ممثلون كثيرون بدأوا يكشفون في الآونة الأخيرة عن مواهبهم الحقيقية في كتابة الاعمال الدرامية للتلفزيون والسينما بصورة لم تكن معهودة من قبل. صحيح أن الفنان الراحل فريد شوقي كتب لنفسه منذ الخمسينات مجموعة من الأفلام والمسلسلات التي ساهمت إلى حد كبير في نجاحه، وبلورة شخصيته الفنية، وضمان استمرار نجوميته أكثر من أي فنان آخر. لكن كثيراً من الممثلين تهافتوا اخيراً على خوض مجال التأليف. فقد انتهى عزت العلايلي من كتابة مسلسل سياسي اجتماعي بعنوان "الطوفان"، يحذر فيه من التشرذم العربي ويدعو الى الوحدة والتلاحم. وهذا العمل في طريقه إلى التنفيذ بعدما تحمست له أكثر من جهة انتاجية. كما ينتهي العلايلي قريباً من كتابة مسلسل آخر يدور في اجواء تاريخية ودينية، ويتعرض لرموز التنوير في صدر الدعوة الاسلامية. ويؤكد الفنان الكبير أن طموحه ليس أن يكون كاتباً محترفاً للسيناريو، وأنّه لا يسعى إلى ايجاد أدوار تناسبه، كما يمكن ان يظن بعضهم، وإنما يريد التعبير عن قضايا تاريخية راهنة تشغل فكره واهتمامه. ويضيف العلايلي إن حرفة الكتابة لم تهبط عليه فجأة، وإنما سبق له ان كتب في العام 1966 برنامجاً تلفزيونياً اسمه "أعرف عدوك". وفي المسرح أعدّ في الستينات أيضاً مسرحية "ثورة القرية". أما الدراما التلفزيونية فيتعامل معها للمرة الأولى. وقام محمود ياسين بخطوة مشابهة، إذ يشارك ابنته رانيا ولفيفاً من النجوم بطولة حلقات تلفزيونية تاريخية يخرجها خالد بهجت بعنوان "رياح الشرق والغرب"، وقد تولى ياسين بنفسه كتابة المعالجة التاريخية لها، طارقاً بدوره باب التأليف الدرامي للمرة الأولى. وتجدر الاشارة إلى أن الرئيس المصري حسني مبارك شاهد جانباً من تصوير هذا العمل التلفزيوني، اثناء زيارته قبل أشهر لمدينة الانتاج الإعلامي بالقرب من القاهرة. وعلمت "الوسط" ان أكثر من محطة عربية تعاقدت على شرائه تمهيداً لعرضه على شاشاتها في شهر رمضان المقبل. واذا كان كل من عزت العلايلي ومحمود ياسين قد استوحيا التاريخ في كتاباتهما، فإن الممثل والمخرج المسرحي السيد راضي الذي تقاعد قبل فترة من عمله في وزارة الثقافة، انتهى من كتابة حلقات كوميدية بعنوان "حكيم روحاني حضرتك"، ويعكف على انجازها حالياً المخرج شريف يحيى، من بطولة كمال الشناوي وهالة صدقي وسعاد نصر واحمد راتب وندى بسيوني. والمؤلّف الذي يشارك أيضاً في التمثيل قال ل "الوسط" إنه ليس غريباً على عالم الكتابة، إذ تدخل في نصوص كثير من الاعمال التي اخرجها للمسرح، وتحمل توقيع مؤلفين معروفين. ومن هنا كانت فكرة توظيف خبرته من أجل مدّ الشاشة الصغيرة بمادة كوميدية راقية - على حد قوله - تخفف من النكد الدائم الذي تمتلئ به الدراما التلفزيونية. وهناك أيضاً أربع ممثلات بارزات يخضن تجربة الكتابة، أشهرهن نجلاء فتحي التي أعلنت قبل فترة انها انتهت من كتابة فيلم اجتماعي إنساني بعنوان "ابن هانم"، ستتولى انتاجه وبطولته امام ميرفت أمين، ويخرجه احمد يحيى. وقد سبق لهذا الأخير أن تعاون مع النجمة خلال تجربتها الأولى في الكتابة للسينما قبل خمسة عشر عاماً، عندما وضعت فكرة فيلم "غداً سأنتقم" الذي شاركها بطولته الممثل فاروق الفيشاوي. ولا تدعي نجلاء فتحي انها كاتبة محترفة او انها تريد أن تزاحم غيرها من المؤلفين، فهي تكتب فقط حينما تلح عليها فكرة بعينها، بدليل ان هذا لا يحدث إلا نادراً! ونشير أيضاً إلى تجربة الممثلة إسعاد يونس التي قد تكون الأشهر، إذ يكفيها مسلسلها الناجح "بكيزة وزغلول" الذي شاركت سهير البابلي بطولته، واقتبست منه للسينما فيلم "ليلة القبض على بكيزة و زغلول". وكانت يونس قد قدمت، من بطولة محمود عبد العزيز واخراج عمر عبد العزيز، فيلم "المجنونة" سنة 1983 عن قصة "أعزف لي لحن الغموض"، فيما كانت آخر كتاباتها هي مسرحية "شبورة" التي قام ببطولتها اشرف عبد الباقي في الموسم الصيفي الماضي. كذلك ينبغي ألا نغفل كتابات اثنتين من الممثلات: الاولى هي الدكتورة سميرة محسن الاستاذة بأكاديمية الفنون التي كتبت للسينما فيلمي "المرأة والقانون" 1988 من بطولة شريهان واخراج نادية حمزة، و"إلا أمي" 1990 من بطولة إلهام شاهين واخراج عبد العليم زكي، إضافة الى عدد من المسلسلات التلفزيونية وآخرها "من كل بيت حكاية" الذي انتهى التلفزيون المصري من عرضه قبل أسابيع وهو من بطولة بوسي وسمير صبري. أما الممثلة الأخرى فهي نادية رشاد التي تؤكد أن ما دفعها إلى الكتابة هو التعبير عن قضايا المرأة وهمومها على وجه الخصوص، كما لمس المشاهد في عمليها المهمين "آسفة ارفض الطلاق" و"دعوة للحب"، وهما من بطولة ميرفت أمين. ومع ذلك، لا تميل الممثلة الكاتبة إلى التصنيفات التي تعتبرها متخصّصة في مجال دراما المرأة، إذ لا ترى مبرراً فنياً - في الأساس - لهذا التصنيف.