في الأول من آب اغسطس الماضي كان احد رجال الشرطة التايلندية ويدعى سومبنغ دونمون يحاول التغطية على أنين صبي لم يتجاوز الرابعة عشرة برفع صوت المذياع في الشاحنة التي كان يستقلها عند منعطف طريق سريع في مقاطعة سارابوري، فيما كان أحد زملائه يقضي على الصبي بضربة على رقبته بعدما قضى على والدته بقضيب معدني. ونقل سومبنغ ورفاقه الجثتين الى سيارتهما المرسيدس، ووضعوا الأم خلف المقود وابنها في المقعد الخلفي، وأوقفوا السيارة في طريق فرعي وحاولوا صدمها من الخلف لتضليل التحقيق والايهام بأن وفاتهما ناجمة عن حادث مرور. كان تقرير الطبيب الشرعي الميجور جنرال ثاسنا سوانشوتا الذي كشف على الضحيتين أكد ان الوفاة ناجمة عن جريمة قتل. ومع نشر التقرير في الصحف المحلية وربط اسم الضحيتين بقضية المجوهرات التي سرقها خادم تايلندي من قصر خاص في السعودية، تراجع سوانشوتا عن إفادته، وقال ان الوفاة ناجمة عن حادث مرور إثر اصطدام سيارة السيدة دارويدي، زوجة تاجر المجوهرات التايلندي المعروف سانتي سريثانكان بشاحنة ضخمة. وتقول أوساط تايلندية على معرفة دقيقة بقضية المجوهرات التي بات يطلق عليها "سرقة العصر" ان سانتي سريثانكات يعرف قصة المجوهرات وتفاصيلها أكثر من أي شخص آخر، اذ ان كل ضباط الشرطة الذين تقاسموا هذا "الكنز" كانوا يتصلون به ليقيم لهم ما لديهم، كما ان بعضهم باعه قسماً من المجوهرات بأسعار بخسة. ومع مرور الوقت اكتشف بعض كبار الضباط أهمية ما باعوه من حلي ثمينة فحاولوا ابتزازه، في حين حاول بعضهم الآخر الضغط عليه لئلا يكشف اسماء مالكي المجوهرات المسروقة. وتضيف الأوساط ان ما جرى من اعتقالات اثر التحقيق في مقتل زوجة سانتي وابنه، أكد ان مجموعة من رجال الشرطة خطفت السيدة دارويدي ونجلها بعد مغادرتهما منزلهما بلحظات، اذ أوقفت المرسيدس على بعد أمتار، وطلب ضابط كبير من السيدة ان تلحق به بعدما حذرها من عدم اللحاق وهددها بإطلاق النار عليها، ولدى وصولها وابنها الى فندق صغير في ضواحي بانكوك، طلب منها مرافقته، وهناك بدأ باستجوابها مع مساعدين له. ثم اتصل بزوجها مطالباً بدفع فدية في مقابل اطلاق زوجته وابنه. وأوضح سانتي ان الفدية كانت مبلغاً مقداره حوالي 200 ألف دولار، وانه اعتذر عن عدم امتلاكه المبلغ، مبدياً استعداده لدفعه على اقساط. لكن العرض لم يرض الخاطفين، فأخذوا السيدة وابنها الى مزرعة مجاورة واجهزوا عليهما. ومع ان سانتي سريثانكان لم يتمكن من المشاركة في تشييع زوجته وابنه، فقد بقي في حراسة الشرطة خوفاً على حياته، في وقت قتل حوالي 18 شخصاً لارتباطهم بشكل أو بآخر بعملية المجوهرات أو لمعرفتهم بسارقيها. وينظر الكثير من التايلنديين والاجانب الذين يعيشون في بانكوك باستغراب الى سبب بقاء سانتي حياً حتى هذه اللحظة، على رغم ان عدد حراسه المزودين بنادق رشاشة قد تضاعف. ويقول هؤلاء ان سانتي قد يكون محقاً في صمته، لأن الذين يعرفهم من المتورطين في قضية المجوهرات هم في مواقع نفوذ وتأثير، ورأى وسمع عن الاشخاص الذين قتلوا لأنهم تفوهوا بكلمات كادت ان تكشف من حصل على هذه السبيكة أو الخاتم أو الساعة أو العقد... 