريقة التفكير الخطي لا الإبداعي، في الأعمال الحياتية اليومية.. زراعة القهوة موجودة في 44 دولة من أصل 70، كلها لديها الظروف المناخية المناسبة، التي تساعدها على زراعة البن، وتدخل فيها المملكة وتحديداً جازان، التي تعتبر عاصمة القهوة عند السعوديين، والإنتاج المحلي للقهوة في 2020 لم يكن يتجاوز ثماني مئة طن، إلا أنه وصل إلى سبعة آلاف طن في 2025، والمستهدف هو عشرة آلاف طن سنوياً في 2030، وبما يؤمن 6 % من الطلب على البن في الداخل السعودي، وخلال الفترة ما بين عامي 2020 و2025، ارتفعت أعداد مزارعي البن المواطنين، من تسع مائة مزارع إلى ثلاثة آلاف، وقدمت الدولة لهم دعماً مالياً مباشراً، زادت على 80 مليون ريال، أو حوالي 21 مليوناً و334 ألف دولار، ويعتبر قطاع زراعة البن، من بين القطاعات المشمولة بالتطوير والعناية، وبما يمكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع إمكانية التصدير في مرحلة لاحقة، قياساً على تجربة الصين وبداياتها المماثلة، فقد ارتفع إنتاجها من 800 طن إلى 150 ألف طن سنوياً، وأصبحت تصدر إنتاجها لكل العالم. الكافيين الموجود في البن يعمل على تنشيط الأداء الرياضي في ألعاب كثيرة، فقد وجدت دراسة نشرت في 2009، أن أداء الرياضيين وبالأخص في رياضات الجري والتجديف والتزلج وركوب الدراجات، يتحسن بشكل ملحوظ إذا تناول الرياضي الكافيين قبل اللعب، ولدرجة أنه قد يرفع الأداء في بعض الحالات لما نسبته 3 %، وما سبق يمثل نسبة عالية جدًا في عالم الرياضات الاحترافية، ويمكن أن يكون حداً فاصلاً بين الربح والخسارة، وفي دراسة ثانية وُجد أن الكافيين يساعد الجنود في الحروب ويجعلهم أكثر يقظة وتركيزاً، ويمنحهم سرعة في الحركة وأفضلية قتالية، والجيش الأميركي يوفر الكافيين لجنوده، عن طريق منتجات تمت تجربتها، وأعدت خصيصاً للأنشطة العسكرية، ومن ذلك نوع من اللبان مفعول كل حبة فيه يعادل كوباً من القهوة، ومعهم الطيارون الأميركيون فهم يتناولون الكافيين بكميات كبيرة. المؤرخ الأميركي أوغسطين سيدجويك، قام بإجراء عملية حسابية لتوضيح دور القهوة في توفير رأس المال، وقال إن المزارع السلفادوري في خمسينات القرن العشرين كان يعمل لمدة ساعة ونصف لإنتاج قهوة لأربعين كوباً، ويحصل مقابل هذا الوقت على ستة سنتات، وهذه الأكواب يتناولها العدد نفسه من الموظفين في شركة أو شركتين بأميركا ما يمنحنهم القدرة على العمل ل30 ساعة إضافية، ويرفع الأرباح من أعمالهم بمقدار 22 دولاراً ونصف الدولار، وبالتالي فالقهوة حوّلت الستة سنتات إلى 22 دولاراً ونصف الدولار، وكلما ارتفعت الكمية زادت الربحية، والسابق يفسر كونها المشروب الثاني عالمياً بعد الماء، ولدرجة تخصيص فترتي راحة يومياً لتناولها، أو ما يعرف بالكوفي بريك، وقد صدر قرار في أميركا عام 1956 أعطاها طابعاً رسمياً، وأصبحت تحسب ضمن ساعات العمل المدفوعة للموظف. القهوة تعزز من الكفاءة وترفع الإنتاجية، والمؤرخون يعتقدون بدورها الأساسي، في نقل أوروبا من ظلام العصور الوسطى، التي سيطرت عليها المشروبات الكحولية والمخدرات والخرافات، إلى أزمنة التحضر والعقل التي تعاش في الوقت الحالي، وإلى اعتماد طريقة التفكير الخطي لا الإبداعي، في الأعمال الحياتية اليومية، القائمة على المجهود البدني والتركيز والإنجاز، والكافيين يعمل بأسلوب مشابه للكبتاغون في الجسم، ويجوز اعتباره إمفيتامين قانوني. الشيء الآخر أن القهوة مملوءة بمضادات الأكسدة، وهذه تخفض من فرص ظهور أمراض معينة، كمرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والزهايمر، وسرطانات الفم والحلق والجهاز الهضمي، وتساعد على خفض أعراض الاكتئاب، إلا أن الإفراط في تناولها بكميات تفوق المسموح به يومياً، مرتبط بالقلق والصداع وسرعة ضربات القلب، والقهوة لا تناسب الأشخاص سريعي الغضب، لأنها تحفز الجهاز العصبي، وخصوصاً هرموني الكورتزول والأدرينالين، والمعنى أن هؤلاء سيصبحون أكثر توتراً وحدة في التعامل مع الآخرين، إذا تناولوا القهوة. الأهم هو إزالة كافيين القهوة من قائمة المنشطات المحظورة رياضياً، وبأمر من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) في 2014، بعد أن اتفقت لجنة الأولمبياد عام 1948 على إضافته إلى قائمة المنشطات الممنوعة على المشاركين في ألعابها، وفي ذلك الوقت، كان الرياضي الذي يتم تحليله ويثبت أن نسبة الكافيين في بوله تجاوزت 12 ميكروغرام يطرد من الأولمبياد ويحرم من استحقاقاته فيه، والوصول إلى النسبة السابقة يحتاج إلى تناول 760 ميلغرام من الكافيين، وهو أكبر بمراحل عند مقارنته بمتوسط بما يشرب الناس هذه الأيام، والذي يصل إلى أربعة أكواب أو 400 ميلغرام من الكافيين، والثابت، ويعتقد أهل الاختصاص، أنه يعتبر فعلاً من محسنات الأداء البشري، سواء في الرياضة أو في الأعمال المكتبية أو في غيرها، ولكنه بالإضافة لذلك يرفع من الإحساس بالسعادة بزيادته لإفراز الدوبامين، ويطيل في العمر وفي قوة الذاكرة، ويساعد على قيام الليل عند الملتزمين به، وفي رأيي، من لا يشرب القهوة لا يستحق الحياة.