18 ضحية ويفسر آخرون سبب وجوده حياً، بأنه بات ضرورة بعدما أساءت قضية المجوهرات الى سمعة الشرطة التايلندية وسلوكها، خصوصاً وان المجوهرات كانت موجودة بكاملها حتى اللحظة التي وضعت الشرطة التايلندية يدها عليها في الثامن والتاسع من كانون الثاني يناير 1990، وبعدما ذهب ضحيتها 18 شخصاً بينهم خمسة سعوديين أربعة ديبلوماسيين ورجل أعمال وسبعة سنغافوريين وستة تايلنديين بينهم ضابط برتبة كولونيل يدعى انانات يوبانونات والرئيس السابق لغرفة التجارة في بانكوك سومساك تكباترابون وسائقه وعريف في الشرطة يلقب ب "نوت" والسيدة دارويدي ونجلها سيري. وكشفت مصادر في الشرطة التايلندية تفاصيل عن خلفيات عمليات القتل. واوضحت ان الكولونيل انانات قتل في حادث سير عمداً اثناء قيادته لسيارته المرسيدس عندما حاولت شاحنة ضخمة اجباره على الخروج عن الطريق العام. وجاءت الحادثة بعد تعيينه رئيساً للجنة تتولى البحث عن المجوهرات السعودية لاعادتها الى أصحابها. واضافت ان انانات كان يعرف من هم كبار الضباط الذين اخفوا المجوهرات. ونسبت الى عضو في اللجنة قوله ان الكولونيل أبلغها بعض الاسماء قبل وقت قصير من وقوع حادث السير الذي أدى الى مقتله. وتابعت المصادر نفسها ان تسعة تجار مجوهرات سنغافوريين يعملون في تايلند قتل منهم سبعة، فيما بقي اثنان يلقبان ب "جيمي" و"ويليام"، وهما مهددان باستمرار. وأشارت الى ان هؤلاء التجار التسعة سبق لهم ان اشتروا قسماً من المجوهرات المسروقة من ضباط في الشرطة وان عمليات القتل غالباً ما كانت تتم بعد الشراء بوقت قصير. اما سانتي وزوجته فتقول المصادر ان ضباط الشرطة الذين قتلوا السنغافوريين هم أنفسهم تعاملوا مع الزوجين التايلنديين، وان دارويدي كانت تحتفظ باسماء الذين اشتروا المجوهرات والاماكن التي خبئ فيها قسم من الحلى المسروقة. وعندما علم هؤلاء بأمر القائمة التي تملكها حاولوا خطفها مع زوجها لتدلهم الى المجوهرات، خصوصاً الماسة الزرقاء التي تزن 70 قيراطاً ولا تقدر بثمن. اما الشرطي العريف ورئيس غرفة التجارة وسائقه فقتلوا لكشفهم اسم الفندق الذي احتجزت فيه دارويدي ونجلها بعد خطفهما، الأمر الذي أدى الى معرفة اسماء رجال الشرطة منفذي عملية القتل. خوجه يروي القصة وتحدثت "الوسط" الى السيد محمد سعيد خوجه القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في بانكوك، عن القضية. فروى ان القصة بدأت في حزيران يونيو وتموز يوليو 1989 حين أقدم خادم تايلندي يدعى كرنكراي تيشمونغ من سكان قرية بنميبا شمال البلاد على سرقة كمية من المجوهرات يزيد وزنها على 90 كيلوغراماً، اضافة الى نصف مليون دولار اميركي ومليون ريال سعودي وحوالي مئتي جنيه من الذهب اضافة الى ميداليات من قصر خاص في الرياض. وقال الديبلوماسي السعودي الذي سبق له ان عمل في عواصم عدة ان الخادم الذي بدأ العمل في الرياض في العام 1985 حاز ثقة مخدوميه، وبات محل ثقة حراس القصر. وفي احد أيام صيف حزيران من العام 1989 حضر كرنكراي الى القصر وتوقف عند زميل فيليبيني له كان يعنى بجهاز الانذار الاوتوماتيكي للقصر، وسأله عما يفعل، وتمكن من حفظ الأرقام السرية التي توقف الجهاز عن العمل على رغم جهله الانكليزية. وحضر كرنكراي مساء اليوم التالي الى القصر وعطل جهاز الانذار ودخل احدى الغرف التي كان يشرف على العناية بها، وفتح الخزنة الحديد من دون ان يثير انتباه احد، وتناول خمسة خواتم مرصعة بالماس وعاد الى سكنه. ونقل السيد خوجه عن كرنكراي الذي التقاه بعدما أمضى عقوبة في سجن تايلندي لمدة سنتين وسبعة اشهر، من أصل خمس سنوات لحصوله على عفو ملكي نظراً الى "حسن سلوكه في السجن" انه لم يعرف طعم النوم في تلك الليلة لأنه لم يسرق كمية كبيرة من المجوهرات. فكرر فعلته في اليوم التالي وظل يتردد طوال شهرين على الخزنة مستغلاً وجود أصحاب القصر خارج الرياض. ومع نهاية آب كان الخادم التايلندي أفرغ الخزنة من محتوياتها، ونقلها الى مستودع في دارة مجاورة قبل ان يشحنها الى بلاده بواسطة شركة للطرود البريدية أو بواسطة شركة للشحن الجوي. وتابع الديبلوماسي السعودي ان كونكراي ابقى حوالي 20 كيلوغراماً من المجوهرات في حوزته ونقلها معه الى بانكوك في الطائرة، وحين أوقفه موظف الجمارك التايلندي ليحقق معه اعطاه 7 آلاف بات أي حوالي 280 دولاراً اميركياً وتابع سيره نحو قريته في شمال البلاد. ودفن، فور وصوله الى مسقط رأسه، قسماً كبيراً من المجوهرات والنقود في حديقة خلف منزله، فيما أخذ يعرض قسماً آخر على جيرانه وباع بعض القطع بمبلغ 120 ألف دولار. وفي النصف الثاني من تشرين الثاني نوفمبر 1989 عاد أصحاب القصر من اجازتهم واكتشفوا اختفاء المجوهرات والأموال التي كانت في الخزنة، فأبلغوا الجهات المعنية التي بادرت، بعدما حامت الشكوك حول الخادم، الى الاتصال بالحكومة التايلندية التي أقدمت في العاشر من كانون الثاني يناير 1990 على اعتقال كونكراي فاعترف فوراً باقترافه السرقة وسلم كل ما بقي لديه من مجوهرات ونقود. وكشف اسماء الأشخاص الذين اشتروا بعض المصاغ والحلي. وكان على رأس رجال الشرطة الذين اعتقلوا الخادم التايلندي اللفتنانت كولونيل كالور كيرديث وقد أصبح اسمه لاحقاً في قائمة كبار رجال الشرطة الذين اخفوا قسماً كبيراً من المجوهرات. الشرطة تتقاسم المجوهرات وأقام فريق المحققين وعلى رأسهم كالور وفي حوزتهم المجوهرات كاملة باستثناء بضع قطع في فندق بلازا على الطريق المؤدي الى مطار بانكوك، وكان يفترض ان يسلم كالور المجوهرات الى مركز الشرطة الرئيسي، لكنه تقاسم القطع الثمينة مع عدد من أعوانه و... شخصيات سياسية. وفي الخامس عشر من الشهر نفسه دعت قيادة الشرطة في بانكوك وسائل الاعلام الى مؤتمر صحافي اعلنت فيه "نصرها" والقبض على السارق. وكان بعض وسائل الاعلام بدأ يلمح الى ان قطعاً ثمينة اختفت بالفعل ولم تصل الى خزائن الشرطة. وكانت المعلومات الاستخبارية التي تصل الى السفارة السعودية في بانكوك تشير الى حصول "تلاعب". في اليوم الأول من شباط فبراير، أي بعد اسبوعين من عرض الشرطة المجوهرات في مؤتمر صحافي اغتيل ثلاثة ديبلوماسيين سعوديين هم عبدالله بصري وفهد الباهلي واحمد السيف. وبعد اسبوعين، تعرض رجل اعمال سعودي هو عبدالله الروبلي لعملية خطف على أيدي مجموعة من رجال الشرطة قبل أقل من 24 ساعة من موعد عودته الى السعودية. ويؤكد القائم بالأعمال السعودي ان خاطف الروبلي هو المقدم صومكيت وعشرة من رجاله، ونفذوا عمليتهم على بعد 12 متراً من مكتب الروبلي بعدما اعترضته سيارة، وقادوه الى فندق صغير في ضواحي بانكوك، وضربوه بعدما حاولوا التحقيق معه في ما يعرفه عن قضية المجوهرات. وعندما أصر على الرفض، نقلوه الى مزرعة خارج العاصمة وأطلقوا عليه الرصاص ثم احرقوا جثته. ويروي السيد خوجه ان رجل الاعمال السعودي كان اتصل بشخص صديق له في الدمام قبل 24 ساعة، وحين استفسر منه صديقه عن الضجة المثارة حول المجوهرات أجابه انه يملك معلومات مهمة جداً وانه سيدلي بها حين يصل الى المملكة. ويبدو ان هاتف الروبلي كان يخضع لرقابة بعض كبار ضباط الشرطة المتورطين "لأن اشياء مماثلة حصلت مع عبدالله بصري وفهد الباهلي. اذ أبلغ عبدالله زوجته انه اطلع على معلومات خطيرة ولو بحث فيها هنا سيقتل. اما الباهلي فقال لخادمته التايلندية قبل مقتله انه عرف معلومات عن بلدها لو قالها أو عرفوا انه أعلم بها سيتخلصون منه فوراً". وتساءل خوجه "هل كانت الخادمة تعمل لمصلحة احد كبار ضباط الشرطة الضالعين في قضية المجوهرات المسروقة؟". تهديدات لخوجه وأشار الديبلوماسي السعودي الذي مدد فترة عمله لمتابعة ملف اغتيالات الديبلوماسيين السعوديين وعملية استرداد المجوهرات، انه وصل الى بانكوك في السادس عشر من آذار مارس 1990، اي في اليوم الذي سافر فيه ضابط تايلنديون الى السعودية وهم يحملون صندوقاً يحتوي على جزء قليل من المجوهرات، وكان بين اعضاء الوفد التايلندي اللفتنانت كولونيل كالور. وعندما تسلم صاحب المجوهرات الصندوق، أدرك ان الكمية التي أعيدت لا تتجاوز 20 في المئة من المسروقات، علماً ان معظم المجوهرات التي اعيدت كان مزوراً بوضوح. وأوضح خوجه الذي تدرب على استعمال مسدس من طراز "سميث اند وسون" انه يتنقل قليلاً خارج مقر اقامته، برفقة أربعة حراس على مدار الساعة، وتحيط كاميرات بمنزله ذي الجدران المرتفعة في حي يقيم فيه معظم البعثات الديبلوماسية الاجنبية. وكشف انه تلقى تهديدات بالقتل، لكنه مؤمن بأن "الأعمار في يد رب العالمين". ويقول الديبلوماسي السعودي ان المسؤولين التايلنديين يغرقونه بالابتسامات والوعود... والاعذار، في حين ان 15 ضابطاً في الشرطة التايلندية ارتبطت اسماؤهم بقضية المجوهرات، وانه يعرف على الأقل اسماء عشرة منهم ولديه الأدلة القاطعة على ما يحتفظون به من المسروقات. وأبلغ "الوسط" في حواره انه حصل على شريط فيديو صورته الشرطة، بعدما دفع ألفي دولار لأحد عملائه، وفي الشريط صور وأدلة قاطعة على عدد المجوهرات التي وصلت الى الخزنة الحديد في بانكوك في الأيام الأولى، وان الماسة الزرقاء لم تكن بين المجوهرات. وأوضح ان رفاقاً لكالور اعترفوا قبل مدة بأن قائدهم صادر 48 ألف دولار اميركي من كرنكراي ومجوهرات اخرى، إلا انها لم تسلم الى اللجنة المكلفة متابعة القضية. وفي نهاية آب الماضي ادرج اسم سواسدي امورنويوات رئيس الشرطة التايلندية بين 1991 و1993 في ملف المتهمين بتحويل مجرى التحقيق في السرقة، من خلال مساعدته احد تجار المجوهرات، على رغم ادعائه البراءة، معترفاً بأن كثيرين من ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي هم لصوص! وعندما أصدر وكيل وزارة الداخلية انذاراً الى الضباط المتورطين في القضية بوجوب تسليم أنفسهم، تراجع سواسدي عن أقواله ووضع نفسه في تصرف التحقيق. وأثار نشر احدى الصحف التايلندية صورة لزوجة سواسدي وهي تلبس عقداً من الماس ضجة في الأوساط الرسمية والشعبية بعدما تعرف خوجه وآخرين الى العقد، وقال سواسدي ان اللصوص الحقيقيين هم الذين فبركوا الصورة ليحولوا مجرى التحقيق. تهاون تايلندي رسمي ويضع الديبلوماسي السعودي اللوم على السلطات التايلندية لعدم تأمينها الحماية الكافية للسعوديين على رغم ان وزارة الخارجية السعودية طلبت ذلك بوضوح. ويقول تقرير تايلندي رسمي اطلعت عليه "الوسط" ان المقدم سومكيد بونثانوم الذي كان يتولى التحقيق في مقتل الديبلوماسيين السعوديين الثلاثة هو المسؤول عن خطف رجل الاعمال السعودي محمد الرويلي وقتله. وقد اسقطت الحكومة الدعوة ضده لانها لا تملك أدلة كافية لادانته. وتحاول السلطات التايلندية من حين الى آخر اعطاء اسباب اخرى لعمليات الاغتيال كالقول ان الديبلوماسيين السعوديين أو رجل الاعمال راحوا ضحية عصابات المافيا أو الخلافات على عقود عمل او تأشيرات مع عمال تايلنديين، الأمر الذي ينفيه القائم بالاعمال السعودي نفياً قاطعاً، ويؤكد ان السلطات تحاول التهرب من مسؤوليتها عن إعادة المجوهرات المسروقة. جهات عليا ويقول صحافي تايلندي تابع قضية المجوهرات في بلاده ان اللفتنانت كولونيل كالور كان على صلة بتاجر المجوهرات سانتي حتى وقت غير بعيد، ومع ان هذا الضابط يشهد له بالبطش والتعذيب ونجاحه في تعقب المجرمين الخطرين من خلال النشاط الذي يقوم به على طريقته الخاصة كتعذيب المطلوبين في مزارعه التي تمتلئ بالتماسيح والنمور والأسود والدببة، إلا ان لا غبار على صلته بالجهات العليا التي لا تمس في البلاد. وفيما تستمر عملية استجوابه "بلطف" في قضية مقتل زوجة صديقه السابق سانتي ونجله، لا يزال هناك اهتمام تايلندي شعبي واسع بمعرفة مصير المجوهرات. على ان الاعتقالات طاولت حتى الآن خمسة ضباط وعدداً من المدنيين لتنفيذهم أوامر ضباط كبار. وكان الأكثر إثارة هو اعتراف احد رجال الشرطة كيف انه رفع صوت مذياعه لئلا يسمع صراخ نجل سانتي وزوجته وهما يقتلان! وعندما أدلى الشرطي باعترافه، اضطر الدكتور تاسنا الى الاستقالة اذ سبق له ان تراجع عن افادته الطبية الأولى ليقول ان عملية القتل كانت ناجمة عن حادث سير، ذلك ان الأم وابنها قتلا بعد اسبوع على خطفهما. صراع بين جناحين وتتحدث أوساط تايلندية اخرى عن وجود صراع بين جناحين في صفوف الشرطة، جناح يرغب في ان يعترف سانتي بالحقيقة ليرشد الى بقية المجوهرات، والجناح الآخر يريد التخلص من هذا التاجر لطي ملف القضية. ويقول القائم بالاعمال السعودي "ان التايلنديين يعرفون الحقيقة المرة، لكنهم لا يجرأون على البوح بها. وهذه الحقيقة هي ان احد كبار الضباط اهدى الماسة الزرقاء الى شخص من الطبقة التي لا تمس في تايلند، وكانت عملية الاهداء بمثابة بوليصة تأمين تحفظ له ما سرقه من مجوهرات". خسارة كبيرة لتايلند وأكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية التايلندية لپ"الوسط" ان بلاده "عازمة على مواصلة التحقيق في القضية حتى طي ملفها واعادة المجوهرات المسروقة الى اصحابها الاصليين". واشار الى ان بلاده "تضررت كثيراً من هذه الجريمة، ذلك انها، اضافة الى الاساءة الى سمعتها، بسبب المقالات التي نشرت عن هذه القضية، تخسر سنوياً بضعة مليارات من الدولارات". ويضيف المسؤول ان عدد العمال التايلنديين في المملكة العربية السعودية تقلص من 250 ألف عامل في العام 1989 الى 20 الفاً حالياً كما ان عدد السياح السعوديين والخليجيين الذين كانوا يفدون بعشرات الآلاف الى تايلند تراجع الى حد كبير، الأمر الذي حرم خزينة البلاد من موارد تزيد على عشرة مليارات دولار سنوياً. وأوضح سورين بتسوان نائب وزير الخارجية التايلندي ان أرباب العمل السعوديين استغنوا عن العمال التايلنديين وجاؤوا بعمال من دول اخرى في جنوب شرقي آسيا. ووضع رئيس وزراء تايلند شوان ليكباي كل ثقله لتبييض صورة بلاده، ووعد القائم بالاعمال السعودي بأنه لن يرتاح قبل ان يطوي هذه الصفحة. ولوضع الأمور في نصابها استدعى شوان كل المحققين في الشرطة الى مكتبه وطلب منهم تقارير عن نشاطاتهم، واستدعى تاجر المجوهرات الذي فقد زوجته ونجله الى مكتبه ليشجعه على اعطاء معلومات عن القضية. وأبلغ الناطق باسم الحكومة التايلندية "الوسط" ان رئيس الوزراء "عازم على تنظيف صفوف قادة الشرطة، لأنه يريد ان يكون القانون سيد الموقف". وكشف القائم بالاعمال السعودي، استناداً الى تقارير جمعها من فرق كلفها متابعة القضية داخل تايلند، أن عشرة من كبار الضباط شوهدوا وزوجاتهم في مناسبات مختلفة يتزينون ببعض الحلى والمجوهرات المسروقة. وقال خوجه انه بعث برسائل الى المعنيين في الحكومة التايلندية عن هذا الموضوع، الا انه لم يتلق غير الوعود بمتابعة القضية. وفي انتظار ما ستثمر عنه جهود الديبلوماسي السعودي سواء لجهة متابعة التحقيق في اغتيال السعوديين الخمسة أو لجهة استعادة المجوهرات المسروقة، يبقى أمر مهم هو ان صوت خوجه ونداءاته المتكررة لأهل الحكم في تايلند ليقوموا بعمل شيء ما لا بد ستسفر عن نتيجة، ليس أقلها ان ساسة تايلند، وعلى رأسهم رئيس اللجنة الخارجية لبرلمانها الذي بدأ يطالب الديبلوماسي السعودي بالسكوت لأن في تصريحاته ما بدأ يشوه سمعة بلاده في الخارج، سيقومون بعمل ما لايجاد نهاية لسرقة العصر!